عرض مصدر الإجهاض في القانون المصري

{{معلومات جريمة
|اسم الجريمة         = الإجهاض
|صورة              = Vacuum-aspiration (single).svg
|حجم الصورة        = 250px
|حسب               = {{رمز علم|مصر}} القانون المصري
|القانون المعاقب    = قانون العقوبات المصري
|المواد             = 260، و261، و262، و263
|وصفها             = [[جنحة]]، ولكنها قد تكون [[جناية]]
|عقوبتها الأصلية    = الحبس من 24 ساعة إلى 3 سنوات
|عقوبتها المشددة    = السجن المشدد بين حدّيه العامّين
|عقوبتها المخففة    = يمكن للقاضي تخفيف العقاب إذا تمت الجريمة بدافع معقول؛ كالتخلص من طفل مصاب بمرض خطير
|حالات إباحتها      = إذا كان الحمل خطرًا على حياة المرأة
|عقوبة الشروع فيها = لا عقاب عليه
}}
'''الإجهاض''' أو '''إسقاط الحوامل في القانون المصري''' يعد من [[جريمة|جرائم]] الاعتداء على [[حق الحياة|الحق في الحياة]]؛<ref name="جرائم الاعتداء 115">جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال، أ.د فتوح عبد الله الشاذلي، ص 115</ref><ref name="شرح 587">شرح قانون العقوبات (القسم الخاص)، أ.د فتوح عبد الله الشاذلي ص 587</ref><ref name="الموسوعة 847">الموسوعة الجنائية الحديثة، المستشار إيهاب عبد المطلب ص 847</ref> إذ غالبًا ما يكون المقصود به إنهاء حق [[جنين|الجنين]] في الحياة المستقبلية. وقد خصص له المشرع المصري بابًا مستقلاً في قانون العقوبات هو الباب الثالث، وعنوانه: «إسقاط الحوامل وصنع وبيع الأشربة والجواهر المغشوشة المضرة بالصحة».<ref>مواد قانون العقوبات المصري من 260 إلى 265</ref> لم يضع القانون المصري تعريفًا محددًا لإسقاط الحوامل ([[إجهاض|الإجهاض]])؛<ref name="جرائم الاعتداء 115"/><ref name="شرح 587"/><ref name="الموسوعة 847"/> وإنما اكتفى بتحديد صوره، والعقوبات المقررة لكل صورة منه. بينما عرّفته [[محكمة النقض (مصر)|محكمة النقض المصرية]] بأنه «تعمد إنهاء حالة [[حمل|الحمل]] قبل الأوان».<ref>نقض 27 ديسمبر 1970، مجموعة محكمة النقض، السنة 21، رقم 302، ص1250</ref>

تعتبر جريمة الإجهاض من الجرائم كثيرة الحدوث في الحياة العملية، ومع ذلك فإنه قليلاً ما تصدر في مواجهتها أحكام بالإدانة في [[مصر]]؛<ref name="جرائم الاعتداء 115"/><ref name="شرح 587"/> وذلك لاعتماد الجريمة في وقوعها على عنصر الخفاء فلا يبلّغ عنها، وإنما تكتشف بمحض الصدفة، خصوصًا إذا ما أدى [[إجهاض|الإجهاض]] إلى وفاة الحامل. وحتى إذا اكتشفت فإنه من الصعب إثباتها. كما أن قلة أحكام الإدانة قد يكون سببها تفهّم [[قاض|القاضي]] للظروف الاجتماعية أو الاقتصادية التي قد تدعو بعض [[أم|الأمهات]] إلى اللجوء للإجهاض. الأمر الذي يدفع [[قاض|القاضي]] إلى محاولة تلمّس أسباب البراءة أو حتى امتناع المسؤولية.<ref name="جرائم الاعتداء 115"/><ref name="شرح 587"/>

تعتبر الجريمة من الجرائم المادية لا الشكلية بالنسبة للقانون المصري؛<ref name="جرائم الاعتداء 115"/> لأن الضرر الناتج عنها يصيب كائنًا حيًا، حتى وإن كان جنينًا لم يخرج بعد إلى نور الحياة. ولكن إذا تم قتل جنين كان قد انفصل عن الرحم وأخذ طريقه في الخروج، اعتبرت الواقعة جريمة قتل لا جريمة إجهاض.<ref>القسم الخاص في قانون العقوبات، د. رمسيس بهنام، ص 367</ref> فالحدث المجرّد الذي تتكون به الجريمة هو القضاء على جنين داخل الرحم، أو القضاء عليه بفصله من الرحم قبل الأوان الطبيعي للولادة.<ref name="رمسيس 368">القسم الخاص في قانون العقوبات، د. رمسيس بهنام ص 368</ref> ولا يعاقب القانون المصري على الشروع في الإجهاض بالرغم من أنه متصور الحدوث،<ref name="رمسيس 368"/> كما أن الاشتراك في الإجهاض ممكن كذلك بأساليب الاتفاق أو التحريض أو المساعدة التي لا تنصبّ على جسد الحامل، وإلا اعتبر الجاني فاعلاً أصيلاً لا مجرد شريك.<ref name="رمسيس 368"/>

== أركانه ==
[[ملف:Elements of abortion in the Egyptian law.png|تصغير|200بك|أركان الإجهاض.]]
حتى يمكن القول بوقوع [[إجهاض|الإجهاض]]، فإنه لا بد من وجود [[جنين]] يقع اعتداء على حقه في الحياة المستقبلية؛<ref name="جرائم الاعتداء 116">جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال، أ.د فتوح عبد الله الشاذلي ص 116</ref><ref name="الموسوعة 848">الموسوعة الجنائية الحديثة، المستشار إيهاب عبد المطلب ص 848</ref> وذلك لوجود حق [[جنين|للجنين]] في النمو الطبيعي داخل [[رحم|الرحم]] حتى الموعد الطبيعي لولادته. بالإضافة إلى شرط وجود الحمل، فإنه يشترط توافر ركن مادي وركن معنوي لوقوع جريمة [[إجهاض|الإجهاض]].<ref name="جرائم الاعتداء 116"/><ref name="الموسوعة 848"/>

=== الركن المفترض: وجود الحمل ===
[[ملف:Mysweetyteo.jpg|تصغير|200بك|يعتبر «وجود الحمل» ركنًا مفترضًا لا تقوم بدونه جريمة الإجهاض.<ref name="جرائم الاعتداء 116"/><ref name="الموسوعة 848"/>]]
الركن المفترض في النشاط الإجرامي هنا هو امرأة، وأن تكون هذه المرأة [[حمل|حاملاً]]؛<ref name="رمسيس 368"/> وذلك لأن محل الاعتداء في جريمة [[إجهاض|الإجهاض]] هو أصلاً حق الجنين في أن يحيا حياته المستقبلية. لذلك يفترض وجود [[جنين]] في [[رحم]] المرأة يقع عليه فعل [[إجهاض|الإجهاض]]،<ref name="جرائم الاعتداء 116"/><ref name="الموسوعة 848"/> سواء بإخراجه حيًا قبل موعد ولادته، وهو ما يفضي في الغالب إلى وفاته، أو بقتله في الرحم، وهو ما يقتضي إخراجه منه حفاظًا على حياة الحامل. على أنه ليس المجني عليه في الجريمة هو المرأة، وإنما هو الحمل الكائن فيها؛<ref name="رمسيس 368"/> لذلك ألحقت هذه الجريمة بجرائم الاعتداء على الحق في الحياة.<ref name="رمسيس 369">القسم الخاص في قانون العقوبات، د. رمسيس بهنام ص 369</ref> ولا يعد هذا الحمل إنسانًا؛ لأنه لم ير نور [[حياة|الحياة]] بعد، ولكنه ليس - في الوقت ذاته - مجرّد شطر من [[بطن]] المرأة أو مجرّد مقدمة لحياة، وإنما هو بمثابة شخص، بدليل نموه الخاص به، وبدليل أن له حركة ونبضًا يظهران ولو بعد نشأته بعض الوقت.<ref name="رمسيس 368"/>

ويبدأ [[حمل|الحمل]] قانونًا بتلقيح [[حيوان منوي|الحيوان المنوي]] للرجل [[بويضة|لبويضة]] المرأة.<ref name="جرائم الاعتداء 116"/><ref name="الموسوعة 848"/> وتكون هي بداية حياة الجنين التي تنتهي ببداية عملية [[ولادة|الولادة]]. لذلك يتحدد مجال جريمة [[إجهاض|الإجهاض]] بالفترة بين الإخصاب وبداية عملية الولادة.<ref name="جرائم الاعتداء 116"/><ref name="الموسوعة 848"/> فلا إجهاض قبل بدء عملية الإخصاب،<ref group="ملحوظة">لا يعتبر استعمال أساليب منع الحمل، أيًا كانت صورتها أو تأثيرها، من قبيل الإجهاض.</ref> ولا إجهاض بعد بداية عملية الولادة، وإنما يبدأ مجال الاعتداء على حياة الإنسان أو سلامة جسمه منذ بداية عملية الولادة. وتبدأ حماية حق [[جنين|الجنين]] في الحياة بدايةً من لحظة الإخصاب وحتى لحظة بداية الولادة دون اشتراط مرور فترة زمنية محددة على الإخصاب.<ref name="جرائم الاعتداء 116"/><ref name="الموسوعة 848"/> لذلك اعتبر القانون المصري أن إخراج [[جنين|الجنين]] من الرحم بوسيلة صناعية قبل الموعد الطبيعي للولادة، حتى ولو كان الحمل في ساعاته الأولى، يعد إجهاضًا للجنين.<ref name="جرائم الاعتداء 116"/><ref name="الموسوعة 849">الموسوعة الجنائية الحديثة، المستشار إيهاب عبد المطلب ص 849</ref> وتطبيقًا لذلك، قضت [[محكمة النقض (مصر)|محكمة النقض المصرية]] برفض إباحة إجهاض الجنين الذي لم يتجاوز عمره أربعة أشهر رغم أن [[الشريعة الإسلامية]] تبيح ذلك، وأن المادة 60 من قانون العقوبات المصري تبيح ما تبيحه الشريعة، مقررة أن ما ورد عن الشريعة في هذا الخصوص ليس أصلاً ثابتًا في أدلتها المتفق عليها، وإنما هو اجتهاد للفقهاء انقسم حوله الرأي فيما بينهم.<ref>نقض 23 نوفمبر 1959، مجموعة أحكام النقض، السنة 10، رقم 195، ص952</ref>

وإذا كانت الجريمة تقوم على افتراض وجود الحمل عند ارتكاب فعل [[إجهاض|الإجهاض]]، فهذا يعني أنه إذا لم تكن المرأة حاملاً، فلا تقع الجريمة ولو كان الفاعل يعتقد أنه يباشر نشاطه على امرأة حامل وكان قصده من الفعل إسقاط حملها.<ref name="رمسيس 369"/><ref name="جرائم الاعتداء 117">جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال، أ.د فتوح عبد الله الشاذلي ص 117</ref> ذلك أن المادة 264 من قانون العقوبات تنص صراحةً على أنه لا عقاب على الشروع في [[إجهاض|الإجهاض]]، كما أن عدم وجود الحمل يعد من قبيل الاستحالة المطلقة أو القانونية التي تمنع من تحقق الشروع في الجريمة.<ref name="رمسيس 369"/><ref name="الموسوعة 849"/><ref name="جرائم الاعتداء 117"/>

=== الركن المادي ===
[[ملف:Elements of the material element of the abortion.png|تصغير|200بك|عناصر الركن المادي للإجهاض.]]
عناصر الركن المادي للإجهاض ثلاثة هي: فعل الإجهاض، ونتيجته (خروج الجنين من الرحم)، و[[سببية (قانون)|علاقة السببية]] التي تربط بين فعل الإجهاض ونتيجته.<ref name="الموسوعة 849"/><ref name="جرائم الاعتداء 117"/>

==== فعل الإجهاض ====

هو كل فعل يكون من شأنه إخراج الجنين من [[رحم|الرحم]] قبل الموعد الطبيعي لولادته.<ref name="الموسوعة 848"/><ref name="جرائم الاعتداء 118">جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال، أ.د فتوح عبد الله الشاذلي ص 118</ref> وقد أشار القانون إلى بعض وسائل [[إجهاض|الإجهاض]] على سبيل المثال لا الحصر؛ فذكر [[ضرب (عنف)|الضرب]] أو نحوه من أنواع الإيذاء، والأدوية أو الوسائل المؤدية إلى الإجهاض. ويعد استعمال وسيلة لإخراج الجنين قبل الأوان معيارًا قانونيًا للتمييز بين [[إجهاض|الإجهاض]] المعاقب عليه قانونًا، وبين الإجهاض الطبيعي الناتج مرض معيّن أو ضعف بدني أو مجهود زائد، وبين [[ولادة مبكرة|الولادة المبتسرة]] التي تؤدي إلى خروج الجنين قبل موعده الطبيعي بشكل تلقائي دون استعمال أي وسائل خارجية.<ref name="جرائم الاعتداء 118"/>

<u>ومن وسائل الإجهاض:</u>
[[ملف:Mifepristone-3D-vdW.png|يسار|تصغير|[[ميفبريستون]]، أحد طرق الإجهاض الكيميائية.]]
* الوسائل [[طب|الطبية]] كالجراحة، أو غير طبية كاستعمال [[عنف|العنف]] و[[ضرب (عنف)|الضرب]] أو غيره من وسائل الإيذاء البدني.<ref name="جرائم الاعتداء 118"/>
* الوسائل [[كيمياء|الكيميائية]] التي تحدث تقلّصات في عضلات الرحم يترتب عليها إخراج الجنين أو قتله داخل الرحم تمهيدًا لإخراجه.<ref name="الموسوعة 848"/><ref name="جرائم الاعتداء 118"/>
* الوسائل [[ميكانيكا|الميكانيكية]] التي تتمثل في استخدام آلة أو أداة لإخراج الجنين من الرحم أو قتله.<ref name="جرائم الاعتداء 118"/><ref name="رمسيس 370">القسم الخاص في قانون العقوبات، د. رمسيس بهنام ص 370</ref>
* بعض الوسائل التي تتّخذ مظهرًا بريئًا يخفي حقيقة هدفها؛ كتدليك جسد الحبلى، أو أن تمارس رياضة عنيفة كالقفز أو [[رقص|الرقص]] أو [[فروسية|ركوب الخيل]]، أو ارتداءها ملابس ضيقة تضغط على جسمها على نحو يؤدي إلى إجهاضها.<ref name="جرائم الاعتداء 118"/><ref name="رمسيس 370"/>
* وسائل الإيذاء النفسي أو المعنوي التي تؤدي إلى الإجهاض، طالما كانت النية من استعمالها حدوث ذلك.<ref name="جرائم الاعتداء 118"/><ref group="ملحوظة">يعاقب قانون العقوبات المصري في المادة 261 على إسقاط المرأة الحبلى باستعمال وسائل مؤدية إلى ذلك، دون تحديد لهذه الوسائل أو صورتها. ويتفق هذا مع بعض ما قرره فقهاء المسلمين من أن من يشتم المرأة شتمًا يؤدي إلى إسقاطها، يسأل عن إجهاض المرأة.</ref>
* امتناع الحامل عن منع الغير من إتيان فعل [[إجهاض|الإجهاض]] على جسمها. وقد أشار [[قانون|القانون]] إلى ذلك بقوله: أو {{اقتباس مضمن|مكّنت غيرها من استعمال تلك الوسائل لها}}.<ref name="جرائم الاعتداء 118"/><ref name="رمسيس 370"/>

==== خروج الجنين قبل الأوان ====
[[ملف:Vacuum-aspiration (single).svg|تصغير|اجهاض بالشفط بعد 8 اسابيع من عمر الحمل (6 أسابيع من الإخصاب).
1:الرحم
2:الجنين
3:بطانة الرحم
4:منظار
5:المجرفة الطبية
6:موصل بمضخة شفط.]]
خروج [[جنين|الجنين]] من [[رحم|الرحم]] قبل الموعد الطبيعي [[ولادة|للولادة]] هو النتيجة التي يجرمها [[قانون|القانون]].<ref name="جرائم الاعتداء 119">جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال، أ.د فتوح عبد الله الشاذلي ص 119</ref> ويستوي الأمر إذا خرج الجنين ميتًا، أو خرج حيًَا ولكنه غير قابل للحياة، فبدون ذلك لا تتحقق جريمة الإجهاض.<ref name="جرائم الاعتداء 119"/> ولا يعاقب القانون على الشروع فيه. أما إذا خرج الحمل من الأم، بفعل الإجهاض، وبقى حيًا، فلا تتحقق جريمة الإجهاض؛ وإنما يعد الفعل تعجيلاً للولادة.<ref name="رمسيس 370"/>

وإذا استعملت وسائل لإخراج الحمل قبل أوانه، وأدت إلى وفاة الحامل مع بقاء [[حمل|الحمل]] في رحمها، فإنه لا تتحقق جريمة الإجهاض؛<ref name="جرائم الاعتداء 119"/> وإنما تحقق جريمة ضرب أو جرح أو إعطاء مواد ضارة أفضت إلى [[موت|الموت]].<ref group="ملحوظة">لم تأخذ محكمة النقض المصرية بهذا، وإنما اعتبرت جريمة الإجهاض متحققة في هذا الفرض، وقررت «أن أركان الجريمة تتوافر ولو ظل الحمل في رحم الحامل بسبب وفاتها، وليس في استعمال القانون لفظ الإسقاط ما يفيد أن خروج الحمل من الرحم -في مثل هذه الحالة- ركن من أركان الجريمة».</ref> أما إذا خرج الجنين وماتت الأم، تحققت جريمتا [[إجهاض|الإجهاض]] والضرب أو الجرح أو إعطاء المواد الضارة التي أفضت إلى الموت.<ref name="جرائم الاعتداء 119"/> وفي هذه الحالة يحكم بعقوبة الجريمة الأشدّ.<ref>الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات المصري</ref>

==== علاقة السببية ====
من اللازم أن تتواجد [[سببية (قانون)|علاقة السببية]] ما بين استعمال وسائل الإجهاض، أيًا كان نوعها، وبين خروج الجنين من رحم أمه ميتًا أو غير قابل للحياة قبل الموعد الطبيعي لولادته.<ref name="جرائم الاعتداء 120">جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال، أ.د فتوح عبد الله الشاذلي ص 120</ref> بمعنى آخر، يجب أن تكون الوسيلة المجهضة هي سبب موت الجنين؛ بألا يكون الإجهاض راجعًا إلى سبب طبيعي غير هذه الوسيلة.<ref name="رمسيس 371">القسم الخاص في قانون العقوبات/د. رمسيس بهنام، ص 371</ref> وإلا ترتّب على ذلك عدم اكتمال الركن المادي لجريمة الإجهاض، ومن ثمّ عدم قيامها.<ref name="جرائم الاعتداء 120"/>

وإذا وقع الإجهاض بسبب آخر غير الوسيلة التي استعملها الجاني، بنية إحداث الإجهاض، فإن ذلك يعد مجرّد شروع في الجريمة لا يعاقب عليه [[قانون|القانون]] [[مصر|المصري]].<ref name="جرائم الاعتداء 120"/><ref name="رمسيس 371"/> و[[قاض|لقاضي]] الموضوع سلطة تقديرية -وفقًا للقواعد العامة- في تقرير مدى توافر علاقة السببية بين نشاط المتهم، والنتيجة الإجرامية أو عدم توافرها.<ref name="جرائم الاعتداء 120"/><ref name="رمسيس 371"/>

=== الركن المعنوي: القصد الجنائي ===
الإجهاض في كافة صوره جريمة عمدية<ref name="جرائم الاعتداء 120"/><ref name="رمسيس 371"/> يتّخذ ركنها المعنوي صورة القصد الجنائي في انصراف إرادة الجاني إلى الفعل المادي المكوّن [[جريمة|للجريمة]] على النحو الذي حدده [[قانون|القانون]].<ref name="رمسيس 371"/> لذلك لا يعد إجهاضًا أي خطأ غير عمدي يؤدي إلى إخراج الجنين قبل موعد ولادته، ولو كان هذا الخطأ جسيمًا؛ وذلك بسبب انتفاء القصد الجنائي لدى المتهم ب[[إجهاض|الإجهاض]]، وتقتصر مسؤوليته على الإصابة غير العمدية فحسب.<ref name="جرائم الاعتداء 120"/> ويتطلب القصد الجنائي في جريمة [[إجهاض|الإجهاض]] أن يكون المتهم عالمًا -وقت ارتكاب فعله- بوجود [[حمل|الحمل]].<ref name="جرائم الاعتداء 120"/><ref name="رمسيس 371"/> فإذا أتى فعلاً على امرأة يجهل أنها حامل، وترتب على فعله هذا إجهاضها، انتفى القصد الجنائي لديه.<ref name="جرائم الاعتداء 120"/> مثال ذلك من يضرب امرأة يجهل أنها حامل في شهرها الأول، قاصدًا إيذائها، فيترتب على الضرب إسقاطها.<ref name="جرائم الاعتداء 120"/><ref group="ملحوظة">ويكون المتهم هنا مسؤولاً عن جريمة الضرب رغم انتفاء مسؤوليته عن الإجهاض.</ref>

ويجب أن يعلم المتهم بخطورة فعله على حياة [[جنين|الجنين]]، فإن جهل ذلك انتفى قصده الجنائي.<ref name="جرائم الاعتداء 121">جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال، أ.د فتوح عبد الله الشاذلي ص 121</ref> مثال ذلك من يحرّض امرأة، يعلم بحملها، على ممارسة [[رياضة]] عنيفة، دون أن يكون عالمًا بخطورة هذه الممارسة على حملها، فإنه تنتفي مسؤوليته عن [[إجهاض|الإجهاض]].<ref name="جرائم الاعتداء 121"/><ref group="ملحوظة">وإن كان من الممكن مساءلة المتهم عن الإيذاء الخطأ إذا ترتّب على الإجهاض إصابة المرأة بأي صورة من صور الإيذاء، وتوافر ركن الخطأ في جانب المتهم.</ref> كما يجب أن تتجه إرادة المتهم إلى إخراج [[جنين|الجنين]] من [[رحم|الرحم]] قبل الموعد الطبيعي [[ولادة|لولادته]]، وهي النتيجة التي يجرّمها [[قانون|القانون]] في الإجهاض.<ref name="جرائم الاعتداء 121"/><ref name="رمسيس 372">القسم الخاص في قانون العقوبات/د. رمسيس بهنام، ص 372</ref> وعليه، ينتفى القصد الجنائي لدى من يضرب زوجته بنية تأديبها، وهو يعلم بحملها، دون أن تتوافر لديه نية إجهاضها.<ref name="جرائم الاعتداء 121"/> كذلك ينتفى القصد الجنائي لدى من يدفع الحبلى، فتسقط من مكان مرتفع على الأرض، مما يؤدي إلى إجهاضها دون أن يريد هذه النتيجة (وفي هذه الحالة تعد الواقعة مجرد ضربًا عاديًا).<ref name="جرائم الاعتداء 121"/>

وتطبيقًا للقاعدة العامة في [[قانون|القانون]] [[مصر|المصري]] التي تقضي بأن الباعث على الجريمة لا يدخل في عناصر القصد الجنائي، فإنه لا عبرة بالبواعث الدافعة لارتكاب [[إجهاض|الإجهاض]]، إذا ما تحقق القصد الجنائي.<ref name="جرائم الاعتداء 121"/> أي أنه لا تؤثر نوعية الدافع -على الإجهاض- في العقوبة؛<ref group="ملحوظة">وإن كان يمكن للقاضي المصري أن يستعمل سلطته تقديرية في استعمال الظروف القضائية المخففة للعقاب.</ref> سواء تمّ الإجهاض بدافع [[انتقام|الانتقام]]، أو بدافع حماية [[شرف|الشرف]] والاعتبار (كأن يكون الحمل ثمرة [[جماع|علاقة جنسية]] غير مشروعة؛ [[زنى|كزنا]] أو [[اغتصاب]])، أو بدافع التخلص من أعباء اقتصادية يضيفها الحمل إلى الأسرة وهي غير قادرة على تحملها، أو بدافع من حمل يخشى أن يفضي إلى ميلاد طفل مشوه أو مصاب بمرض خطير، أو إلى إرهاق الأم في غير الأحوال التي قد يقررها [[قانون|القانون]].<ref name="جرائم الاعتداء 121"/><ref group="ملحوظة">وهي أحوال الإجهاض الطبي التي يكون إسقاط الحمل فيها من قبيل الأعمال العلاجية التي يباشرها طبيب مختص، وهي مقيدة بنفس شروط إباحة الأعمال الطبية في مصر.</ref>

== عقوبته ==
{{خريطة قوانين الإجهاض}}
الأصل أن [[إجهاض|الإجهاض]] جنحة،<ref name="جرائم الاعتداء 122"/><ref name="شرح 594">شرح قانون العقوبات (القسم الخاص)، أ.د فتوح عبد الله الشاذلي ص 594</ref> يعاقب عليها بالحبس، لكنه قد يكون جناية.<ref name="جرائم الاعتداء 122"/><ref name="شرح 594"/>

=== كجنحة ===
نصّت المادتان 261، 262 من [[قانون]] العقوبات [[مصر|المصري]] على الإجهاض كجنحة.<ref group="ملحوظة">الجنحة في القانون المصري: هي كل جريمة يعاقب عليها بالحبس، الذي لا تزيد مدته على ثلاث سنوات، والغرامة.</ref><ref name="جرائم الاعتداء 122"/><ref name="شرح 595">شرح قانون العقوبات (القسم الخاص)، أ.د فتوح عبد الله الشاذلي ص 595</ref>

==== حسب المادة 261 ====
{{اقتباس خاص|'''كل من أسقط عمدًا امرأة حبلى؛ بإعطائها أدوية، أو باستعمال وسائل مؤدية إلى ذلك، أو بدلالتها عليها، سواء كان برضائها أو لا، يعاقب بالحبس.<ref>المادة 261 من قانون العقوبات المصري</ref>'''|20بك|20بك}}

يفترض النص السابق توافر أركان الإجهاض السالف ذكرها،<ref name="جرائم الاعتداء 122"/><ref name="شرح 595"/> كما يفترض أن المتهم هو شخص غير الحامل التي أسقط حملها، رجلاً كان أو امرأة.<ref name="جرائم الاعتداء 122"/><ref name="شرح 595"/> لكن يشترط ألا يكون [[طبيب]]ًا أو [[جراحة|جراحًا]] أو [[صيدلي]]ًا أو قابلة؛ لأن توافر هذه الصفة يجعل [[إجهاض|الإجهاض]] جناية لا جنحة.<ref name="جرائم الاعتداء 122"/><ref name="شرح 595"/> كما يشترط، لتطبيق نص المادة، تجرّد وسيلة الإجهاض من [[عنف|العنف]]؛<ref name="شرح 595"/> لأن نص المادة 261 عقوبات يتكلم عن إعطاء [[دواء|أدوية]] أو استعمال وسائل مؤدية إلى الإجهاض لا تنطوي على عنف؛ لأن الإجهاض عن طريق العنف يعتبر جناية لا جنحة، طبقًا للمادة 260 من قانون العقوبات.<ref name="شرح 595"/><ref name="جرائم الاعتداء 123">جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال، أ.د فتوح عبد الله الشاذلي ص 123</ref>

وقد اعتبر المشرع [[مصر|المصري]] أن من يقوم بإرشاد المرأة الحامل على وسائل الإجهاض يعد فاعلاً [[جريمة|لجريمة]] الإجهاض، بصريح النص، لا مجرّد شريك فيها.<ref name="شرح 595"/><ref name="جرائم الاعتداء 123"/> ويعد هذا الحكم خروجًا على القواعد العامة في [[قانون|القانون]] [[مصر|المصري]] في شأن التفرقة بين الفاعل والشريك، ويترتب عليه أن من يدل الحامل على وسيلة الإجهاض يعاقب على جريمة الإجهاض، حتى لو لم تستعمل [[حمل|الحامل]] تلك الوسيلة في [[إجهاض|الإجهاض]].<ref name="شرح 595"/><ref name="جرائم الاعتداء 123"/> كما أن [[امرأة|المرأة]] الحامل التي تستعمل الوسيلة التي دلّها عليها المتهم لا تعتبر شريكة له في جريمته؛ وإنما تعدّ فاعلة لجريمة إسقاط الحامل نفسها، وهي [[جريمة|الجريمة]] التي نصّت عليها المادة 262 من قانون العقوبات [[مصر|المصري]].<ref name="شرح 595"/><ref name="جرائم الاعتداء 123"/> ويستوي لقيام جنحة [[إجهاض|الإجهاض]] المنصوص عليها في المادة 261 عقوبات أن تكون [[حمل|الحامل]] قد رضيت بمباشرة فعل الإجهاض أم لا؛ لأن رضاء الحامل بالإجهاض لا يعد من أسباب إباحته.<ref name="جرائم الاعتداء 123"/><ref name="شرح 596">شرح قانون العقوبات (القسم الخاص)، أ.د فتوح عبد الله الشاذلي ص 596</ref>

==== حسب المادة 262 ====
{{اقتباس خاص|'''المرأة التي رضيت بتعاطي الأدوية مع علمها بها، أو رضيت باستعمال الوسائل السالف ذكرها، أو مكّنت غيرها من استعمال تلك الوسائل لها، وتسبب الإسقاط عن ذلك حقيقة، تعاقب بالعقوبة السابق ذكرها.<ref>المادة 262 من قانون العقوبات المصري</ref>'''|20بك|20بك}}

يتطلب المشرّع لقيام هذه [[جريمة|الجريمة]] توافر أركان الإسقاط السابق بيانها في المادة 260 عقوبات.<ref name="الموسوعة 858">الموسوعة الجنائية الحديثة، المستشار إيهاب عبد المطلب ص 858</ref> ويقرر هذا النص عقاب الحامل التي تقبل تعاطي [[دواء|الأدوية]] أو تقبل استعمال وسائل الإجهاض متى حدث الإجهاض بالفعل.<ref name="جرائم الاعتداء 123"/><ref name="شرح 596"/><ref name="الموسوعة 858"/> ومن البديهي أن نص المادة 262 عقوبات يشمل أيضًا حالة إسقاط [[امرأة|المرأة]] نفسها دون أن يحرّضها على ذلك أحد أو يدلّها على وسائل الإجهاض أحد؛<ref name="جرائم الاعتداء 123"/><ref name="شرح 596"/><ref name="الموسوعة 858"/> لأنه لو كان عقاب المرأة التي تسقط نفسها، أو تستعمل وسائل لذلك، واقفًا على شرط عرض هذه الوسائل عليها من الغير وقبولها، كما يوحي به ظاهر نص المادة 262 عقوبات، فإن ذلك سيؤدي إلى إعفاء المرأة من العقاب على [[إجهاض|الإجهاض]] إذا ارتكبته بإرادتها تلقائيًا بغير إرشاد أحد، وعقابها على إسقاط نفسها بنفسها فقط في الحالة التي يرشدها غيرها إلى وسائل الإجهاض.<ref name="شرح 596"/><ref name="الموسوعة 858"/><ref name="جرائم الاعتداء 124">جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال، أ.د فتوح عبد الله الشاذلي ص 124</ref> وهي نتيجة لا يمكن أن يكون قد انصرف إليها قصد واضع النص لعدم معقوليتها.<ref name="الموسوعة 858"/><ref name="جرائم الاعتداء 124"/><ref name="الموسوعة 859">الموسوعة الجنائية الحديثة، المستشار إيهاب عبد المطلب ص 859</ref>

ولا عبرة بوسيلة الإجهاض التي استعملتها [[امرأة|المرأة]] في إسقاط نفسها بنفسها؛<ref name="جرائم الاعتداء 124"/><ref name="الموسوعة 859"/><ref name="شرح 597">شرح قانون العقوبات (القسم الخاص)، أ.د فتوح عبد الله الشاذلي ص 597</ref> [[جريمة|فالجريمة]] تظل بالنسبة لها جنحة، ولو أسقطت نفسها «[[ضرب (عنف)|بضرب]] أو نحوه من أنواع الإيذاء»؛ لأن ظرف العنف لا يشدد العقاب على الإجهاض إلا إذا كان المسقط غير الحامل نفسها.<ref name="جرائم الاعتداء 124"/><ref name="الموسوعة 859"/><ref name="شرح 597"/> فمن يسقط الحامل برضائها عن طريق العنف، لا يعد فعله جنحة؛ وإنما يعد جناية طبقًا لنص المادة 260 من [[قانون]] العقوبات.<ref name="شرح 597"/> ويعني ذلك أن الإشارة إلى الوسائل السالف ذكرها في المادة 262 تنصرف إلى وسائل العنف وغيرها من الوسائل إذا استعملتها المرأة بنفسها على نفسها.<ref name="جرائم الاعتداء 124"/><ref name="الموسوعة 859"/><ref name="شرح 597"/>

وقد عاقب المشرّع [[مصر|المصري]] على جنح الإجهاض بالحبس بين حدّيه العامّين مما يترك [[قاض|للقاضي]] سلطة تقديرية واسعة في تحديد مدة الحبس بين حدّيه. ولا عقاب على الشروع في هذه الجنحة بالنص الصريح.<ref name="جرائم الاعتداء 124"/><ref name="الموسوعة 859"/><ref name="شرح 597"/>

=== كجناية ===
يعد [[إجهاض|الإجهاض]] جناية<ref group="ملحوظة">الجناية في القانون المصري: هي كل جريمة يعاقب عليها بالإعدام، أوالسجن المؤبد، أوالسجن المشدد، أو السجن العادي.</ref> في حالة توافر أحد الظرفين المشددين الذين نصت عليهما المادتان 260، 263 من [[قانون]] العقوبات [[مصر|المصري]].<ref name="جرائم الاعتداء 124"/><ref name="الموسوعة 859"/><ref name="شرح 598">شرح قانون العقوبات (القسم الخاص)، أ.د فتوح عبد الله الشاذلي ص 598</ref> ويعاقب على جنايات الإجهاض بالسجن المشدد بين حدّيه العامّين، فتوافر أحد الظرفين يغير من وصف [[جريمة|الجريمة]] ويجعلها جناية.<ref name="جرائم الاعتداء 127">جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال، أ.د فتوح عبد الله الشاذلي ص 127</ref><ref name="الموسوعة 861">الموسوعة الجنائية الحديثة، المستشار إيهاب عبد المطلب ص 861</ref><ref name="شرح 601">شرح قانون العقوبات (القسم الخاص)، أ.د فتوح عبد الله الشاذلي ص 601</ref> لكن الشروع في هذه الجناية يظل غير معاقب عليه؛ لأن المادة 264 من [[قانون]] العقوبات المصري قررت عدم العقاب على الشروع في الإجهاض سواء كان جنحة أو جناية.<ref name="جرائم الاعتداء 127"/><ref name="الموسوعة 861"/><ref name="شرح 601"/>

==== التشديد بحسب وسيلة الإجهاض ====
{{اقتباس خاص|'''كل من أسقط عمدًا امرأة حبلى بضرب أو نحوه من أنواع الإيذاء، يعاقب بالسجن المشدد.<ref>المادة 260 من قانون العقوبات المصري</ref>'''|20بك|20بك}}

تفترض هذه المادة توافر أركان الإجهاض، ثم ارتكابه بوسيلة عنيفة.<ref name="جرائم الاعتداء 124"/><ref name="شرح 598"/><ref name="الموسوعة 852">الموسوعة الجنائية الحديثة، المستشار إيهاب عبد المطلب ص 852</ref> وهذه هي الحالة الوحيدة التي اعتدّ فيها القانون المصري بوسيلة الإجهاض ومدى ما تتضمنه من خطورة وضرر على سلامة جسم الحامل.<ref name="جرائم الاعتداء 124"/><ref name="الموسوعة 852"/><ref name="شرح 599">شرح قانون العقوبات (القسم الخاص)، أ.د فتوح عبد الله الشاذلي ص 599</ref> أيضًا تفترض هذه المادة أن مرتكب الإجهاض شخص غير الحامل التي أجهضت حملها، سواء رضيت الحامل باستعمال العنف لإسقاطها أو لم ترضى؛<ref name="جرائم الاعتداء 124"/><ref name="الموسوعة 852"/><ref name="شرح 599"/> لأنه لو اشترط القانون، من أجل تشديد عقاب المتّهم، أن يكون العنف المستعمل دون رضاء المرأة، فإن ذلك سيعني أن الإجهاض بالإيذاء سيصبح مباحًا إذا تمّ برضاء الحامل، وهو ما لم يقل به أحد.<ref name="الموسوعة 852"/><ref name="شرح 599"/><ref name="جرائم الاعتداء 125">جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال، أ.د فتوح عبد الله الشاذلي ص 125</ref> ويعني ذلك أن ظرف العنف يشدد عقاب المتهم الذي يسقط المرأة الحامل [[ضرب (عنف)|بالضرب]] أو نحوه من أنواع الإيذاء، سواء حدث ذلك برضاء المرأة الحامل، أو بدون رضاها.<ref name="الموسوعة 852"/><ref name="شرح 599"/><ref name="جرائم الاعتداء 125"/>

ولا يشترط [[قانون|القانون]] في وسائل العنف المشددة لعقوبة الإجهاض أن تمسّ مساسًا جسيمًا بجسم [[حمل|الحامل]]؛ بل يكفي أن تحدث [[ألم]]ًا [[بدن]]يًا في جسمها.<ref name="الموسوعة 852"/><ref name="شرح 599"/><ref name="جرائم الاعتداء 125"/> كما لا يشترط القانون شكلاً محددًا لتلك الوسائل؛ فكل وسائل العنف تستوي لتحقيق الظرف المشدد؛ سواء تمثّل في الضرب [[يد|باليد]]، أو الركل [[قدم|بالقدم]]، أو الضرب بأداة معينة [[حبل|كحبل]] أو عصا، أو إلقاء الحامل من مكان مرتفع، أو غير ذلك من صور العنف.<ref name="شرح 599"/><ref name="الموسوعة 853">الموسوعة الجنائية الحديثة، المستشار إيهاب عبد المطلب ص 853</ref><ref name="جرائم الاعتداء 126">جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال، أ.د فتوح عبد الله الشاذلي ص 126</ref> ولا يشترط القانون أن تصدر أفعال العنف عن الجاني نفسه؛ بل قد يقوم الجاني بإكراه المرأة الحامل -ماديًا أو معنويًا- على ارتكاب أفعال العنف على نفسها؛<ref name="شرح 599"/><ref name="الموسوعة 853"/><ref name="جرائم الاعتداء 126"/> كالزوج الذي يجبر زوجته الحامل على القفز من مكان مرتفع بقصد إسقاط حملها، فتحقق غرضه. ومن الممكن أن ترتكب أفعال العنف من شخص غير مسؤول جنائيًا بتحريض من الجاني نفسه؛ كالزوج الذي يحرّض ابنه الصغير على ضرب أمه بعصا غليظة على بطنها بقصد إجهاض حملها، فتحققت النتيجة التي أرادها.<ref name="شرح 599"/><ref name="الموسوعة 853"/><ref name="جرائم الاعتداء 126"/>

==== التشديد بحسب صفة الجاني ====
{{اقتباس خاص|'''إذا كان المسقط طبيبًا، أو جراحًا، أو صيدليًا، أو قابلة، يحكم عليه بالسجن المشدد.<ref>المادة 263 من قانون العقوبات المصري</ref>'''|20بك|20بك}}

يفترض هذا الظرف توافر أركان الإجهاض، كما يفترض أن المتهم غير المرأة الحامل التي أسقطت؛<ref name="جرائم الاعتداء 126"/><ref name="شرح 600">شرح قانون العقوبات (القسم الخاص)، أ.د فتوح عبد الله الشاذلي ص 600</ref><ref name="الموسوعة 860">الموسوعة الجنائية الحديثة، المستشار إيهاب عبد المطلب ص 860</ref> لأن الحامل إذا أسقطت نفسها، وكانت من أصحاب المهن المذكورة في النص، لا يشدد عقابها؛ وإنما يعدّ [[إجهاض|الإجهاض]] بالنسبة لها جنحة طبقًا لنص المادة 262 من قانون العقوبات [[مصر|المصري]].<ref name="جرائم الاعتداء 126"/><ref name="شرح 600"/><ref name="الموسوعة 860"/>

وسبب تشديد العقوبة، على من تتوافر له إحدى الصفات التي ذكرها النص، يرجع إلى أنه يسهل عليه ارتكاب الإجهاض بسبب خبرته الفنية، وما يحوزه من وسائل و[[دواء|أدوية]] تمكّنه من القيام به دون أن يترك في الغالب أثرًا لجريمته.<ref name="جرائم الاعتداء 126"/><ref name="شرح 600"/><ref name="الموسوعة 860"/> هذا فضلاً عن أن المتهم يسيء بذلك استعمال صفته وخبرته الفنية في غير ما ينبغي أن تستعمل فيه من أغراض مشروعة هي خدمة المجتمع، وليس التشجيع على الإجهاض وتيسير الالتجاء إليه.<ref name="جرائم الاعتداء 127"/><ref name="الموسوعة 861"/><ref name="شرح 600"/> [[امرأة|فالمرأة]] غالبًا ما تتجنب الإجهاض إذا لم تأمن عواقبه، بعكس ما إذا كان المسقط من أصحاب [[طب|المهن الطبية]]، فإن في هذا تشجيعًا لها على الإجهاض؛ لما يتضمنه من تأمين ضد مخاطر عملية الإجهاض، وما قد يترتب عليها من عواقب قد تصل إلى وفاة المرأة.<ref name="جرائم الاعتداء 127"/><ref name="شرح 600"/>

ولا يشترط القانون، لتشديد العقاب، أن يكون [[طبيب|الطبيب]]، أو من في حكمه من أصحاب المهن الطبية، قد احترفوا إجراء عمليات الإجهاض؛ بل يشدد العقاب حتى ولو أجرى أحدهم الإجهاض للمرة الأولى.<ref name="جرائم الاعتداء 127"/><ref name="الموسوعة 861"/><ref name="شرح 600"/> كما لا يشترط القانون، لتشديد العقاب، أن يتقاضى المتهم [[أجر]]ًا عن [[جراحة|العملية]]؛ فقد يتم الإجهاض على سبيل المجاملة، فينطبق الظرف المشدد على الطبيب الذي يجري عملية إسقاط لزوجته أو لابنته دون أن يتقاضى مقابلاً لذلك.<ref name="جرائم الاعتداء 127"/><ref name="الموسوعة 861"/><ref name="شرح 600"/> وقد ذكرت المادة أصحاب المهن الطبية، الذين ينطبق عليهم التشديد، على سبيل الحصر، وهم: {{اقتباس مضمن|الطبيب، والجراح، والصيدلي، والقابلة}}. ومن ثمّ لا يجوز القياس عليهم،<ref name="جرائم الاعتداء 127"/><ref name="الموسوعة 861"/><ref name="شرح 601"/> حتى ولو كانت صفة المتهم قد سهّلت له ارتكاب الإجهاض؛ كأن يكون المتهم طالبًا في [[كلية طب|كلية الطب]]، أو ممرضًا، أو مستخدمًا في [[صيدلية]] أعطى امرأة حبلى أدوية تؤدي إلى إسقاطها.<ref name="جرائم الاعتداء 127"/><ref name="الموسوعة 861"/><ref name="شرح 601"/>

=== إباحته ===
يباح [[إجهاض|الإجهاض]] في [[مصر]] إنقاذًا للمرأة الحامل من خطر جسيم يهددها [[موت|كالموت]]؛<ref name="رمسيس 372"/> بحيث يكون الإجهاض هو الوسيلة الوحيدة لدفع هذا الخطر.<ref name="جرائم الاعتداء 122">جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال، أ.د فتوح عبد الله الشاذلي ص 122</ref> وذلك على أساس أن الخطر -في هذه الحالة- يعد مانعًا من موانع المسؤولية الجنائية حسب [[قانون|القانون]] [[مصر|المصري]]؛<ref>المادة 61 من قانون العقوبات المصري</ref> «''لأنه من الأصلح [[مجتمع|للمجتمع]] أن يبقي على [[امرأة]] نافعة للأسرة من أن يقضي عليها في سبيل حمل لم يولد''».<ref name="رمسيس 372"/> أما إذا كان من قام ب[[إجهاض|الإجهاض]] طبيبًا أو جراحًا، فإن فعله يكون مباحًا باعتباره استعمالاً لحق مباشرة الأعمال الطبية.

== مصادر عامة ==
* مواد قانون العقوبات المصري، حسب آخر تعديلاته بالقانون رقم 95 لسنة 2003.
* أحكام محكمة النقض المصرية.
* جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال، أ.د فتوح عبد الله الشاذلي، دار المطبوعات الجامعية، 2010، الإسكندرية.
* شرح قانون العقوبات (القسم الخاص)، أ.د فتوح عبد الله الشاذلي، دار المطبوعات الجامعية، 1994، الإسكندرية.
* القسم الخاص في قانون العقوبات (العدوان على أمن الدولة الداخلي - العدوان على الناس في أشخاصهم وأموالهم)، أ.د رمسيس بهنام، منشأة المعارف، 1982، الإسكندرية.
* الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات - الجزء الثالث، المستشار إيهاب عبد المطلب، المركز القومي للإصدارات القانونية، الطبعة الأولى، 2004.

== انظر أيضا ==
* [[حقوق الجنين]]
* [[قانون الإجهاض]]
* [[الحركة المؤيدة للإجهاض بالولايات المتحدة الأمريكية]]

== مصادر ==
{{مراجع|2}}

== ملحوظات ==
{{مراجع|مجموعة=ملحوظة|1}}

== وصلات خارجية ==
* [https://web.archive.org/web/20110913052412/http://www.amanjordan.org/a-news/wmview.php?ArtID=21979 مركز الأخبار: أمان، مصر: ممنوع الإجهاض في قانون الطفل الجديد.]
* [http://www.dw-world.de/dw/article/0,,4919853,00.html مشروع قانون يجيز الإجهاض للمغتصبة يثير الجدل الديني والاجتماعي في مصر.]
* [http://www.alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=5787 شبكة الحوار نت العالمية: مصر.. «الإفتاء» تحرم الإجهاض ولو كان الجنين مشوها.]
* [http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=415154.0;wap2 خلاف في مصر حول مشروع قانون يبيح الإجهاض والتعقيم بسبب الفقر.]
{{قانون العقوبات المصري}}
{{شريط بوابات|مصر|القانون المصري|صحة المرأة}}
{{شريط محتوى متميز|مختارة|التاريخ=20 يوليو 2011|النسخة= }}

[[تصنيف:إجهاض]]
[[تصنيف:جرائم في مصر|إجهاض]]
[[تصنيف:قانون العقوبات المصري|إجهاض]]