عرض مصدر لومبارديون

[[ملف:Iron Crown.JPG|تصغير|يسار|300بك|[[تاج لومبارديا الحديدي|التاج الحديدي اللومباردي]]، استخدم في تتويج [[ملك إيطاليا|ملوك إيطاليا]] حتى عام 1946.]]

'''الأَنكَبُردة''' أو '''اللومبارديون''' {{لات|Langobardi}} كانت [[جرمان|قبيلة جرمانية]] من منشأ [[إسكندنافيا|إسكندنافي]] والتي [[مملكة لومبارديا|حكمت إيطاليا]] بين عامي 568-774.

كتب المؤرخ اللومباردي [[بولس الشماس]] في كتابه [[تاريخ اللومبارد (كتاب)|تاريخ اللومبارد]] أن اللومبارديين ينحدرون من قبيلة صغيرة تدعى وينيلي، <ref name="ReferenceA">Priester, 16. من الجرمانية القديمة ''وينان'' وتعني "قتال"، "نصر".</ref> سكنت جنوب إسكندنافيا <ref name="dick">Harrison, D.; Svensson, K. (2007). ''Vikingaliv'' Fälth & Hässler, Värnamo. ISBN 978-91-27-35725-9 p. 74</ref> (سكادانان) والذين هاجروا جنوبًا بحثًا عن أرض جديدة. شكلوا في القرن الأول الميلادي جزءًا من [[سويبيون|السويبيين]] في شمال غرب [[ألمانيا]]. بحلول نهاية القرن الخامس، انتقلوا إلى المنطقة التي تتوافق حاليًا مع [[النمسا]] شمال نهر [[دانوب|الدانوب]]، حيث أخضعوا [[هيروليون|الهيروليين]] وخاضوا حروبًا متكررة مع [[غبيديون|الغبيديين]]. هزم الملك اللومباردي [[أودوين ملك اللومبارد|أودوين]] زعيم الغبيديين [[ثوريزيند ملك الغيبيديين|ثوريزيند]] في 551 أو 552؛ بينما دمر خليفته [[ألبوين ملك اللومبارد|ألبوين]] الغبيديين في نهاية المطاف في [[معركة أسفيلد]] في 567.

بعد هذا الانتصار، قرر ألبوين أن يقود شعبه إلى إيطاليا والتي تراجع عدد سكانها بشدة بعد [[الحرب القوطية (535-554)|الحرب القوطية]] الطويلة (535-554) بين [[الإمبراطورية البيزنطية]] و[[مملكة القوط الشرقيين]]. انضم إلى اللومبارد العديد من [[ساكسون|السكسونيين]] والهيروليين والغبيديين و[[ثورنغيون|الثورنغيين]] و[[قوط شرقيون|القوط الشرقيين]] وكان غزوهم دون معارضة تقريبًا. بحلول أواخر 569 كانوا قد سيطروا على جميع المدن الرئيسية شمال [[نهر بادي|نهر بو]] باستثناء [[بابية (إيطاليا)|بافيا]] التي سقطت عام 572. في الوقت نفسه، احتلوا مناطق في [[وسط إيطاليا]] و[[جنوب إيطاليا|جنوبها]]. أسسوا المملكة اللومباردية في إيطاليا وسموها لاحقًا [[مملكة إيطاليا (عصور وسطى)|مملكة إيطاليا]] {{لات|Regnum Italicum}} والتي بلغت ذروتها في ظل الحاكم [[ليوتبراند ملك اللومبارد|ليوتبراند]] في القرن الثامن. في 774، سقطت المملكة بيد ملك [[فرنجة|الفرنجة]] [[شارلمان]] ودمجها في [[مملكة الفرنجة|إمبراطوريته]]. ومع ذلك، واصل النبلاء اللومبارد حكم أجزاء من [[شبه الجزيرة الإيطالية]] حتى القرن الحادي عشر، عندما [[غزو النورمان لجنوب إيطاليا|غزاهم]] [[نورمان|النورمان]] وأضافوا ممتلكاتهم إلى [[مملكة صقلية]]. يظهر إرثهم جليًا في تسمية إقليم [[لومبارديا]] الإيطالي.

== التاريخ المبكر ==
[[ملف:Paulus Diaconus Plutei 65.35 b&w.png|يسار|200px|تصغير|بولس الشماس <br />''تاريخ اللومبارد'']]
=== الأصول الأسطورية والتسمية ===
{{أيضا|هندنغيون}}
يوجد أكبر مرجع عن أصول اللومبارد وتاريخهم وممارساتهم في كتاب ''[[تاريخ اللومبارد (كتاب)|تاريخ اللومبارد]]'' ل''[[بولس الشماس]]'' من القرن الثامن. أما بولس فقد اعتمد على كتاب ''[[أصل الشعب اللومباردي (كتاب)|أصول شعب اللومبارد]]'' من القرن السابع كمصدر رئيسي.

يروي ''أصول شعب اللومبارد'' قصة قبيلة صغيرة تسمى وينيلي <ref name="ReferenceA"/> قطنت جنوب [[إسكندنافيا]] (سكادانان) <ref name="مولد تلقائيا1">Harrison, D. & Svensson, K. (2007). ''Vikingaliv'' Fälth & Hässler, Värnamo. 978-91-27-35725-9 p. 74</ref> (يذكر [[كودكس غوتانوس (كتاب)|كودكس غوتانوس]] أن الوينيلي سكنوا بداية بالقرب من نهر يسمى فينديليكوس على أقصى حدود بلاد [[بلاد الغال|الغال]]).<ref>CG, II.</ref> انقسم الوينيلي إلى ثلاث مجموعات غادرت إحداها أرضها الأصلية بحثًا عن مسكن جديد. ربما كان سبب النزوح [[انفجار سكاني|الاكتظاظ السكاني]].<ref>Menghin, 13.</ref> قاد المجموعة النازحة الشقيقان يبور وآيو وأمهما غامبارا <ref>Priester, 16. Grimm, ''Deutsche Mythologie'', I, 336. Old Germanic for "[[Strenuus]]", "[[Sybil]]".</ref> ووصلوا أراضي سكورينغا - ربما على ساحل [[بحر البلطيق]] <ref>Priester, 16</ref> - أو [[باردينغاو]] على ال[[إلبه]].<ref>Hammerstein-Loxton, 56.</ref> حكم سكورينغا شعب [[وندال|الفندال]] الذين خير زعيماهم الأخوان أمبري وآسي قبيلة الوينيلي بين الجزية أو الحرب.

كانت الوينيلي قبيلة من الشباب الشجعان الذين رفضوا دفع الجزية، قائلين «من الأفضل الحفاظ على الحرية بالسلاح بدلًا من وصمها بالعار بدفع الجزية».<ref name="PD, VII">PD, VII.</ref> استعد الفندال للحرب وشاوروا غودان (الإله [[أودين]] <ref name="dick"/>) الذي أجاب أنه سيمنح الفوز للطرف الذي يراه أولًا عند شروق الشمس.<ref name="PD, VIII">PD, VIII.</ref> كان الوينيلي قليلي العدد <ref name="PD, VII"/> وطلبت غامبارا المساعدة من فريا (الإلهة [[فريغ]] <ref name="dick"/>) والتي نصحتها أنه ينبغي على جميع نساء القبيلة ربط شعورهن أمام وجوههن مثل اللحى وأن يسيروا بجوار أزواجهن. وكان أن لمح غودان الوينيلي أولًا وسأل «من أولئك ذوي اللحى الطويلة (long-beards)؟» فأجابت فريا «سيدي أنت أعطيتهم الاسم فامنحهم الآن النصر أيضًا».<ref>OGL, appendix 11.</ref> منذ ذلك الوقت فصاعدًا، أصبح الوينيلي يعرفون باسم لانغوبارد (والشكل اللاتيني والإيطالي منها Lombard).

عند كتب بولس الشماس ''تاريخ اللومبارد'' بين 787 و796 كان راهبًا [[كاثوليكية|كاثوليكيًا]] و[[المسيحية|مسيحيًا]] مخلصًا. اعتقد أن قصص شعبه ال[[وثنية]] سخيفة وتثير الضحك.<ref name="PD, VIII"/><ref>Priester, 17</ref> شرح بولس أن التسمية لانغوبارد جاءت من طول لحاهم.<ref>PD, I, 9.</ref> بينما تقترح نظرية حديثة أن التسمية تأتي من Langbarðr لانغباردر وهو اسم لأودين.<ref>Pohl and Erhart. Nedoma, 449–445.</ref> يصرح برييستر أنه عندما غير الوينيلي اسمهم إلى لومبارد فإنهم بدلوا أيضًا طقس الخصوبة الزراعية القديم بطقس لأودين، وبالتالي شكلوا تقليدًا قبليًا واعيًا.<ref>Priester, 17.</ref> يعكس فروليش ترتيب الأحداث لدى برييستر ويقول بأن طقس أودين استلزم من اللومبارد إطالة لحاهم ليشبهوه المنظر وأن اسمهم الجديد يعكس ذلك.<ref>Fröhlich, 19.</ref> يلحظ بروكنر أن اسم اللومبارد يرتبط جدًا بعبادة أودين والذي من أسماءه العديدة «ذو اللحية الطويلة» أو «ذو اللحية الرمادية» وأن الاسم المعطى للومبارد أنسيغرانوس (ذاك ذو اللحية الإلهية) يظهر أن اللومبارد أخذوا تلك الفكرة عن كبير آلهتهم.<ref>Bruckner, 30–33.</ref>

=== الآثار والهجرة ===
[[ملف:Long555-ar.png|يسار|تصغير|300px|انتشار مواقع الدفن اللانغوباردية في أراضي الإلبه الدنيا وفقًا لفيلي فيغيفيتز]]

ذكر كل من [[سترابو]] (20م) و[[تاسيتس|تاسيتوس]] (117م) أن اللومبارد سكنوا بالقرب من مصب [[إلبه|الإلبه]] بعد وقت قصير من بداية العصر المسيحي، قرب [[شاوكي]].<ref name="Menghin, 15">Menghin, 15.</ref> بينما يذكر سترابو أن اللومبارد سكنوا طرفي الإلبه.<ref>Strabo, VII, 1, 3. Menghin, 15.</ref> كشف عالم الآثار الألماني فيلي فيغيفيتز عدة مواقع دفن تعود [[العصر الحديدي|للعصر الحديدي]] عند الإلبه السفلي وذكر أنها «لانغوباردية».<ref>Wegewitz, ''Das langobardische Brandgräberfeld von Putensen, Kreis Harburg'' (1972), 1–29. ''Problemi della civilita e dell'economia Longobarda'', Milan (1964), 19ff.</ref> مواقع الدفن هي عبارة عن مواقع حرق جثث الموتى ويعود تاريخها إلى ما بين القرن السادس قبل الميلاد والقرن الثالث الميلادي، لذلك لا يعتقد بانقطاع سكن المستوطنة.<ref>Menghin, 17.</ref> تقع أراضي الإلبه السفلية ضمن نطاق [[حضارة ياستورف|ثقافة ياستورف]] وتصبح [[إرمينونيون|إلبه جرمانية]] بحيث تختلف عن الأراضي بين [[راين|الراين]] و[[فيزر (نهر)|فيسر]] و[[بحر الشمال]].<ref>Menghin, 18.</ref> تبين الاكتشافات الأثرية أن اللومبارديين كانوا شعبًا مزارعًا.<ref>Priester, 18.</ref>

كان أول ذكر للومبارد بين العامين 9-16م من قبل مؤرخ البلاط [[الإمبراطورية الرومانية|الروماني]] [[فيليوس باتركولوس]]، الذي رافق حملة رومانية كقائد للفرسان.<ref name="Menghin, 15"/> وصف باتركولوس اللومبارديين بأنهم «أكثر شراسة من وحشية الجرمان العاديين».<ref>Velleius, Hist. Rom. II, 106. Schmidt, 5.</ref> بينما عدهم [[تاسيتس|تاسيتوس]] كقبيلة [[سويبيون|سويبية]]، <ref name="Tacitus, Ann. II, 45">Tacitus, Ann. II, 45.</ref> ورعايا للملك [[ماربود|ماروبود]] من [[ماركومانيون|الماركومانيين]].<ref>Tacitus, Germania, 38-40; Tacitus, Annals, II, 45.</ref> صنع ماروبود السلام مع الرومان، وهذا هو سبب غياب اللومبارديين عن الاتحاد الجرماني بقيادة [[أرمينيوس]] في [[معركة غابة تويتوبورغ]] عام 9 ميلادية. في 17م، اندلعت الحرب بين ماروبود وأرمينيوس. دون تاسيتوس:

{{اقتباس خاص|لم يكن فقط الشيروسكان وحلفائهم ... من حملوا السلاح، ولكن السمنونيين واللانغوبارديين أيضًا وكلاهما أمتان سويفيتان، ثارتا إليه من سيادة ماروبود ... الجيوش ... حفزتها أسبابها الخاصة، قاتل الشيروسكانيون واللانغوبارديين من أجل شرف قديم أو استقلال اكتسبوه حديثًا ..."''<ref name="Tacitus, Ann. II, 45"/>}}

[[ملف:Lombard state 526-ar.svg|تصغير|يمين|دولة اللومبارد في كارباثيا عام 526]]

في عام 47م، نشبت معركة في صفوف [[شيروسكيون|الشيروسكيين]] وطردوا زعيمهم الجديد - ابن شقيق أرمينيوس - من بلادهم. يظهر اللومبارد على الساحة بقوة كافية، كما يبدو، للسيطرة على مصير القبيلة التي كانت قبل 38 سنة الرائدة في النضال من أجل الاستقلال، حيث أعادوا الزعيم المخلوع إلى السلطة مجددًا.<ref>Tacitus, Annals, XI, 16, 17.</ref> يظهر اللومبارد مرة أخرى في منتصف القرن الثاني في [[راينلاند|منطقة الراين]]. وفقًا [[بطليموس|لبطليموس]]، استقر اللومبارديون السويبيون جنوب [[سيكامبريون|السوغامبريين]]، <ref>Ptolemy, Geogr. II, 11, 9. Menghin, 15.</ref> ولكنهم بقوا أيضًا عند الإلبه بين الشاوكيين والسويبيين <ref>Ptolemy, Geogr. II, 11, 17. Menghin, 15</ref> مما يدل على توسع اللومبارد. يذكر ''كودكس غوتانوس'' أيضًا ارتباط باتسبرونا ([[بادربورن]]) باللومبارديين.<ref>Codex Gothanus, II.</ref> يخبرنا [[كاسيوس ديو]] أنه وقبل [[حروب ماركومانية|الحروب الماركومانية]] عبر نحو 6000 لومباردي و[[أوبيون|أوبي]] نهر [[دانوب|الدانوب]] وغزوا [[بانونيا (مقاطعة رومانية)|بانونيا]].<ref>Cassius Dio, 71, 3, 1. Menghin 16.</ref> هزمت كلا القبيلتان حيث كفتا عن الغزو وأرسلتا بالومار ملك الماركومانيين سفيرًا إلى إيليوس باسوس والذي كان حينها يدير بانونيا. اتفق على الصلح وعادت القبيلتان إلى ديارهما، والتي كانت في حال اللومبارد أراضي الإلبه الدنيا.<ref>Priester, 21. Zeuss, 471. Wiese, 38. Schmidt, 35–36.</ref> في هذا الوقت تقريبًا يصف تاسيتوس في كتابه ''جرمانيا'' (98م) اللومبارد بأنهم:

[[ملف:Lombard Migration-ar.png|تصغير|200px|يسار|هجرة اللومبارد من [[إسكندنافيا]]]]

{{اقتباس خاص|أما اللانغوبارديون، على العكس من ذلك، أعدادهم الضئيلة هي تميز لهم. على الرغم من إحاطتهم بمجموعة من أقوى القبائل، فإنهم آمنون، وليس عن طريق الخضوع، ولكن بتحدي ويلات الحرب.}}

ابتداء من القرن الثاني، سجلت العديد من القبائل الجرمانية نشاطًا خلال البرينسيباتي حيث بدأت في تشكيل اتحادات نجم عنها [[فرنجة|الفرانكيون]] و[[ألامانيون|الألامانيون]] و[[بايوفاريون|البايوفاريون]] و[[ساكسون|الساكسونيون]].<ref name="Priester, 14. Menghin, 16">Priester, 14. Menghin, 16.</ref> أسباب غياب اللومبارد، على هذا النحو، من التاريخ الروماني بين 166-489 قد تكون في أنهم سكنوا عميقًا في قلب جرمانيا حيث لم يذكروا إلا عند ظهورهم على ضفاف الدانوب مرة أخرى، أو أن اللومبارد قد خضعوا لاتحاد قبلي أكبر وعلى الأرجح تحت جناح السكسونيين.<ref name="Priester, 14. Menghin, 16"/> مع ذلك، من المحتمل جدًا أنه عندما هاجرت أغلبية اللومبارد، بقي خلفهم قسم ليس بالضئيل وأوائك اندمجوا في القبائل الساكسونية في المنطقة، بينما حافظ المهاجرون على اسمهم.<ref>Hartmann, II, pt I, 5.</ref> ولكن ''كودكس غوتانوس'' يذكر أن الساكسونيين قد أخضعوا اللومبارد حوالي العام 300، ولكنهم ثاروا على الساكسونيين بقيادة ملكهم أغيلموند.<ref>Menghin, 17. Codex Gothanus, II.</ref> في النصف الثاني من القرن الرابع، غادر اللومبارد منازلهم، وربما بسبب المحاصيل السيئة وشرعوا في هجرتهم.<ref>Zeuss, 471. Wiese, 38. Schmidt, 35–36. Priester, 21–22. ''HGL'', X.</ref>

يشمل مسار هجرة اللومبارد، من وطنهم إلى «روغيلاند» 489 مكانًا: سكورينغا (يعتقد أنها كانت أراضيهم على ضفاف الإلبه) وماورينغا وغولاندا وأنتايب وبانتايب وفورغندايب (بورغندايب).<ref>Hammerstein-Loxton, 56. Bluhme. ''HGL'', XIII.</ref> ووفقًا ل[[كوزموغرافيا رافينا]]، كانت ماورينغا أرضًا شرق الإلبه.<ref>Cosmographer of Ravenna, I, 11.</ref>

كان العبور عبر ماورينغا شاقًا جدًا، حيث منعهم الأسيبيتيون حق المرور عبر أراضيهم؛ نظم قتال بين أقوى رجلين من القبيلتين وخرج اللومبارد منتصرين ومنحوا المرور ووصلوا ماورينغا.<ref>Hodgkin, Ch. V, 92. ''HGL'', XII.</ref> حكم أول ملوك اللومبارد أغيلموند من سلالة غوجنغر قبيلته لمدة ثلاثين عامًا.<ref>Menghin, 19.</ref>

غادر اللومبارديون ماورينغا باتجاه غولاندا. يعتقد الباحث لودفيغ شميت أن هذه كانت أقصى شرقية، وربما على الضفة اليمنى لنهر أودر.<ref>Schmidt, 49.</ref> يرى شميدت أن الاسم يعادل [[غوتلاند|جوتلاند]] أو ببساطة «الأرض الطيبة».<ref>Hodgkin, V, 143.</ref> هذه النظرية معقولة للغاية، حيث يذكر [[بولس الشماس]] عبور اللومبارد لنهر، ويمكن للومبارد أن يكونوا قد وصلوا روغيلاند من منطقة أعالي نهر [[أودر]] عبر [[إقليم مورافيا-سيليزيا|بوابة مورافيا]].<ref>Menghin, ''Das Reich an der Donau'', 21.</ref>

بعد غولاندا، عبر اللومبارديون أنتايب وبانتايب حتى وصلوا فورغندايب. يعتقد أن فورغندايب هي الأراضي القديمة [[برغنديون|للبرغنديين]].<ref>K. Priester, 22.</ref><ref>Bluhme, Gens Langobardorum Bonn, 1868</ref> في فورغندايب، تعرض اللومبارد في مخيمهم لهجمة من «[[بلغار|البلغار]]» (وربما [[الهون]]) <ref>Menghin, 14.</ref> وهزموا وقتل الملك أغليموند.<ref>Hist. gentis Lang., Ch. XVII</ref> صعد لايميكو سدة الملك بعدها؛ كان في عز شبابه ورغب في الانتقام لمقتل أغليموند. ربما خضع اللومبارد أنفسهم للهون بعد الهزيمة، لكن اللومبارديين انتفضوا ضدهم وانتصروا عليهم بمذبحة كبرى.<ref>Hist. gentis Lang., Ch. XVII.</ref> أعطى هذا النصر الكبير للومبارديين الغنائم والثقة، حيث «... أصبحوا أكثر جرأة في خوض شراك الحرب».<ref>PD, XVII.</ref>

في عقد 540 وبقيادة [[أودوين ملك اللومبارد|أودوين]] (حكم 546-565)، عبر اللومبارد نهر الدانوب مرة أخرى إلى [[بانونيا (مقاطعة رومانية)|بانونيا]]، حيث تلقوا إعانات إمبراطورية، حيث شجعهم [[جستينيان الأول|جستنيان الأول]] على محاربة [[غبيديون|الغبيديين]].

== مملكة إيطاليا ==
{{مفصلة|مملكة لومبارديا}}
{{تاريخ إيطاليا}}
[[ملف:Cuninpert 688 700 king of the Lombard minted in Milan.jpg|تصغير|185px|يمين|قطعة معدنية تحمل صورة [[كونينكبرت ملك اللومبارد|كونينكبرت]] (688-700) ملك اللومبارد وصكت في [[ميلان (توضيح)|ميلان]].]]
=== غزو شبه الجزيرة الإيطالية ===
في عام 560، ظهر ملك جديد نشيط يدعى [[ألبوين ملك اللومبارد|ألبوين]] هزم [[غبيديون|الغبيديين]] وأخضعهم، وفي 566، تزوج ابنة ملكهم [[كونيموند ملك الغبيديين|كونيموند]] واسمها [[روزاموند الغبيدية|روزماوند]]. في ربيع عام 568، قاد ألبوين اللومبارد إلى جانب غيرها من [[جرمان|القبائل الجرمانية]] ([[بايوفاريون|البايوفاريون]] وغبيديين و[[ساكسون]]يين) و[[بلغار|البلغار]] وعبر [[جبال الألب الجوليانية]] لغزو شمال إيطاليا بسبب طردهم من بانونيا على يد [[آفار أوراسيا|الآفار]]. سقطت فوروم إيولي ([[تشفيدالي ديل فريولي]]) أول مدينة هامة في أيديهم في [[شمال شرق إيطاليا]] في 569. أنشأ ألبوين هناك أول دوقية لومباردية وعهد بها لابن أخيه [[جيزولف الثاني من فريولي|جيزولف]]. سقطت بعد ذلك [[فشنزة|فيتشنزا]] و[[فيرونا]] و[[بريشا]] في أيدي الجرمان. في صيف عام 569، احتل اللومبارديون [[ميلان (توضيح)|ميلان]] المركز الروماني الرئيسي في [[شمال إيطاليا]]. كانت المنطقة لا تزال تتعافى من [[الحرب القوطية (535-554)|الحروب القوطية]] الرهيبة، حيث لم يستطع الجيش [[الإمبراطورية البيزنطية|البيزنطي]] الصغير فيها عمل أي شيء تقريبًا. لم يستطع حاكم إيطاليا ([[إكسراخ|الإكسراخ]]) لونغينوس المعين من قبل الإمبراطور [[جستين الثاني|جوستين الثاني]] سوى الدفاع عن المدن الساحلية فقط التي أمكن تزويدها بالمؤن عبر الأسطول البيزنطي القوي. سقطت [[بابية (إيطاليا)|بافيا]] بعد حصار دام ثلاث سنوات في 572 وأصبحت أول عاصمة للمملكة اللومباردية الجديدة في [[إيطاليا]]. في السنوات التالية، اخترق اللومبارديون الحدود جنوبًا غازين [[تسكانة|توسكانا]] ومؤسسين دوقيتين اثنتين [[دوقية سبوليتو|سبوليتو]] و[[دوقية بينيفينتو|بينيفنتو]] تحت إمرة [[زوتو دوق بينيفينتو|زوتو]] واللتان سرعان ما أصبحتا شبه مستقلتين، وعمرتا أطول من المملكة الشمالية وصولًا إلى القرن الثاني عشر. استطاع البيزنطيون الاحتفاظ بالسيطرة على منطقتي [[ربنة|رافينا]] و[[روما]] ويربطها ممر رفيع عبر [[بروجة|بيروجا]].

احتفظ بعض اللومبارديين [[وثنية جرمانية|بالوثنية]] عندما دخلوا إيطاليا، بينما اعتنق آخرون المسيحية ال[[آريوسية]]. بالتالي لم يتمتع اللومبارد بعلاقات جيدة مع الكنيسة ال[[كاثوليكية]]. تدريجيًا، اعتمدوا الألقاب والأسماء والتقاليد الرومانية، وتحولوا جزئيًا إلى العقيدة الأرثوذكسية (القرن السابع)، دون خلو الأمر طبعًا من سلسلة طويلة من النزاعات الدينية والعرقية. بحلول الوقت الذي كتب فيه [[بولس الشماس]] كتابه، كانت اللغة اللومباردية واللباس وحتى أنماط أشعارهم قد اختفت.<ref>"The New Cambridge Medieval History: c. 500-c. 700" by Paul Fouracre and Rosamond McKitterick (page 8)</ref>

تم تقسيم الأراضي اللومباردية إلى 36 دوقية استقر قادتها في المدن الرئيسية. حكم الملك كامل البلاد وأدار الأراضي من خلال مبعوثين عرفوا بالغاستالدي. إلا أن هذا التقسيم إلى جانب الاستقلال النسبي للدوقيات، حرم المملكة من الوحدة، مما جعلها ضعيفة حتى بالمقارنة مع البيزنطيين، وخصوصًا بعد أن بدأوا في التعافي من الغزو الأولي. أصبح هذا الضعف أكثر وضوحًا عندما كان على اللومبارديين مواجهة القوة المتزايدة للفرنجة. استجابة لهذه المشكلة، حاول الملوك مركزة السلطة على مر الزمن، ولكنهم فقدوا السيطرة على [[سبوليتو]] و[[بنبنت|بينيفينتو]] نهائيًا في تلك المحاولة.
==== لانغوبارديا الكبرى ====
* [[دوقية فريولي]] و[[قائمة دوقات ومارغريفات فريولي|قائمة بدوقات ومارغريفات فريولي]]
* دوقية تشنيدا
* [[فشنزة|دوقية فيتشنزا]]
* [[فيرونا|دوقية فيرونا]]
* [[دوقية تريدنتوم|دوقية ترينت]]
* [[بريشا|دوقية بريشا]]
* [[بيرغامو|دوقية بيرغامو]]
* [[سان جوليو|دوقية سان جوليو]]
* [[بابية (إيطاليا)|دوقية بافيا]]
* [[تورين|دوقية تورين]]
* [[أستي|دوقية أستي]]
* [[تسكانة|دوقية توسكيا]]

==== لانغوبارديا الصغرى ====
* [[دوقية سبوليتو]] و[[دوقات سبوليتو]]
* [[دوقية بينيفينتو]] و[[دوقات وأمراء بينيفينتو]]

=== الملكية الآريوسية ===
[[ملف:Langobard Shield Boss 7th Century.jpg|يسار|تصغير|225px|درع لومباردي من شمال إيطاليا من القرن السابع]]
اغتيل ألبوين عام 572 في فيرونا في مؤامرة قادتها زوجته روزاموند والتي فرت لاحقًا إلى [[ربنة|رافينا]]. اغتيل أيضًا خليفته [[كليف ملك اللومبارد|كليف]] بعد عهد لا يرحم دام 18 شهرًا. بدأت وفاته فترة من خلو العرش لسنوات من «[[حكم الدوقات]]» وخلالها لم ينتخب الدوقات أي ملك وهي فترة سادها العنف والفوضى. في 584، انتخب الدوقات ابن كليف [[أوثاري ملك اللومبارد|أوثاري]] ملكًا بعد أن شعروا بتهديد الفرنجة. في 589، تزوج [[ثيوديليندا]] ابنة دوق بافاريا، [[غاريبالد الأول من بافاريا]]. كانت ثيوديليندا الكاثوليكية صديقة للبابا [[غريغوري الأول]] وأصرت على التنصير. في الوقت نفسه، شرع أوثاري بسياسة المصالحة الداخلية وحاول إعادة تنظيم الإدارة الملكية. تنازل الدوقات عن نصف عقاراتهم للحفاظ على الملك وحاشيته في بافيا. أما على جانب الشؤون الخارجية نجحت إدارة أوثاري في إفشال التحالف الخطير بين البيزنطيين والفرنجة.

توفي أوثاري في 591. كان خليفته [[أغيلولف ملك اللومبارد|أغيلولف]] دوق [[تورينو|تورين]] والذي تزوج من أرملة سلفه ثيوديليندا في 591. نجح في إخضاع الدوقات المتمردين في شمال إيطاليا، حيث سيطر على [[باذوة|بادوا]] (601) و[[كرمونة (إيطاليا)|كريمونا]] و[[منتوة|مانتوفا]] (603) وأجبر [[إكسرخسية رافينا|إكسرخس رافينا]] على دفع الجزية. توفي أغيلولف في 616؛ حكمت بعده ثيوديليندا وحدها حتى 628، وخلفها [[أدالوالد ملك اللومبارد|أدالوالد]]. قام [[أريوالد ملك اللومبارد|أريوالد]]، الذي كان قد تزوج ابنة ثيوديليندا غوندبيرغا، وزعيم المعارضة الآريوسية، بخلع أدالوالد.

خلفه [[روثاري ملك اللومبارد|روثاري]] والذي يعتبره العديدون أكثر الملوك اللومبارد نشاطًا. وسع ملكه حيث ضم [[لغرية|ليغوريا]] في 643 والجزء المتبقي من الأراضي البيزنطية في [[فنيتة|فينيتو]] الداخلية بما في ذلك المدينة الرومانية أوبيترغيوم ([[أوديرزو]]). أصدر روثاري أيضًا المرسوم الشهير الذي يحمل اسمه -[[إديكتوم روثاري]] - والذي أسس لقوانين وعادات وتقاليد شعبه [[اللغة اللاتينية|باللاتينية]] إلا أن المرسوم لم ينطبق على الخاضعين لسلطة اللومبارد، الذين يمكن أن يحتفظوا بقوانينهم الخاصة. خلف روثاري نجله [[رودوالد ملك اللومبارد|رودوالد]] في 652 وهو يافع جدًا وقتل على يد فرقة كاثوليكية.

عند وفاة الملك [[أريبرت الأول ملك اللومبارد|أريبرت الأول]] عام 661، تم تقسيم المملكة بين ولديه [[بيركتاريت ملك اللومبارد|بيركتاريت]] الذي كانت عاصمته في ميلانو و[[غوديبرت ملك اللومبارد|غوديبرت]] الذي حكم من [[بابية (إيطاليا)|بافيا]]. أطيح بالأول على يد [[غريموالد الأول من بينيفينتو|غريموالد]] نجل جيزولف دوق [[فريولي]] وبينيفينتو منذ 647. فر بيركتاريت إلى [[آفار أوراسيا|الآفار]] وثم نحو الفرنجة. تمكن غريموالد من استعادة السيطرة على الدوقيات وصد محاولة من [[الإمبراطورية البيزنطية|الإمبراطور البيزنطي]] [[قسطنطين الثاني (إمبراطور بيزنطي)|قسطنطين الثاني]] لغزو جنوب إيطاليا. كما هزم الفرنجة. عاد بيركتاريت عند وفاة غريموالد في 671 وعزز التسامح بين الآريوسيين والكاثوليك، لكنه لم يستطع هزيمة الفرقة الآريوسية بقيادة آراكي دوق [[ترينتو]] والذي خضع فقط لابنه كونينكبرت المائل للكاثوليكية.

=== الملكية الكاثوليكية ===
[[ملف:Alboin's Italy-ar.svg|تصغير|يمين|مملكة اللومبارد في إيطاليا]]
ظل الخلاف الديني مصدرًا للصراع في السنوات التالية. بدأ عهد اللومبارد بالتعافي فقط مع وصول الملك [[ليوتبراند ملك اللومبارد|ليوتبراند]] (ملك من 712) نجل [[أنسبراند ملك اللومبارد|أنسبراند]] الذي كان بدوره خليفة [[أريبرت الثاني ملك اللومبارد|أريبرت الثاني]] الصارم. تمكن من استعادة بعض السيطرة على [[سبوليتو]] وبينيفينتو، واستفاد من الخلافات بين البابا وبيزنطة بشأن تقديس الرموز، فضم إكسرخسية رافينا ودوقية روما. كما ساعد القائد الفرنجي [[شارل مارتيل|كارل مارتل]] على صد [[عرب|العرب]]. غزا خليفته [[أيستولف ملك اللومبارد|أيستولف]] رافينا للمرة الأولى لكنه هزم في وقت لاحق على يد ملك الفرنجة [[بيبان القصير|بيبين الثالث]] الذي استدعاه البابا واضطر إلى مغادرتها. بعد وفاة أيستولف حاول [[راتكيس ملك اللومبارد|راتكيس]] مرة أخرى أن يكون ملك لومبارديا ولكنه خلع في العام نفسه.

بعد هزيمته لراتكيس، كان [[ديسيديريوس ملك اللومبارد|ديسيديريوس]] دوق [[تسكانة|توسكانا]] آخر ملك لومباردي، حيث تمكن من ضم رافينا نهائيًا، وإنهاء الوجود [[الإمبراطورية البيزنطية|البيزنطي]] في شمال إيطاليا. قرر استئناف نزاعه مع البابا، الذي دعم دوقات سبوليتو وبينيفنتو ضده ودخل روما في 772 وهو أول ملك لومباردي ينجح بذلك. ولكن عندما طلب البابا [[أدريان الأول]] العون من [[شارلمان]] القوي، فإن ديسيديريوس هزم في [[سوسا (بييمونتي)|سوسا]] وحوصر في [[بابية (إيطاليا)|بافيا]]، بينما اضطر ابنه [[أدلكيس]] لفتح أبواب فيرونا لقوات الفرنجة. استسلم ديسيديريوس عام 774، بينما قام شارلمان في قرار حديث تمامًا باتخاذ لقب «ملك اللومبارد». قبل ذلك طالما غزت الممالك الجرمانية بعضها البعض، ولكن أيًا منها لم يعتمد لقب ملك شعب آخر. اقتطع شارلمان جزءًا من الأراضي اللومباردية لإنشاء [[الدولة البابوية]].

يذكر إقليم [[لومبارديا]] في إيطاليا، والذي يشمل مدن بريشيا وبيرغامو وميلانو والعاصمة القديمة بافيا بوجود اللومبارديون.

== التاريخ اللاحق ==
[[ملف:Duchy of Benevento-ar.svg|تصغير|300بك|يسار|[[دوقية بينيفينتو]] في القرن الثامن]]
=== إمارة بينيفينتو المتحدة (774-849) ===
على الرغم من أن المملكة الشمالية والتي مقرها بافيا سقطت بيد شارلمان، فإن المنطقة اللومباردية جنوب الدولة البابوية لم تخضع لشارلمان أو ذريته. في 774، ادعى الدوق [[أريكيس الثاني من بينيفينتو]] أن دوقيته هي الدولة الوريثة للمملكة رغم أنها كانت فقط اسميًا تحت سلطة المملكة مع وجود بعض الملوك الذين نجحوا في فرض سلطتهم في الجنوب. حاول أريكيس بدوره تحويل بينيفينتو إلى بافيا ثانية. حاول ادعاء الملكية، ولكن مع عدم وجود دعم وعدم إمكانية التتويج في بافيا.

قاد شارلمان جيشه جنوبًا، كما أرسل ابنه [[لويس الأول|لويس الورع]] الرجال لإخضاع دوق بينيفينتو، ولكن وعوده وخضوعه لم يدم أبدًا وكان أريكيس وخلفاؤه مستقلين بحكم الأمر الواقع. حمل الدوقات البنيفنتيون لقب أمير بدلًا من ملك.

كان للومبارد في جنوب إيطاليا بعد ذلك موقف شاذ حيث امتلكوا أرضًا طالبت بها إمبراطوريتان: [[الإمبراطورية الكارولنجية]] إلى الشمال والغرب و[[الإمبراطورية البيزنطية]] في الشرق. عادة ما قطعوا العهود والوعود بالجزية للكارولينجيين، ولكنهم بقوا خارج سيطرة الفرنجة. وفي الوقت نفسه نمت بينيفنتو إلى أقصى حد لها حيث فرضت الجزية على [[دوقية نابولي]] التي كانت موالية لبيزنطة لحد ما، كما غزت المدينة النابولية [[أمالفي]] في 838م. في مرحلة ما في عهد [[سيكارد من بينيفينتو|سيكارد]]، غطت سيطرة اللومبارد معظم مناطق جنوب إيطاليا عدا أقصى جنوب [[بولية (إيطاليا)|بوليا]] و[[قلورية|كالابريا]] ونابولي ومدنها الملحقة بها اسميًا. وصل النفوذ اللومباردي بقوة خلال القرن التاسع إلى بوليا اليونانية سابقًا. ومع ذلك، فقد فتح سيكارد أبواب الجنوب أمام غزوات [[ساراكينوس|المسلمين]] في حربه مع [[أندرو الثاني من نابولي]] وعندما اغتيل في 839، أعلنت أمالفي استقلالها واقتتل فصيلان على السلطة في بينيفنتو، مما شل الإمارة وجعلها عرضة لأعدائها الخارجيين.

استمرت الحرب الأهلية عشر سنوات، وانتهت فقط بموجب معاهدة سلام فرضها الإمبراطور [[لويس الثاني ملك إيطاليا|لويس الثاني]] والذي كان ملك الفرنجة الوحيد الذي نجح في ممارسة سيادة فعلية على الدول اللومباردية في 849 وهو ما قسم المملكة إلى دولتين: إمارة بينيفينتو و[[إمارة ساليرنو]] وعاصمتها في [[سلرنو|ساليرنو]] على [[بحر طرانة|البحر التيراني]].

=== جنوب إيطاليا والعرب (836-915) ===
{{مفصلة|تاريخ الإسلام في جنوب إيطاليا}}
استأجر أندرو الثاني من نابولي خدمات الجنود المسلمين في حربه مع سيكارد من بينيفينتو في 836. ورد سيكارد بالمثل. ركز المسلمون في البداية هجماتهم على صقلية وإيطاليا البيزنطية، ولكن سرعان ما استدعى [[راديلكيس الأول من بينيفنتو]] المزيد منهم حيث غزوا [[قبوة|كابوا]] في 841. أطلال هذه المدينة هي كل ما تبقى من «كابوا القديمة» ([[سانتا ماريا كابوا فيتيري]]). وبالتالي، أسس [[لاندولف الأول من كابوا|لاندولف المسن]] كابوا الحالية «كابوا الجديدة» على تلة قريبة. كان الأمراء اللومبارد بصفة عامة أقل ميلًا للتحالف مع المسلمين مقارنة بجيرانهم البيزنطيين في أمالفي وجيتا ونابولي وسورينتو. إلا أن [[غايفر من ساليرنو]] وضع نفسه تحت سلطان المسلمين لفترة وجيزة.

سيطرت قوة مسلمة كبيرة على باري والتي كانت غاساتالدية لومباردية تحت حكم باندينولف في 847. انطلقت الغزوات المسلمة شمالًا حتى طلب [[أدلكيس من بينيفنتو|أدلكيس أمير بينيفينتو]] في النهاية مساعدة لويس الثاني. تحالف لويس مع الإمبراطور البيزنطي [[باسيل الأول]] لطرد المسلمين من [[باري]] في 869. هزمت قوة مسلمة من قبل الإمبراطور بعد حصارها لمدة وجيزة من قبل أدلكيس في 871. كان أدلكيس ولويس في حالة حرب في ما تبقى من حياة الأخير. اعتبر أدلكيس نفسه خليفة حقيقيًا للملوك اللومبارد ومن تلك الصفة عدل «[[إديكتوم روثاري]]» وكان آخر حاكم لومباردي يقوم بذلك.

بعد وفاة لويس، تحالف [[لاندولف الثاني من كابوا]] مع المسلمين لفترة وجيزة ولكن البابا [[يوحنا الثامن]] أقنعه بكسر التحالف. خاض [[غايمار الأول من ساليرنو]] حروبًا ضد المسلمين بقوات بيزنطية. طوال هذه الفترة تأرجح الأمراء اللومبارد في الولاء من طرف إلى آخر. أخيرًا ونحو 915، نجح البابا [[يوحنا العاشر]] في توحيد جميع الأمراء المسيحيين في جنوب إيطاليا ضد القاعدة المسلمة على نهر [[نهر غرليان|غاريليانو]]. دارت في تلك السنة [[معركة غاريليانو|معركة كبيرة في غاريليانو]] طردت المسلمين من البر الإيطالي.

=== الإمارات اللومباردية في القرن العاشر ===
[[ملف:Italy 1000 AD-ar.svg|تصغير|يسار|إيطاليا مع نهاية الألفية الأولى]]
ألهمت دولة ساليرنو المستقلة غاستلدية كابوا للتحرك نحو الاستقلال وبحلول نهاية القرن، أعلنوا أنفسهم «أمراء» وبرزت دولة لومباردية ثالثة. توحدت إمارتا كابوا وبينينفينتو عبر [[أتينولف الأول من كابوا]] في 900. أعلن في وقت لاحق أنهما في اتحاد دائم وانفصلتا فقط في 982 مع باندولف الرأس الحديدي. مع سيطرته على كامل الأراضي اللومباردية الجنوبية عدا ساليرنو، أعلن أتينولف نفسه أمير الشعب اللومباردي، والذي كان أريكيس الثاني أول من استخدمه في عام 774. من بين خلفاء أتينولف، كان حكم الإمارة مشتركًا بين الآباء والأبناء والإخوة وأبناء العمومة والأعمام بالنسبة للجزء الأكبر من هذا القرن. في الوقت نفسه، بدأ الأمير [[جيزولف الأول من ساليرنو]] باستخدام لقب أمير الشعب اللومباردي في حوالي منتصف القرن، ولكن فكرة إمارة لومباردية لم تظهر إلا في ديسمبر 977 عندما توفي جيزولف وخلفه [[باندولف الرأس الحديدي]] والذي سيطر مؤقتًا على كل إيطاليا جنوب روما تقريبًا وجلب التحالف مع [[الإمبراطورية الرومانية المقدسة]]. لكن تم تقسيم أراضيه عند وفاته.

حاول [[لاندولف الثاني من بينيفينتو|لاندولف الأحمر من بينيفنتو]] وكابوا قهر إمارة ساليرنو بمساعدة من [[جون الثالث من نابولي]]، ولكن مع مساعدة من [[ماستالوس الأول من أمالفي]] نجح جيزولف في صده. حاول حكام بينيفنتو وكابوا عدة مرات ضم [[كتبانة إيطاليا|بوليا البيزنطية]] في هذا الوقت، ولكن البيزنطيين في أواخر القرن في ظل حكم [[باسيل الثاني]] الصلب سادوا على اللومبارد على أرض الواقع.

المصدر الرئيسي لتاريخ الإمارات اللومباردية في هذه الفترة هو [[وقائع ساليرنو|كرونيكون ساليرنيتانوم]] والذي كتب في أواخر القرن في ساليرنو.

=== الغزو النورماني (1017-1078) ===
{{مفصلة|غزو النورمان لجنوب إيطاليا}}
فقدت الإمارة البينيفنتية المقلصة استقلالها لصالح [[بابوية كاثوليكية|البابوية]] وتراجعت أهميتها حتى [[غزو النورمان لجنوب إيطاليا|غزاها النورمان الإيطاليون]]، والذين وصلوا المنطقة بداية بدعوة من اللومبارد لمحاربة البيزنطيين من أجل السيطرة على [[بولية (إيطاليا)|بوليا]] و[[قلورية|كالابريا]] (تحت أمثال [[ميلوس (باري)|ميلوس من باري]] و[[أردوين اللومباردي|أردوين]] من بين آخرين)، والذين أصبحوا ينافسون في الهيمنة على الجنوب. شهدت الإمارة الساليرنية عصرًا ذهبيًا تحت حكم كل من [[غايمار الثالث أمير ساليرنو|غايمار الثالث]] و[[غايمار الرابع من ساليرنو|غايمار الرابع]]، ولكنها تقلصت تحت حكم [[جيزولف الثاني من ساليرنو|جيزولف الثاني]] وسقطت في عام 1078 بيد [[روبرت جيسكارد]] الذي تزوج [[سيكيلغايتا]] شقيقة جيزولف. كانت إمارة كابوا موضع تنافس شديد في عهد [[باندولف الرابع من كابوا|باندولف الرابع]] المعروف بذئب أبروتسي وتحت حكم ابنه، ولكنها سقطت تقريبًا من دون نزاع بيد [[ريتشارد الأول من كابوا|ريتشارد درينغوت]] النورماني (1058). ثار الكابوانيون ضد حكم النورمان في 1091، وطردوا [[ريتشارد الثاني من كابوا|ريتشارد الثاني]] حفيد ريتشارد، ونصبوا [[لاندو الرابع من كابوا|لاندو الرابع]].

وضعت كابوا مرة أخرى تحت حكم النورمان بعد [[حصار كابوا]] في 1098 وتراجعت أهمية المدينة بسرعة في إطار سلسلة من الحكام النورمان غير ذوي الأهلية. كانت حالة الاستقلال لهذه الدول اللومباردية عمومًا تعتمد على قدرة حكامها على تبديل الولاء حسبما ما شاؤوا. غالبًا ما كانوا تابعين قانونيًا للبابا أو الإمبراطور (البيزنطي أو الروماني المقدس)، لكنهم كانوا عمليًا ذوي السلطة الحقيقية في الجنوب حتى صعد نجم حلفائهم السابقين النورمان. اعتبر اللومبارد النورمان برابرة والبيزنطيين ظالمين. اعتبروا حضارتهم متفوقة، حيث وفروا بيئة [[المدرسة الطبية الساليرنية]].

== البنية الاجتماعية ==
=== اللغة ===
{{مفصلة|لغة لومباردية}}
[[اللغة اللمبردية|اللغة اللومباردية]] منقرضة. تراجعت هذه [[لغات جرمانية|اللغة الجرمانية]] في بداية القرن السابع، ولكنها قد تكون قيد الاستخدام في مناطق متفرقة في أواخر القرن العاشر. حفظت مقاطع من اللغة حيث أن الأدلة الرئيسية كانت كلمات فردية نقلت في النصوص [[اللغة اللاتينية|اللاتينية]]. في غياب النصوص اللومباردية، فإنه ليس من الممكن التوصل إلى أي استنتاجات حول مورفولوجيا اللغة وبناء الجملة. يعتمد التصنيف الجيني للغة كليًا على علم الأصوات اللغوية. ومن حيث وجود أدلة على أن اللغة اللومباردية شاركت في [[تبدل الأحرف الساكنة في الألمانية العليا]] - كما يظهر في الواقع في بعض أوائل الأدلة - فإنها تصنف باعتبارها [[إرمينونيون|جرمانية إلبية]] أو [[جرمانية عليا]].

تحفظ بعض شظايا اللومباردية في [[أبجدية رونية|النقوش الرونية]]. من بين النصوص الأولية الرئيسية نقوش قصيرة [[فوثارك قديمة|بالفوثارك القديمة]]، ومن بينها «الكبسولة البرونزية في [[ديلينغن أن در دوناو|شريتزهايم]]» (تقريبًا 600م). هناك عدد من النصوص اللاتينية التي تشمل أسماء لومباردية، وبعض النصوص اللومباردية القانونية والتي تحتوي على مصطلحات مأخوذة من المفردات العامية. في عام 2005، كانت هناك مزاعم بأن النقش على [[سيف بيرنيك]] قد يكون لومبارديًا.

=== مجتمع عصر الهجرة ===
يمكن تقفي الملوك اللومبارد حتى عام 380م تقريبًا وبالتالي إلى بداية الهجرة الكبرى. تطورت الملكية بين الشعوب الجرمانية عندما برزت الحاجة لقيادة عسكرية موحدة. يعتقد شميدت أن القبائل الجرمانية قسمت [[كانتون (تقسيم إداري)|لكانتونات]] وأن الحكومات الأولى كانت عبارة عن جمعيات عامة تختار زعماء تلك الكانتونات وزعماء الحرب من الكانتونات (في زمن الحرب). اختيرت تلك الشخصيات على الأغلب من طبقة النبلاء. نتيجة لحروب اللومبارد في تجوالهم، تطورت السلطة الملكية بحيث أن الملك ممثل للشعب، ولكن تأثير الناس على الحكومة لم يختف تمامًا.<ref>Schmidt, 76–77.</ref> يعطي بولس الشماس كشفًا عن البنية القبلية اللومباردية أثناء الهجرة:

<blockquote>
. . . لكي يزيدوا من أعداد محاربيهم، منح [اللومبارد] الحرية للكثير ممن كانوا في نير العبودية، وأن حرية هؤلاء التي اعتبرت من المسلمات، تم التأكيد عليها بطريقتهم المعتادة، بكلمات واضحة أكيدة من لغة بلادهم تؤكد تلك الحقيقة.
</blockquote>

يبدو أن التحرر الكامل قد ساد فقط بين الفرنجة واللومبارد.<ref>Schmidt, 47 n3.</ref>

=== مجتمع المملكة الكاثوليكية ===
{{مفصلة|دوق (لومبارد)}}
انقسم المجتمع اللومباردي إلى طبقات مماثلة لتلك التي وجدت في الدول الجرمانية الأخرى التي خلفت روما: أي [[مملكة الفرنجة|الفرنجة الغاليون]] و[[قوط غربيون|القوط الغربيون]] في [[هسبانيا|إسبانيا]]. كانت هناك طبقة نبيلة وطبقة من الأشخاص الأحرار تحتهم ومن ثم طبقة من غير الأحرار غير العبيد (قنانة) وأخيرًا العبيد. كانت الطبقة الأرستقراطية نفسها أكثر فقرًا وأكثر تمدنًا وأقل ملكية للأرض من مثيلاتها في مناطق أخرى. بصرف النظر عن الدوقات الأغنياء جدًا وذوي القوة والملك نفسه، فإن النبلاء اللومبارد عاشوا في المدن (على عكس نظرائهم الفرنجة) وامتلكوا من الأرض أكثر قليلًا من ضعف ما تمتلكه طبقة التجار (بعيدة كل البعد عن الفرنجة في الأرياف حيث سيطرت الطبقة الأرستقراطية على رقعة واسعة من الأراضي أكبر بمئات الأضعاف عن الطبقة تحتها). كانت الطبقة الأرستقراطية في القرن الثامن تعتمد اعتمادًا كبيرًا على الملك من حيث الدخل خصوصًا فيما يتعلق بالرسوم القضائية: يشار إلى العديد من النبلاء اللومبارد في الوثائق المعاصرة لهم بأنهم (قضاة) حتى عندما تحمل مكاتبهم وظائف مهمة عسكرية وتشريعية أيضًا.

كان الأحرار في المملكة اللومباردية أكثر عددًا بكثير مما كانوا عليه في أرض الفرنجة، خصوصًا في القرن 8، حيث أنهم بالكاد مرئيون في الوثائق الناجية من عصر الفرنجة. كان أصحاب الحيازات الصغيرة والمزارعون وأصحاب المداخيل أكثر الأنواع المذكورة في الوثائق اللومباردية. ربما امتلكوا أكثر من نصف الأراضي في إيطاليا اللومباردية. كان الأحرار جنودًا و«رجالًا مخلصين» (وهو مصطلح عسكري مثل «الخدم»)، حيث شكلوا قوام الجيش اللومباردي حيث كانوا يستدعون - وإن لم تكن بشكل متكرر - للخدمة العسكرية. رغم ذلك افتقرت طبقة ملاك الأراضي الصغيرة إلى النفوذ السياسي اللازم مع الملك (والدوقات) للسيطرة على السياسة والتشريع في المملكة. كانت الطبقة الأرستقراطية أكثر قوة سياسيًا إن لم تكن من الناحية الاقتصادية في إيطاليا مما كانت عليه في بلاد الغال وهسبانيا المعاصرتين.

تميز تمدن إيطاليا اللومباردية بالمدن كالجزر. يبدو من الحفريات أن المدن الكبرى في إيطاليا اللومباردية - [[بابية (إيطاليا)|بافيا]] و[[لكة|لوكا]] و[[سيينا]] و[[أرتسة|أريتسو]] و[[ميلان (توضيح)|ميلان]] - كانت قد تشكلت من مدن جزرية دقيقة جدًا داخل أسوار المدينة الرومانية القديمة. دمرت مدن الإمبراطورية الرومانية جزئيًا في سلسلة من الحروب في القرنين الخامس والسادس. خلفت العديد من القطاعات في حالة خراب وأصبحت الآثار القديمة حقولًا من العشب تستخدم للرعي، وهكذا أصبح المنتدى الروماني حقلًا للأبقار. كانت أجزاء المدن التي بقيت على حالها صغيرة ومتواضعة، وضمت الكاتدرائية أو الكنيسة الرئيسية (في كثير من الأحيان غنية الزخرفة) وبعض المباني العامة ومجمعات الطبقة الأرستقراطية. كانت بعض المباني المهمة مبنية بالحجر بينما كان معظمها خشبيًا. في النهاية، تم فصل الأجزاء المأهولة من المدن عن بعضها البعض بمساحات من المراعي حتى داخل أسوار المدينة.

=== الدول اللومباردية ===
* الدولة اللومباردية في الجبال الكارباثية (القرن السادس).
* الدولة اللومباردية في بانونيا (القرن السادس).
* [[مملكة لومبارديا|مملكة إيطاليا]].
* [[دوقية بينيفينتو|إمارة بينيفينتو]].
* [[إمارة ساليرنو]].
* [[إمارة كابوا]].

== التاريخ الديني ==
=== الوثنية ===
تظهر أول المؤشرات على الديانة اللومباردية لعبادتهم [[وثنية جرمانية|الآلهة الجرمانية]] [[فانير]] عندما كانوا في إسكندنافيا. بعد استيطانهم على طول ساحل بحر البلطيق، من خلال الاتصال مع الجرمان الآخرين عبدوا الآلهة آيسير وهو تحول يمثل التغير الثقافي من مجتمع زراعي إلى مجتمع محارب.

بعد هجرتهم إلى بانونيا، كانوا على اتصال مع [[سارماتيون|السارماتيين]] [[إيرانيون قدامى|الإيرانيين]]. اقترضوا من هؤلاء عادة الرموز الدينية. عمود طويل يعلوه تمثال لطائر، عادة ما يكون يمامة، يستمد من المعايير المستخدمة في المعركة، حيث ينصب ذلك العمود من قبل عائلة في أرض منزل رجل قتل في معركة بعيدة ولم يتمكنوا من جلب جثمانه لمنزله ودفنه. عادة ما يوجه الطير في اتجاه الموقع الذي يشتبه مقتل المحارب فيه.

=== التنصير ===
أول ما دخلت المسيحية صفوف اللومبارد في بانونيا، ولكنها لمستهم فقط حيث كان التنصير رمزيًا إلى حد كبير وبعيدًا عن الاكتمال. في عهد [[واكو ملك اللومبارد|واكو]]، كانوا [[الكنيسة الرومانية الكاثوليكية|رومًا كاثوليك]] متحالفين مع [[الإمبراطورية البيزنطية]]، ولكن [[ألبوين ملك اللومبارد|ألبوين]] تحول إلى [[آريوسية|الأريوسية]] كحليف [[قوط شرقيون|للقوط الشرقيين]] وغزا إيطاليا. أثرت هذه التحولات المسيحية في معظمها في الطبقة الأرستقراطية فقط حيث ظل عامة الناس وثنيين.

في إيطاليا، جرى تنصير اللومبارد بشكل مكثف وكان الضغط عليهم لاعتناق الكاثوليكية كبيرًا. ومع وصول [[ثيوديليندا]] الملكة الكاثوليكية ذات الأصول البافارية، خضع النظام الملكي لتأثير كاثوليكي ثقيل. بعد الدعم الأولي للحزب المعادي لروما في الانشقاق الثلاثي الفصول، بقيت ثيوديليندا على اتصال وثيق وداعم للبابا [[غريغوري الأول]]. في 603، تلقى ولي العهد [[أدالوالد ملك اللومبارد|أدالوالد]] معمودية كاثوليكية. خلال القرن المقبل، استمرت الأريوسية والوثنية في [[أوستريا (لومبارد)|أوستريا]] (شمال شرق إيطاليا) ودوقية بينيفنتو. كان تعاقب الملوك الأريوسيين عسكريًا عنيفًا وشكل تهديدًا للبابوية في روما. في القرن السابع، كانت الطبقة الأرستقراطية مسيحية اسميًا في بينيفنتو لا تزال تمارس طقوسًا وثنية، مثل التضحيات في الغابة «المقدسة». ومع ذلك وفي نهاية عهد [[كونينكبرت ملك اللومبارد|كونينكبرت]]، كان أغلب اللومبارد كاثوليكيين. تحت حكم [[ليوتبراند ملك اللومبارد|ليوتبراند]] أصبحت الكاثوليكية حقيقية حيث سعى الملك لتبرير لقب «ملك إيطاليا» من خلال توحيد جنوب شبه الجزيرة بشمالها وجمع رعاياه الإيطاليين الرومان والجرمان في دولة واحدة كاثوليكية.

[[ملف:Beneventan.jpeg|تصغير|175px|يسار|قاعدة القديس بنديكت بالخط البنفنتي (أي اللومباردي).]]

=== المسيحية البينيفنتية ===
طورت دوقية بينيفينتو [[شعيرة]] مسيحية فريدة من نوعها في القرنين السابع والثامن. ارتبطت الطقوس البينيفنتية بالقداسات الأمبروزية أكثر من الرومانية. لم تنج الطقوس البينيفنتية في شكلها الكامل، على الرغم من أن معظم الأعياد الرئيسية والأعياد ذات الأهمية المحلية لا تزال موجودة. يبدو أن الطقوس البينيفنتية كانت أقل اكتمالًا ومنهجية وأكثر مرونة من نظيرتها الرومانية.

كان من سمات هذه الطقوس الأنشودة البينيفنتية، حيث أنها متأثرة بالتقليد اللومباردي حيث تحمل أوجه شبه بالأنشودة الأمبروزية من لومبارد ميلان. تعرف الأنشودة البينيفنتية إلى حد كبير في دورها في قداسات الشعائر البينيفنتية، كان للأناشيد البينيفنتية أدوار متعددة أدرجت في كتاب الترانيم الغريغوري. استبدلت في نهاية المطاف بالأنشودة الغريغورية في القرن الحادي عشر.

كان المركز الرئيسي للترانيم البينيفنتية هو مونتي كاسينو، وهي واحدة من أوائل وأكبر الأديرة في عالم الرهبنة الغربية. تبرع [[جيزولف الثاني من بينيفنتو]] بمساحة كبيرة من الأرض إلى [[مونتيكاسينو]] في 744 والتي أصبحت أساسًا لدولة مهمة هي أراضي القديس بندكت والتي كانت تخضع لروما. كان تأثير الكاسينية على المسيحية في جنوب إيطاليا هائلًا. كان مونتي كاسينو أيضًا نقطة البداية لسمة أخرى من سمات الرهبنة البينيفنتية: استخدام الخط البينيفنتي المتميز، وهو خط واضح زاوي مستمد من المخطوط الروماني كما استخدمه اللومبارد.

== الفن والعمارة ==
خلال تاريخهم البدوي، عرف اللومبارد القليل من الفن والذي صعب حمله معهم في ترحالهم المستمر، مثل الأسلحة والحلي والمجوهرات. رغم أن القليل نسبيًا منها قد نجا، فإنها تشبه نظيراتها لدى القبائل الجرمانية الأخرى في شمال ووسط أوروبا من العصر نفسه.

جاءت التعديلات الرئيسية الأولى على الأسلوب الجرماني اللومباردي في بانونيا وخصوصًا في إيطاليا، تحت تأثير الأنماط المحلية [[عمارة بيزنطية|البيزنطية]] والمسيحية. أدى التحول من البداوة والوثنية إلى التمدن والمسيحية إلى فتح مجالات جديدة للتعبير الفني مثل الهندسة المعمارية (خصوصًا الكنائس) وفنونها الزخرفية المصاحبة (مثل اللوحات الجدارية).
=== العمارة ===
{{مفصلة|عمارة لومباردية}}
[[ملف:Fara Gera d'Adda3.JPG|تصغير|يسار|200px|بازيليكية أوتاريانا في [[فارا جيرا دادا]].]]
نجت القليل من المباني اللومباردية حيث أن معظمها قد دمر أو أعيد بناؤه أو تجديده في مرحلة ما وحوفظ على القليل جدًا من هيكله اللومباردي الأصلي. جرت دراسة العمارة اللومباردية بشكل واسع في القرن العشرين، ومن الأعمال حولها كتاب «نصب التاريخ المصور» من عام 1919 ل[[آرثر كنجسلي بورتر]] من أربعة مجلدات حول الهندسة المعمارية اللومباردية.

قد تعد كنيسة أوراتوريو دي سانتا ماريا الصغيرة في فالي في [[تشفيدالي ديل فريولي]] على الأرجح واحدة من أقدم القطع المحفوظة من الهندسة المعمارية اللومباردية، حيث كانت تشيفيدالي المدينة اللومباردية الأولى في إيطاليا. حفظت أجزاء من الإنشاءات اللومباردية في [[بابية (إيطاليا)|بافيا]] ([[سان بييترو في تشيل دورو]] وسراديب [[سانت إيوسيبيو]] وسان جيوفاني دومناروم) وفي [[كاتدرائية مونزا]]. تحتوي أيضًا كل من بازيليكية أوتاريانا في [[فارا جيرا دادا]] قرب [[بيرغامو]] وكنيسة سان سالفاتوري في [[بريشا|بريشيا]] عناصر لومباردية. كانت تلك المباني في شمال إيطاليا ([[لانغوبارديا الكبرى]])، إلا أن أفضل الهياكل اللومباردية المحفوظة تقع في جنوب إيطاليا ([[لانغوبارديا الصغرى]]). بنيت كنيسة [[سانتا صوفيا (بينيفينتو)|سانتا صوفيا]] في [[بنبنت|بينيفينتو]] في 760 من قبل الدوق [[أريكيس الثاني من بينيفينتو|أريكيس الثاني]]. حافظت على لوحاتها الجدارية اللومباردية وحتى الأحرف اللومباردية على الأعمدة.

من خلال قوة الدفع التي قدمها [[ملك كاثوليكي|الملوك الكاثوليك]] مثل [[ثيوديليندا]] و[[ليوتبراند ملك اللومبارد|ليوتبراند]] و[[ديسيديريوس ملك اللومبارد|ديسيديريوس]] تشكلت الأديرة لتعزيز سيطرتهم السياسية وازدهرت العمارة اللومباردية. تأسس [[دير بوبيو]] خلال هذه الفترة.

تم العثور في بعض الهياكل اللومباردية المتأخرة من القرنين التاسع والعاشر على عناصر مرتبطة [[عمارة رومانسكية|بالعمارة الرومانسكية]] وقد أطلق عليها «الرومانسكية الأولى». تعتبر هذه المباني إلى جانب بعض المباني المماثلة في [[جنوب فرنسا]] و[[كتالونيا|كاتالونيا]] علامة على مرحلة انتقالية بين مرحلة ما قبل الرومانسيكية والرومانسكية الكاملة.

== معرض صور ==
<gallery>
File:Cividale Ratchis1.JPG
File:Arte longobarda, da sutri, bicchiere a forma di corno, fine VI-inizio VII sec.JPG
File:Cividale Tempietto Longobardo - Westwand Märtyrerinnen 1.jpg
File:Langobardic - Shroud Cross - Walters 571773.jpg
File:Cividale fibula1.jpg
File:Langobardic - Fibula - Walters 542440.jpg
</gallery>

== طالع أيضًا ==
* [[قبائل جرمانية شرقية]]
* [[عصر الهجرات]]

== المراجع ==
{{مراجع|2}}
{{مواضيع إيطاليا}}
{{شعوب جرمانية}}
{{لومبارديا}}
{{ملوك جرمانيون}}
{{شريط بوابات|إيطاليا}}

{{تصنيف كومنز|Lombards}}

{{ضبط استنادي}}

[[تصنيف:تاريخ إيطاليا]]
[[تصنيف:سويبيون]]
[[تصنيف:شعوب جرمانية]]
[[تصنيف:عصر الهجرات]]
[[تصنيف:لومبارد]]
[[تصنيف:الإمبراطورية البيزنطية في عقد 560]]