محمود الفاعور بني العباس

الأمير محمود الفاعور بني العباس زعيم سياسي من زعماء الجولان الذين برز اسمهم في بدايات القرن العشرين، لعب دوراً كبيراً هو وأبناء الجولان بإنهاء العهد العثماني ومقاومة الاحتلال الفرنسي، تزعم الحركة الوطنية في الجولان. في عام 1905 تم تنصيبه أميراً على «قبيلة الفضل» بعد مقتل والده «الأمير محمد الفاعور بني العباس» بالخطأ على يد الأمير سعيد باشا الجزائري.

الأمير محمود الفاعور بني العباس ووسام الإستقلال على صدره

نسبه

محمود بن محمد بن حسن بن محمد بن حسين بن محمد بن عمر بن عبد الله بن علي بن حسين بن أحمد بن هاشم بن إبراهيم بن طاهر بن علي بن محمد بن يحيى بن عبد الله بن أحمد بن علي بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن طلحة بن عبد الله بن المعتضد بالله بن الموفق بالله بن جعفر المتوكل على الله بن المعتصم بالله بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن عبدالله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هَاشِم بن عَبد مَنَاف بنُ قُصَي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

حياته

ولد الأمير «محمود» عام 1877 بقرية «العقدة» غربي مدينة «القنيطرة» التي تبعد (13) كم عنها، توفيت والدته أثناء ولادته وهي الشيخة «فهيدة بنت برجس النادر» من شيوخ قبيلة النعيم. تتلمذ الأمير «محمود» من صغره على يد حفظة القرآن تعلم الفقه وأصول الشريعة الإسلامية، وثقافته تتألف من القرآن والسنة النبوية الشريفة.

حروبه

عاش الأمير «محمود الفاعور» فترة عصيبة تمثلت بتتابع الأحداث بين حكم الاتحاديين وتعيينهم «جمال باشا السفاح» كقائد للجيش الرابع في بلاد الشام والثورة العربية الكبرى ودعمها، والوقوف إلى جانب جيوش الملك «فيصل» والاحتلال الفرنسي ومواجهته، ففي عصر الاتحاديين حاول «السفاح» التقرب إلى العرب من أبناء بلاد الشام لكسب تعاون العرب معه لإعداد حملته العسكرية ضد الإنكليز في مصر وتخفيف نقمة العرب والتعرف على نوايا الزعماء العرب فتوجه إلى الجولان، ورغم الفتور الذي قابله به الأمير «محمود الفاعور» فور وصوله إلى الجولان بعد رفضه مطالبهم بالعفو عن بعض المناوئين للأتراك إلا أنه رضخ لهذه المطالب في البداية لتحقيق أهدافه السالفة الذكر فبقي «بالقنيطرة» ثلاثة أيام لم يحقق فيها الأهداف المطلوبة. وفي بيان للحركة الوطنية بالجولان بجريدة (العاصمة)، فقد انكشفت نوايا الفرنسيين فعليا عندما استفزت الأمير «محمود» بضم الحولة إلى لبنان الكبير وفرض الضريبة عليه تمهيداً لدخول الجولان فدمشق وهي الهضبة التي تعد تاريخيا البوابة الغربية لدمشق، فأدرك الأمير خطورة الموقف وردّ بمعركة «الخصاص» الأولى لمنع الفرنسيين من التفكير حتى بدخول دمشق عبر الجولان، فانتقم الفرنسيون بتدمير قصره بالخصاص، وكان الرد معركة «الخصاص» الثانية التي هزّم فيها الفرنسيين للمرة الثانية على التوالي في 5 كانون الثاني 1920 وقضوا فيها على حملة «ديسباس» الفرنسية بالكامل بعد أن شتتوا شملها وهرب عناصرها وقتل فيها عدد كبير من الضباط منهم النقيب «دوتريز» والمعاون «اللودي» فضلا عن عشرات القتلى فيما نجا العقيد «ديسباس» فضلا عن أسر عدد منهم.

فانتقلت المعارك إلى الجنوب اللبناني، حيث قاد زعماء العشائر بالجولان العمليات العسكرية أمثال الأمير "حسن الفاعور" والأمير "نايف الفاعور" والشيخ "نمر الشحادة" والشيخ "عيد المسعود والشيخ «زعل السلوم» والمجاهد "أحمد مريود" وانضم إليهم جميع أبناء الجولان وكانت القيادة السياسية للأمير «محمود الفاعور» فهاجم أبناء الجولان مواقع الحملات الفرنسية وسيطروا على مناطق (الخيام والعديسة والطيبة وهونين وكفر كلا) وصولا إلى "المطلة" حيث أحرقوا مكتب التلغراف وقتلوا 20 جندياً فرنسياً وقضوا على من بقي من جنود حملة «ديسباس»، ما اضطر الفرنسيين إلى تشكيل حملة جديدة بقيادة العقيد "ديفيل" وتحت إمرته العقيد "مونسيي" و"ريوكرو" من خيرة القادة بجيش المشرق الفرنسي الذي قاتل بالحرب العالمية الأولى أو الحرب الكبرى أعوام (1914-1918) *4، فدمر ثوار الجولان "جسر الخردلي" الشهير وأحرقوا مؤن الحملة الثانية ونصبوا لها الكمائن وقتلوا ضباطها وحاصروهم في "جديدة مرجعيون" لتكون المعركة الحاسمة والتي سقط فيها مئات القتلى من الجنود الفرنسيين وأسر العشرات، ما اضطر فرنسا إلى التفكير بدخول دمشق عبر "ميسلون" بعد فشل حملتين لها بمواجهة عرب الأمير «محمود» بل حاولت تشكيل حملة ثالثة كانت ستفشل أيضا لولا احتلال دمشق ومعركة ميسلون، واستمر عرب الجولان بالسيطرة على مناطق (حاصبيا وراشيا وجبل عامل) ويرفعون علم المملكة السورية فيها حتى 17/آب 1920 وقد اعترف القادة الفرنسيون بأن عرب الأمير «محمود الفاعور» هم الأكثر ضراوة ولم يروا مثلهم قط حتى بالحرب الكبرى أي الحرب العالمية الأولى 1914-1918».

وتحت عنوان (أضواء على ثورة الجولان) 1919 بقلم الباحث «عزالدين سطاس» حيث ذكر: «الجولان بعد العهد العثماني، كشف (فرنسا وبريطانيا) عن نواياهما في الحلول محل السلطة العثمانية في وقت مبكر، حيث بدأت المواجهة الأولى في منطقة الحولة، فقد تقدمت القوات المشتركة (الفرنسية والبريطانية) إلى سهل الحولة لاحتلاله بموجب اتفاقية سايكس_بيكو، ونهبت قرية «الدوارة» فاشتبكت عشائر الفضل مع القوات، طلب الأمير «محمود الفاعور» من الأمير «فيصل» أن يسمح له بالتوجه إلى المنطقة ووافق الأمير «فيصل» على طلبه، وأبلغ السلطات الفرنسية والبريطانية أنه كلف الأمير «محمود» بمسؤولية إدارة مناطق (مرجعيون وصفد والجولان) بما في ذلك «الحولة» ووضع تحت تصرف الأمير «محمود» وحدة عسكرية تضم مئة عنصر، ويقودها ضابط وذلك في خطوة تهدف إلى دعم الأمير «محمود» والتأكد من قيام الحكم العربي ميدانياً.

ويضيف «سطاس»: «باعتراف السلطات الفرنسية والبريطانية بالأمير «محمود الفاعور» حاكماً إداريا وأمنياً لهذه المنطقة توجه الأمير إلى مقره في الحولة المعروف بقصر «الخصاص» وتسلم المنطقة رسمياً وأعاد المنهوبات إلى أهالي قرية «الدوارة» وجوارها في يوم 1/12/1918 وكان يرافقه الضابط الذي انتدبه الأمير «فيصل» ونحو ستمئة فارس.

بتاريخ 8/7/1919 تم منح الأمير «محمود الفاعور» وسام الاستقلال العالي من الدرجة الأولى من الشريف «زيد» تقديراً لمواقفه الوطنية والنضال الكبير المشرف.

بعد الاحتلال الفرنسي لدمشق أصدر الجنرال «غورو» وبقرار من المجلس الحربي الفرنسي أحكاما بالإعدام في 9 آب 1920 على الأمير «محمود الفاعور» و1000 من أبناء الجولان، وهم أعضاء الحركة الوطنية والقادة العسكريون لمعارك الجنوب والذين كانوا حتى تلك اللحظة مازالوا يرفعون العلم السوري «بمرجعيون» إلا أن دخول الفرنسيين «للقنيطرة» منتصف آب أدى لانسحاب المقاتلين من أبناء الجولان من جنوب لبنان والنزوح إلى شرقي الأردن للعودة مرة أخرى بقيادة الأمير «محمود» فنزح عدد منهم مع الأمير للمطالبة من هناك باستقلال سورية وطرد المحتلين وهناك تم تشكيل حكومة وطنية سورية بالمنفى وبعد مفاوضات استمرت 3 أشهر مع زعماء الجولان أبرزهم: «عيسى أفندي» مختار المنصورة والشيخ «زعل السلوم» أصدر «غورو» قرارا بالعفو عن الأمير وأبناء الجولان في تشرين الأول 1920، فعاد الأمير «محمود» إلى الجولان بعدها بـ3 أشهر.[1]

حاول الجنرال «غورو» التقرب إلى الأمير «محمود» وإغراء أبناء الجولان بمناصب متنوعة لقادة ثورة الجولان وعلى رأسهم الأمير «محمود الفاعور» فقرر زيارة الأمير «محمود» في عمرته «بواسط» عام 1921 وهنا جرت محاولة اغتيال الجنرال «غورو» بقيادة المجاهد «أحمد مريود» وكانت الرسالة واضحة من أبناء الجولان «لغورو» برفض المحتلين.

وفي عام 1923 تقاسم الإنكليز والفرنسيون حدود سورية وفلسطين بينهما بسهل «الحولة»، فاشتبك رجال الأمير «محمود» مع القوات الفرنسية وقتلوا عدداً من الجنود الفرنسيين فردت فرنسا بقسوة من قتل وتهجير وحرق قرى ومصادرة مواشي فنزح الأمير مجددا إلى قرية «كفر سوم» شرقي الأردن حيث اعتقلته القوات الإنكليزية لتنفيذ مخططها بتقاسم سهل «الحولة» مع الفرنسيين وسجنته بالقدس ونقلته منها إلى «طبريا» و«عكا» وبعد تزايد ضغوط وجهاء فلسطين على السلطات الإنكليزية وهجمات أبناء الجولان على القوات الفرنسية تم العفو.

وفاته

توفي الأمير محمود الفاعورفي الجولان عام 1927 بقرية «واسط» بعد أعوام طويلة أمضى حياته بالجهاد والدفاع عن وطنه، وتسلم الإمارة من بعده ابنه الزعيم الوطني الأمير «فاعور الفاعور».

مراجع

  1. ^ - الوثائق التاريخية المتعلقة بالقضية السورية "حسن الحكيم" تاريخ 1974. 2- جريدة العاصمة- جريدة حكومية الرسمية تصدر مرتين في الأسبوع وتاريخ إنشائها 1337 هجري- 1919 ميلادي العدد 80 ص5. 3- كتاب تاريخ جيش المشرق في لبنان- ترجمة "جورج فغالي". 4- فغالي، جورج، المرجع السابق. 5- فغالي، جورج، المرجع السابق. 6- الباحث" عزالدين سطاس" جريدة إلبروز، تصدر عن الجمعية الشركسية في سورية، غير دورية، العدد 25 كانون الأول 2009 ص12. 7- "سلام الراسي" الأدب الشعبي- المجلد الأول (لئلا تضيع في الزوايا خبايا). 1987.

مصادر

1- الوثائق التاريخية المتعلقة بالقضية السورية «حسن الحكيم» تاريخ 1974.

2- جريدة العاصمة- جريدة حكومية الرسمية تصدر مرتين في الأسبوع وتاريخ إنشائها 1337 هجري- 1919 ميلادي العدد 80 ص5.

3- كتاب تاريخ جيش المشرق في لبنان- ترجمة «جورج فغالي».

4- الباحث«عزالدين سطاس» جريدة إلبروز، تصدر عن الجمعية الشركسية في سورية، غير دورية، العدد 25 كانون الأول 2009 ص12.

5- «سلام الراسي» الأدب الشعبي- المجلد الأول (لئلا تضيع في الزوايا خبايا). 1987.