عرض مصدر مماليك العراق

{{ص.م بلد سابق
|الاسم_المحلي= مماليك العراق
|الاسم_التقليدي_المطول=    
|الاسم_الشائع= مماليك العراق
|subdivision            = [[ولاية (توضيح)|ولاية]]
|nation                 = الدولة العثمانية
|سنة البداية             = 1749
|سنة النهاية               = 1831
|القارة = أسيا
|مدة زمنية              =
|تاريخ البداية             =
|تاريخ النهاية               =
|حدث البداية            =
|حدث النهاية              =
|بلد سابق1                     = العراق العثمانية
|علم بلد سابق1                =Flag of the Ottoman Empire (1517-1844).svg
|بلد لاحق1                     =العراق العثمانية
|علم بلد لاحق1                = Flag of the Ottoman Empire (1517-1844).svg
|صورة علم             =
|تسمية وصلة العلم              =
|صورة شعار             =
|خريطة              =Ottoman Iraq (1900).svg 
|تسمية الخريطة      =المساحة التقريبية لمناطق حكم مماليك العراق
|العاصمة= [[بغداد]]
|اليوم                  = {{علم|العراق}}
|نظام الحكم = ولاية
|لقب الحاكم = الوالي
|الحاكم1 = سليمان باشا أبو ليلة
|فترة الحاكم1=1762-1749
|الحاكم2 =علي باشا
|فترة الحاكم2=1764-1762 
|الحاكم3 = عمر باشا 
|فترة الحاكم3= 1776-1764
|الحاكم4=مصطفى باشا
|فترة الحاكم4=1776-1776
|الحاكم5=عبدي باشا
|فترة الحاكم5=1776-1776
|الحاكم6=عبد الله باشا
|فترة الحاكم6=1777-1776
|الحاكم7=داود باشا (الأخير)
|فترة الحاكم7=1831-1817
<!--- Area and population of a given year --->
|سنة سكان البلد            =
|مساحة البلد             =
|سكان البلد              =
|سنة سكان البلد2             =
|مساحة البلد2             =
|سكان البلد2              =
|ملاحظات              =
}}
'''مماليك العراق''' هم سلالة من الولاة الذين حكموا [[العراق]] منذ منتصف [[القرن 18|القرن الثامن عشر]] إلى الربع الأول من [[القرن 19|القرن التاسع عشر]] وتعود أصولهم إلى عدة مناطق من [[آسيا الوسطى]] ([[جورجيا]] ومن بلاد [[شركس|الشركس]] و[[داغستان]] وبلاد [[جبال القوقاز]] الأخرى)، حيث استمر حكمهم [[العراق|للعراق]] زهاء 82 عامًا بولاية [[سليمان باشا الكبير]] المكنى [[سليمان باشا أبو ليلة|بأبو ليلة]] في سنة 1749م، وانتهى بعزل داود باشا من منصب والي [[بغداد]] سنة 1831م.

وقد كان '''مماليك العراق''' يشبهون نظرائهم من [[الدولة المملوكية|مماليك مصر]] من حيث الأصل والمنشأ، وقد تميز عهد المماليك في العراق عما قبله من العهود بشدة التنافس والتنازع على الحكم. حيث كان الولاة قبل عهد المماليك يتم تعيين أحدهم بفرمان يصدره السلطان العثماني من الباب العالي في [[إسطنبول]]، أما في عهد المماليك فقد تغير الحال إذ أصبح الفرمان السلطاني قليل الأثر في تعيين الولاة، وفي بعض الأحيان لم يكن له أي أثر على الأطلاق، إذ كان التنازع بين المماليك يعتبر صاحب التأثير الأكبر في تعيين أي والي، فأي مملوك يستطيع أن ينال منصب والي [[بغداد]] أو الوزارة كما كانوا يسمونها بالقوة إثر التغلب على بقية منافسيه من المماليك يجتمع حوله أعيان بغداد وعلماؤها ثم يكتبون عريضة إلى السلطان العثماني يسترحمون منه أن يصدر فرمانه بمنح الوزارة أو الولاية إلى المملوك الغالب. وبلغت دولة المماليك في العراق أوج قوتها في عهد [[سليمان باشا الكبير]] والذي دام حكمه 22 عامًا ما بين عام 1780 إلى عام 1802 وحيث سمي عهده بالعصر الذهبي لدولة المماليك في العراق.

== نشأة المماليك في العراق ==
{{شريط جانبي تاريخ بلاد الرافدين}}
[[ملف:Mamluke.jpg|تصغير|250بك|جندي مملوكي في عام 1810]]
إن أول من أتى بالمماليك إلى العراق هو الوالي العثماني [[الوزير حسن باشا|حسن باشا]] فقد أراد هذا الوالي بعد أن فسد نظام [[إنكشارية|الانكشارية]] <ref name="عبد العزيز سليمان نوار (دواد باشا والي بغداد) - القاهرة 1968 - ص23">عبد العزيز سليمان نوار (دواد باشا والي بغداد) - القاهرة 1968 - ص23،.</ref> أن يجعل لنفسه جندا مختصين به يستعين بهم ويتعصبون له فأرسل إلى [[القوقاز|بلاد القفقاس]] من يأتي إليه بالصبيان. وكانت أسواق مدينة [[تبليسي|تفليس]] آنذاك زاخرة بالصبيان المعروضين للبيع، فأسس حسن باشا في بغداد دائرة خاصة اسمها '''إيج دائرة سي''' أي دائرة الداخل ومهمتها هي الإشراف على شراء المماليك من تلك البلاد وتدريبهم، وعندما تولى الحكم من بعده ابنه أحمد باشا أكثر من شراء الجنود المماليك واعتنى بهم، حتى أصبحوا قوة لا يستهان بها، وبعد وفاة الوالي أحمد باشا كثر عددهم واستطاعوا فرض إرادتهم على [[الدولة العثمانية]].<ref>لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث ج1 - الدكتور علي الوردي - ص:154.</ref> ونصبوا أحدهم وهو [[سليمان باشا أبو ليلة]] واليا على العراق سنة 1749م.

== وصول المماليك إلى الحكم ==
كان [[سليمان باشا أبو ليلة]] أول مملوك يتولى الولاية وذلك في سنة 1749م، إثر فتنة طاحنة قام بها الإنكشاريون في [[بغداد]]. وضربوا [[مبنى]] السراي العثماني بوابل من القنابل، واستمرت الفتنة ثلاثة أيام مما جعل الوالي العثماني يفر من بغداد، فاضطرت [[الدولة العثمانية]] آنذاك إلى تعيين سليمان باشا واليا مكانه.<ref>علي الوردي ص157.</ref> دام حكم سليمان باشا حوالي ثلاثة عشر عامًا وقد سمي سليمان باشا بأبو ليلة وذلك لتخفيه في الليل وخروجه. وقد توفي سليمان باشا في سنة 1762م، إثر [[مرض]] لازمه طوال ستة أشهر. وبعد وفاته كان سبعة رجال مرشحين لخلافته وكانوا كلهم من المماليك وكاد الأمر ان يتحول إلى [[حرب]] بين المرشحين السبعة وتدخل [[عالم (مهنة)|العلماء]] والأعيان بغية تسكين الفتنة.<ref>عباس العزاوي (تاريخ العراق بين احتلالين) - ج6 ص32.</ref> عندها استقر الرأي على أن يكتب بأسماء المرشحين السبعة إلى [[إسطنبول]] لكي يتم اختيار أحدهم للولاية، بعدها عاد الجواب من [[إسطنبول]] باختيار السلطان العثماني لمتسلم البصرة [[علي باشا الكهية|علي باشا]]، ولكن لم يكن علي باشا من أصول قفقاسية أو جورجية كسائر المماليك الموجودين بل كان من أصول [[بلاد فارس|فارسية]].<ref>علي الوردي - ص160.</ref> وهذا ما جعل المماليك الآخرين يحيكون المؤمرات له، فخلع من منصبه بعد سنتين من توليه المنصب إثر [[ثورة]] مضادة بقيادة [[عمر باشا الكهية|عمر باشا]] والذي كان عديل سليمان باشا وكذلك كان أحد المرشحين السبعة للخلافة من بعده، وعلى إثر ذلك اجتمع علماء [[بغداد]] واعيانها وكتبوا عريضة للسلطان العثماني يسترحمونه بتولي عمر باشا واليا عليهم وإن علي باشا كان يريد تسليم العراق لبلاد [[فارس]]. فجاء الفرمان من إسطنبول يقر عمر باشا واليا على بغداد، أما علي باشا فقد هرب من السراي متنكرا بزي إمراة والتجأ دخيلاً لأحد الدور المجاورة ولكن صاحب الدار أخبر عنه السلطات فألقي القبض عليه، ثم تم قتله. وبدأ عمر باشا بعد توليه منصب الوالي القضاء على ثورات العشائر والتي كانت تمثل تهديدا حقيقيا للدولة منها [[ثورة]] شيخ الخزاعل حمود الحمد، والذي أسس كيان عشائري مستقل عن كيان الدولة بمنطقة الفرات الأوسط.<ref>علي الوردي - ص161.</ref> فاستطاع عمر باشا القضاء عليه، وكذلك قام بالقضاء على ثورتي عشائر المنتفق وعشائر العبيد على التوالي.

وفي سنة 1772م إنتشر وباء مرض [[طاعون|الطاعون]] في بغداد.<ref>علي الوردي - ص163.</ref> وأخذ المرض يفتك بالسكان ويحصد أرواحهم في كل يوم، فانتهزت بعض العشائر ما حل ببغداد من انتشار لمرض الطاعون وبدأت بعمليات السلب والنهب والتخريب في المدينة المنكوبة بالوباء، وقد استمر الحال حتى بعد زوال المرض.<ref>علي الوردي - ص164.</ref> إذ لم يكن يوجد في الولاية من الجنود ما يكفي لحفظ الأمن وإعادة النظام إلى نصابه.

== نهاية عمر باشا وما تلاها من أحداث ==
{{مفصلة|احتلال البصرة 1775}}
في سنة 1775 م أرسل الشاه [[كريم خان زند]] جيشا كبيرا [[احتلال البصرة 1775|لاحتلال البصرة]] بقيادة أخيه صادق خان فحاصرها. وقد دام الحصار على مدينة البصرة حوالي 13 شهرا انتهى بدخول صادق خان للمدينة.<ref>علي الوردي - ص165.</ref> وعند وصول نبأ الحصار إلى [[إسطنبول]] اعتقد المسؤولون هناك أن السبب الأكبر الذي أدى إلى نشوب هذا النزاع بين الدولتين هو عمر باشا وأنه لابد من عزله لكي ينتهي هذا الصراع القائم بين الدولتين. وفي عام 1776 م قامت [[الدولة العثمانية]] بإرسال ثلاث قواد ومع كل واحد منهم قوة عسكرية كبيرة إلى مدينة [[بغداد]]، وكان سبب إرسالهم هو عزل الوالي عمر باشا وهم كل من أوزون عبد الله باشا والي ديار بكر، وسليمان باشا الجليلي والي الموصل و[[مصطفى باشا الإسبيناخجي]] والي الرقة.<ref>علي الوردي - ص166.</ref> وكان مصطفى باشا هو الذي من أسندت إليه ولاية [[بغداد]]، وقتل عمر باشا إن امتنع عن تسليم الولاية إليه، وكانت حجة القواد الثلاثة أثناء المجيء هي فك الحصار عن مدينة البصرة، وعند اجتماع مصطفى باشا الإسبيناخجي بعمر باشا ومعرفة عمر باشا بالفرمان السلطاني لم يعترض عليه وغادر بغداد دون وقوع أية مشاكل.<ref name="علي" /> ولكن مصطفى باشا ظن أن في الأمر مكيدة له من قبل الوالي السابق عمر باشا فأرسل قوة من الجند ليهاجموه ليلا إلا أن عمر باشا تمكن من الهرب ولكن فرسه سقطت على الأرض مما أدى إلى سقوطه وكسر رقبته، وقد عثر عليه من قبل أحد الجنود، فقام بقطع رأسه وإرسالها إلى الوالي الجديد والذي قام بدوره بإرسالها إلى [[إسطنبول]].<ref>العزاوي. ج6 ص55</ref> وبعد مقتل عمر باشا لم يهدأ الوضع في [[العراق]] في السنوات التي تلت مقتله ولم يدم حكم مصطفى باشا سوى تسعة أشهر حيث عزل بفرمان من السلطان العثماني، ثم ولي بعده [[عبدي باشا (والي بغداد)|عبدي باشا]] لمدة 17 يوماً وفي رواية 40 وفي أخرى 45 يوماً،<ref>العزاوي، ج6، ص77 وص79.</ref> وتم تولية زعيم المماليك عبد الله باشا.<ref>علي الوردي - ص:168.</ref> والذي كان قد ثار ضد مصطفى باشا بعد كثرة الشكاوى عليه وسيق مصطفى باشا إلى مدينة [[ديار بكر]] مخفورا وهناك تم قطع رأسه بأمر من السلطان.<ref name="علي">علي الوردي - ص167.</ref>

=== معارك محلية ===
لم يدم حكم عبد الله باشا طويلا إذ توفي في شتاء عام 1777م، وحدثت بعده الفوضى التي عمت أرجاء بغداد لعدة أشهر. إذ كان التنافس على الحكم بعد موت عبد الله باشا منحصرا بين شخصين هما [[محمد عجم|محمد العجمي]] وإسماعيل آغا الكهية.<ref>علي الوردي - ص:170.</ref> وانقسمت محلات بغداد إلى فريقين متناحرين، فقد وقفت محلات [[حي الفضل (بغداد)|الفضل]] والمهدية والقراغول والميدان إلى جانب محمد العجمي. بينما وقفت محلات رأس القرية، [[باب الشيخ]] و[[الشورجة]] إلى جانب إسماعيل آغا<ref>العزاوي. ج6 ص70-71</ref> وقد إنحاز المماليك إلى إسماعيل آغا بشكل عام.

لقد حاول [[سليمان بك الشاوي]] رئيس العبيد تهدئة الحالة وكان ذا منزلة محترمة لدى مختلف الطبقات في [[بغداد]] وارتأى أن يخرج المرشحان كلاهما من بغداد حتى يهدأ الوضع فوافق إسماعيل آغا على هذا الاقتراح بينما رفض محمد العجمي الاقتراح واستنجد بأعوانه ليساعدوه في السيطرة على البلاد، ودامت المعارك بين الفريقين قرابة خمسة أشهر. وفي شهر [[أيار]] من سنة 1778م وصل [[حسن باشا الكركوكلي]] وهو يحمل فرمانا من السلطان العثماني يعهد بولاية بغداد إليه.<ref name="علي172">علي الوردي - ص172.</ref> فأضطر على إثرها [[محمد عجم|محمد العجمي]] بمعونة صاحبه أحمد آغا الفرار من مدينة [[بغداد]] إلى نواحي [[محافظة ديالى|ديالى]].

=== ولاية حسن باشا الكركولي ===
في عهد الوالي حسن استرجعت [[البصرة]] من ايدي الإيرانيين إذ انسحب الإيرانيون من المدينة بسبب وفاة [[كريم خان زند]] في مدينة [[شيراز]].<ref name="علي172"/> وعاد إلى البصرة واليها السابق سليمان آغا بعد أن كان محبوسا في مدينة شيراز. وفي أواخر شهر [[تشرين الأول]] عام 1779م حدثت مشاجرة بين شخصين قرب مقبرة الشيخ عمر فلما سمع أهالي الميدان في بغداد بهذا الحادث إتخذوها ذريعة لإعلان التمرد والعصيان على الوالي حسن باشا، عند ذلك التجأ حسن باشا إلى [[قلعة بغداد|القلعة الداخلية]] متحصنا بها وفي اليوم التالي تجمع سكان بغداد في الطرقات واتخذوا المتاريس وقاموا بمهاجمة مبنى السراي الحكومي، وعند حلول الظلام عشية ذلك اليوم تسلل حسن باشا من باب القلعة وعبر النهر جانب [[الكرخ]] ومن هناك استطاع الفرار إلى ديار بكر وقد توفي حسن باشا إثر إصابته بمرض غامض لازمه عدة أيام هناك <ref>العزاوي. ج6 ص82-83</ref>

== سليمان الكبير ==
كان والي البصرة سليمان آغا والذي عرف لاحقا بعد توليه ولاية بغداد باسم [[سليمان باشا الكبير|سليمان الكبير]] يترقب الأوضاع فأخذ يكاتب [[قائمة سلاطين الدولة العثمانية|السلطان العثماني]] لغرض توليه الحكم وقد تم له ما أراد إذ صدر [[فرمان]] من السلطان بتوليه شؤون [[ولاية بغداد]] وقد عرف عصره باسم العصر الذهبي لفترة حكم الماليك في العراق، حيث بدأ سليمان الكبير حكمه بالقضاء على ثورة محمد العجمي في نواحي ديالى.<ref>علي الوردي ص:176.</ref> والقضاء على تمرد عشائر الخزاعل في منطقة الفرات الأوسط. وفي عام 1782م توجه سليمان الكبير إلى مناطق [[كردستان]] للقضاء على التمرد الذي قاده هناك متصرفها محمود باشا بابان فالتجأ محمود باشا بابان إلى [[بلاد فارس]].<ref>علي الوردي ص:177.</ref> وعين سليمان الكبير مكانه [[إبراهيم باشا بابان]]. وفي سنة 1786 عم قحط شديد على [[العراق]] فعمت المجاعة وانتشرت الأمراض فأدى هذا إلى نشوب [[ثورة]] عارمة في بغداد، ولكن سليمان باشا استطاع القضاء على هذه الثورة وصلب بعضا من رؤساءها وسجن الآخرين. وفي أواخر سنين حكم سليمان باشا الكبير بدأ [[الدعوة الوهابية|الوهابيون]] يغيرون على تخوم العراق وبدأت الحرب بين كلا الطرفين، ثم توفي سليمان باشا الكبير عام 1802م.

== المماليك بعد سليمان الكبير ==

أوصى سليمان باشا الكبير بأن يعهد من بعده بمنصب الوالي لصهره علي باشا الكهية وألا يختلفوا عليه.<ref>علي الوردي ص:203.</ref> ولكن سرعان ما ظهرت الخلافات بين أفراد عائلة سليمان الكبير حول منصب الوالي بعد وفاته والذي شغله صهره علي باشا الكهية ولكن سرعان ما حسم علي باشا الكهية الصراع لصالحه. دام حكم علي باشا الكهية حوالي خمس سنوات وكانت سنوات حكمه مليئة بالقلاقل والمخاوف والصراعات وفي سنة 1807 وبينما كان علي باشا الكهية يقيم صلاة الصبح قام رجل يدعى مدد بك وقد كان هذا الرجل من المقربين لعلي باشا غير انه كان يضمر له الشر ويحقد عليه فهجم عليه وقد كان يصلي بجانبه وأغمد خنجره في خاصرته وسقط علي باشا الكهية صريعا على الفور. تولى ابن أخت علي باشا الكهية ويدعى سليمان باشا ولقب بعد توليه الولاية في بغداد بسليمان الصغير تميزا عن سلفه سليمان باشا الكبير.<ref>علي الوردي ص:214.</ref> دام حكم سليمان الصغير حوالي ثلاث سنوات إذ قتل في يوم 6 [[تشرين الأول]] من سنة 1810 م.<ref>علي الوردي ص:219.</ref> على أيدي الجيش العثماني بقيادة حالت أفندي بعد معارك طاحنة بينهما. وتم تعيين [[عبد الله آغا التوتونجي]] واليا على بغداد. لم يدم حكم عبد الله آغا التوتونجي سوى سنتين ونصف وقد قضى تلك المدة القصيرة في خوف دائم من [[سعيد بن سليمان باشا|سعيد بك]] وحزبه إذ كان الكثير من المماليك يميلون إلى سعيد بك ويعطفون عليه وفاء لذكرى أبيه سليمان الكبير.<ref>علي الوردي ص:222.</ref> وقد أدى هذا الأمر إلى اندلاع [[معركة غليوين]] بين كلا الطرفين يوم 10 يناير 1813م ومقتل الوالي عبد الله آغا التوتونجي في بلدة [[سوق الشيوخ]] مع كهيته (معاون الوالي) بعد أن تم أسرهما.<ref>علي الوردي ص:223.</ref> بعدها دخل [[سعيد باشا كوجوك|سعيد باشا]] ومعه شيخ المنتفق [[حمود بن ثامر السعدون|حمود الثامر]] بغداد في يوم 16 [[أيار]] من سنة 1813.<ref>لونكريك (أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث) ص223.</ref> وقد أعطى سعيد باشا لشيخ عشيرة المنتفق حمود الثامر حكم منطقة البصرة نتيجة مساندته أياه في حربه ضد الوالي السابق [[عبد الله آغا التوتونجي]] أدى استفحال طغيان حمود الثامر على ولاية [[إيالة البصرة|البصرة]] على الناس إلى ثورة عارمة في صفوف العشائر إضافة إلى وجود ما يقارب اربعين الف زائر من بلاد فارس في مدينة [[كربلاء]] والذين بقوا محاصرين فيها خوفا من تعرضهم لأعمال نهب وسلب من قبل تلك العشائر.<ref>علي الوردي ص:225.</ref> ولم يجد سعيد باشا بدا من تعيين زوج اخته داود باشا بمنصب الكهية فأستطاع الأخير إخماد ثورة العشائر باستعمال القوة ولكن ما ان انتهى داود باشا من القضاء على ثورة العشائر في الجنوب حتى أصدر سعيد باشا قرارا بعزل [[داود باشا (والي بغداد)|داود باشا]] من منصبه وذلك بعد إلحاح شديد من قبل نابي خانم والدة سعيد باشا.<ref>تاريخ المماليك في بغداد سليمان فائق ص44-45</ref> وسرعان ما تردت الأوضاع في العراق من جديد نتيجة لإهمال سعيد باشا شؤون البلاد وفي شهر [[أيلول]] من سنة 1816 م غادر داود باشا مدينة بغداد خلسة بصحبة مجموعة من اتباعه.<ref>علي الوردي ص:230.</ref> واستطاع داود باشا أن يحصل من السلطان [[الدولة العثمانية|العثماني]] على ولاية بغداد بدلا من سعيد باشا
=== نهاية [[سعيد بن سليمان باشا|سعيد باشا]] وتولي داود باشا مقاليد السلطة ===
في يوم 7 [[كانون الثاني]] من سنة 1817 م جرت معركة ما بين أنصار سعيد باشا وأنصار داود باشا خارج سور مدينة بغداد من جهة منطقة [[باب المعظم]] وقد لعبت المدافع دورا هاما في هذه المعركة، كما قام فرسان شيخ [[إمارة المنتفق|عشيرة المنتفق]] [[حمود بن ثامر السعدون|حمود الثامر]] بحركة هجوم مباغتة جعلت النصر يميل إلى جانب سعيد باشا فاضطر داود باشا على إثر هذه المعركة إلى الإبتعاد بقواته عن مدينة [[بغداد]] بغية الاستراحة ولم الشمل <ref>لونكريك ص237.</ref> وقد ظن سعيد باشا أن الخطر قد زال عن بغداد فسمح لشيخ عشيرة المنتفق بالعودة مع أتباعه إلى مناطقهم وفتحت أبواب بغداد من جديد لزوال الخطر<ref>علي الوردي ص:233.</ref> ولكن الحال لم يستمر طويلا لأن وجود داود باشا مع قواته وتهديده المستمر لبغداد جعل أسعار المواد الغذائية في ارتفاع مستمر إضافة إلى نشر أنصار داود باشا الإشاعات وتحريضهم أهالي بغداد على الثورة ضد سعيد باشا فأنتشرت الفوضى في بغداد والمناطق المحيطة بها وكثر السلب والنهب حينها اجتمع أعيان بغداد وعلماؤها وكتبوا محضرا وأرسلوه إلى داود باشا يحثونه على الإسراع بالقدوم إلى بغداد لإنقاذ الأهالي مما أصابهم.<ref>علي الوردي ص:234.</ref> وفي يوم 20 شباط من نفس السنة دخل داود باشا مع قواته مدينة بغداد وسط استقبال جماهيري حافل من قبل الأهالي أما سعيد باشا فقد قتل من قبل سيد عليوي رئيس [[إنكشارية|الانكشارية]] بعدما وجده لائذا بحضن امه السيدة نابي خانم.

=== نهاية حكم المماليك في العراق ===
{{مفصلة|سقوط بغداد (1831)}}
تولى داود باشا مقاليد الحكم في العراق في شباط من سنة 1817 م وواجهت داود باشا خلال سنين حكمه ثورات قامت بها العشائر العراقية المختلفة إضافة إلى دخوله في نزاع مع الدولة القاجارية في فترات مختلفة من سنوات حكمه التي امتدت على مدار 14 عاما. كما اهتم داود باشا بالجيش وأولى به عناية خاصة فقد قام داود باشا باستقدام المسيو ديفو<ref>علي الوردي ص:255.</ref> كان المسيو ديفو أحد ضباط الجيش [[فرنسا|الفرنسي]] إبان حكم [[نابليون بونابرت]] وكان يعمل في تدريب جيش والي كرمانشاه قبل استدعائه للعمل عند داود باشا لتدريب الجيش. كما قام داود باشا باستحداث أول صحيفة في بغداد باسم جرنال العراق باللغتين [[اللغة العربية|العربية]] و[[اللغة التركية|التركية]]<ref>علي الوردي ص:256.</ref> وغيرها من الإصلاحات التي أحدثها الوالي في العراق والتي تشبه إلى حد ما إصلاحات [[محمد علي باشا]] إبان حكمه [[مصر|لمصر]]. وفي سنة 1828 م أعلنت [[الإمبراطورية الروسية]] الحرب على [[الدولة العثمانية]] وذلك دعما [[حرب الاستقلال اليونانية|للثورة اليونانية]] التي كانت قائمة آنذاك ضد الحكم العثماني وكان من المقرر أن يرسل داود باشا ما مقداره 6000 كيس من الذهب لدعم الدولة في حربها ضد روسيا<ref>علي الوردي ص:274.</ref> ولكن داود باشا امتنع عن إرسال هذا المبلغ ففسر امتناعه هذا في الاستانة بمثابة إعلان عصيان على الدولة واعتبر أنه تخلى عن سيده السلطان في أحرج المواقف وإساءة إلى هيبته.<ref>نوار (المرجع السابق) ص244</ref> في سنة 1830 أرسل السلطان العثماني محمود الثاني إلى بغداد أحد رجالاته الثقات يدعى صادق أفندي وكانت مهمته التخلص من داود باشا. أحس داود باشا بالمكيدة التي دبرها له السلطان وبمغزى قدوم صادق أفندى مبعوثا من السلطان إلى بغداد <ref>علي الوردي ص:275.</ref> كان لمقتل صادق أفندي صدى واسع في الاستانة وفي مختلف الولايات العثمانية.<ref>علي الوردي ص:276.</ref> كلف السلطان العثماني محمود الثاني والي حلب [[علي رضا باشا (والي بغداد)|علي رضا باشا]] بإعداد جيش ضخم للهجوم على بغداد وفي أوائل شهر شباط من سنة 1831 تحرك الجيش من [[حلب]] نحو بغداد<ref>علي الوردي ص:277.</ref> وفي أواخر شهر [[آذار]] بدأ مرض [[طاعون|الطاعون]] القادم من مدينة تبريز بالانتشار في بغداد وقد أفسد ظهور هذا المرض كل الخطط التي اعدها داود باشا لمقاومة الجيش العثماني القادم من مدينة حلب. دخل الجيش العثماني بغداد يوم 14 أيلول من سنة 1831م بعد حصار طويل لها <ref>علي الوردي ص:289.</ref> وبعد إحكام السيطرة على بغداد واستباب الأمن وضع [[علي رضا باشا (والي بغداد)|علي رضا باشا]] خطة متقنة لقتل المماليك حيث تظاهر في بادئ الأمر بالرضا عن المماليك وولى بعضهم مناصب رفيعة في الدولة وفي ذات يوم دعا علي رضا باشا المماليك مع جماعة من اعيان بغداد وعلمائها إلى اجتماع بحجة الاستماع لقراءة الفرمان الذي وصل مؤخرا من الاستانة وما إن شرب جميع المدعوين القهوة ودخنوا الجبوق حتى إنهال الجنود [[ألبانيا|الألبانيون]] الذين احضرهم علي رضا باشا بقتل جميع من كان مدعوا لهذا الاجتماع<ref>علي الوردي ص:290.</ref> أما داود باشا فقد تم إلقاء القبض عليه وإرساله معززا مكرما إلى الاستانة.

== علاقة المماليك بالحركة الوهابية ==
{{مفصلة|وهابية|الهجوم على كربلاء}}
بدأت الحركة [[الدعوة الوهابية|الوهابية]] تهدد العراق منذ سنة 1790 وصارت الجماعات المنضوية تحت لواء الحركة تهدد مراعي [[الظفير]] و[[إمارة المنتفق|المنتفق]] والشامية.<ref>علي الوردي ص:188</ref> وبدأ دعاة الحركة بنشر الدعوة في المدن والأرياف وفي سنة 1796 م استولى الأمير [[عبد العزيز بن محمد آل سعود|عبد العزيز بن سعود]] على منطقة [[الأحساء (توضيح)|الأحساء]] التي تتاخم العراق من الناحية الجنوبية وفي عام 1797 م كلف سليمان باشا [[ثويني بن عبد الله السعدون|ثويني]] شيخ المنتفق بحرب الوهابيين ولكن الثويني قتل بعد أن هجم عليه طعيس وهو من عبيد [[الجبور (توضيح)|الجبور]] من [[بنو خالد (توضيح)|بني خالد]] وقتله في محرم 1212 هـ /1796 في عين الشبيك أو شباك<ref>محمد بن عمر الفاخري. الأخبار النجدية. دراسة وتحقيق: عبد الله بن يوسف الشبل. جامعة الإمام محمد بن سعود الرياض. ص:158</ref> بمنطقة الأحساء.<ref>علي الوردي ص:190</ref> أدى مقتل الثويني إلى فوضى في صفوف الجيش وقد انتهز الوهابيون هذا الأمر فأستطاعوا هزيمة الجيش الذي كان يقوده الثويني. وفي سنة 1798م أعد سليمان باشا الكبير حملة عسكرية كبيرة بقيادة الكهية علي باشا ووصل الجيش الذي كان يقوده الكهية إلى قلعتي الهفوف والمبرز ولكن مدافع الجيش عجزت عن هدم أسوار القلعتين كما أن الكثير من البعران بدأت تهزل وتموت وضج الجنود في الجيش نتيجة عدم وجود جدوى للقتال والاستمرار فيه.<ref>لونكريك ص213</ref> وفي شهر تموز من عام 1799 م عادت حملة الكهية إلى بغداد بعد أن عقد الطرفان الصلح وتم توقيع مراسم هذا الصلح في بغداد بحضور وفد يمثل الوهابيين. وفي يوم 22 من شهر نيسان من سنة 1802 الموافق 18 من شهر ذي الحجة من سنة 1216 هجرية هاجمت مجموعات مسلحة من الحركة الوهابية مدينة [[كربلاء]] وقد دخلوا المدينة على حين غرة ٌلأن هذا اليوم يصادف أحد الأعياد عند الطائفة الشيعية وهو [[عيد الغدير]] وبدؤا يقتلون كل من يلقونه في طريقهم حتى الشيوخ والنساء والأطفال.<ref>لونكريك ص215</ref> أدى مقتل الأمير عبد العزيز بن سعود في أواخر سنة 1803 م بيد شخص أفغاني كان مقيما في بغداد يدعى الملا عثمان.<ref>علي الوردي ص:209</ref> بينما كان الأمير يصلي بالناس [[الدرعية|بالدرعية]] عاصمة الإمارة إلى تجدد الصراع من جديد حيث تمت مهاجمة المراعي التابعة للعشائر العراقية وتمت مهاجمة بلدة [[الزبير (العراق)|الزبير]] ومحاصرتها وقد دام الحصار عليها حوالي 12 يوما. وفي فترة حصار الحركة للبلدة تم هدم جميع القبور والمشاهد الموجودة خارج سور البلدة كمشهد طلحة و[[الحسن البصري]]<ref>العزاوي. ج6 ص161</ref> ولكنهم عادوا من حيث أتوا إذ لم يتمكنوا من فتح البلدة. وفي سنة 1806 شن الوهابيون هجوما على مدينة [[النجف]] ولكن هجومهم باء بالفشل. وقد أدى استمرار الجماعات الوهابية على الإغارة على المناطق المخصصة للرعي في منطقة الفرات الأوسط إلى عدم خروج الرعاة مع أغنامهم إلى البادية لخوفهم من هذه الجماعات<ref>كتاب تاريخ الحلة ج1 - يوسف كركوش الحلي ص132-133</ref> واستمر الحال على هذا المنوال إلى بداية الربع الأول من [[القرن 20|القرن العشرين]].

== معارك المحلات ==
في عهد المماليك جرت العادة على أنه حين ينشب نزاع ما بين فريقين منهم على الحكم تنتقل عدوى النزاع إلى سكان [[بغداد]].<ref>علي الوردي ص:155</ref> فكل فريق من المماليك كان يستنجد عند حصول النزاع بحلفائه من رؤساء المحلات البغدادية. ويرجع سبب انتقال حمى النزاع ما بين المماليك إلى محلات بغداد واصطفاف كل محلة خلف أحد الفريقين المتصارعين إلى أن المماليك أنفسهم نشأوا منذ طفولتهم في محلات بغداد.<ref>علي الوردي ص:156</ref> وبذلك كانوا يختلفون عمن سبقهم من الولاة [[الدولة العثمانية|العثمانيين]] في أن المماليك كانوا يعتبرون أنفسهم من سكان بغداد بحكم نشأتهم فيها.

== أسماء حكام المماليك في العراق ==
{|class="wikitable"
|-
!الاسم
!فترة حكمه
|-
|[[سليمان باشا أبو ليلة|سليمان باشا (أبو ليلة)]]
|1762-1749
|-
|[[علي باشا الكهية|علي باشا(علي الأول)]]
|1764-1762
|-
|[[عمر باشا الكهية|عمر باشا]]
|1776-1764
|-
|[[مصطفى باشا الأسبيناخجي]]
|1776-1776
|-
|[[عبدي باشا (والي بغداد)|عبدي باشا]]
|1776-1776
|-
|[[عبد الله باشا الكهية|عبد الله باشا]]
|1777-1776
|-
|[[حسن باشا الكركوكلي]]
|1779-1778 
|-
|[[سليمان باشا الكبير|سليمان الكبير]]
|1802-1780
|-
|[[الداماد علي باشا الكتخدا|علي باشا الكهية (علي الثاني)]]
|1807-1802
|-
|[[سليمان باشا الصغير|سليمان الصغير]]
|1810-1807
|-
|[[عبد الله آغا التوتونجي]]
|1813-1810
|-
|[[سعيد بن سليمان باشا|سعيد باشا]]
|1817-1813
|-
|[[داود باشا (والي بغداد)|داود باشا]]
|1831-1817
|}

== مصادر ==
* [[لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث]]، [[علي الوردي]] الجزء الأول
* [[موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين]] الجزء السادس، [[عباس العزاوي]]
* [[ستيفن همسلي لونكريك|أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث]]، [[ستيفن همسلي لونكريك]] - ترجمة [[جعفر خياط|جعفر الخياط]]
* [[تاريخ المماليك في بغداد]]، [[سليمان فائق]] - ترجمة [[محمد نجيب أرمنازي]]
* عبد العزيز سليمان نوار كتاب (داود باشا والي بغداد)

== المراجع ==
<div class="ltr">{{مراجع}}</div>
{{السلالات الإسلامية الحاكمة لمنطقة المشرق العربي}}
{{تاريخ الإسلام}}
{{شريط بوابات|الدولة العثمانية|العراق}}

{{شريط محتوى متميز|جيدة|التاريخ=|النسخة=}}

[[تصنيف:مماليك العراق| ]]
[[تصنيف:العراق العثماني]]
[[تصنيف:تأسيسات سنة 1704 في الدولة العثمانية]]
[[تصنيف:دول وأقاليم انحلت في 1831]]
[[تصنيف:سلالات حاكمة مسلمة]]
[[تصنيف:عثمانيون كرجيون]]
[[تصنيف:مسلمون جورجيون]]
[[تصنيف:نبلاء عراقيون]]