قراءة ابن مسعود: هي إحدى القراءات الشاذة التي خالفت ما هو متواتر ومجمع عليه من آي القرآن، والخارجة عن رسم المصحف العثماني.

ومن أمثلة قراءة ابن مسعود: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى، وَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى} [الليل:1- 3] كما قد ثبت ذلك في الصحيحين، وكذلك: {فصيام ثلاثة أيام متتابعات}، ونحو ذلك.[1]

وجعل مصحفه مقسما على أربعة: الطوال، والمئين، والمثاني، والمفصل، ولم ذكر فيه الفاتحة والمعوذتين.[2]

معنى قراءة

القراءة في اللغة: مصدر من الفعل قرأ، وقرأت الشيء أي جمعته وضممت بعضه إلى بعض، قال ابن الأثير: "كل شيء جمعته فقد قرأته، وسمي القرآن قرآنا لأنه جمع القصص والأمر والنهي والوعد والوعيد والآيات والسور بعضها إلى بعض"، وجمعها قراءات.

وفي اصطلاح القراء: علم بكيفية أداء كلمات القرآن، واختلافها بعزو الناقلة.[3]

ترجمة ابن مسعود

هو عبد الله بن مسعود بن غافل المخزومي الهذلي، أبو عبد الرحمن، حليف بني زهرة، أسلم قديمًا وهاجر الهجرتين، وشهد بدرا والمشاهد بعدها، ولازم النبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم، وكان صاحب نعليه، توفي سنة 32هـ.[4]

مصحف ابن مسعود

جاء عن جرير بن عبد الحميد في تأليف مصحف عبد الله بن مسعود أنه كالتالي:

أولا: الطوال: البقرة، والنساء، وآل عمران، والأعراف، والأنعام، والمائدة، ويونس.

ثانيا: المئين: براءة، والنحل، وهود، ويوسف، والكهف، وبني إسرائيل، والأنبياء، وطه، والمؤمنون، والشعراء ،والصافات.

ثالثا: المثاني: الأحزاب، والحج، والقصص، وطس، النمل، والنور، والأنفال، ومريم، والعنكبوت، والروم، ويس، والفرقان، والحجر، والرعد، وسبأ، والملائكة، وإبراهيم، وص، والذين كفروا، ولقمان، والزمر، والحواميم: حم المؤمن، والزخرف، والسجدة، وحم عسق، والأحقاف، والجاثية، والدخان، وإنا فتحنا لك، والحشر، وتنزيل السجدة، والطلاق، ون والقلم، والحجرات، وتبارك، والتغابن، وإذا جاءك المنافقون، والجمعة، والصف، وقل أوحي، وإنا أرسلنا، والمجادلة، والممتحنة، ويا أيها النبي صلى الله عليه وسلم لم تحرم.

رابعا: المفصل: الرحمن، والنجم، والطور، والذاريات، واقتربت الساعة، والواقعة، والنازعات، وسأل سائل، والمدثر، والمزمل، والمطففين، وعبس، وهل أتى، والمرسلات، والقيامة، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت، وإذا السماء انفطرت، والغاشية، وسبح، والليل، والفجر، والبروج، وإذا السماء انشقت، واقرأ باسم ربك، والبلد، والضحى، والطارق، والعاديات، وأرأيت، والقارعة، ولم يكن، والشمس وضحاها، والتين، وويل لكل همزة، وألم تر كيف، ولإيلاف قريش، وألهاكم، وإنا أنزلناه، وإذا زلزلت، والعصر، وإذا جاء نصر الله، والكوثر، وقل يا أيها الكافرون، وتبت، وقل هو الله أحد، وألم نشرح، وليس فيه الحمد ولا المعوذتان.[5]

رأي العلماء في قراءة ابن مسعود وحكم القراءة بها

يرى علماء القرآن وعلومه أن قراءة ابن مسعود من القراءات الشاذة، وهي القراءات التي خالفت ما هو متواتر ومجمع عليه من آي القرآن، قال ابن تيمية: «أما القراءة الشاذة الخارجة عن رسم المصحف العثماني مثل قراءة ابن مسعود وأبي الدرداء {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [الليل: 1] {وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} [الليل: 2] {وَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى} [الليل: 3] كما قد ثبت ذلك في الصحيحين، ومثل قراءة عبد الله: فصيام ثلاثة أيام متتابعات ونحو ذلك. فهذه إذا ثبتت عن بعض الصحابة فهل يجوز أن يقرأ بها في الصلاة؟ على قولين للعلماء:

أحدهما: يجوز ذلك؛ لأن الصحابة والتابعين كانوا يقرأون بهذه الحروف في الصلاة.

والثاني: لا يجوز ذلك، وهو قول أكثر العلماء، لأن هذه القراءات لم تثبت متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن ثبت فإنها منسوخة بالعرضة الآخرة».[1]

مسألة: ما ورد في أن ابن مسعود كان يحك المعوذتين من المصحف

جاء في مسند أحمد: (أن عبد الله بن مسعود كان يحك المعوذتين من مصاحفه ويقول أنهما ليستا من كتاب الله)[6]، ولكن جمعا من العلماء قد أنكروا ثبوت شيء من ذلك عن ابن مسعود، منهم: ابن حزم، واحتج بصحة قراءة عاصم، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود، وفيها أم القرآن والمعوذتان.[7]

ونقل ابن حجر في الفتح تأويلا عن أبي بكر الباقلاني في كتاب الانتصار، وتبعه عياض وغيره على أن ابن مسعود لم ينكر كونهما من القرآن، وإنما أنكر إثباتهما في المصحف، فإنه كان يرى ألا يكتب في المصحف شيئا إلا إن كان النبي صلى الله عليه وسلم أذن في كتابته، وكأنه لم يبلغه الإذن في ذلك، فهذا تأويل منه، وليس جحدا لكونهما قرآنا، وهو تأويل حسن، إلا أن الرواية الصحيحة الصريحة التي ذكرتها تدفع ذلك؛ حيث جاء فيها ويقول: أنهما ليستا من كتاب الله، نعم يمكن حمل لفظ كتاب الله على المصحف، فيتمشى التأويل المذكور.[8]

انظر أيضا

1.   علم القراءات. (لحديثنا عن قراءة من القراءات)

2.   عبد الله بن مسعود. (لأنه صاحب القراءة)

3.   القراءات الشاذة. (لأن انفرادات ابن مسعود تعتبر شاذة)

4.   أئمة القراءة الشاذة. (لأن ابن مسعود أحدهم)

5. القراءات العشر. (لحديثنا عن قراءة من القراءات التي خرجت عن هذه العشر)

المراجع

  1. ^ أ ب [الفتاوى الكبرى، ابن تيمية، دار الكتب العلمية، 1408ه، (4/418)]
  2. ^ [الإتقان في علوم القرآن، عبد الرحمن السيوطي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1394ه، (1/223-224)]
  3. ^ [النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير، المكتبة العلمية،1399ه، (4/30)، ومنجد المقرئين، محمد بن محمد ابن الجزري، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1420ه، (ص/9)، https://al-maktaba.org/book/8677/7] "نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 2022-06-22. اطلع عليه بتاريخ 2022-06-28.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
  4. ^ [الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر العسقلاني، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1415ه، (4/199-200)، https://al-maktaba.org/book/9767/1942] Q116752596، ج. 4، ص. 199، QID:Q116752596 – عبر المكتبة الشاملة
  5. ^ [الإتقان في علوم القرآن، عبد الرحمن السيوطي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1394ه، (1/223-224)، https://al-maktaba.org/book/11728/217] Q115728353، ج. 1، ص. 224، QID:Q115728353 – عبر المكتبة الشاملة
  6. ^ [مسند أحمد، أحمد ابن حنبل، مؤسسة الرسالة، 1421ه، (35/117)]
  7. ^ [المحلى، ابن حزم، دار الفكر، (1/32)]
  8. ^ [فتح الباري، ابن حجر، دار المعرفة، 1379ه، (8/743)]