هذه المقالة أو أجزاء منها بحاجة لتدقيق لغوي أو نحوي.
هذه المقالة يتيمة. ساعد بإضافة وصلة إليها في مقالة متعلقة بها

تناسب الآيات والسور في القرآن

من أرابيكا، الموسوعة الحرة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

علم المناسبات بين سور القرآن الكريم أو بين الآيات في السورة الواحدة من العلوم الدقيقة التي تحتاج إلى فهم دقيق لمقاصد القرآن الكريم، وتذوق لنظم القرآن الكريم وبيانه المعجز، وإلى معايشة جو التنزيل، وكثيرًا ما تأتي إلى ذهن المفسر على شاكلة إشراقات فكرية أو روحية.[1]

فإن كانت الآيات بعد تنزيلها جمعت عن تفريق فلقد كانت في تنزيلها مُفرّقة عن جمع، كمثل بُنيان كان قائمًا على قواعده فلما أريد نقله بصورته إلى غير مكانه قُدّرت أبعاده ورُقّمت لَبْناته، ثم فُرّق أنقاضًا فلم تَلْبَث كل لبنة من أن عرفت مكانها المرقوم، وإذا البنيان قد عاد مرصوصًا بشدّ بعضه بعضًا كهيئته أول مرة"[2]

نشأة علم المناسبات

ارتباط آي القرآن بعضها ببعض حتى يكون كالكلمة الواحدة متسعة المعاني منتظمة المباني، علم عظيم لم يتعرض له إلا عالم واحد عمل فيه سورة البقرة. ثم فتح الله عز وجل لنا فيه، فلما لم نجد له حملة ورأينا الخلق بأوصاف البطلة ختمنا عليه وجعلناه بيننا وبين الله ورددناه إليه"[3] قال الزركشي: "وقال بعض مشايخنا المحققين -وسماه السيوطي في الإتقان: الشيخ ولي الدين الملوي[4]

فالآيات على حسب الوقائع تنزيلًا وعلى حسب الحكمة ترتيبًا وتأصيلًا، مرتبة سوره كلها وآياته بالتوقيف كما أنزله جملة إلى بيت العزة، ومن المعجز البين أسلوبه ونظمه الباهر والذي ينبغي في كل آية أن يبحث أول كل شيء عن كونها تكملة لما قبلها أو مستقلة، ثم المستقلة ما وجه مناسبتها لما قبلها، ففي ذلك علم جم. وهكذا في السور يطلب وجه اتصالها بما قبلها وما سيقت له".[5]

تعريف علم المناسبات

هو العلم الذي يبحث في المعاني الرابطة بين الايات ببعضها البعض وبين السور بعضها ببعض كي تعرف الحكمة من ترتيب ايات القران الكريم وسوره. أول من تكلم في علم مناسبه، هو الامام أبو بكرالنيسابوري وكان يقول إذا قرئت عليه ايه: لم جعلت هذه الايه جنب هذه؟ وما الحكمة في جعل هذه الصورة إلى جنب هذه "، وأشهر المصنفات في هذه العلم كتاب (نظم الدرر في تناسب الآيات والسور لامام برهان الدين البقاعي).

أهمية علم المناسبات

  • نسبة هذا العلم من علم التفسير مثل نسبة علم البيان من علم النحو[6]
  • علم يجعل أجزاء الكلام بعضهًا آخذًا بأعناق بعض، فيقوي بذلك الارتباط ويصير التأليف حاله حال البناء المحكم المتلائم الأجزاء[7]
  • بهذا العلم يرسخ الإيمان في القلب ويتمكن من اللب، وذلك أنه يكشف أن للإعجاز طريقين، أحدهما: نظم كل جملة على حيالها بحسب التركيب، والثاني: نظمها مع أختها بالنظر إلى الترتيب.[8]
  • علم عظيم أودعت فيه أكثر لطائف القرآن وروائعه، وهو أمر معقول إذا عرض على العقول تلقته بالقبول"[9]
  • عدم مراعاة علم المناسبات بين الآيات يوقع في بعد عن المعنى حتى في الآية الواحدة. وهذا ما حدث لكثير من المفسرين في تفسير آية الأهلة: جاء في سبب نزول صدر الآية عن ابن عباس: سأل الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأهلة فنزلت هذه الآية: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: ١٨٩] . وقال أبو العالية: بلغنا أنهم قالوا: يا رسول الله لِمَ خلقت الأهلة؟ فأنزل الله: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ}[10]

ترتيب الآيات

ترتيب الآيات في سورها توقيفي ثابت بالوحي وبأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -اوبما علم من تلاوته للقرآن بمشهد من الصحابة وعلى كونه توقيفياً، دلت النصوص وانعقد الإجماع، فالإجماع والنصوص المترادفة على أن ترتيب الآيات توقيفي لا شبهة في ذلك، أما الإجماع فنقله غير واحد منهم الزركشي في البرهان وأبو جعفر بن الزبير في مناسباته وعبارته ترتيب الآيات في سورها واقع بتوقيفه صلى الله عليه وسلم وأمره من غير خلاف في هذا بين المسلمين" روى البيهقي والحاكم عن زيد بن ثابت: "كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع" قال البيهقي: "يشبه أن يكون المراد به تأليف ما نزل من الآيات المفرقة في سورها وجمعها فيها بإشارة النبي صلى الله عليه وسلم".[11]

ترتيب السور

صور التناسب في القرآن

وأما ترتيب سور القرآن الكريم ففيه ثلاثة آراء للعلماء:

أ ـ رأي يقول إنه توقيفي من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ب ـ ورأي يقول إنه باجتهاد الصحابة، حيث جعلوا السور الطوال في الأول، ثم المئين بعدها، وهي التي آياتها مائة أو تزيد، ثم المثاني بعدها، وهي التي أقل قليلاً من مائة آية، ثم بعدها المُفَصَّل وهو قصار السور، والمُفَصل نفسه منه طوال ومنه أوساط ومنه قِصار ـ وأجمع الصحابة على هذا الترتيب . ودليل هذا الرأي أن مصاحف الصحابة كانت مختلفة في ترتيب السور قبل أن يُجْمع القرآن في عهد عثمان . وما رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن حبان أن عثمان هو الذي قرن سورة التوبة بسورة الأنفال دون كتابة البسْملة بينهما، وذلك لتشابه قصتهما، مع أن الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة، وبراءة من أواخر ما نزل بها، ولهذا رُتِّبَتْ ترتيبًا واحدًا.

ج ـ ورأي ثالث يقول : إن بعض السور كان ترتيبها بتوقيف من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبعضها الآخر كان باجتهاد الصحابة، وهو الذي مال إليه أكثر العلماء . وممَّا رَتَّبه الرسول بنفسه البقرة وآل عمران . فقد صحَّ في مسلم حديث ” اقرأوا الزهراوين: البقرة وآل عمران ” وكذلك قُلْ هو الله أحد والمُعَوِّذتان، فقد صح في البخاري أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة . جمع كفيه ثم نفثَ فيهما وقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين . لكن قد يكون ذلك واقعةَ حالٍ وليس أمرًا بالترتيب غير أنه مُرجح .

لم يُرَتَّب القرآن في سوره وآياته حسب النزول؛ لأنه نزل مُفَرقًا ومنجمًا على مدى ثلاثة وعشرين عامًا، كما قدَّمنا، ينزل حسب الظروف والمقتضيات، ليبيَّن حُكم قضية، أو يجيب على سؤال، أو يوجه إلى سلوك رشيد أو غير ذلك. وقد تنزِل في ذلك سورة بأكملها، وقد تنزل آيات فقط من السورة الواحدة لموضوع معين، ثم تنزِل آيات لموضوع آخر، وقد تكون في السورة نفسه أو في سورٍ أخرى[12]

مناسبة السورة التي تليها بالموضوع

من امثله ذلك: مناسبه سوره الضحى لسوره الشرح التي تليها، فكلتاهما تناولتا النعم التي اكرم الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم، فذكرت سوره الضحى الرعاية له صلى الله عليه وسلم منذ صغره، فيسر له من يكفله في يتمه، فكفله جده ثم عمه أبو طالب، وانعم عليه كذلك بالغنى بعد الفقر، فيسر له التجارة في مال سيدتنا خديجه رضي الله عنها.

وتابعت سور الشرح الحديث عن هذه النعم على النبي صلى الله عليه وسلم، بأن شرح الله تعالى له صدره، فكان صلى الله عليه وسلم مطمئن النفس في جميع احواله، كذلك اذهب الله تعالى عنه ما يثقله من ذنوب بمغفرتها له.

مناسبة بداية السورة لخاتمة السورة التي قبلها

من الأمثلة على ذلك المناسبة بين خاتمة سورة الطور في قولهِ: (ومن الليل فسبحهُ وادبار النجوم)، سورة الطور، آية 49، مع بداية سورة النجم في قولهِ: (والنجم إذا هوى) سورة النجم، آية 1، فخاتمة سورة الطور أمرت بتسبيح الله عند (ادبار النجوم)، أي حين تغيب النجوم عند الصبح، وبداية سورة النجم بدأت القسم بالنجم كذلك.

المناسبة بين بداية السورة ونهايتها

من الأمثلة على ذلك: بداية سورة النحل بدأت في قولهِ: (أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون) سورة النحل آية 1، وبين خاتمتها التي جاءت بقولهِ: (ثم إن ربك للذين هاجروا من بعـد ما فتنوا ثـم جـاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم) سورة النحل الآية 110، فقد بدأت بالنهي عن استعجال أمر الله، هو ما يستدعى الصبر الذي ختمت بهِ السورة.

المناسبة بدايات السور

من الأمثلة على ذلك: تناسب بين السور التي تبدأ بالاحرف (حم)، فهذه السور السبع (غافر، فصلت، الشورى، الزخرف، الدخان، الجاثية، الاحقاف) فهذه السور السبع متتالية اتفقت في الحديث عن صفات الله تعالى وعن القرآن، تناسب في القران الكريم يعزز الايمان للمسلم ان الإسلام دين الحق وكشف على وجوه جديدة على اعجاز قرآني.


مراجع

  1. ^ مباحث في التفسير الموضوعي ص ٨٥ المؤلف: مصطفى مسلم الناشر: دار القلم
  2. ^ النبأ العظيم: ١٥٤-١٥٥، ط. دار القلم.
  3. ^ نظم الدرر: ١/ ٧، والبرهان: ١/ ٣٦.
  4. ^ مباحث في التفسير الموضوعي ص٥٩ المؤلف: مصطفى مسلم الناشر: دار القلم
  5. ^ نظم الدرر: ١/ ٨، والبرهان: ١/ ٣٧، والإتقان: ٢/ ١٠٨.
  6. ^ نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي: ١/ ٦.
  7. ^ البرهان في علوم القرآن للزركشي: ١/ ٣٥، ٣٦.
  8. ^ نظم الدرر: ١/ ١١-١٢.
  9. ^ البرهان: ١/ ٣٥.
  10. ^ تفسير ابن كثير: ١/ ٢٢٥.
  11. ^ مناسبات الآيات والسور ج٩ص٥١ المؤلف: أ. د. أحمد حسن فرحات
  12. ^ إسلام، أون لاين (4 فبراير 2021). "كيف تم ترتيب سور القرآن؟". إسلام أون لاين. مؤرشف من الأصل في 2022-05-05. اطلع عليه بتاريخ 2022-11-30.