اللِحام هي عملية تصنيعية يتم فيها وصل مادتين عادةً من الفلزات أو اللدائن الحرارية باستخدام الحرارة لصهر أطراف المادتين سويًّا، أحيانًا ما تكون مصحوبة بضغط خارجي، ثم تركهما يبردان، مما يعطيهما صلادة دائمة.[1][2][3] تختلف عملية اللحام عن عمليات وصل المواد الأخرى التي تتم في درجات حرارة كعمليات لحام الخلط واللحام بالقصدير، والتي لا يصحبها انصهار للمواد المراد وصلها.

لحام
لحام القوس الكهربي

بالإضافة إلى صهر المادة الأصلية، يتم إضافة مادة حشو عادةً إلى وصلة اللحام لتُكوّن بركة من المعدن المنصهر (بركة لحام [English]) عند تجمُّدها تجعل وصلة اللحام أيًّا كان تصميمها أقوى من المادة الأصلية الملحومة. كذا، بالإمكان استخدام ضغط خارجي مع الحرارة، أو ضغط خارجي فقط للحام مادتين. كما تتطلب عملية اللحام عادةّ درعًا ما لحماية مادة الحشو أو المواد المذابة من أن تتلوّث أو تتأكسد.

تستخدم مصادر عدة للطاقة في عمليات اللحام كيميائية كاللهب الغازي، أو كهربائية كالقوس الكهربي، أو الليزر، أو الحزم الإلكترونية، أو الاحتكاك الميكانيكي، أو الموجات فوق الصوتية. وبعيدًا عن العمليات الصناعية، يمكن أن يتم اللحام أوساط متعددة كالهواء الطلق أو تحت الماء [English] أو في الفضاء الخارجي. ويعد اللحام عملية خطيرة تستلزم اتخاذ احتياطات ضرورية لتجنب الحروق أو الصدمات الكهربية أو تلف البصر أو استنشاق الغازات والأبخرة السامة أو التعرض للأشعة فوق البنفسجية بكثافة.

حتى نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، كانت عملية اللحام الوحيدة هي اللحام بالتطريق التي استخدمها الحدادون منذ آلاف السنين لوصل الحدائد أو الصلب بالتسخين والطرق. ومع نهاية ذاك القرن، ظهرت طُرُق اللحام القوسي واللحام بالغاز، ثم ظهر اللحام عن طريق المقاومة الكهربائية بعد ذلك بفترة وجيزة. تطورت تكنولوجيا اللحام بسرعة خلال أوائل القرن العشرين الميلادي حيث أدت الحروب العالمية إلى زيادة الطلب على طرق ربط موثوقة وغير مكلفة. في أعقاب الحروب، تم تطوير العديد من أساليب اللحام الحديثة، بما في ذلك الطرق اليدوية مثل اللحام القوسي المعدني المحجب التي تعد الآن واحدة من أكثر طرق اللحام شيوعًا، بالإضافة إلى العمليات شبه الآلية والآلية مثل لحام المعادن بقوس الغاز ولحام القوس المغمور [English] واللحام بالسلك ذي القلب الصهور. استمرت التطويرات باختراع اللحام باليزر واللحام بالحزم الإلكترونية ولحام الاحتكاك الحراري في النصف الثاني من القرن العشرين الميلادي. لليوم، ما زال التطوير مستمرًا، فأصبح لحام الروبوت شائعًا في البيئات الصناعية، ويواصل الباحثون تطوير طرق لحام جديدة ومحاولات تطوير أكثر لجودة اللحام.

تاريخ اللحام

تعد عمليات اللحام من العمليات القديمة جدا المستخدمة في وصل المعادن والتي تعود لآلاف السنين، وتعود أقدم الأثار على عمليات اللحام إلى العصر البرونزي والعصر الحديدي في الشرق الأوسط وأوروبا. فأسلوب اللحام بالتطريق يعد أقدم أساليب اللحام. كما أن بوري اللحام ليس وليد العصر الحالي بل إن قدماء المصريين واليونانيين قد استخدموا بوري مشابه مع أن اللهب الحاصل كان نتيجة استخدام سوائل قابلة للاحتراق مثل الكحول. وكانت الحرارة المتولدة عن هذا اللهب كافية للحام بعض المعادن منخفضة درجة الانصهار مثل الرصاص الذهب.

وقد استخدم اللحام في بناء العمود الحديدي في مجمع قطب منار في مدينة دلهي الهندية والمشيد في القرن الرابع عشر الميلادي ويبلغ وزنه 5.4 طن وارتفاعه 7 متر تقريبا.

شهدت العصور الوسطى تقدما في اللحام بأسلوب الطرق وهو عبارة عن تسخين المعدنين ثم طرقهما معا حتى يتم الحصول على لحام متين. فكانت كل عمليات اللحام هذه بدائية ولكن مع ظهور الثورة الصناعية ظهرت الحاجة لتطوير أساليب اللحام فحدث تطور كبير في أساليب وتكنولوجيا اللحام في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.

تطور فن اللحام

  • اكتشف الاستيلين سنة 1836 م ولم يستعمل على نطاق واسع حتى سنة 1892 م حتى ابتكرت طريقة لتوليد كربيد الكالسيوم الذي يولد منه غاز الاستيلين. إلا أن خصائص اللهب لم تعرف حتى سنة 1895 م (نسب المزيج الغازي) كما أن هذا الأسلوب لم يصل إلى مستواه المتطور حتى اخترع العالم لوشاتوليه بوري اللحام.
  • أوجد العالم بواسون ظاهرة القوس الكربوني ولم يجد لها تطبيقا عمليا، فجاء برناردوس وطبق هذه الظاهرة فوجد أنه يستطيع الحصول على درجة حرارة بحدود 3500 درجة مئوية لكن في ذات الوقت صادفته عملية الكربنة لوصلة اللحام.
  • سلافيانوف استخدم إلكترود معدني بدلا من الكربون إلا أنه القوس كان مكشوفا (على تماس مع مكونات الجو).
  • كجبرج استطاع حماية القوس (بواسطة الغازات الخاملة) ومن ذلك أصبح أسلوب اللحام بالقوس أسلوبًا أساسيًا.
  • اكتشف العالم جول أنه لو مرر تيارًا كهربائيًا في سلكين معدنيين فوق بعض يسخن السلكان ويمكن أن يلتحما.
  • إلياهو تومسون 1877 م طبق ظاهرة جول في لحام المقاومة الكهربائية.

لحام الغاز

لحام الغاز هو أحد أشهر أنواع اللحام، وفيه يتم صهر أطراف الأجزاء الملحوظة وكذلك المادة المرسبة المضافة أو المونة وذلك نتيجة تولد حرارة ناتجة من احتراق خليط غازي (وقود غازي مناسب) مع الهواء أو الأكسجين النقي. وتمم عملية اللحام بعد أن يتجمد المعدن المنصهر في عملية اللحام. ومن أهم الغازات المستخدمة في عملية اللحام هذه هي: الأسيتيلين أو الهيدروجين أو الغاز الطبيعي أو الكيروسين أو غاز الاستصباح أو غازات البنزين.

لحام القوس الكهربائي

لحام القوس الكهربي هو أحد أهم أنواع اللحام على الإطلاق، ويتم عن طريق الحرارة الناتجة عن تقوس كهربي بين القطب والجزء الملحوم. تصل درجة الحرارة في هذا النوع من اللحام إلى 4000 درجة مئوية وهي درجة حرارة كافية لصهر المعدن في نقطة اللحام أو صهر معدن إضافي من سلك ويلتحم عند تبريده مكوناً وصلة متينة.

مصادر التيار الكهربي

 
مولد لعمليات اللحام يستطيع إنتاج تيار متردد وتيار مستمر

يمكن الحصول على التيار الكهربي اللازم لعملية اللحام بالطرق التالية:

  • مولدات التيار الكهربائية ذات التيار المستمر منها ما له خصائص فولتية ثابتة والبعض الأخر له خصائص فولتية متغيرة.
  • عن طريق المركبات والتي تولد تيار مستمر.
  • عن طريق محولات كهربية تعطي تيار متردد، ويستخدم اللحام بالتيار المتردد بكثرة عن اللحام بالتيار المستمر وذلك نظرا لرخص المعدات اللازمة لعمليات اللحام بالتيار المتردد علاوة على صغر الطاقة اللازمة في عمليات اللحام.

طرق اللحام بالقوس الكهربي

اللحام اليدوي بالأقطاب المعدنية

و هي أحد الطرق المستخدمة بكثرة في عمليات اللحام وتجري في أغلب الأحوال بالتيار المتردد. تستعمل أقطاب معدنية من الصلب (سلك اللحام) كمونه (أي مادة ملء) والأسلاك المستخدمة يتراوح قطرها بين 1-12 مم ويصل طولها إلى 500 مم.

اللحام اليدوي بأقطاب من الكربون

يجري هذا النوع من اللحام بواسطة استخدام أقطاب كربونية أو جرافيتية، وهذه الأقطاب تصنع بأقطار 8-30 مم ويبلغ طولها من 200-300 مم. وعادة تتم عملية اللحام في هذا النوع باستخدام التيار المستمر.

لحام القوس الكهربي (التنجستين وستارة الغاز)

و يسمى بالإنجليزية: Gas Tungesten Arc Welding، يعدّ هذا النوع من اللحام من أوائل التطويرات التي حدثت للحام القوس الكهربي حيث يحاط بستارة أسطوانية من غاز خامل وكان يسمى سابقا لحام تيج (Tig Welding) والغازات الخاملة المستخدمة هي غازات الأرجون، الهيليوم أو خليط نوع أو أكثر منها وتستخدم ستارة الغاز هذه في عزل منطقة اللحام عن الهواء.

لحام القوس الكهربي المعدني وستارة الغاز

و يسمى بالإنجليزية: Gas Metal Arc Welding، تعدّ هذه الطريقة مماثلة للطريقة السابقة باستثناء أن القطب electrode (السلك المستخدم) يُستهلك أثناء عملية اللحام حيث يتم تغذيته أوتوماتيكيا إلى موقع اللحام. وتكون ستارة الغاز في هذه الحالة من غاز ثاني أكسيد الكربون أو خليط من ثاني أكسيد الكربون وغاز الأرجون.

لحام المقاومة الكهربائية

 
أساليب اللحام بالمقاومة الكهربية

ويسمى بالإنجليزية: (Resistance Welding)، هي إحدى طرق اللحام التي تستخدم فيها الحرارة والضغط وتتولد الحرارة نتيجة لمرور تيار كهربي له شدة عالية وفولت منخفض لفترة زمنية قصيرة محددة في الموضع المراد لحامه من الجزء. وتتم عملية اللحام في النقطة أو المكان الذي ارتفعت حراراته وذلك بالضغط بواسطة قطبية.

تعدّ هذه الطريقة في اللحام من الطرق السهلة في إتمامها وكذلك لها قدرة إنتاجية عالية لذا فهي تعدّ طريقة اقتصادية بالنسبة لسعر التكلفة لو قورنت بالطرق الأخرى بالرغم من ارتفاع سعر ماكينات اللحام بالمقاومة وتمتاز أيضا أن في هذه الطريقة إمكانية لحام المعادن الغير متشابهة.

تستخدم هذه الطريقة عادة في لحام الألواح الصغيرة السمك للمعادن المختلفة سواء كانت حديدية أو غير حديدية.

أنواع لحام المقاومة الكهربية

اللحام النقطي (لحام البقعة)

و يسمى بالإنجليزية (Spot Welding)، وهو أحد الطرق الشائعة في عمليات اللحام بالتلامس وينقسم لحام البقعة إلى مجموعتين:

  • لحام البقعة المفردة من جهة واحدة أو من الجهتين.
  • لحام البقعة المتعددة، حيث يتم عمل بقعتان أو أكثر في نفس الوقت أثناء تدفق التيار.

اللحام الدرزي (اللحام الخطي)

و يسمى بالإنجليزية (Resistance Seam Welding)، يستعمل هذا النوع في لحام خزانات الزيت والبنزين والماء والمواسير وعدد من الأجزاء المصنوعة من الصلب والمعادن غير الحديدية ويتراوح سمك المعدن الذي يمكن لحامه بهذه الطريقة بين 25-30 مم.

وينقسم هذا النوع من اللحام إلى مجموعتين:

  • لحامات التدريز التركيبية.
  • لحامات التدريز التقابلية.

اللحام البروز (الاسقاط)

ويسمى بالإنجليزية (PROJECTION WELDING) ويستعمل في لحام البروز ماكينات أكبر من تلك التي تستعمل في اللحام النقطى

لحام التطريق

و يسمى بالإنجليزية: (Forge Welding)، في هذا النوع من اللحام تسخين المعدنين حتى درجة حرارة معينة ثم طرقهما معا حتى يتم الحصول على لحام متين. تعدّ عملية اللحام بالتطريق أقدم عمليات اللحام التي عرفها الإنسان على مدى تاريخه الصناعي وتعدّ عمليات اللحام الحديثة تطويرا لهذه العملية.

ينقسم لحام التطريق إلى ثلاث مجموعات:

  • لحام التراكبي (Lap Welding).
  • لحام تداخلي (Cleft Welding).
  • لحام تناكبي (Butt Welding).

لحام الثرميت

هي إحدى الطرق القديمة المستخدمة في عمليات اللحام. حيث يتم خلط الألومينيوم المسحوق سحقا دقيقا بأكاسيد الفلزات وكبريتيداتها وكلوريداتها ثم يشعل الخليط فتتولد حرارة عالية تصل إلى حوالي 2700 درجة مئوية وهي كافية جدا لصهر المعدن لإتمام اللحام علاوة على إتمام هذه العملية في وقت قصير جدا.

تعدّ هذه الطريقة من الطرق الاقتصادية لعملية اللحام إذا ما قورنت بالأنواع الأخرى للحام.

اللحام بالقصدير والمونة

يستعمل هذا النوع من اللحام بواسطة سبائك على نطاق واسع في عمل توصيلات المواسير الكهربية ووصل المواسير المصنوعة من الرصاص والأنابيب النحاسية. وتتم عملية اللحام عن طريق إدخال سبيكة متغيرة بينهما. قد تكون من القصدير والرصاص أو سبيكة نحاسية تسمى المونة وفي هذا النوع من اللحام لا يعدّ المعدن الأصلي عند اللحام وذلك نظرا لأن درجة انصهار مادة سبيكة اللحام أقل من درجة انصهار المعدن الملحوم وتتوقف درجة متانة اللحام على مدى نظافة السطوح الملحومة لذا يجب أن تعالج قبل بداية اللحام.

اقرأ أيضا

المراجع

  1. ^ "معلومات عن لحام على موقع thes.bncf.firenze.sbn.it". thes.bncf.firenze.sbn.it. مؤرشف من الأصل في 2019-12-14.
  2. ^ "معلومات عن لحام على موقع d-nb.info". d-nb.info. مؤرشف من الأصل في 2019-12-14.
  3. ^ "معلومات عن لحام على موقع id.loc.gov". id.loc.gov. مؤرشف من الأصل في 2019-12-14.

وصلات خارجية

* مجموعة اللحامون العرب البريدية