أهل السنة والجماعة: الفرق بين النسختين

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ط
لا يوجد ملخص تحرير
ط (استبدال قوالب (بداية قصيدة، بيت ، شطر، نهاية قصيدة) -> أبيات)
 
طلا ملخص تعديل
 
سطر 34: سطر 34:
بعد القرن الهجري الثاني بحسب ما ذكر [[ابن خلدون]] وغيره أن جماعة من السلف تعلقوا بظواهر نصوص متشابهة وبالغوا في إثبات الصفات فوقعوا في التجسيم، وبالمقابل فأن [[المعتزلة]] بالغوا في التنزيه فأنكروا صفات ثابتة، وأما أهل السنة حينها فكان منهم جماعة مثل: [[أحمد بن حنبل]] و[[داود الظاهري|داود بن علي الأصفهاني]] وآخرون أخذوا بمنهج المتقدمين عليهم من أصحاب الحديث ك[[مالك بن أنس]] وغيره فقالوا في النصوص المتشابهة: نؤمن بها كما هي ولا نتعرض لتأويلها، وكان جماعة من أهل السنة في عصر السلف أيدوا عقائد السلف بحجج كلامية وبراهين أصولية. بعد حدوث بدعة المعتزلة والمشبهة وغيرها وانتشار مقولاتهم في أواخر عصر السلف بحسب ما ذكر ابن خلدون وغيره قام [[أبو الحسن الأشعري]] و[[أبو منصور الماتريدي]] بإيضاح عقائد السلف من أهل السنة ودفع الشبه عنها وتأييدها بالأدلة العقلية والنقلية بمناهج كلامية وكتبا عن مقالات الفِرق،<ref>الملل والنحل للشهرستاني، ج1 ص93.</ref><ref name="تاريخ ابن خلدون"/> فكان من ذلك تمايز هذه الفِرق التي كتب العلماء عنها في «كتب الفِرق» جلها في القرن الرابع الهجري ومنهم [[عبد القاهر البغدادي]] من فقهاء [[شافعية|المذهب الشافعي]] في كتابه: «[[الفرق بين الفرق (كتاب)|الفَرق بين الفِرق]]»، ذكر فيه أهل السنة والجماعة هي الفِرقة الثالثة والسبعون وأنهم جماعة واحدة من فريقي الرأي والحديث، وكلهم متفقون على قول واحد في أصول الدين، وربما اختلفوا في بعض فروعها اختلافا لا يوجب تضليلا ولا تفسيقا،<ref name="الفرق•"/> وكانت التسمية تطلق على أهل السنة والجماعة تمييزا لهم عن الخوارج والمعتزلة والمجسمة وفرق التشيع وغيرها من الفِرق.<ref name="الفرق2">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1=عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي أبو منصور|مؤلف1-وصلة=عبد القاهر البغدادي|عنوان=الفرق بين الفرق الباب الثاني من أبواب هذا الكتاب في كيفية افتراق الأمة ثلاثا وسبعين، الفصل الأول: في بيان المعنى الجامع للفرق المختلفة في اسم ملة الإسلام على الجملة|ناشر=دار الآفاق الجديدة|مكان=بيروت|سنة=1977م|صفحات=19 و20|تاريخ الوصول=27/ [[رجب]]/ [[1439 هـ]]}}</ref>
بعد القرن الهجري الثاني بحسب ما ذكر [[ابن خلدون]] وغيره أن جماعة من السلف تعلقوا بظواهر نصوص متشابهة وبالغوا في إثبات الصفات فوقعوا في التجسيم، وبالمقابل فأن [[المعتزلة]] بالغوا في التنزيه فأنكروا صفات ثابتة، وأما أهل السنة حينها فكان منهم جماعة مثل: [[أحمد بن حنبل]] و[[داود الظاهري|داود بن علي الأصفهاني]] وآخرون أخذوا بمنهج المتقدمين عليهم من أصحاب الحديث ك[[مالك بن أنس]] وغيره فقالوا في النصوص المتشابهة: نؤمن بها كما هي ولا نتعرض لتأويلها، وكان جماعة من أهل السنة في عصر السلف أيدوا عقائد السلف بحجج كلامية وبراهين أصولية. بعد حدوث بدعة المعتزلة والمشبهة وغيرها وانتشار مقولاتهم في أواخر عصر السلف بحسب ما ذكر ابن خلدون وغيره قام [[أبو الحسن الأشعري]] و[[أبو منصور الماتريدي]] بإيضاح عقائد السلف من أهل السنة ودفع الشبه عنها وتأييدها بالأدلة العقلية والنقلية بمناهج كلامية وكتبا عن مقالات الفِرق،<ref>الملل والنحل للشهرستاني، ج1 ص93.</ref><ref name="تاريخ ابن خلدون"/> فكان من ذلك تمايز هذه الفِرق التي كتب العلماء عنها في «كتب الفِرق» جلها في القرن الرابع الهجري ومنهم [[عبد القاهر البغدادي]] من فقهاء [[شافعية|المذهب الشافعي]] في كتابه: «[[الفرق بين الفرق (كتاب)|الفَرق بين الفِرق]]»، ذكر فيه أهل السنة والجماعة هي الفِرقة الثالثة والسبعون وأنهم جماعة واحدة من فريقي الرأي والحديث، وكلهم متفقون على قول واحد في أصول الدين، وربما اختلفوا في بعض فروعها اختلافا لا يوجب تضليلا ولا تفسيقا،<ref name="الفرق•"/> وكانت التسمية تطلق على أهل السنة والجماعة تمييزا لهم عن الخوارج والمعتزلة والمجسمة وفرق التشيع وغيرها من الفِرق.<ref name="الفرق2">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1=عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي أبو منصور|مؤلف1-وصلة=عبد القاهر البغدادي|عنوان=الفرق بين الفرق الباب الثاني من أبواب هذا الكتاب في كيفية افتراق الأمة ثلاثا وسبعين، الفصل الأول: في بيان المعنى الجامع للفرق المختلفة في اسم ملة الإسلام على الجملة|ناشر=دار الآفاق الجديدة|مكان=بيروت|سنة=1977م|صفحات=19 و20|تاريخ الوصول=27/ [[رجب]]/ [[1439 هـ]]}}</ref>


والسُّنة [[تعريف لغوي|لغةً]] الطريقة والسيرة،<ref name="الصحاح">{{استشهاد بكتاب|مؤلف=|عنوان=مختار الصحاح حرف السين (سنن)|مسار=https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=1506&idfrom=1511&idto=1511&flag=0&bk_no=125&ayano=0&surano=0&bookhad=0| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20180810175620/http://library.islamweb.net/NewLibrary/display_book.php?idfrom=1511&idto=1511&bk_no=125&ID=1506 | تاريخ أرشيف = 10 أغسطس 2018 }}</ref> وتكون بمعنى الطريقة المسلوكة في الدين، أو المثال المتبع والإمام المؤتم به،<ref>تفسير الطبري، محمد بن جرير الطبري، تفسير سورة آل عمران، القول في تأويل قوله تعالى: {{قرآن|قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين}}، ج7، ص231 و232، دار المعارف.</ref> أو في مقابل البدعة،<ref name="الموافقات">{{استشهاد بكتاب|مؤلف=الشاطبي|عنوان=الموافقات، الدليل الثاني: (السنة)، ج4|صفحات=289 وما بعدها|ناشر=|سنة=1412 هـ/ 1992م}}</ref><ref name="الشوكاني">{{استشهاد بكتاب|مؤلف=محمد بن علي بن محمد الشوكاني|عنوان=إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، المقصد الثاني في السنة، البحث الأول: معنى السنة لغة وشرعا، ج1|صفحة=128 وما بعدها}}</ref> ويختلف معنى السنة عند علماء الشريعة بحسب المقصود منها.<ref name="ابن منظور">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1=أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور|مؤلف1-وصلة=ابن منظور|عنوان=لسان العرب، ج7 حرف السين (سنن)|ناشر=دار صادر|سنة=2003م|صفحة=280 و281|تاريخ الوصول=3/ [[ربيع الآخر|ربيع الثاني]]/ [[1438 هـ]]}}</ref> قال [[محمد بن إدريس الشافعي|الشافعي]]: {{اقتباس مضمن|إطلاق السنة يتناول سنة [[محمد|رسول الله]] صلى الله عليه وسلم}}.<ref>أصول السرخسي، ص113 و114.</ref> وسنة الرسول منهج لكل المسلمين، فهو إمام الأمة وأولى الناس بأمته ومعلمهم الأول، والمقصود بالسنة التي دلت نصوص الشرع على لزومها ووجوب اتباعها هي الطريقة النبوية المشار إليها في النصوص إشارة نوعية لا شخصية،<ref name="ابن حجر">{{استشهاد بكتاب|مؤلف=أحمد بن حجر العسقلاني|عنوان=فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن النبي صلى الله عليه وسلم، حديث رقم: 6847|صفحة=263 وما بعدها}}</ref> قال العيني: السُّنَّة: {{اقتباس مضمن|طريقة النبي صلى الله عليه وسلم}}<ref name="العيني">{{استشهاد بكتاب|مؤلف=أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين العنتابي الحنفي بدر الدين العينى|مؤلف1-وصلة=بدر الدين العيني|عنوان=عمدة القاري شرح صحيح البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث رقم: (6847)، ج25|صفحات=39 و40|ناشر=[[دار الكتب العلمية]]|مكان=بيروت لبنان|مسار=https://books.google.com/books?id=KMlHCwAAQBAJ&pg=PT36&lpg=PT36&dq=هذه+السنة+إشارة+إلى+طريقة+النبي+إشارة+نوعية&source=bl&ots=MH8U6yVFlY&sig=AI-pNgh0VWEOu0dHOgDkzoAMiOE&hl=ar&sa=X&ved=0ahUKEwiFuuW6g5XUAhUBPRoKHZYBBqQQ6AEITjAM#v=onepage&q=هذه%20السنة%20إشارة%20إلى%20طريقة%20النبي%20إشارة%20نوعية&f=false|تاريخ الوصول=15/ [[شعبان]]/ [[1439 هـ]]| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191218203132/https://books.google.com/books?id=KMlHCwAAQBAJ&pg=PT36&lpg=PT36&dq=هذه+السنة+إشارة+إلى+طريقة+النبي+إشارة+نوعية&source=bl&ots=MH8U6yVFlY&sig=AI-pNgh0VWEOu0dHOgDkzoAMiOE&hl=ar&sa=X&ved=0ahUKEwiFuuW6g5XUAhUBPRoKHZYBBqQQ6AEITjAM | تاريخ أرشيف = 18 ديسمبر 2019 }}</ref><ref name="عون*">{{استشهاد بكتاب|مؤلف=محمد شمس الحق العظيم آبادي|عنوان=عون المعبود، كتاب السنة،  باب لزوم السنة حديث رقم: (4612)|صفحات=286|ناشر=دار الفكر|سنة=1415 هـ/ 1995م}}</ref> وسنته طريقته في الدين وسبيله إلى الله وعلمه ومنهجه وهديه الذي كان عليه هو [[الصحابة|وأصحابه]]، فإنهم أخذوا عنه علم الدين واهتدوا بهديه وكانوا من بعده قدوة للأمة، فالسنة هي الطريقة المسلوكة في الدين التي كان عليها هو وأصحابه والخلفاء الراشدون من بعده في الهدى والعلم والعمل والاعتقاد، وهذه الطريقة عند أئمة أهل السنة والجماعة هي المثال المتبع في الدين، الذي كان عليه الخلفاء الراشدون وأئمة الدين من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان، فيشمل سنة [[الخلفاء الراشدون|الخلفاء الراشدين]] ومن سار سيرتهم من أئمة الإسلام المجتهدين في الأحكام فإنهم خلفاؤه من بعده المبلغون عنه الحاملون لهديه، واتباع طريقتهم في الدين عند الاختلاف هو اتباع لطريقته في الرجوع إليهم فيما أشكل من الأمور، واتباعهم فيما اجتهدوا فيه واجتمعوا عليه بعد عصر النبوة، لكونه اتباعا لسنة ثبتت عندهم لم تنقل إلينا، أو اجتهادا مجتمعا عليه منهم أو من خلفائهم؛ فإن إجماعهم إجماع.<ref name="الموافقات"/>
والسُّنة [[تعريف لغوي|لغةً]] الطريقة والسيرة،<ref name="الصحاح">{{استشهاد بكتاب|عنوان=مختار الصحاح حرف السين (سنن)|مسار=https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=1506&idfrom=1511&idto=1511&flag=0&bk_no=125&ayano=0&surano=0&bookhad=0| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20180810175620/http://library.islamweb.net/NewLibrary/display_book.php?idfrom=1511&idto=1511&bk_no=125&ID=1506 | تاريخ أرشيف = 10 أغسطس 2018 }}</ref> وتكون بمعنى الطريقة المسلوكة في الدين، أو المثال المتبع والإمام المؤتم به،<ref>تفسير الطبري، محمد بن جرير الطبري، تفسير سورة آل عمران، القول في تأويل قوله تعالى: {{قرآن|قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين}}، ج7، ص231 و232، دار المعارف.</ref> أو في مقابل البدعة،<ref name="الموافقات">{{استشهاد بكتاب|مؤلف=الشاطبي|عنوان=الموافقات، الدليل الثاني: (السنة)، ج4|صفحات=289 وما بعدها|سنة=1412 هـ/ 1992م}}</ref><ref name="الشوكاني">{{استشهاد بكتاب|مؤلف=محمد بن علي بن محمد الشوكاني|عنوان=إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، المقصد الثاني في السنة، البحث الأول: معنى السنة لغة وشرعا، ج1|صفحة=128 وما بعدها}}</ref> ويختلف معنى السنة عند علماء الشريعة بحسب المقصود منها.<ref name="ابن منظور">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1=أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور|مؤلف1-وصلة=ابن منظور|عنوان=لسان العرب، ج7 حرف السين (سنن)|ناشر=دار صادر|سنة=2003م|صفحة=280 و281|تاريخ الوصول=3/ [[ربيع الآخر|ربيع الثاني]]/ [[1438 هـ]]}}</ref> قال [[محمد بن إدريس الشافعي|الشافعي]]: {{اقتباس مضمن|إطلاق السنة يتناول سنة [[محمد|رسول الله]] صلى الله عليه وسلم}}.<ref>أصول السرخسي، ص113 و114.</ref> وسنة الرسول منهج لكل المسلمين، فهو إمام الأمة وأولى الناس بأمته ومعلمهم الأول، والمقصود بالسنة التي دلت نصوص الشرع على لزومها ووجوب اتباعها هي الطريقة النبوية المشار إليها في النصوص إشارة نوعية لا شخصية،<ref name="ابن حجر">{{استشهاد بكتاب|مؤلف=أحمد بن حجر العسقلاني|عنوان=فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن النبي صلى الله عليه وسلم، حديث رقم: 6847|صفحة=263 وما بعدها}}</ref> قال العيني: السُّنَّة: {{اقتباس مضمن|طريقة النبي صلى الله عليه وسلم}}<ref name="العيني">{{استشهاد بكتاب|مؤلف=أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين العنتابي الحنفي بدر الدين العينى|مؤلف1-وصلة=بدر الدين العيني|عنوان=عمدة القاري شرح صحيح البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث رقم: (6847)، ج25|صفحات=39 و40|ناشر=[[دار الكتب العلمية]]|مكان=بيروت لبنان|مسار=https://books.google.com/books?id=KMlHCwAAQBAJ&pg=PT36&lpg=PT36&dq=هذه+السنة+إشارة+إلى+طريقة+النبي+إشارة+نوعية&source=bl&ots=MH8U6yVFlY&sig=AI-pNgh0VWEOu0dHOgDkzoAMiOE&hl=ar&sa=X&ved=0ahUKEwiFuuW6g5XUAhUBPRoKHZYBBqQQ6AEITjAM#v=onepage&q=هذه%20السنة%20إشارة%20إلى%20طريقة%20النبي%20إشارة%20نوعية&f=false|تاريخ الوصول=15/ [[شعبان]]/ [[1439 هـ]]| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191218203132/https://books.google.com/books?id=KMlHCwAAQBAJ&pg=PT36&lpg=PT36&dq=هذه+السنة+إشارة+إلى+طريقة+النبي+إشارة+نوعية&source=bl&ots=MH8U6yVFlY&sig=AI-pNgh0VWEOu0dHOgDkzoAMiOE&hl=ar&sa=X&ved=0ahUKEwiFuuW6g5XUAhUBPRoKHZYBBqQQ6AEITjAM | تاريخ أرشيف = 18 ديسمبر 2019 }}</ref><ref name="عون*">{{استشهاد بكتاب|مؤلف=محمد شمس الحق العظيم آبادي|عنوان=عون المعبود، كتاب السنة،  باب لزوم السنة حديث رقم: (4612)|صفحات=286|ناشر=دار الفكر|سنة=1415 هـ/ 1995م}}</ref> وسنته طريقته في الدين وسبيله إلى الله وعلمه ومنهجه وهديه الذي كان عليه هو [[الصحابة|وأصحابه]]، فإنهم أخذوا عنه علم الدين واهتدوا بهديه وكانوا من بعده قدوة للأمة، فالسنة هي الطريقة المسلوكة في الدين التي كان عليها هو وأصحابه والخلفاء الراشدون من بعده في الهدى والعلم والعمل والاعتقاد، وهذه الطريقة عند أئمة أهل السنة والجماعة هي المثال المتبع في الدين، الذي كان عليه الخلفاء الراشدون وأئمة الدين من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان، فيشمل سنة [[الخلفاء الراشدون|الخلفاء الراشدين]] ومن سار سيرتهم من أئمة الإسلام المجتهدين في الأحكام فإنهم خلفاؤه من بعده المبلغون عنه الحاملون لهديه، واتباع طريقتهم في الدين عند الاختلاف هو اتباع لطريقته في الرجوع إليهم فيما أشكل من الأمور، واتباعهم فيما اجتهدوا فيه واجتمعوا عليه بعد عصر النبوة، لكونه اتباعا لسنة ثبتت عندهم لم تنقل إلينا، أو اجتهادا مجتمعا عليه منهم أو من خلفائهم؛ فإن إجماعهم إجماع.<ref name="الموافقات"/>
ويدخل كل ما حدث منهم مثل جمع القرآن في مصحف واحد وتدوين الدواوين وكتب العلم وغير ذلك من الأمور لكونها موافقة لأصول الدين وإن أحدثت بعد عصر النبوة.<ref name="السندي°">{{استشهاد بكتاب|مؤلف=أبو الحسن الحنفي الشهير بالسندي|عنوان=حاشية السندي على سنن ابن ماجه كتاب المقدمة باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، باب من حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا وهو يرى أنه كذب. رقم الحديث: (42)|ناشر=دار الجيل|صفحات=19 وما بعدها}}</ref> قال الله تعالى: {{قرآن|من يطع الرسول فقد أطاع الله... الآية|س=4|آ=80}} وقال تعالى: {{قرآن|يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم... الآية|س=4|آ=59}}.
ويدخل كل ما حدث منهم مثل جمع القرآن في مصحف واحد وتدوين الدواوين وكتب العلم وغير ذلك من الأمور لكونها موافقة لأصول الدين وإن أحدثت بعد عصر النبوة.<ref name="السندي°">{{استشهاد بكتاب|مؤلف=أبو الحسن الحنفي الشهير بالسندي|عنوان=حاشية السندي على سنن ابن ماجه كتاب المقدمة باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، باب من حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا وهو يرى أنه كذب. رقم الحديث: (42)|ناشر=دار الجيل|صفحات=19 وما بعدها}}</ref> قال الله تعالى: {{قرآن|من يطع الرسول فقد أطاع الله... الآية|س=4|آ=80}} وقال تعالى: {{قرآن|يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم... الآية|س=4|آ=59}}.


سطر 48: سطر 48:
وأصل التسمية قبل أن تكون لقبا متعارفا عليه قد جرى استعمالها عند أئمة أهل السنة في عصر السلف، حيث كانوا يستعملون عبارة: أهل السنة بمعنى: أصحاب الطريقة المتبعة في الدين وهم الأئمة أهل العلم الشرعي الذي يحمله من كل خلف عدوله، وكانوا يستعملون كلمة: السنة بمعنى العلم في الدين عموما، فيقولون مثلا: فلان أعلمهم بالسنة، والمقصود من هذا هو العلم بالشريعة، ولما وقعت الفتنة التي ظهرت أحداثها بالخروج على الخليفة [[عثمان بن عفان]] ثالث الخلفاء وأدت إلى مقتله بدء ظهور استعمال تسمية أهل السنة في تلك الفترة، وبحسب ما جاء عن [[محمد بن سيرين|ابن سيرين]] أن لقب أهل السنة يراد به أئمة علماء الدين وحملة الشريعة، تمييزا لهم عن المخالفين لهم، وكان سبب ذلك أن وقوع تلك الفتنة المشار إليها حمل ظواهر غريبة تمثلت فيمن انتسب إلى علم الشريعة من غير أهلها، وجرى استنكار ذلك ووضع شروط معينة لنقل ورواية الحديث من أهمها الإسناد والعدالة، ففي صحيح مسلم: عن محمد بن سيرين قال: {{اقتباس مضمن|إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم}}
وأصل التسمية قبل أن تكون لقبا متعارفا عليه قد جرى استعمالها عند أئمة أهل السنة في عصر السلف، حيث كانوا يستعملون عبارة: أهل السنة بمعنى: أصحاب الطريقة المتبعة في الدين وهم الأئمة أهل العلم الشرعي الذي يحمله من كل خلف عدوله، وكانوا يستعملون كلمة: السنة بمعنى العلم في الدين عموما، فيقولون مثلا: فلان أعلمهم بالسنة، والمقصود من هذا هو العلم بالشريعة، ولما وقعت الفتنة التي ظهرت أحداثها بالخروج على الخليفة [[عثمان بن عفان]] ثالث الخلفاء وأدت إلى مقتله بدء ظهور استعمال تسمية أهل السنة في تلك الفترة، وبحسب ما جاء عن [[محمد بن سيرين|ابن سيرين]] أن لقب أهل السنة يراد به أئمة علماء الدين وحملة الشريعة، تمييزا لهم عن المخالفين لهم، وكان سبب ذلك أن وقوع تلك الفتنة المشار إليها حمل ظواهر غريبة تمثلت فيمن انتسب إلى علم الشريعة من غير أهلها، وجرى استنكار ذلك ووضع شروط معينة لنقل ورواية الحديث من أهمها الإسناد والعدالة، ففي صحيح مسلم: عن محمد بن سيرين قال: {{اقتباس مضمن|إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم}}
عن [[محمد بن سيرين|ابن سيرين]] قال: {{اقتباس مضمن|لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم}}.<ref>شرح النووي على مسلم، يحيي بن شرف أبو زكريا النووي، مقدمة الكتاب، باب بيان أن الإسناد من الدين وأن الرواية لا تكون إلا عن الثقات وأن جرح الرواة بما هو فيهم جائز بل واجب وأنه ليس من الغيبة المحرمة بل من الذب عن الشريعة المكرمة،
عن [[محمد بن سيرين|ابن سيرين]] قال: {{اقتباس مضمن|لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم}}.<ref>شرح النووي على مسلم، يحيي بن شرف أبو زكريا النووي، مقدمة الكتاب، باب بيان أن الإسناد من الدين وأن الرواية لا تكون إلا عن الثقات وأن جرح الرواة بما هو فيهم جائز بل واجب وأنه ليس من الغيبة المحرمة بل من الذب عن الشريعة المكرمة،
ج1 ص84، دار الخير، سنة: 1416 هـ/ 1996م.، سنن الدارمي ج1 ص112.</ref><ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1=شهاب الدين أحمد بن محمد الخطيب القسطلاني|مؤلف2=أبو زكريا يحيى بن شرف النووي|مؤلف1-وصلة=شهاب الدين القسطلاني|مؤلف2-وصلة=|عنوان=إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري ج1، بحاشيته كتاب شرح النووي على صحيح مسلم|صفحة=ص112|مسار=https://books.google.com/books?id=AgNLCwAAQBAJ&pg=PT93&dq=ابن+سيرين+لم+يكونوا+يسألون+عن+الإسناد+شرح+النووي+على+مسلم&hl=ar&sa=X&ved=0ahUKEwjatZOSgfzaAhWQa1AKHXpPAdkQ6AEINDAF#v=onepage&q=ابن%20سيرين%20لم%20يكونوا%20يسألون%20عن%20الإسناد%20شرح%20النووي%20على%20مسلم&f=false|طبعة=السابعة|ناشر=المطبعة الأميرية الكبرى|مكان=ببولاق مصر المحمية|سنة=1323 هجرية| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191218190417/https://books.google.com/books?id=AgNLCwAAQBAJ&pg=PT93&dq=ابن+سيرين+لم+يكونوا+يسألون+عن+الإسناد+شرح+النووي+على+مسلم&hl=ar&sa=X&ved=0ahUKEwjatZOSgfzaAhWQa1AKHXpPAdkQ6AEINDAF | تاريخ أرشيف = 18 ديسمبر 2019 }}</ref>
ج1 ص84، دار الخير، سنة: 1416 هـ/ 1996م.، سنن الدارمي ج1 ص112.</ref><ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1=شهاب الدين أحمد بن محمد الخطيب القسطلاني|مؤلف2=أبو زكريا يحيى بن شرف النووي|مؤلف1-وصلة=شهاب الدين القسطلاني|عنوان=إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري ج1، بحاشيته كتاب شرح النووي على صحيح مسلم|صفحة=ص112|مسار=https://books.google.com/books?id=AgNLCwAAQBAJ&pg=PT93&dq=ابن+سيرين+لم+يكونوا+يسألون+عن+الإسناد+شرح+النووي+على+مسلم&hl=ar&sa=X&ved=0ahUKEwjatZOSgfzaAhWQa1AKHXpPAdkQ6AEINDAF#v=onepage&q=ابن%20سيرين%20لم%20يكونوا%20يسألون%20عن%20الإسناد%20شرح%20النووي%20على%20مسلم&f=false|طبعة=السابعة|ناشر=المطبعة الأميرية الكبرى|مكان=ببولاق مصر المحمية|سنة=1323 هجرية| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191218190417/https://books.google.com/books?id=AgNLCwAAQBAJ&pg=PT93&dq=ابن+سيرين+لم+يكونوا+يسألون+عن+الإسناد+شرح+النووي+على+مسلم&hl=ar&sa=X&ved=0ahUKEwjatZOSgfzaAhWQa1AKHXpPAdkQ6AEINDAF | تاريخ أرشيف = 18 ديسمبر 2019 }}</ref>
وفي رواية للترمذي في العلل:
وفي رواية للترمذي في العلل:
عن ابن سيرين قال: {{اقتباس مضمن|كان في الزمان الأول لا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة سألوا عن الإسناد، لكي يأخذوا حديث أهل السنة، ويدعوا حديث أهل البدع}}.<ref>شرح علل الترمذي، لابن رجب الحنبلي، بدء التفتيش عن الإسناد، ج1 ص122.</ref> روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة يقول: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {{حديث|يكون في آخر الزمان دجالون كذابون يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم لا يضلونكم ولا يفتنونكم}}".<ref>شرح النووي على مسلم، يحيي بن شرف أبو زكريا النووي، مقدمة، باب النهي عن الرواية عن الضعفاء والاحتياط في تحملها، الحديث رقم: (7)، ج1، ص76، دار الخير، سنة النشر: 1416 هـ/ 1996م.</ref> فالسنة التي جاءت في كلامه بمعنى الطريقة المسلوكة في الدين التي كان عليها الخلفاء الراشدون والأئمة من الصحابة ومن تبعهم بإحسان في الهدى والعلم والعمل والاعتقاد، وأهل السنة هم أهل العلم في الدين رواية ودراية، فالرواية نقل نصوص القرآن والحديث وأقوال الأئمة، والدرية العلم في الدين، فأهل السنة يراد بهم أهل العلم المشتمل على الرواية والدراية معا، وقد ذكر ابن سيرين أهل السنة في مقابل أهل البدعة، وأهل السنة كانوا في حينها يفسرون أهل البدعة بأنه يشمل جميع أهل الزيغ والأهواء الذين ابتدعوا في الدين ما ليس منه مما لا أصل له في الشريعة، كالخوارج والقدرية وغيرهم من الفرق التي ظهرت في العصور السابقة، فإنهم تكلموا في الدين بأهوائهم، روى البخاري في صحيحه تعليقا في وصف الخوارج ما نصه: {{اقتباس مضمن|وكان [[عبد الله بن عمر بن الخطاب|ابن عمر]] يراهم شرار خلق الله وقال: إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين}}.<ref>فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، ص296 وما بعدها، حديث رقم: (6531)]، كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم، باب قتل الخوارج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم وقول الله تعالى: {{قرآن|وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون}}، وكان [[عبد الله بن عمر بن الخطاب|ابن عمر]] يراهم شرار خلق الله وقال إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين.</ref>
عن ابن سيرين قال: {{اقتباس مضمن|كان في الزمان الأول لا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة سألوا عن الإسناد، لكي يأخذوا حديث أهل السنة، ويدعوا حديث أهل البدع}}.<ref>شرح علل الترمذي، لابن رجب الحنبلي، بدء التفتيش عن الإسناد، ج1 ص122.</ref> روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة يقول: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {{حديث|يكون في آخر الزمان دجالون كذابون يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم لا يضلونكم ولا يفتنونكم}}".<ref>شرح النووي على مسلم، يحيي بن شرف أبو زكريا النووي، مقدمة، باب النهي عن الرواية عن الضعفاء والاحتياط في تحملها، الحديث رقم: (7)، ج1، ص76، دار الخير، سنة النشر: 1416 هـ/ 1996م.</ref> فالسنة التي جاءت في كلامه بمعنى الطريقة المسلوكة في الدين التي كان عليها الخلفاء الراشدون والأئمة من الصحابة ومن تبعهم بإحسان في الهدى والعلم والعمل والاعتقاد، وأهل السنة هم أهل العلم في الدين رواية ودراية، فالرواية نقل نصوص القرآن والحديث وأقوال الأئمة، والدرية العلم في الدين، فأهل السنة يراد بهم أهل العلم المشتمل على الرواية والدراية معا، وقد ذكر ابن سيرين أهل السنة في مقابل أهل البدعة، وأهل السنة كانوا في حينها يفسرون أهل البدعة بأنه يشمل جميع أهل الزيغ والأهواء الذين ابتدعوا في الدين ما ليس منه مما لا أصل له في الشريعة، كالخوارج والقدرية وغيرهم من الفرق التي ظهرت في العصور السابقة، فإنهم تكلموا في الدين بأهوائهم، روى البخاري في صحيحه تعليقا في وصف الخوارج ما نصه: {{اقتباس مضمن|وكان [[عبد الله بن عمر بن الخطاب|ابن عمر]] يراهم شرار خلق الله وقال: إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين}}.<ref>فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، ص296 وما بعدها، حديث رقم: (6531)]، كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم، باب قتل الخوارج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم وقول الله تعالى: {{قرآن|وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون}}، وكان [[عبد الله بن عمر بن الخطاب|ابن عمر]] يراهم شرار خلق الله وقال إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين.</ref>
سطر 116: سطر 116:


وقال [[محمد الشوكاني|الشوكاني]]: {{اقتباس مضمن|فالسنة هي الطريقة فكأنه قال: الزموا طريقتي وطريقة الخلفاء الراشدين، وقد كانت طريقتهم هي نفس طريقته، فإنهم أشد الناس حرصا عليها وعملا بها في كل شيء، وعلى كل حال كانوا يتوقون مخالفته في أصغر الأمور فضلا عن أكبرها، وكانوا إذا أعوزهم الدليل من كتاب الله وسنة رسوله {{صلى الله عليه وسلم}}؛ عملوا بما يظهر لهم من الرأي بعد الفحص والبحث والتشاور والتدبر، وهذا الرأي عند عدم الدليل هو أيضا من سنته لما دل عليه حديث [[معاذ بن جبل|معاذ]] لما قال له رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: بم تقضي؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد قال: فبسنة رسول الله قال: فإن لم تجد قال: أجتهد رأيي قال: الحمد لله الذي وفق رسول رسوله أو كما قال..}}.<ref group="°">قال الشوكاني: وهذا الحديث وإن تكلم فيه بعض أهل العلم بما هو معروف فالحق أنه من قسم الحسن لغيره وهو معمول به وقد أوضحت هذا في بحث مستقل.</ref>
وقال [[محمد الشوكاني|الشوكاني]]: {{اقتباس مضمن|فالسنة هي الطريقة فكأنه قال: الزموا طريقتي وطريقة الخلفاء الراشدين، وقد كانت طريقتهم هي نفس طريقته، فإنهم أشد الناس حرصا عليها وعملا بها في كل شيء، وعلى كل حال كانوا يتوقون مخالفته في أصغر الأمور فضلا عن أكبرها، وكانوا إذا أعوزهم الدليل من كتاب الله وسنة رسوله {{صلى الله عليه وسلم}}؛ عملوا بما يظهر لهم من الرأي بعد الفحص والبحث والتشاور والتدبر، وهذا الرأي عند عدم الدليل هو أيضا من سنته لما دل عليه حديث [[معاذ بن جبل|معاذ]] لما قال له رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}}: بم تقضي؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد قال: فبسنة رسول الله قال: فإن لم تجد قال: أجتهد رأيي قال: الحمد لله الذي وفق رسول رسوله أو كما قال..}}.<ref group="°">قال الشوكاني: وهذا الحديث وإن تكلم فيه بعض أهل العلم بما هو معروف فالحق أنه من قسم الحسن لغيره وهو معمول به وقد أوضحت هذا في بحث مستقل.</ref>
فإن ما عملوا فيه بالرأي هو من سنته، وقد حث على اتباعهم؛ تأكيدا لمن بعدهم لئلا يتوهم أحد أنهم مخالفون لهديه، وسنة الخلفاء الراشدين هي نفس السنة النبوية ولا تخرج عنها.<ref name="الأحوذي">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1=محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري|مؤلف1-وصلة=|عنوان=تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي كتاب العلم باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، حديث رقم: (2676)|ناشر=دار الكتب العلمية|صفحة=366 وما بعدها|تاريخ الوصول=3/ [[ربيع الآخر|ربيع الثاني]]/ [[1438 هـ]]}}</ref>
فإن ما عملوا فيه بالرأي هو من سنته، وقد حث على اتباعهم؛ تأكيدا لمن بعدهم لئلا يتوهم أحد أنهم مخالفون لهديه، وسنة الخلفاء الراشدين هي نفس السنة النبوية ولا تخرج عنها.<ref name="الأحوذي">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1=محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري|عنوان=تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي كتاب العلم باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، حديث رقم: (2676)|ناشر=دار الكتب العلمية|صفحة=366 وما بعدها|تاريخ الوصول=3/ [[ربيع الآخر|ربيع الثاني]]/ [[1438 هـ]]}}</ref>


قال [[ابن حجر العسقلاني]]: والمحدثات بفتح الدال جمع محدثة والمراد بها ما أحدث، وليس له أصل في الشرع ويسمى في عرف الشرع: «بدعة» وما كان له أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعة، فالبدعة في عرف الشرع مذمومة بخلاف اللغة فإن كل شيء أحدث على غير مثال يسمى بدعة سواء كان محمودا أو مذموما، وكذا القول في المحدثة وفي الأمر المحدث الذي ورد في حديث عائشة: {{حديث|من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد}}.<ref name="الفتح">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1=أحمد بن علي بن حجر العسقلاني|مؤلف1-وصلة=ابن حجر العسقلاني|عنوان=فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث رقم: (6849)|ناشر=دار الريان للتراث|صفحة=266 وما بعدها|سنة= 1407 هـ/ 1986م|تاريخ الوصول=3/ [[ربيع الآخر|ربيع الثاني]]/ [[1438 هـ]]}}</ref> وحديث العرباض في المعنى قريب من حديث [[عائشة (توضيح)|عائشة]] المشار إليه وهو من جوامع الكلم. يدل على أن المحدث يسمى بدعة، والمراد بقوله: «كل بدعة ضلالة» ما أحدث ولا دليل له من الشرع بطريق خاص ولا عام.<ref name="الفتح"/> وقال ابن حجر أيضا: وقسم بعض العلماء البدعة إلى الأحكام الخمسة وهو واضح، وثبت عن [[عبد الله بن مسعود|ابن مسعود]] أنه قال: {{اقتباس مضمن|قد أصبحتم على الفطرة وإنكم ستحدثون ويحدث لكم فإذا رأيتم محدثة فعليكم بالهدي الأول}}.<ref name="الفتح"/> قال الشافعي: {{اقتباس مضمن|البدعة بدعتان: محمودة ومذمومة، فما وافق السنة فهو محمود وما خالفها فهو مذموم}}.<ref name="الفتح"/><ref group="°">أخرجه أبو نعيم بمعناه من طريق إبراهيم بن الجنيد عن الشافعي، انظر فتح الباري حديث رقم: (6849).</ref> وقال الشافعي أيضا: {{اقتباس مضمن|المحدثات ضربان: ما أحدث يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا فهذه بدعة الضلال، وما أحدث من الخير لا يخالف شيئا من ذلك فهذه محدثة غير مذمومة}}.<ref name="الفتح"/><ref group="°">أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي نقلا عن الشافعي، انظر فتح الباري حديث رقم: (6849).</ref> فمما حدث تدوين الحديث ثم تفسير القرآن ثم تدوين المسائل الفقهية المولدة عن الرأي المحض ثم تدوين ما يتعلق بأعمال القلوب. ومما حدث الخوض في المتشابهات والأغاليط في مسائل العقيدة، وقد اشتد إنكار السلف على ذلك، قال [[ابن حجر العسقلاني]]: {{اقتباس مضمن|وثبت عن مالك: أنه لم يكن في عهد النبي {{صلى الله عليه وسلم}} وأبي بكر وعمر شيء من الأهواء -يعني بدع الخوارج والروافض والقدرية-}}، وقال أيضا: {{اقتباس مضمن|واشتد إنكار السلف لذلك كأبي حنيفة وأبي يوسف والشافعي، وكلامهم في ذم أهل الكلام مشهور، وسببه أنهم تكلموا فيما سكت عنه النبي {{صلى الله عليه وسلم}} وأصحابه}}.<ref name="الفتح"/> وقسم [[العز بن عبد السلام]] البدعة خمسة أقسام: واجبة ومحرمة ومندوبة ومباحة ومكروهة.<ref name="الفتح"/>
قال [[ابن حجر العسقلاني]]: والمحدثات بفتح الدال جمع محدثة والمراد بها ما أحدث، وليس له أصل في الشرع ويسمى في عرف الشرع: «بدعة» وما كان له أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعة، فالبدعة في عرف الشرع مذمومة بخلاف اللغة فإن كل شيء أحدث على غير مثال يسمى بدعة سواء كان محمودا أو مذموما، وكذا القول في المحدثة وفي الأمر المحدث الذي ورد في حديث عائشة: {{حديث|من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد}}.<ref name="الفتح">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1=أحمد بن علي بن حجر العسقلاني|مؤلف1-وصلة=ابن حجر العسقلاني|عنوان=فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث رقم: (6849)|ناشر=دار الريان للتراث|صفحة=266 وما بعدها|سنة= 1407 هـ/ 1986م|تاريخ الوصول=3/ [[ربيع الآخر|ربيع الثاني]]/ [[1438 هـ]]}}</ref> وحديث العرباض في المعنى قريب من حديث [[عائشة (توضيح)|عائشة]] المشار إليه وهو من جوامع الكلم. يدل على أن المحدث يسمى بدعة، والمراد بقوله: «كل بدعة ضلالة» ما أحدث ولا دليل له من الشرع بطريق خاص ولا عام.<ref name="الفتح"/> وقال ابن حجر أيضا: وقسم بعض العلماء البدعة إلى الأحكام الخمسة وهو واضح، وثبت عن [[عبد الله بن مسعود|ابن مسعود]] أنه قال: {{اقتباس مضمن|قد أصبحتم على الفطرة وإنكم ستحدثون ويحدث لكم فإذا رأيتم محدثة فعليكم بالهدي الأول}}.<ref name="الفتح"/> قال الشافعي: {{اقتباس مضمن|البدعة بدعتان: محمودة ومذمومة، فما وافق السنة فهو محمود وما خالفها فهو مذموم}}.<ref name="الفتح"/><ref group="°">أخرجه أبو نعيم بمعناه من طريق إبراهيم بن الجنيد عن الشافعي، انظر فتح الباري حديث رقم: (6849).</ref> وقال الشافعي أيضا: {{اقتباس مضمن|المحدثات ضربان: ما أحدث يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا فهذه بدعة الضلال، وما أحدث من الخير لا يخالف شيئا من ذلك فهذه محدثة غير مذمومة}}.<ref name="الفتح"/><ref group="°">أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي نقلا عن الشافعي، انظر فتح الباري حديث رقم: (6849).</ref> فمما حدث تدوين الحديث ثم تفسير القرآن ثم تدوين المسائل الفقهية المولدة عن الرأي المحض ثم تدوين ما يتعلق بأعمال القلوب. ومما حدث الخوض في المتشابهات والأغاليط في مسائل العقيدة، وقد اشتد إنكار السلف على ذلك، قال [[ابن حجر العسقلاني]]: {{اقتباس مضمن|وثبت عن مالك: أنه لم يكن في عهد النبي {{صلى الله عليه وسلم}} وأبي بكر وعمر شيء من الأهواء -يعني بدع الخوارج والروافض والقدرية-}}، وقال أيضا: {{اقتباس مضمن|واشتد إنكار السلف لذلك كأبي حنيفة وأبي يوسف والشافعي، وكلامهم في ذم أهل الكلام مشهور، وسببه أنهم تكلموا فيما سكت عنه النبي {{صلى الله عليه وسلم}} وأصحابه}}.<ref name="الفتح"/> وقسم [[العز بن عبد السلام]] البدعة خمسة أقسام: واجبة ومحرمة ومندوبة ومباحة ومكروهة.<ref name="الفتح"/>
سطر 169: سطر 169:
فقال تعالى: {{قرآن|وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جميعاً ولا تفرقوا... الآية|س=3|آ=103}}، قال [[عبد الله بن عباس|ابن عباس]]: معناه تمسكوا بدين الله، وقال [[عبد الله بن مسعود|ابن مسعود]]: هو الجماعة، وقال: {{اقتباس مضمن|عليكم بالجماعة فإنها حبل الله الذي أمر الله به، وإن ما تكرهون في الجماعة والطاعة خير مما تحبون في الفرقة}}. وقال مجاهد وعطاء: بعهد الله، وقال قتادة والسدي: هو القرآن، وقال [[مقاتل بن حيان]]: بحبل الله: أي بأمر الله وطاعته. وقال العيني: الكتاب والسنة.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف=بدر الدين العيني|عنوان=عمدة القاري شرح صحيح البخاري ج23|صفحة=25|ناشر=دار إحياء التراث العربي|مكان=بيروت- لبنان|مسار=https://shamela.ws/browse.php/book-5756/page-7423|لغة=العربية| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190429063014/http://shamela.ws/browse.php/book-5756/page-7423 | تاريخ أرشيف = 29 أبريل 2019 }}</ref> {{قرآن|ولا تفرقوا}} قال البغوي: أي: لا تتفرقوا كما تفرق اليهود والنصارى.<ref name="البغوي2">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1=الحسين بن مسعود البغوي|مؤلف1-وصلة=البغوي|عنوان= تفسير البغوي، سورة آل عمران، تفسير قوله تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا»، الجزء الثاني|صفحة=78 وما بعدها}}</ref>
فقال تعالى: {{قرآن|وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جميعاً ولا تفرقوا... الآية|س=3|آ=103}}، قال [[عبد الله بن عباس|ابن عباس]]: معناه تمسكوا بدين الله، وقال [[عبد الله بن مسعود|ابن مسعود]]: هو الجماعة، وقال: {{اقتباس مضمن|عليكم بالجماعة فإنها حبل الله الذي أمر الله به، وإن ما تكرهون في الجماعة والطاعة خير مما تحبون في الفرقة}}. وقال مجاهد وعطاء: بعهد الله، وقال قتادة والسدي: هو القرآن، وقال [[مقاتل بن حيان]]: بحبل الله: أي بأمر الله وطاعته. وقال العيني: الكتاب والسنة.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف=بدر الدين العيني|عنوان=عمدة القاري شرح صحيح البخاري ج23|صفحة=25|ناشر=دار إحياء التراث العربي|مكان=بيروت- لبنان|مسار=https://shamela.ws/browse.php/book-5756/page-7423|لغة=العربية| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190429063014/http://shamela.ws/browse.php/book-5756/page-7423 | تاريخ أرشيف = 29 أبريل 2019 }}</ref> {{قرآن|ولا تفرقوا}} قال البغوي: أي: لا تتفرقوا كما تفرق اليهود والنصارى.<ref name="البغوي2">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1=الحسين بن مسعود البغوي|مؤلف1-وصلة=البغوي|عنوان= تفسير البغوي، سورة آل عمران، تفسير قوله تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا»، الجزء الثاني|صفحة=78 وما بعدها}}</ref>
وقال تعالى: {{قرآن|وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}}.<ref group="°">[[سورة الأنفال]] آية: 46.</ref>
وقال تعالى: {{قرآن|وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}}.<ref group="°">[[سورة الأنفال]] آية: 46.</ref>
فالتنازع يؤدي إلى الخذلان وذهاب القوة، والفُرقة الم[[نهي]] عنها في الشرع الإسلامي هي التي تكون مضادة للجماعة بمخالفة جماعة أهل الإسلام فيما اجتمعوا عليه التي تُصيِّر الأمة شيعا وأحزابا متفرقين وجماعات متعددة، وهو غير الخلاف المعتبر في مسائل [[علم فروع الفقه|الفروع]]، فلا يدخل في معنى التفرق في الدين، فاجتهاد الخلفاء الراشدين وأئمة الصحابة ومن تبعهم من أهل الاجتهاد المعتبر لا يدخل في هذا بالإجماع، فهو لا يؤدي إلى التنازع وتفريق الدين بل هو الذي رحمة ولا يفسد للودِّ قضية.<ref name="الفتوى">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1=لجنة الإفتاء الأردنية|عنوان=أهل السنة والجماعة هم السواد الأعظم من الأمة، رقم الفتوى : 2801، التصنيف: الفرق والأديان، نوع الفتوى: بحثية، السؤال: ما المراد بـ(الفرقة الناجية) الوارد ذِكْرُها في حديث الافتراق المشهور، وكيف يتعرف المسلم على مواصفات تلك الفرقة؟|ناشر=|تاريخ=30/ 04/ 2013م|مسار=http://aliftaa.jo/Question.aspx?QuestionId=2801#.WKqA6HNjhAg|تاريخ الوصول=3/ [[ربيع الآخر|ربيع الثاني]]/ [[1438 هـ]]| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20161026170857/http://aliftaa.jo/Question.aspx?QuestionId=2801 | تاريخ أرشيف = 26 أكتوبر 2016 }}</ref>
فالتنازع يؤدي إلى الخذلان وذهاب القوة، والفُرقة الم[[نهي]] عنها في الشرع الإسلامي هي التي تكون مضادة للجماعة بمخالفة جماعة أهل الإسلام فيما اجتمعوا عليه التي تُصيِّر الأمة شيعا وأحزابا متفرقين وجماعات متعددة، وهو غير الخلاف المعتبر في مسائل [[علم فروع الفقه|الفروع]]، فلا يدخل في معنى التفرق في الدين، فاجتهاد الخلفاء الراشدين وأئمة الصحابة ومن تبعهم من أهل الاجتهاد المعتبر لا يدخل في هذا بالإجماع، فهو لا يؤدي إلى التنازع وتفريق الدين بل هو الذي رحمة ولا يفسد للودِّ قضية.<ref name="الفتوى">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1=لجنة الإفتاء الأردنية|عنوان=أهل السنة والجماعة هم السواد الأعظم من الأمة، رقم الفتوى : 2801، التصنيف: الفرق والأديان، نوع الفتوى: بحثية، السؤال: ما المراد بـ(الفرقة الناجية) الوارد ذِكْرُها في حديث الافتراق المشهور، وكيف يتعرف المسلم على مواصفات تلك الفرقة؟|تاريخ=30/ 04/ 2013م|مسار=http://aliftaa.jo/Question.aspx?QuestionId=2801#.WKqA6HNjhAg|تاريخ الوصول=3/ [[ربيع الآخر|ربيع الثاني]]/ [[1438 هـ]]| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20161026170857/http://aliftaa.jo/Question.aspx?QuestionId=2801 | تاريخ أرشيف = 26 أكتوبر 2016 }}</ref>


=== تفسير معنى الجماعة ===
=== تفسير معنى الجماعة ===
سطر 353: سطر 353:
والصراط المستقيم الذي لا اعوجاج فيه هو سبيل الله الذي دعا إليه، ومهمة الأنبياء والرسل هداية الناس إلى صراط الله المستقيم هداية دلالة وإرشاد، والله يهدي من يشاء ويضل من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد، والضلال والضلالة: ضد الهدي والهدى، وهو الخروج عن الطريق، فالضال يلتبس عليه الأمر حيث لم يكن له هاد يهديه، وهو الدليل، فصاحب البدعة لما غلب الهوى مع الجهل بطريق السنة توهم أن ما ظهر له بعقله هو الطريق القويم دون غيره، فمضى عليه، فحاد بسببه عن الطريق المستقيم، فهو ضال وإن كان بزعمه يتحرى قصدها. فالمبتدع من هذه الأمة، إنما ضل في أدلتها، حيث أخذها مأخذ الهوى والشهوة لا مأخذ الانقياد تحت أحكام الله، وهذا هو الفرق بين المبتدع وغيره؛ لأن المبتدع جعل الهوى أول مطالبه، وأخذ الأدلة بالتبع.<ref>الاعتصام للشاطبي، الفرق بين البدعة والمعصية، ص175</ref>
والصراط المستقيم الذي لا اعوجاج فيه هو سبيل الله الذي دعا إليه، ومهمة الأنبياء والرسل هداية الناس إلى صراط الله المستقيم هداية دلالة وإرشاد، والله يهدي من يشاء ويضل من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد، والضلال والضلالة: ضد الهدي والهدى، وهو الخروج عن الطريق، فالضال يلتبس عليه الأمر حيث لم يكن له هاد يهديه، وهو الدليل، فصاحب البدعة لما غلب الهوى مع الجهل بطريق السنة توهم أن ما ظهر له بعقله هو الطريق القويم دون غيره، فمضى عليه، فحاد بسببه عن الطريق المستقيم، فهو ضال وإن كان بزعمه يتحرى قصدها. فالمبتدع من هذه الأمة، إنما ضل في أدلتها، حيث أخذها مأخذ الهوى والشهوة لا مأخذ الانقياد تحت أحكام الله، وهذا هو الفرق بين المبتدع وغيره؛ لأن المبتدع جعل الهوى أول مطالبه، وأخذ الأدلة بالتبع.<ref>الاعتصام للشاطبي، الفرق بين البدعة والمعصية، ص175</ref>


وقد جاء النهي عن كثرة السؤال والمغالات فيه لقوله تعالى: {{قرآن|المائدة|101|من كلمة=|إلى كلمة=تسؤكم}} وفي الحديث: {{اقتباس مضمن|عن أبي هريرة عن النبي {{صلى الله عليه وسلم}} قال: "دعوني ما تركتكم إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"}}.<ref name="ابن حجر1">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1=أحمد بن علي بن حجر العسقلاني|مؤلف1-وصلة=ابن حجر العسقلاني|عنوان=فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الإقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث رقم: (6858)|صفحة=256 وما بعدها|سنة=1407 هـ/ 1986م|ناشر=دار الريان للتراث|مسار=|تاريخ الوصول= 07  ربيع الثاني/ 1436 هـ|لغة= العربية|العنوان بالعربي=فتح الباري شرح صحيح البخاري}}</ref> ولمسلم بلفظ: «ذروني» وهي بمعنى دعوني وذكر مسلم سبب هذا الحديث من رواية [[محمد بن زياد]] فقال: {{اقتباس مضمن|عن أبي هريرة خطبنا رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} فقال: يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثا، فقال رسول الله: لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم، ثم قال ذروني ما تركتكم..}}.<ref>الحديث وأخرجه الدارقطني مختصرا وزاد فيه فنزلت: {{قرآن|المائدة|101|من كلمة=|إلى كلمة=تسؤكم}} وله شاهد عن ابن عباس عند الطبري في التفسير وفيه: لو قلت نعم، لوجبت ولو وجبت لما استطعتم فاتركوني ما تركتكم الحديث وفيه فأنزل الله: {{قرآن|المائدة|101|من كلمة=|إلى كلمة=لكم}} الآية.</ref> قال ابن حجر: والمراد بهذا الأمر ترك السؤال عن شيء لم يقع خشية أن ينزل به وجوبه أو تحريمه، والنهي عن كثرة السؤال لما فيه غالبا من التعنت، وخشية أن تقع الإجابة بأمر يستثقل، فقد يؤدي لترك الامتثال فتقع المخالفة.
وقد جاء النهي عن كثرة السؤال والمغالات فيه لقوله تعالى: {{قرآن|المائدة|101|من كلمة=|إلى كلمة=تسؤكم}} وفي الحديث: {{اقتباس مضمن|عن أبي هريرة عن النبي {{صلى الله عليه وسلم}} قال: "دعوني ما تركتكم إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"}}.<ref name="ابن حجر1">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1=أحمد بن علي بن حجر العسقلاني|مؤلف1-وصلة=ابن حجر العسقلاني|عنوان=فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الإقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث رقم: (6858)|صفحة=256 وما بعدها|سنة=1407 هـ/ 1986م|ناشر=دار الريان للتراث|تاريخ الوصول= 07  ربيع الثاني/ 1436 هـ|لغة= العربية|العنوان بالعربي=فتح الباري شرح صحيح البخاري}}</ref> ولمسلم بلفظ: «ذروني» وهي بمعنى دعوني وذكر مسلم سبب هذا الحديث من رواية [[محمد بن زياد]] فقال: {{اقتباس مضمن|عن أبي هريرة خطبنا رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} فقال: يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثا، فقال رسول الله: لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم، ثم قال ذروني ما تركتكم..}}.<ref>الحديث وأخرجه الدارقطني مختصرا وزاد فيه فنزلت: {{قرآن|المائدة|101|من كلمة=|إلى كلمة=تسؤكم}} وله شاهد عن ابن عباس عند الطبري في التفسير وفيه: لو قلت نعم، لوجبت ولو وجبت لما استطعتم فاتركوني ما تركتكم الحديث وفيه فأنزل الله: {{قرآن|المائدة|101|من كلمة=|إلى كلمة=لكم}} الآية.</ref> قال ابن حجر: والمراد بهذا الأمر ترك السؤال عن شيء لم يقع خشية أن ينزل به وجوبه أو تحريمه، والنهي عن كثرة السؤال لما فيه غالبا من التعنت، وخشية أن تقع الإجابة بأمر يستثقل، فقد يؤدي لترك الامتثال فتقع المخالفة.


قال ابن فرج: معنى قوله ذروني ما تركتكم لا تكثروا من الإستفصال عن المواضع التي تكون مفيدة لوجه ما ظهر ولو كانت صالحة لغيره، والنهي عن التنقيب عن ذلك لأنه قد يفضي إلى مثل ما وقع لبني إسرائيل، إذ أمروا أن يذبحوا البقرة فلو ذبحوا أي بقرة كانت لامتثلوا ولكنهم شددوا فشدد عليهم.<ref name="ابن حجر1"/> وفيه دليل النهي عن كثرة المسائل والمغالاة في ذلك، قال البغوي في شرح السنة: المسائل على وجهين أحدهما: ما كان على وجه التعليم لما يحتاج إليه من أمر الدين فهو جائز بل مأمور به لقوله تعالى: {{قرآن|النحل|43|من كلمة=فاسألوا|إلى كلمة=الذكر}} … الآية، وعلى ذلك تتنزل أسئلة الصحابة عن الأنفال والكلالة وغيرهما. ثانيهما: ما كان على وجه التعنت والتكلف، وهو المراد في هذا الحديث والله أعلم، ويؤيده ورود الزجر في الحديث عن ذلك وذم السلف، فعند أحمد من حديث معاوية أن النبي {{صلى الله عليه وسلم}} نهى عن الأغلوطات قال الأوزاعي: هي شداد المسائل، وقال الأوزاعي أيضا: «إن الله إذا أراد أن يحرم عبده بركة العلم ألقى على لسانه المغاليط، فلقد رأيتهم أقل الناس علما» وقال ابن وهب: سمعت مالكا يقول: «المراء في العلم يذهب بنور العلم من قلب الرجل»<ref name="ابن حجر1"/> وقال ابن العربي: «كان النهي عن السؤال في العهد النبوي خشية أن ينزل ما يشق عليهم، فأما بعد فقد أمن ذلك لكن أكثر النقل عن السلف بكراهة الكلام في المسائل التي لم تقع» قال: «وإنه لمكروه إن لم يكن حراما إلا للعلماء فإنهم فرعوا ومهدوا فنفع الله من بعدهم بذلك، ولا سيما مع ذهاب العلماء ودروس العلم» انتهى. ملخصا.<ref name="ابن حجر1"/> وفي الحديث: {{حديث|إنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم}}.<ref>أخرجه البخاري في باب الاعتصام حديث رقم:( 6858) ومسلم حديث رقم: (1337)، انظر أيضا: جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي ج1 ص238، الحديث التاسع.</ref>
قال ابن فرج: معنى قوله ذروني ما تركتكم لا تكثروا من الإستفصال عن المواضع التي تكون مفيدة لوجه ما ظهر ولو كانت صالحة لغيره، والنهي عن التنقيب عن ذلك لأنه قد يفضي إلى مثل ما وقع لبني إسرائيل، إذ أمروا أن يذبحوا البقرة فلو ذبحوا أي بقرة كانت لامتثلوا ولكنهم شددوا فشدد عليهم.<ref name="ابن حجر1"/> وفيه دليل النهي عن كثرة المسائل والمغالاة في ذلك، قال البغوي في شرح السنة: المسائل على وجهين أحدهما: ما كان على وجه التعليم لما يحتاج إليه من أمر الدين فهو جائز بل مأمور به لقوله تعالى: {{قرآن|النحل|43|من كلمة=فاسألوا|إلى كلمة=الذكر}} … الآية، وعلى ذلك تتنزل أسئلة الصحابة عن الأنفال والكلالة وغيرهما. ثانيهما: ما كان على وجه التعنت والتكلف، وهو المراد في هذا الحديث والله أعلم، ويؤيده ورود الزجر في الحديث عن ذلك وذم السلف، فعند أحمد من حديث معاوية أن النبي {{صلى الله عليه وسلم}} نهى عن الأغلوطات قال الأوزاعي: هي شداد المسائل، وقال الأوزاعي أيضا: «إن الله إذا أراد أن يحرم عبده بركة العلم ألقى على لسانه المغاليط، فلقد رأيتهم أقل الناس علما» وقال ابن وهب: سمعت مالكا يقول: «المراء في العلم يذهب بنور العلم من قلب الرجل»<ref name="ابن حجر1"/> وقال ابن العربي: «كان النهي عن السؤال في العهد النبوي خشية أن ينزل ما يشق عليهم، فأما بعد فقد أمن ذلك لكن أكثر النقل عن السلف بكراهة الكلام في المسائل التي لم تقع» قال: «وإنه لمكروه إن لم يكن حراما إلا للعلماء فإنهم فرعوا ومهدوا فنفع الله من بعدهم بذلك، ولا سيما مع ذهاب العلماء ودروس العلم» انتهى. ملخصا.<ref name="ابن حجر1"/> وفي الحديث: {{حديث|إنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم}}.<ref>أخرجه البخاري في باب الاعتصام حديث رقم:( 6858) ومسلم حديث رقم: (1337)، انظر أيضا: جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي ج1 ص238، الحديث التاسع.</ref>
سطر 406: سطر 406:
قال الشهرستاني: {{اقتباس مضمن|اعلم أن السلف من أصحاب الحديث لما رأوا توغل المعتزلة في علم الكلام ومخالفة السنة التي عهدوها من الأئمة الراشدين ونصرهم جماعة من أمراء بني أمية على قولهم بالقدر وجماعة من خلفاء بني العباس على قولهم بنفي الصفات وخلق القرآن تحيروا في تقرير مذهب أهل السنة والجماعة في متشابهات آيات الكتاب الحكيم وأخبار النبي الأمين {{صلى الله عليه وسلم}}}}.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف=محمد بن عبد الكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني|عنوان=الملل والنحل، ج1|صفحة=100 وما بعدها|ناشر=دار المعرفة|مكان=بيروت|سنة=1404هـ}}</ref> قال: {{اقتباس مضمن|فأما أحمد بن حنبل وداود بن علي الأصفهاني وجماعة من أئمة السلف فجروا على منهاج السلف المتقدمين عليهم من أصحاب الحديث مثل: مالك بن أنس ومقاتل بن سليمان وسلكوا طريق السلامة فقالوا: نؤمن بما ورد به الكتاب والسنة ولا نتعرض للتأويل بعد أن نعلم قطعا أن الله عز وجل لا يشبه شيئا من المخلوقات وأن كل ما تمثل في الوهم فإنه خالقه ومقدره، وكانوا يحترزون عن التشبيه إلى غاية أن قالوا من حرك يده عند قراءته قوله تعالى: {{قرآن|ص|75|من كلمة=خلقت|إلى كلمة=بيدي}} أو أشار بإصبعيه عند روايته: {{حديث|قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن}} وجب قطع يده وقلع أصبعيه}}. وسبب توقفهم في تفسير الآيات واجتناب الخوض في المتشابهات، للمنع الوارد في التنزيل في قوله تعالى: {{قرآن|آل عمران|7|من كلمة=فأما|إلى كلمة=}} قالوا: فنحن نحترز عن الزيغ، وقالوا: أن التأويل أمر مظنون بالاتفاق والقول في صفات الباري بالظن غير جائز فربما أولنا الآية على غير مراد الباري تعالى فوقعنا في الزيغ بل نقول كما قال الراسخون في العلم {{قرآن|آل عمران|7|من كلمة=كل|إلى كلمة=ربنا}} آمنا بظاهره وصدقنا بباطنه ووكلنا علمه إلى الله تعالى ولسنا مكلفين بمعرفة ذلك إذ ليس ذلك من شرائط الإيمان وأركانه. فهذا هو طريق السلامة وليس هو من التشبيه في شيء. غير أن جماعة من الشيعة الغالية وجماعة من أصحاب الحديث الحشوية صرحوا بالتشبيه.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف=محمد بن عبد الكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني|عنوان=الملل والنحل، ج1|صفحة=102 وما بعدها|ناشر=دار المعرفة|مكان=بيروت|سنة=1404هـ}}</ref>
قال الشهرستاني: {{اقتباس مضمن|اعلم أن السلف من أصحاب الحديث لما رأوا توغل المعتزلة في علم الكلام ومخالفة السنة التي عهدوها من الأئمة الراشدين ونصرهم جماعة من أمراء بني أمية على قولهم بالقدر وجماعة من خلفاء بني العباس على قولهم بنفي الصفات وخلق القرآن تحيروا في تقرير مذهب أهل السنة والجماعة في متشابهات آيات الكتاب الحكيم وأخبار النبي الأمين {{صلى الله عليه وسلم}}}}.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف=محمد بن عبد الكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني|عنوان=الملل والنحل، ج1|صفحة=100 وما بعدها|ناشر=دار المعرفة|مكان=بيروت|سنة=1404هـ}}</ref> قال: {{اقتباس مضمن|فأما أحمد بن حنبل وداود بن علي الأصفهاني وجماعة من أئمة السلف فجروا على منهاج السلف المتقدمين عليهم من أصحاب الحديث مثل: مالك بن أنس ومقاتل بن سليمان وسلكوا طريق السلامة فقالوا: نؤمن بما ورد به الكتاب والسنة ولا نتعرض للتأويل بعد أن نعلم قطعا أن الله عز وجل لا يشبه شيئا من المخلوقات وأن كل ما تمثل في الوهم فإنه خالقه ومقدره، وكانوا يحترزون عن التشبيه إلى غاية أن قالوا من حرك يده عند قراءته قوله تعالى: {{قرآن|ص|75|من كلمة=خلقت|إلى كلمة=بيدي}} أو أشار بإصبعيه عند روايته: {{حديث|قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن}} وجب قطع يده وقلع أصبعيه}}. وسبب توقفهم في تفسير الآيات واجتناب الخوض في المتشابهات، للمنع الوارد في التنزيل في قوله تعالى: {{قرآن|آل عمران|7|من كلمة=فأما|إلى كلمة=}} قالوا: فنحن نحترز عن الزيغ، وقالوا: أن التأويل أمر مظنون بالاتفاق والقول في صفات الباري بالظن غير جائز فربما أولنا الآية على غير مراد الباري تعالى فوقعنا في الزيغ بل نقول كما قال الراسخون في العلم {{قرآن|آل عمران|7|من كلمة=كل|إلى كلمة=ربنا}} آمنا بظاهره وصدقنا بباطنه ووكلنا علمه إلى الله تعالى ولسنا مكلفين بمعرفة ذلك إذ ليس ذلك من شرائط الإيمان وأركانه. فهذا هو طريق السلامة وليس هو من التشبيه في شيء. غير أن جماعة من الشيعة الغالية وجماعة من أصحاب الحديث الحشوية صرحوا بالتشبيه.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف=محمد بن عبد الكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني|عنوان=الملل والنحل، ج1|صفحة=102 وما بعدها|ناشر=دار المعرفة|مكان=بيروت|سنة=1404هـ}}</ref>


وكان للإمام [[أحمد بن حنبل]] دور بارز في مناصرة السنة والدفاع عنها، والصبر في [[محنة خلق القرآن|المحنة]] وواجه الاضطهاد من المعتزلة،<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف=الذهبي|عنوان=سير أعلام النبلاء الطبقة 12 ج11|صفحة=247 وما بعدها|مسار=https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=1896&idfrom=2012&idto=2038&flag=0&bk_no=60&ayano=0&surano=0&bookhad=0|| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20180809030026/http://library.islamweb.net/NewLibrary/display_book.php?bk_no=60&ID=1896&idfrom=2012&idto=2038&bookid=60&startno=10 | تاريخ أرشيف = 9 أغسطس 2018 }}</ref> وتبعه في ذلك أئمة الحنابلة الذين تابعوا طريقته في الدفاع عن السنة وساروا على طريقته، وعمل [[أبو الحسن الأشعري]] في الرد على أهل الأهواء وصاغ منهجا يقوم على أساس إثبات العقائد الدينية بالأدلة السمعية والعقلية، ويعتمد على منهج الأئمة السابقين، على قاعدة أن النقل هو الأساس وأن العقل خادم للنقل ووسيلة لإثباته والبرهان على صحته. وجمع ما تفرق من كلام علماء أهل السنة والجماعة، وأيد النقل بالعقل، وأبطل مغالطات وأباطيل المعتزلة وغيرها، وقارن ذلك ظهور أبو منصور الماتريدي فيما وراء النهر، وقام بعمل مماثل لعمل لعمل أبي الحسن الأشعري. قال الشهرستاني: {{اقتباس مضمن|وأما السلف الذين لم يتعرضوا للتأويل ولا تهدفوا للتشبيه فمنهم: [[مالك بن أنس]] رضي الله عنهما إذ قال: الاستواء معلوم والكيفية مجهولة والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة، ومثل [[أحمد بن حنبل]] رحمه الله و[[سفيان الثوري]] و[[داود الظاهري|داود بن علي الأصفهاني]] ومن تابعهم حتى انتهى الزمان إلى عبد الله بن سعيد الكلابي وأبي العباس القلانسي والحارث بن أسعد المحاسبي وهؤلاء كانوا من جملة السلف إلا أنهم باشروا علم الكلام وأيدوا عقائد السلف بحجج كلامية وبراهين أصولية، وصنف بعضهم ودرس بعض حتى جرى بين أبي الحسن الأشعري وبين أستاذه مناظرة في مسألة من مسائل الصلاح والأصلح فتخاصما، وانحاز الأشعري إلى هذه الطائفة فأيد مقالتهم بمناهج كلامية وصار ذلك مذهبا لأهل السنة والجماعة وانتقلت سمة الصفاتية إلى الأشعرية.}}<ref>الملل والنحل للشهرستاني ج1 ص93</ref>
وكان للإمام [[أحمد بن حنبل]] دور بارز في مناصرة السنة والدفاع عنها، والصبر في [[محنة خلق القرآن|المحنة]] وواجه الاضطهاد من المعتزلة،<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف=الذهبي|عنوان=سير أعلام النبلاء الطبقة 12 ج11|صفحة=247 وما بعدها|مسار=https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&ID=1896&idfrom=2012&idto=2038&flag=0&bk_no=60&ayano=0&surano=0&bookhad=0| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20180809030026/http://library.islamweb.net/NewLibrary/display_book.php?bk_no=60&ID=1896&idfrom=2012&idto=2038&bookid=60&startno=10 | تاريخ أرشيف = 9 أغسطس 2018 }}</ref> وتبعه في ذلك أئمة الحنابلة الذين تابعوا طريقته في الدفاع عن السنة وساروا على طريقته، وعمل [[أبو الحسن الأشعري]] في الرد على أهل الأهواء وصاغ منهجا يقوم على أساس إثبات العقائد الدينية بالأدلة السمعية والعقلية، ويعتمد على منهج الأئمة السابقين، على قاعدة أن النقل هو الأساس وأن العقل خادم للنقل ووسيلة لإثباته والبرهان على صحته. وجمع ما تفرق من كلام علماء أهل السنة والجماعة، وأيد النقل بالعقل، وأبطل مغالطات وأباطيل المعتزلة وغيرها، وقارن ذلك ظهور أبو منصور الماتريدي فيما وراء النهر، وقام بعمل مماثل لعمل لعمل أبي الحسن الأشعري. قال الشهرستاني: {{اقتباس مضمن|وأما السلف الذين لم يتعرضوا للتأويل ولا تهدفوا للتشبيه فمنهم: [[مالك بن أنس]] رضي الله عنهما إذ قال: الاستواء معلوم والكيفية مجهولة والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة، ومثل [[أحمد بن حنبل]] رحمه الله و[[سفيان الثوري]] و[[داود الظاهري|داود بن علي الأصفهاني]] ومن تابعهم حتى انتهى الزمان إلى عبد الله بن سعيد الكلابي وأبي العباس القلانسي والحارث بن أسعد المحاسبي وهؤلاء كانوا من جملة السلف إلا أنهم باشروا علم الكلام وأيدوا عقائد السلف بحجج كلامية وبراهين أصولية، وصنف بعضهم ودرس بعض حتى جرى بين أبي الحسن الأشعري وبين أستاذه مناظرة في مسألة من مسائل الصلاح والأصلح فتخاصما، وانحاز الأشعري إلى هذه الطائفة فأيد مقالتهم بمناهج كلامية وصار ذلك مذهبا لأهل السنة والجماعة وانتقلت سمة الصفاتية إلى الأشعرية.}}<ref>الملل والنحل للشهرستاني ج1 ص93</ref>


ذكر ابن خلدون في تاريخه:{{اقتباس مضمن| أنه لما كثر تدوين العلوم وألف المتكلمون في التنزيه حدثت بدعة المعتزلة، واستحدثوا فتنة القول بأن القرآن مخلوق، وهو بدعة صرح السلف بخلافها وعظم ضرر هذه البدعة ولقنها بعض الخلفاء عن أئمتهم فحمل الناس عليها وخالفهم أئمة السلف، فاستحل لخلافهم إيسار كثير منهم ودماؤهم}}. ثم قال: {{اقتباس مضمن|وكان ذلك سببا لانتهاض أهل السنة بالأدلة العقلية على هذه العقائد دفعا في صدور هذه البدع وقام بذلك الشيخ أبو الحسن الأشعري إمام المتكلمين فتوسط بين الطرق ونفى التشبيه وأثبت الصفات المعنوية وقصر التنزيه على ما قصره عليه السلف وشهدت له الأدلة المخصصة لعمومه، فأثبت الصفات الأربع المعنوية والسمع والبصر والكلام القائم بالنفس بطريق النقل والعقل ورد على المبتدعة في ذلك كله، وتكلم معهم فيما مهدوه لهذه البدع من القول بالصلاح والأصلح والتحسين والتقبيح وكمل العقائد في البعثة وأحوال الجنة والنار والثواب والعقاب}}.<ref name="تاريخ ابن خلدون"/> وقال: {{اقتباس مضمن|وألحق بذلك الكلام في الإمامة لما ظهر حينئذ من بدعة الإمامية من قولهم إنها من عقائد الإيمان وإنه يجب على النبي تعيينها والخروج عن العهدة في ذلك لمن هي له وكذلك على الأمة وقصارى أمر الإمامة أنها قضية مصلحية إجماعية ولا تلحق بالعقائد فلذلك ألحقوها بمسائل هذا الفن وسموا مجموعة علم الكلام}}.<ref name="تاريخ ابن خلدون"/> وقال ابن خلدون: {{اقتباس مضمن|وكثر أتباع الشيخ أبي الحسن الأشعري واقتفى طريقته من بعده تلاميذه كابن مجاهد وغيره وأخذ عنهم القاضي أبو بكر الباقلاني فتصدر للإمامة في طريقتهم وهذبها ووضع المقدمات العقلية التي تتوقف عليها الأدلة والأنظار}}.<ref name="تاريخ ابن خلدون"/> وقال: {{اقتباس مضمن|وبالجملة فموضوع علم الكلام عند أهله إنما هو العقائد الإيمانية بعد فرضها صحيحة من الشرع من حيث يمكن أن يستدل عليها بالأدلة العقلية فترفع البدع وتزول الشكوك والشبه عن تلك العقائد}}.<ref name="تاريخ ابن خلدون"/>
ذكر ابن خلدون في تاريخه:{{اقتباس مضمن| أنه لما كثر تدوين العلوم وألف المتكلمون في التنزيه حدثت بدعة المعتزلة، واستحدثوا فتنة القول بأن القرآن مخلوق، وهو بدعة صرح السلف بخلافها وعظم ضرر هذه البدعة ولقنها بعض الخلفاء عن أئمتهم فحمل الناس عليها وخالفهم أئمة السلف، فاستحل لخلافهم إيسار كثير منهم ودماؤهم}}. ثم قال: {{اقتباس مضمن|وكان ذلك سببا لانتهاض أهل السنة بالأدلة العقلية على هذه العقائد دفعا في صدور هذه البدع وقام بذلك الشيخ أبو الحسن الأشعري إمام المتكلمين فتوسط بين الطرق ونفى التشبيه وأثبت الصفات المعنوية وقصر التنزيه على ما قصره عليه السلف وشهدت له الأدلة المخصصة لعمومه، فأثبت الصفات الأربع المعنوية والسمع والبصر والكلام القائم بالنفس بطريق النقل والعقل ورد على المبتدعة في ذلك كله، وتكلم معهم فيما مهدوه لهذه البدع من القول بالصلاح والأصلح والتحسين والتقبيح وكمل العقائد في البعثة وأحوال الجنة والنار والثواب والعقاب}}.<ref name="تاريخ ابن خلدون"/> وقال: {{اقتباس مضمن|وألحق بذلك الكلام في الإمامة لما ظهر حينئذ من بدعة الإمامية من قولهم إنها من عقائد الإيمان وإنه يجب على النبي تعيينها والخروج عن العهدة في ذلك لمن هي له وكذلك على الأمة وقصارى أمر الإمامة أنها قضية مصلحية إجماعية ولا تلحق بالعقائد فلذلك ألحقوها بمسائل هذا الفن وسموا مجموعة علم الكلام}}.<ref name="تاريخ ابن خلدون"/> وقال ابن خلدون: {{اقتباس مضمن|وكثر أتباع الشيخ أبي الحسن الأشعري واقتفى طريقته من بعده تلاميذه كابن مجاهد وغيره وأخذ عنهم القاضي أبو بكر الباقلاني فتصدر للإمامة في طريقتهم وهذبها ووضع المقدمات العقلية التي تتوقف عليها الأدلة والأنظار}}.<ref name="تاريخ ابن خلدون"/> وقال: {{اقتباس مضمن|وبالجملة فموضوع علم الكلام عند أهله إنما هو العقائد الإيمانية بعد فرضها صحيحة من الشرع من حيث يمكن أن يستدل عليها بالأدلة العقلية فترفع البدع وتزول الشكوك والشبه عن تلك العقائد}}.<ref name="تاريخ ابن خلدون"/>
سطر 478: سطر 478:


== وصلات خارجية ==
== وصلات خارجية ==
{{تصنيف كومنز|Sunni Islam}}
* [https://books.google.com/books?id=wddHCwAAQBAJ&pg=PT5&dq=الاعتصام+للشاطبي&hl=ar&sa=X&ved=0ahUKEwjXqcH4htjUAhWDShQKHVRFB3MQ6AEIPzAH#v=onepage&q=الاعتصام%20للشاطبي&f=false الاعتصام للشاطبي]
* [https://books.google.com/books?id=wddHCwAAQBAJ&pg=PT5&dq=الاعتصام+للشاطبي&hl=ar&sa=X&ved=0ahUKEwjXqcH4htjUAhWDShQKHVRFB3MQ6AEIPzAH#v=onepage&q=الاعتصام%20للشاطبي&f=false الاعتصام للشاطبي]
* [https://books.google.com/books?id=8BVHCwAAQBAJ&pg=PT258&dq=الاعتصام+بالكتاب+والسنة+فتح+الباري+شرح+صحيح+البخاري&hl=ar&sa=X&ved=0ahUKEwiAr6HXiNjUAhUJthoKHSnvDXMQ6AEIKzAD#v=onepage&q=الاعتصام%20بالكتاب%20والسنة%20فتح%20الباري%20شرح%20صحيح%20البخاري&f=false فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة]
* [https://books.google.com/books?id=8BVHCwAAQBAJ&pg=PT258&dq=الاعتصام+بالكتاب+والسنة+فتح+الباري+شرح+صحيح+البخاري&hl=ar&sa=X&ved=0ahUKEwiAr6HXiNjUAhUJthoKHSnvDXMQ6AEIKzAD#v=onepage&q=الاعتصام%20بالكتاب%20والسنة%20فتح%20الباري%20شرح%20صحيح%20البخاري&f=false فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة]
سطر 490: سطر 489:
{{ضبط استنادي}}
{{ضبط استنادي}}
{{روابط شقيقة|commons=Sunni Islam}}
{{روابط شقيقة|commons=Sunni Islam}}
{{معرفات الأصنوفة}}
 
{{شريط بوابات|الأديان|الإسلام|التاريخ الإسلامي|الحديث النبوي|الشرق الأوسط|الفقه الإسلامي|القرآن|علوم إسلامية|محمد}}
{{شريط بوابات|الأديان|الإسلام|التاريخ الإسلامي|الحديث النبوي|الشرق الأوسط|الفقه الإسلامي|القرآن|علوم إسلامية|محمد}}
{{شريط محتوى متميز|مختارة|التاريخ=10 أكتوبر 2018|النسخة=30956131}}
{{شريط محتوى متميز|مختارة|التاريخ=10 أكتوبر 2018|النسخة=30956131}}

قائمة التصفح