عرض مصدر الفتح الإسلامي لأرمينية

{{معلومات نزاع عسكري
| اسم_النزاع = الفتحُ الإسلاميُّ لِأَرْمِيْنَيِة
| جزء_من     = [[فتوحات إسلامية|الفُتوحاتُ الإسلاميَّة]]
| صورة       = Mohammad adil rais-Invasion of Anatolia and Armenia-ar.PNG
| تعليق      = خريطة تُظهر مسار الحملات الإسلاميَّة في أقصى شمالي الشَّام والأناضول وأرمينية خلال العصر الراشدي.
| تاريخ      = [[22 هـ|22هـ]] / [[642]]م - [[127 هـ|127هـ]] / [[744]]م 
| مكان       = [[أرمينية (منطقة تاريخية)|أرمينية]] ([[منطقة الأناضول الشرقية|الأناضول الشرقيَّة]] و[[القوقاز|القفقاس]])
| نتيجة      = 
نصرٌ إسلاميٌ 
* دُخُول أرمينية في حوزة المُسلمين
| خصم1       = 
[[ملف:Labarum of Constantine the Great.svg|20بك]] <small>[[أرمينيا البيزنطية|أرمينية البيزنطيَّة]]</small>
----
[[ملف:Marzbanate.svg|20بك]] <small>[[أرمينيا الفارسية|أرمينية الفارسيَّة]]</small>
----
[[ملف:Davestar.jpg|20بك]] <small>[[خانية الخزر|خانيَّة الخزر]]</small>
| خصم2       = [[ملف:BlackFlag.svg|20بك]] <small>[[الخلافة الراشدة|دولة الخلافة الراشدة]]</small>
----
[[ملف:Umayyad Flag.svg|حدود|22بك]] <small>[[الدولة الأموية|الدولة الأُمويَّة]]</small>
| قائد1 = [[ملف:Labarum of Constantine the Great.svg|20بك]] <small>[[هرقلوناس]]</small><br />
[[ملف:Labarum of Constantine the Great.svg|20بك]] <small>[[قسطنطين الثاني (إمبراطور بيزنطي)|قُسطنطين الثاني]]</small><br />
[[ملف:Labarum of Constantine the Great.svg|20بك]] <small>سروند بن بولس {{استسلم}}</small><br />
[[ملف:Labarum of Constantine the Great.svg|20بك]] <small>تُيُودور الرشتوني {{استسلم}}</small><br />
[[ملف:Labarum of Constantine the Great.svg|20بك]] <small>الموريان الرومي {{قفم}}</small><br />
----
[[ملف:Marzbanate.svg|20بك]] <small>شهربراز الفارسي {{استسلم}}</small>
----
[[ملف:Davestar.jpg|20بك]] <small>ألب طرخان</small><br />
[[ملف:Davestar.jpg|20بك]] <small>[[برسبيت]]</small><br />
[[ملف:Davestar.jpg|20بك]] <small>بارجيك طرخان {{قفم}}</small><br />
[[ملف:Davestar.jpg|20بك]] <small>خزر طرخان {{قفم}}</small><br />
[[ملف:Davestar.jpg|20بك]] <small>طومان شاه {{استسلم}}</small>
| قائد2 = [[ملف:BlackFlag.svg|20بك]] <small>[[عمر بن الخطاب|عُمر بن الخطَّاب]]</small><br />
[[ملف:BlackFlag.svg|20بك]] <small>[[عثمان بن عفان|عُثمان بن عفَّان]]</small><br />
[[ملف:BlackFlag.svg|20بك]] <small>[[عياض بن غنم|عياض بن غنم الفهري]]</small><br />
[[ملف:BlackFlag.svg|20بك]] <small>[[عثمان بن أبي العاص|عُثمان بن أبي العاص]]</small><br />
[[ملف:BlackFlag.svg|20بك]]  <small>[[قائمة الصحابة|سُراقة بن عمرو]]</small><br />
[[ملف:BlackFlag.svg|20بك]]  <small>[[عبد الرحمن بن ربيعة الباهلي|عبدُ الرحمٰن بن ربيعة]]</small><br />
[[ملف:BlackFlag.svg|20بك]]  <small>[[سلمان بن ربيعة الباهلي|سلمان بن ربيعة]]</small><br />
[[ملف:BlackFlag.svg|20بك]]  <small>[[حبيب بن مسلمة]]</small><br />
----
[[ملف:Umayyad Flag.svg|حدود|22بك]] <small>[[محمد بن مروان|مُحمَّد بن مروان]]</small><br />
[[ملف:Umayyad Flag.svg|حدود|22بك]] <small>[[مسلمة بن عبد الملك]]</small><br />
[[ملف:Umayyad Flag.svg|حدود|22بك]] <small>[[الجراح الحكمي|الجرَّاح الحكمي]] {{قفم}}</small><br />
[[ملف:Umayyad Flag.svg|حدود|22بك]] <small>[[سعيد بن عمرو الحرشي|سعيد بن عمرو]]</small><br />
[[ملف:Umayyad Flag.svg|حدود|22بك]] <small>[[مروان بن محمد|مروان بن مُحمَّد]]</small>
| سبقه = *[[الفتح الإسلامي للشام]]
*[[الفتح الإسلامي لفارس]]}}{{صندوق حملة الفتوحات الإسلامية}}{{حروب عمر بن الخطاب}}
'''الفَتحُ الإسلَامِيُّ لِأَرْمِيْنَيِة''' أو '''الغَزْوُ الإسْلَامِيُّ لِأَرْمِيْنَيِة''' {{أرمنية|Հայաստանի իսլամական գրավումը}} وفي بعض المصادر ذات الصبغة القوميَّة خُصُوصًا يُعرفُ هذا الحدث باسم '''الفَتْحُ العَرَبِيُّ لِأَرْمِيْنَيِة''' {{أرمنية|Արաբական արշավանքները Հայաստան}}، هو سلسلة من الحملات العسكريَّة التي قام بها المُسلمون لِفتح [[أرمينية (منطقة تاريخية)|أرمينية]]، وهي المنطقة المُكوَّنة من [[منطقة الأناضول الشرقية|الأناضول الشرقيَّة]] و[[القوقاز|القفقاس]] تحت راية [[الخلافة الراشدة|دولة الخلافة الراشدة]] أولًا، ثُمَّ تحت راية [[الدولة الأموية|الخِلافة الأُمويَّة]] بعد انتقال الأمر إلى [[بنو أمية (توضيح)|بني أُميَّة]]. جرت أولى مُحاولات فتح أرمينية خِلال عهد الخليفة [[عمر بن الخطاب|عُمر بن الخطَّاب]] عندما أرسل جيشًا بِقيادة [[عياض بن غنم|عياض بن غنم الفهري]] سنة [[18 هـ|18هـ]] المُوافقة لِسنة [[640]]م، لِإتمام فتح [[الجزيرة الفراتية|الجزيرة الفُراتيَّة]]، فكان من نتائج هذه الحملة التوغُّل في سُهُول الجزيرة والوصول لِأرمينية وفتح مُدن [[سميساط]] و[[سنجار]] و[[خابور (الفرات)|الخابور]] و[[ميافارقين]] و[[آمد]] و[[ماردين]] ودارا و[[أرزنجان|أرزن]] و[[بدليس]] و[[أخلاط]].<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[البلاذري|البلاذري، أبو الحسن أحمد بن يحيی بن جابر بن داود البغدادي]]|عنوان= فُتُوح البُلدان|صفحة= 175 - 176|سنة= [[1988]]م|ناشر= دار ومكتبة الهلال|تاريخ الوصول= [[22 ديسمبر|22 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار=https://shamela.ws/browse.php/book-12221#page-172| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190531133401/http://shamela.ws/browse.php/book-12221 | تاريخ أرشيف = 31 مايو 2019 }}</ref><ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمد بن جرير الطبري|الطبري، أبو جعفر مُحمَّد بن جُریر بن يزید بن کثير بن غالب]]|مؤلف2= تحقيق: [[محمد أبو الفضل إبراهيم|مُحمَّد أبو الفضل إبراهيم]]|عنوان= تاريخ الرُسل والمُلُوك|المجلد=الجُزء الرابع|طبعة= الثانية|صفحة= 102|سنة= [[1387 هـ|1387هـ]] - [[1967]]م|ناشر= دار المعارف|تاريخ الوصول= [[22 ديسمبر|22 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]|مسار= https://ia802500.us.archive.org/21/items/WAQ17280/trm04.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190812192054/https://ia802500.us.archive.org/21/items/WAQ17280/trm04.pdf | تاريخ أرشيف = 12 أغسطس 2019 }}</ref> ثُمَّ توجَّه قسمٌ من الحملة إلى بلاد [[غلاطية]] دون أن ينجح في فتحها، في حين أرسل عياض [[عثمان بن أبي العاص|عُثمان بن أبي العاص الثقفي]] على رأس القسم الآخر، فافتتح قسمًا إضافيًّا من [[أرمينيا البيزنطية|أرمينية البيزنطيَّة]] وصالح [[أرمن|الأرمن]] على الجزية، دينارٌ على كُلِّ بيت.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[ابن الأثير الجزري|ابن الأثير الجزري، عز الدين أبي الحسن عليّ بن مُحمَّد الموصلِّي الشيباني]]|مؤلف2= تحقيق: أبي الفداء عبد الله القاضي|عنوان= الكامل في التاريخ|المجلد=المُجلَّد الثاني|طبعة= الأولى|صفحة= 378|سنة= [[1407 هـ|1407هـ]] - [[1987]]م|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|تاريخ الوصول= [[22 ديسمبر|22 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://ia802707.us.archive.org/15/items/WAQkamilt/kamilt02.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200110055703/https://ia802707.us.archive.org/15/items/WAQkamilt/kamilt02.pdf | تاريخ أرشيف = 10 يناير 2020 }}</ref><ref name="الألوكة">{{استشهاد ويب| الأخير =أبو الفضل| الأول  =محمود ثروت| تاريخ =[[16 رمضان]] [[1436 هـ|1436هـ]] - [[3 يوليو|3 تمُّوز (يوليو)]] [[2015]]م| مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20181222203911/https://www.alukah.net/culture/0/88770/| تاريخ أرشيف =[[22 ديسمبر|22 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م| مسار  =https://www.alukah.net/culture/0/88770/| عنوان =غزاة حبيب بن مسلمة.. يوم فتح المُسلمون أرمينية| موقع =[[شبكة الألوكة]]| تاريخ الوصول =[[22 ديسمبر|22 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م}}</ref> وفي سنة [[21 هـ|21هـ]] المُوافقة لِسنة [[642]]م، توجهت حملةٌ أُخرى إلى مدينة [[دربند (روسيا)|باب الأبواب]] على رأس أربعة جيوش بقيادة [[قائمة الصحابة|سُراقة بن عمرو]] وتمكنت هذه الحملة من مصالحة أمير المدينة على الجزية.

عاد المُسلمون لِفتح باقي أنحاء البلاد الأرمنيَّة خِلال خِلافة [[عثمان بن عفان|عُثمان بن عفَّان]]، فكتب الأخير إِلى [[معاوية بن أبي سفيان|مُعاوية بن أبي سُفيان]]، وهو عامله على [[بلاد الشام|الشَّام]] والجزيرة الفُراتيَّة وثغورها يأمره أن يُوجِّه [[حبيب بن مسلمة|حبيب بن مسلمة الفهري]] إِلَى أرمينية لِإتمام فتحها، وقيل إنَّ عُثمان كتب إلى حبيب مُباشرةً يأمره بغزو أرمينية، فنهض إليها في ستة آلاف وقيل في ثمانية آلاف من أهل الشَّام والجزيرة الفُراتيَّة، فحاصر مدينة [[أرضروم|قاليقلا]] لِيُصالحه بعض أهلها على الجزية، فيما فضَّل آخرون الجلاء عنها، فلحقوا بِبلاد الرُّوم، ثُمَّ سيَّر مُعاوية ألفيّ رجل أسكنهم قاليقلا وأقطعهم بها القطائع وجعلهم مُرابطين بها.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[البلاذري|البلاذري، أبو الحسن أحمد بن يحيی بن جابر بن داود البغدادي]]|عنوان= فُتُوح البُلدان|صفحة= 196 - 197|سنة= [[1988]]م|ناشر= دار ومكتبة الهلال|تاريخ الوصول= [[22 ديسمبر|22 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار=https://shamela.ws/browse.php/book-12221#page-193| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190531133401/http://shamela.ws/browse.php/book-12221 | تاريخ أرشيف = 31 مايو 2019 }}</ref> حشد البيزنطيُّون جيشًا كبيرًا لِمُواجهة حبيب بن مسلمة، فمدَّهُ الخليفة بِستَّة آلاف مُقاتل، وقيل اثني عشر ألفًا، خرجوا من [[الكوفة]] بِقيادة [[سلمان بن ربيعة الباهلي]]، فهزم الروم على [[الفرات|نهر الفُرات]]. ثُمَّ زحف حبيب داخل أرمينية فافتتح مُدن دُبيل والنشوى وجرزان و[[تبليسي|تفليس]]. ثُمَّ توقَّفت الفُتُوحات شرقًا وغربًا بسبب اضطراب الأحوال الداخليَّة في بلاد المُسلمين نهاية خِلافة عُثمان بن عفَّان.<ref name="الألوكة" /><ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= شبارو، عصام مُحمَّد|عنوان= الدولة العربيَّة الإسلاميَّة الأولى|طبعة= الثالثة|صفحة= 345|سنة= [[1995]]م|ناشر= [[دار النهضة العربية (بيروت)|دار النهضة العربيَّة]]|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]}}</ref>

انتفضت أرمينية على الحُكم الإسلامي خِلال فتنة [[عبد الله بن الزبير|عبد الله بن الزُبير]]، ولمَّا استَتبَّ الأمر لِبني أُميَّة وتوحَّد المُسلمون مُجددًا سنة [[73 هـ|73هـ]] المُوافقة لِسنة [[692]]م، ولَّى [[عبد الملك بن مروان]] أخاه [[محمد بن مروان|مُحمَّدًا]] على الجزيرة الفُراتيَّة وأرمينية، فغزا منها وغلب على البلاد وأعادها لِلطاعة. وبعد مُحمَّد بن مروان آل الأمر إلى [[مسلمة بن عبد الملك]] الذي افتتح بلادًا في أقاصي القفقاس واحتكَّ بالتُرك والخزر، وحقق انتصاراتٍ باهرةٍ عليهم، وسالم مُلُوك [[جبال القوقاز|جبال تلك الأنحاء]]. ولمَّا تولَّى [[مروان بن محمد|مروان بن مُحمَّد]] شؤون أرمينية، وطَّد الأمن والاستقرار فيها، وفرض هيبة الدولة في نُفُوس الناس، وهزم الخزر والتُرك مرارًا وافتتح حُصُونًا وبلادًًا جديدة، فنعمت أرمينية بِالسلام والاستقرار، وانصرف المُسلمون إلى تعميرها.

اتسمت حياة الأرمن قبل الفتح الإسلامي بِعدم الاستقرار، إذ عاشوا قبل الإسلام في صراعاتٍ ومعارك مُستمرَّة وتمزُّق وضياع، فكان الأُمراء الأرمن يتقاتلون مع بعضهم البعض ومع رجال الدين، وكان هُناك نزاعاتٌ دائمة بين هؤلاء وأولئك وبين فئات الشعب الفقيرة، فوقعت البلاد الأرمنيَّة في أيدي الفُرس الساسانيين والروم البيزنطيين، وتقاسمتها تلك القوتان الإقليميتان وشطرتها إلى قسمين: [[أرمينيا الفارسية|فارسي]] و[[أرمينيا البيزنطية|بيزنطي]]، وتميَّزت أرمينية البيزنطيَّة تحديدًا بِالثورات السياسيَّة والدينيَّة نظرًا لِرفض الأرمن [[مونوفيزية|اليعاقبة المونوفيزيين]] اعتناق مذهب الإمبراطوريَّة [[مسيحية خلقيدونية|الخلقيدوني]]، لِذلك وجدوا في الإسلام ملاذًا يلجأون إليه لِلحفاظ على هويتهم الدينيَّة والقوميَّة في وجه الروم. وفي الحقيقة فإنَّ عددًا كبيرًا من الأرمن، خاصَّةُ الأشراف والحُكَّام، لم يندمجوا في الدولة الإسلاميَّة، ولم يرضوا بِطاعة المُسلمين، وذلك على الرُغم من تحرُّرهم من سيطرة البيزنطيين واعتراف الخِلافة بِحقهم في اعتناق المذهب المسيحي الذي يرغبون به دون أي اضطهاد، وبالتالي فقد نقضوا الطاعة مرارًا، مُحاولين الاحتفاظ بِهويَّتهم وشخصيَّتهم القوميَّة المُميزة، عن طريق التمسُّك [[اللغة الأرمنية|بِلُغتهم]] و[[الكنيسة الرسولية الأرمنية|كنيستهم الوطنيَّة]]،<ref name="درغام">{{استشهاد ويب| الأخير =درغام| الأول  =عطا| تاريخ =[[22 ديسمبر|22 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2015]]م| مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20181222212218/http://www.m.ahewar.org/s.asp?aid=497716&r=0| تاريخ أرشيف =[[22 ديسمبر|22 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م| مسار  =https://www.m.ahewar.org/s.asp?aid=497716&r=0| عنوان =تاريخ الأرمن في مصر الإسلاميَّة في مائة عام هجريَّة، من سنة 466 - 566هـ \ 1073 - 1171م| موقع =[[الحوار المتمدن|شبكة الحوار المُتمدِّن]]| تاريخ الوصول =[[22 ديسمبر|22 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م}}</ref> فبقي القسم الأعظم من الأرمن على [[المسيحية|المسيحيَّة]] ولم [[استعراب (توضيح)|يستعربوا]]. ورُغم تناقض الموقف الأرمني، فقد منحهم المُسلمون استقلالًا محدودًا وذلك لإدراك الخِلافة لِأهميَّة الموقع الاستراتيجي لِأرمينية، الضروري لِحماية أمن الدولة الإسلاميَّة وحُدُودها، فشكَّل الأرمن حاجزًا بين ديار الإسلام وبين شُعُوب ما وراء القفقاس الذين زحفوا - بِإيعازٍ من الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة في كثيرٍ من الأحيان - ناحية بلاد المُسلمين بِهدف إضعاف القُوَّة العسكريَّة الإسلاميَّة.<ref name="درغام" />

== أوضاع أرمينية قُبيل الفُتُوحات الإسلاميَّة ==
=== الوضع الجُغرافي والإداري ===
[[ملف:Armenia Prior to Muslim Conquest-ar.png|تصغير|الحُدُود التقريبيَّة لِبلاد أرمينية كما عرفها الفُرس والروم والمُسلمون قُبيل الفتح الإسلامي وخلاله، وهي تمتد عبر دُول [[أرمينيا]] و[[تركيا|تُركيَّا]] و[[أذربيجان]] و[[جورجيا]] المُعاصرة.]]
أرمينية إقليمٌ جبليّ، تمتد من مدينة [[بردعة|برذعة]] إلى [[دربند (روسيا)|باب الأبواب]] شرقًا، ويقطعها [[جبال القوقاز|جبل القبق]] - وهو ضمن سلسلة جبال القفقاس الكُبرى - من جهة الشمال، و[[الأناضول|آسيا الصُغرى]] غربًا،<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[ابن الفقيه|ابن الفقيه الهمذاني، أبو بكر شهاب‌ الدين أحمد بن مُحمَّد بن إسحٰق بن إبراهيم الأخباري]]|عنوان= مُختصر كتاب البُلدان|صفحة= 286|سنة= [[1302 هـ|1302هـ]]|ناشر= [[دار بريل للنشر|دار بريل لِلنشر]]|تاريخ الوصول=[[24 ديسمبر|24 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[لايدن]] - [[مملكة هولندا]]|مسار=https://upload.wikimedia.org/wikisource/ar/1/13/%D9%85%D8%AE%D8%AA%D8%B5%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%84%D8%AF%D8%A7%D9%86_%D9%84%D8%A7%D8%A8%D9%86_%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%82%D9%8A%D9%87.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20181224220452/https://upload.wikimedia.org/wikisource/ar/1/13/مختصر_البلدان_لابن_الفقيه.pdf | تاريخ أرشيف = 24 ديسمبر 2018 }}</ref> وبلاد العراق وبعض حُدُود الجزيرة الفُراتيَّة جنوبًا.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[الإصطخري|الإصطخري، أبو القاسم إبراهيم بن مُحمَّد الكرخي]]|عنوان= المسالك والممالك|صفحة= 345|سنة= [[1873]]|ناشر=[[دار بريل للنشر|دار بريل لِلنشر]] |تاريخ الوصول= [[24 ديسمبر|24 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[لايدن]] - [[مملكة هولندا]]|مسار= https://upload.wikimedia.org/wikisource/ar/0/08/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D9%84%D9%83_%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%83.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20171225203131/https://upload.wikimedia.org/wikisource/ar/0/08/المسالك_والممالك.pdf | تاريخ أرشيف = 25 ديسمبر 2017 }}</ref> وكانت الحُدود الأرمنيَّة الغربيَّة تُقررها الأوضاع السائدة بين الفُرس والروم، قُبيل وخِلال زمن الفتح الإسلامي. وتكوَّن إقليم أرمينية من أربعة أقسامٍ إداريَّة:<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[ابن خرداذبة|ابن خرداذبة، أبو القاسم عُبيد الله بن عبد الله]]|عنوان= المسالك والممالك|صفحة= 122|سنة= [[1306 هـ|1306هـ]]|ناشر= [[دار بريل للنشر|دار بريل لِلنشر]]|تاريخ الوصول= [[24 ديسمبر|24 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[لايدن]] - [[مملكة هولندا]]|مسار= https://upload.wikimedia.org/wikisource/ar/c/c1/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D9%84%D9%83_%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%83_%D9%84%D8%A7%D8%A8%D9%86_%D8%AE%D8%B1%D8%AF%D8%A7%D8%B0%D8%A8%D9%87.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20181225030714/https://upload.wikimedia.org/wikisource/ar/c/c1/المسالك_والممالك_لابن_خرداذبه.pdf | تاريخ أرشيف = 25 ديسمبر 2018 }}</ref><ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[ياقوت الحموي|الحموي، شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي]]|عنوان= مُعجم البُلدان|طبعة= الثانية|صفحة= 160|سنة= [[1995]]|ناشر= دار صادر|المجلد= الجُزء الأوَّل|تاريخ الوصول= [[24 ديسمبر|24 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://shamela.ws/browse.php/book-23735/page-155| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20181224220143/http://shamela.ws/browse.php/book-23735/page-155 | تاريخ أرشيف = 24 ديسمبر 2018 }}</ref>
* '''أرمينية الأولى''': تتكوَّن من السيسجان و[[ألبانيا القوقازية|أرَّان]] و[[تبليسي|تفليس]] وبرذعة و[[بيلقان|البيلقان]] و[[قابالا|قبلة]] و[[شروان]].
* '''أرمينية الثانية''': تتكوَّن من جُرزان وصُغدبيل وباب فيروز قُباذ واللَّكز.
* '''أرمينية الثالثة''': وتضم البُسفرجان ودبيل وسراج طير وبغروند ونشوى.
* '''أرمينية الرابعة''': وتشمل [[صمصاد|شمشاط]] و[[أخلاط]] و[[أرضروم|قاليقلا]] و[[إرجيش]] وباجُنيس.
و[[الجغرافيا في عصر الحضارة الإسلامية|الجُغرافيُّون العرب والمُسلمون القُدامى]]، مُتفقون على هذا التقسيم، ولكنَّهم مُختلفون على التفاصيل، واختلاف الجُغرافيين الذين جاءوا بعد جُغرافيي [[قرن 4 هـ|القرن الرابع الهجري]] هو بِإضافة أسماء المُدن الجديدة التي أنشأها المُسلمون بعد الفتح.<ref name="خطاب">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمود شيت خطاب|خطَّاب، محمود شيت]]|عنوان= قادة الفتح الإسلامي في أرمينية|طبعة= الأولى|صفحة= 22|سنة= [[1419 هـ|1419هـ]] - [[1998]]م|ناشر= دار الأندلُس الخضراء ودار ابن حزم|تاريخ الوصول= [[24 ديسمبر|24 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[جدة|جدَّة]] - [[السعودية|السُعُوديَّة]]؛ [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://ia802507.us.archive.org/31/items/waq59837/59837.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191217042316/https://ia802507.us.archive.org/31/items/waq59837/59837.pdf | تاريخ أرشيف = 17 ديسمبر 2019 }}</ref> وجبل القبق - الذي يقطع أرمينية - فهو يمتد من الشمال إلى الجنوب بِطول 1,200 كيلومتر، ويقطعه ممرَّان: الأوَّل عن طريق مدينة باب الأبواب، والثاني عن طريق باب اللَّان، ويُطلق عليه حاليًا [[بوابات الإسكندر|ممر داربيل]]، وقد استُخدم هذان الممران عبر العُصُور لِلتنقُّل بين جانبيّ جبل القفقاس، ولِلعمليَّات العسكريَّة غزوًا وفتحًا.<ref name="خطاب" />

=== الأوضاع السياسيَّة ===
[[ملف:Derbent winter.jpg|تصغير|حصنٌ ساسانيٌّ في [[دربند (روسيا)|الدربند (باب الأبواب)]]. بُني في سبيل حماية الإمبراطوريَّة الفارسيَّة من غارات القبائل التُركيَّة والخزريَّة.]]
موقعُ أرمينية بين إمبراطوريتين كبيرتين: [[الإمبراطورية الساسانية|الفارسيَّة الساسانيَّة]] و[[الإمبراطورية البيزنطية|الروميَّة البيزنطيَّة]]، عرَّضها لِلاحتلال في جُزءٍ منها أو كُلِّها،<ref group="ْ">Farrokh, Dr. Kaveh. ''Shadows in the Desert: Ancient Persia at War''. [[أكسفورد]]: Osprey Publishing, [[2007]]. p. 234</ref> فإذا اشتدَّ ساعد الفُرس كان لهم حصَّة الأسد من أرمينية، وإذا قوي الروم ضمُّوا أجزاء كبيرة منها إلى بلادهم، وهكذا كانت هذه المنطقة ساحة من ساحات الصراع بين الإمبراطوريتين الكبيرتين. ولم يقتصر موقع أرمينية الجُغرافي على تعريضها لِهجمات الفُرس والروم فحسب، بل عرَّضها لِهجمات الأُمم الطامعة فيها إذا سنحت لهم الفُرصة لِلتوسُّع نحوها، ومن أبرز الأقوام التي كانت تُغير بين الحين والآخر على تلك البلاد، [[خزر|الخزر]]، الذين كانوا يخرجون فيُغيرون، ويصلون في بعض الأحيان إلى مدينة [[دينور|الدينور]] من أعمال [[زاغروس|جبال زاگروس]] في بلاد الفُرس، مُجتازين أرمينية إلى جارتها الساسانيَّة.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[البلاذري|البلاذري، أبو الحسن أحمد بن يحيی بن جابر بن داود البغدادي]]|عنوان= فُتُوح البُلدان|صفحة= 194|سنة= [[1988]]م|ناشر= دار ومكتبة الهلال|تاريخ الوصول= [[22 ديسمبر|22 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار=https://shamela.ws/browse.php/book-12221/page-172#page-191| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20181225031000/http://shamela.ws/browse.php/book-12221/page-172 | تاريخ أرشيف = 25 ديسمبر 2018 }}</ref> وفي عهد الشاه الفارسي [[قباذ بن فيروز|قُباذ بن فيروز]] اكتسحت الجُيُوش الساسانيَّة قسمًا كبيرًا من أرمينية وضمَّتها إلى الإمبراطوريَّة الساسانيَّة، وابتنى الشاه المذكور في القفقاس الكثير من التحصينات العظيمة بما فيها باب الأبواب،<ref>{{EB1911|inline=1|wstitle=Derbent|volume=8|page=64}}</ref> وسُدَّ اللبن وباب اللَّان، وغيرها، في سبيل رد غارات الخزر والقبائل التُركيَّة بِالإضافة إلى الجُيُوش البيزنطيَّة. وتولَّى المُلك بعد قُباذ ابنه [[كسرى الأول|كسرى أنوشيروان]]، فبنى المزيد من التحصينات كان أغلبها عبارة عن المزيد من «الأبواب»، وهي مُدنٌ بُنيت على طريق الجبال لِتكون حُصونًا استراتيجيَّة،<ref group="ْ">Frye, Richard N. ''The Heritage of Persia''. Costa Mesa: Mazda Publishers, [[1993]]. p 260.</ref> وأسكنها قومًا سمَّاهم «السياسيجين». ولم يكتفِ أنوشيروان بِالتحصينات التي أنشأها والمُدن والحُصُون الدفاعيَّة التي أقامها دفاعًا عن مملكته تجاه التُرك والخزر والروم، بل قسَّم إمبراطوريَّته ومنها أرمينية تقسيمات إداريَّة ثابتة، وجعل على كُلِّ قسمٍ إداريٍّ منها [[ساتراب|مرزبانًا]] مسؤولًا أمامه مُباشرةً، لِيُدافع كُل مرزبانٍ محليٍّ عن منطقته ما استطاع بِقُوَّاته المحليَّة، فإذا أخفق في دفاعه سنده جيرانه بِأمر كسرى، فإذا استفحل الخطر، زجَّ كسرى بِقُوَّات الجيش الساساني في المعركة.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمود شيت خطاب|خطَّاب، محمود شيت]]|عنوان= قادة الفتح الإسلامي في أرمينية|طبعة= الأولى|صفحة= 43|سنة= [[1419 هـ|1419هـ]] - [[1998]]م|ناشر= دار الأندلُس الخضراء ودار ابن حزم|تاريخ الوصول= [[24 ديسمبر|24 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[جدة|جدَّة]] - [[السعودية|السُعُوديَّة]]؛ [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://ia802507.us.archive.org/31/items/waq59837/59837.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191217042316/https://ia802507.us.archive.org/31/items/waq59837/59837.pdf | تاريخ أرشيف = 17 ديسمبر 2019 }}</ref>
[[ملف:Mohammad adil rais-map1-ar.png|تصغير|خريطة تُظهر الحُدُود التقريبيَّة بين فارس والروم، والمعارك التي جرت بين الإمبراطوريتين في أرمينية والجزيرة الفُراتيَّة قُبيل الفتح الإسلامي.]]
ولمَّا كانت أُمُور الفُرس تستب في بعض الأزمنة، كان المرازبة المحليُّون يتولُّون إدارة أرمينية، ولمَّا تستتب أُمُور الروم وينتصرون على الفُرس، يتولَّى مُلُوك الطوائف البيزنطيين أُمور أرمينية، وكثيرًا ما تأرجح ولاء بعض هؤلاء الحُكَّام بين قياصرة الروم وشواهين الفُرس، ومنهم على سبيل المِثال سمبات بن عمانوئيل البقرادوني، الذي كان قائدًا في الجيش البيزنطي ثُمَّ بدَّل ولائه لِصالح الفُرس والتحق بِخدمة الشاه [[كسرى الثاني]]، فعيَّنه مرزبانًا على [[هيركانيا|وركانة]]،<ref group="ْ">{{استشهاد بكتاب | الأخير=Martindale | الأول=John R. | مؤلف2-الأخير=Jones | مؤلف2-الأول=A.H.M. | مؤلف3-الأخير=Morris | مؤلف3-الأول=John | الفصل = Symbatius 1 | صفحات = 1209–1211 | عنوان=The Prosopography of the Later Roman Empire: Volume III, AD 527–641 | سنة=1992 | ناشر=Cambridge University Press | isbn=0-521-20160-8}}</ref><ref group="ْ">{{استشهاد ويب|مسار=https://iranicaonline.org/articles/smbat-bagratuni |عنوان=SMBAT BAGRATUNI | عمل = Encyclopaedia Iranica |ناشر=Iranicaonline.org | الأخير = Garsoian | الأول = Nina |تاريخ=2005-07-20 |تاريخ الوصول=2013-08-10| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190517102428/http://www.iranicaonline.org/articles/smbat-bagratuni | تاريخ أرشيف = 17 مايو 2019 }}</ref> ومنهم أيضًا وارازتيروتس بن سمبات الذي خلع طاعة الفُرس والتحق بِخدمة الإمبراطور البيزنطي [[هرقل]]، فعيَّنه [[بطارقة الروم|بطريركًا]] على أرمينية وقدَّمه على سائر البطاركة،<ref group="ْ">{{استشهاد بكتاب | الأخير=Martindale | الأول=John R. | مؤلف2-الأخير=Jones | مؤلف2-الأول=A.H.M. | مؤلف3-الأخير=Morris | مؤلف3-الأول=John | الفصل = Varaztiroch | صفحات = 1363–1364 | عنوان=The Prosopography of the Later Roman Empire: Volume III, AD 527–641 | سنة=1992 | ناشر=Cambridge University Press | isbn=0-521-20160-8}}</ref> بعدما نجح الروم في [[الحرب الساسانية البيزنطية 602-628|إيقاف زحف الجُيُوش الساسانيَّة]] باتجاه الغرب، فاستعادوا آسيا الصُغرى، وتقدَّموا طاردين جُيُوش كسرى من أرمينية وأذربيجان. وفي السنوات التالية استولى الخزر على باب الأبواب وتحالفوا مع الروم،<ref name="كريستنسن">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= كريستنسن، أرثر|مؤلف2= ترجمة: يحيى الخشَّاب|عنوان= إيران في عهد الساسانيين|طبعة= الأولى|صفحة= 431|سنة= [[1980]]|ناشر= [[دار النهضة العربية (بيروت)|دار النهضة العربيَّة]]|تاريخ الوصول= [[24 ديسمبر|24 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://ia802706.us.archive.org/12/items/4378278492373/aeran-fy-ahd-alsasaneen.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200110055741/https://ia802706.us.archive.org/12/items/4378278492373/aeran-fy-ahd-alsasaneen.pdf | تاريخ أرشيف = 10 يناير 2020 }}</ref> وغلبوا على ما كان في أيدي السياسيجين من قبل، بعدما تخلَّى هؤلاء عن حُصُونهم ومدائنهم، لا سيَّما وأنَّ الحلف البيزنطي الخزري ألحق بِالفُرس هزيمةً نكراء لم يتعافوا منها،<ref group="ْ">{{استشهاد بكتاب
|الفصل = The Khazars and Byzantium –The First Encounter|الأخير = Zuckerman |الأول = Constantine|عنوان = The World of the Khazars:New Perspectives|محرر1-الأخير = Golden |محرر1-الأول = Peter B. |محرر1-وصلة =:en:Peter Benjamin Golden|محرر2-الأخير = Ben-Shammai, |محرر2-الأول = Haggai|محرر3-الأخير = Róna-Tas |محرر3-الأول = András |محرر3-وصلة =:en:András Róna-Tas|سنة = 2007|المجلد = 17 |صفحات = 417|ناشر = BRILL|سلسلة = Handbuch der Orientalistik: Handbook of Uralic studies|مسار = https://books.google.com/books/about/The_World_of_the_Khazars.html%3Fid%3D3ZzXjdyK-CEC|isbn = 978-90-04-16042-2| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20160929050439/https://books.google.com/books/about/The_World_of_the_Khazars.html?id=3ZzXjdyK-CEC | تاريخ أرشيف = 29 سبتمبر 2016 }}</ref> ولم يتمكنوا من استرجاع أرمينية مُجددًا. ويُقال إنَّ حوالي 40,000 مُقاتلٍ خزريٍّ دعموا هرقل في حربه ضدَّ الفُرس، فأقرَّهم على البلاد التي سيطروا عليها تقديرًا لِخدماتهم.<ref group="ْ">{{استشهاد بكتاب|عنوان = Heraclius, Emperor of Byzantium|طبعة = الثانية|الأخير = Kaegi |الأول = Walter Emil|مؤلف-وصلة =:en:Walter Kaegi|سنة = 2003|ناشر = [[:en:Cambridge University Press|Cambridge University Press]]|مسار = https://books.google.com/books?id=tlNlFZ_7UhoC&pg=PA142|تاريخ الوصول = 12 February 2013|isbn = 978-0-521-81459-1|صفحة= 145| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190827173403/https://books.google.com/books?id=tlNlFZ_7UhoC | تاريخ أرشيف = 27 أغسطس 2019 }}</ref> وهكذا يُلاحظ أنَّ أرمينية كانت، قُبيل الفتح الإسلامي، مسرحًا لِلحرب بين الإمبراطوريتين الفارسيَّة والبيزنطيَّة من جهة، وبين هاتين الإمبراطوريتين والغُزاة من التُرك والخزر من جهةٍ أُخرى، وكان حُكَّامها يُوالون الطرف الأقوى أو الطرف الذي تملي عليهم مصلحتهم أن يُوالوه، فلم تعرف البلاد استقرارًا سياسيًّا دائمًا.

=== الأوضاع السُكَّانيَّة ===
سكن أرمينية خليطٌ من الأقوام الهندوأوروپيَّة [[شعوب إيرانية|الإيرانيَّة]] و[[ترك|الطورانيَّة]]، من أبرزها:
[[ملف:RadzivillChronicleFol8rb.jpg|تصغير|مُنمنمة غربيَّة تُصوَّرُ بعض الصقالبة والإفرنج والشماليين يدفعون الجزية إلى خاقان الخزر في سبيل تفادي شرِّه، في إشارةٍ إلى ما كان عليه الخزر من القُوَّة والبأس قُبيل الفُتُوحات الإسلاميَّة في أرمينية.]]
* '''[[خزر|الخزر]]''': من أكبر وأقوى الأُمم التي سكنت أرمينية، وهُم قومٌ من أصلٍ تُركيّ،<ref name="كريستنسن" /> ولكنَّ لُغتهم ليست تُركيَّة ولا فارسيَّة، بل هي لُغة خاصَّة بهم لا يُشاركهم فيها فريقٌ من الأُمم، ويُحتمل أنَّ انعزالهم عن سائر التُرك وطُول مُدَّة اختلاطهم بِجيرانهم الآخرين ساهم في تطوير لُغتهم حتَّى أصبحت خاصَّةً بهم، تختلف عن التُركيَّة واللُغات المحكيَّة الأُخرى، ولو أنها لا تخلو من مُفرداتٍ تُركيَّةٍ وأُخرى محليَّة.<ref group="ْ">{{استشهاد بموسوعة|موسوعة = The World of the Khazars: New Perspectives|عنوان = Khazar Studies: Achievements and Perspectives|الأخير = Golden |الأول = Peter B.|مؤلف-وصلة =:en:Peter Benjamin Golden|محرر1-الأخير = Golden |محرر1-الأول = Peter B. |محرر1-وصلة =:en:Peter Benjamin Golden|محرر2-الأخير = Ben-Shammai, |محرر2-الأول = Haggai|محرر3-الأخير = Róna-Tas |محرر3-الأول = András |محرر3-وصلة =:en:András Róna-Tas|سنة = 2007a|ناشر = BRILL|سلسلة = Handbook of Oriental Studies|المجلد = 17|مسار = https://books.google.com/books?id=3ZzXjdyK-CEC&pg=PR2#v=onepage&p=123|تاريخ الوصول = 13 February 2013|isbn = 978-90-04-16042-2|صفحات = 91, 13–14| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20180918042253/https://books.google.com/books?id=3ZzXjdyK-CEC&pg=PR2 | تاريخ أرشيف = 18 سبتمبر 2018 }}</ref> وقد استقرَّ الخزر في المنطقة الواقعة خلف مدينة باب الأبواب على الساحل الشمالي الغربي من [[بحر قزوين]] - الذي سُمي «بحر الخزر» تيمنًا بهم - بِالقُرب من مصب [[فولغا|نهر الڤولغا]]، وامتدَّ موطنهم عبر جبال القفقاس من جهة، وإلى إقليم [[خوارزم]] من جهةٍ أُخرى. واعتنق الخزر [[المسيحية|المسيحيَّة]] و[[وثنية|الوثنيَّة]]، وكانت علاقتهم بِالروم علاقةً طيِّبة، خاصَّةً في المُدَّة التي سبقت الفتح الإسلامي لِأرمينية، حيثُ عاونوا الإمبراطور هرقل على قتال الفُرس كما أُسلف،<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[أسد رستم|رُستم، أسد جبرائيل]]|عنوان= الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب|طبعة= الأولى|صفحة= 227|سنة= [[1955]]|المجلد=الجُزء الأوَّل|ناشر= دار المكشوف|تاريخ الوصول= [[25 ديسمبر|25 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://drive.google.com/file/d/0ByXHTfVWuXRfTU1mVkRzN19BR3M/view|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200110055757/https://drive.google.com/file/d/0ByXHTfVWuXRfTU1mVkRzN19BR3M/view|تاريخ أرشيف=2020-01-10}}</ref> ولعلَّ العداء المُستحكم بين الخزر والفُرس هو الذي ساعد على توطيد العلاقات بينهم وبين الروم.
* '''[[كرد|الكُرد]]''': ورد ذكر الأكراد في المصادر الأرمنيَّة على أنهم من جُملة سُكَّان البلاد، وكانوا موجودين في أرمينية في أواخر القرن التاسع ق.م في منطقة [[بحيرة وان|بُحيرة وان]]، كما انتشروا في منطقة أرَّان، والرَّاجح أنهم نزحوا إليها وإلى أرمينية من [[أذربيجان (إيران)|أذربيجان]]. ولا يُعرف على وجه اليقين أصل الأكراد ومنشئهم، ومن المُحتمل أنهم هاجروا في الأصل من شرقيّ إيران إلى الغرب في المنطقة التي أصبحت تُعرف بِ[[كردستان|كُردستان]] واستوطنوا فيها مُنذُ فجر التاريخ، وهذا لا يمنع وُجُود أقوام في تلك المنطقة قبل الهجرة إليها، فاختلط الشعب الوافد بِتلك الأقوام واندمج فيها اندماجًا كُليًّا، فصاروا أُمَّةً واحدةً على مدى الأيَّام.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمد أمين زكي|زكي بك، مُحمَّد أمين]]|مؤلف2= نقله إلى العربيَّة: مُحمَّد علي عوني|عنوان= خُلاصة تاريخ الكُرد وكُردستان من أقدم العُصُور التاريخيَّة حتَّى الآن|صفحة= 41 - 46|سنة= [[1936]]|ناشر= مطبعة السعادة|تاريخ الوصول= [[25 ديسمبر|25 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[القاهرة]] - [[المملكة المصرية|مصر]]|مسار= https://archive.org/details/KholasetTarikhAlKord/page/n62| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200323223436/https://archive.org/details/KholasetTarikhAlKord/page/n62 | تاريخ أرشيف = 23 مارس 2020 }}</ref>
* '''[[شعب اللاز|اللَّكز]]''': قومٌ استوطنوا سلسلة جبال القفقاس وجبل القبق وما يلي باب الأبواب. اشتهروا بِخلقهم وأجسامهم الضخمة، وكان لهم ضياع عامرة وكُور مأهولة، وتكوَّن مُجتمعهم من طبقاتٍ ثلاث: طبقة المُلُوك، وطبقة الخماشرة، وطبقة الأكرة والمُهَّان.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[مجد الدين الفيروزآبادي|الفيروزآبادي، أبو طاهر مُجيد الدين مُحمَّد بن يعقوب بن مُحمَّد بن إبراهيم الشيرازي]]|عنوان= القاموس المُحيط|طبعة= الجديدة للونان|صفحة= 273|المجلد=الجُزء الثاني|سنة= [[2007]]|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|تاريخ الوصول= [[25 ديسمبر|25 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://books.google.com.lb/books?id=_RlxDwAAQBAJ&pg=PT272&lpg=PT272&dq=اللكز&source=bl&ots=eiLgSpBLp0&sig=cC51qp9Lt0MhlQpL-RCSXrNiA0Y&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwiN1YqN57vfAhUCSxUIHcWhB9I4FBDoATAHegQIAhAB#v=onepage&q=اللكز&f=false|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200323221726/https://books.google.com.lb/books?id=_RlxDwAAQBAJ&pg=PT272&lpg=PT272&dq=اللكز&source=bl&ots=eiLgSpBLp0&sig=cC51qp9Lt0MhlQpL-RCSXrNiA0Y&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwiN1YqN57vfAhUCSxUIHcWhB9I4FBDoATAHegQIAhAB#v=onepage&q=اللكز&f=false|تاريخ أرشيف=2020-03-23}}</ref><ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[سامي المغلوث|المغلوث، سامي بن عبد الله بن أحمد]]|عنوان= أطلس الفُتُوحات الإسلاميَّة في عهد الخُلفاء الراشدين|طبعة= الأولى|صفحة= 318|سنة= [[1431 هـ|1431هـ]] - [[2010]]م|ناشر= [[مكتبة العبيكان]]|ردمك= 9789960548517|تاريخ الوصول= [[25 ديسمبر|25 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[الرياض]] - [[السعودية|السُعُوديَّة]]|مسار= https://archive.org/details/FP116769c/page/n318| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200323223427/https://archive.org/details/FP116769c/page/n318 | تاريخ أرشيف = 23 مارس 2020 }}</ref>
* '''الضَّارية''': من الأقوام المسيحيَّة. امتدَّت بلادهم بين قلعة باب اللَّان ومدينة [[تبليسي|تفليس]]، ومن المُحتمل أن يكون أصلهم [[عرب]]ًا. وقد استنصر بهم هرقل في هُجُومه على الفُرس بسبب قُوَّتهم العسكريَّة، التي جعلتهم مستظهرين على جيرانهم من الأُمم.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمود شيت خطاب|خطَّاب، محمود شيت]]|عنوان= قادة الفتح الإسلامي في أرمينية|طبعة= الأولى|صفحة= 29|سنة= [[1419 هـ|1419هـ]] - [[1998]]م|ناشر= دار الأندلُس الخضراء ودار ابن حزم|تاريخ الوصول= [[24 ديسمبر|24 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[جدة|جدَّة]] - [[السعودية|السُعُوديَّة]]؛ [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://ia802507.us.archive.org/31/items/waq59837/59837.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191217042316/https://ia802507.us.archive.org/31/items/waq59837/59837.pdf | تاريخ أرشيف = 17 ديسمبر 2019 }}</ref><ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[سعيد بن البطريق|ابن البطريق، سعيد]]|عنوان= كتاب التاريخ المجموع على التحقيق والتصديق|صفحة= 2|سنة= [[1909]]|ناشر= مطبعة الآباء اليسوعيين|تاريخ الوصول= [[25 ديسمبر|25 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[بيروت]] - [[الدولة العثمانية|الدولة العُثمانيَّة]]|مسار= https://archive.org/details/KitabAlTarikhAlMagmoa/page/n248| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200323223432/https://archive.org/details/KitabAlTarikhAlMagmoa/page/n248 | تاريخ أرشيف = 23 مارس 2020 }}</ref>
* '''الدُّودانيَّة''': كانوا قومًا جاهليَّةً لا يرجعون إلى ملك،<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[المسعودي|المسعودي، أبو الحسن عليّ بن الحُسين]]|عنوان= مُرُوج الذهب ومعادن الجوهر|طبعة= الأولى|صفحة= 183|سنة= [[1986]]|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|ردمك= 2745113844|تاريخ الوصول= [[28 ديسمبر|28 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://books.google.com.lb/books?id=JIZ0DwAAQBAJ&pg=PT196&lpg=PT196&dq=الدودانية&source=bl&ots=j1-o8zDVp1&sig=dq8W-nsYj0GTCx5R0OgofnoNbB4&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwiHwa-hw8PfAhXIC-wKHeHnBt44ChDoATAEegQIBhAB#v=onepage&q=الدودانية&f=false|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200323221727/https://books.google.com.lb/books?id=JIZ0DwAAQBAJ&pg=PT196&lpg=PT196&dq=الدودانية&source=bl&ots=j1-o8zDVp1&sig=dq8W-nsYj0GTCx5R0OgofnoNbB4&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwiHwa-hw8PfAhXIC-wKHeHnBt44ChDoATAEegQIBhAB#v=onepage&q=الدودانية&f=false|تاريخ أرشيف=2020-03-23}}</ref> وادَّعوا بأنهم ينتسبون إلى [[بنو أسد|بني أسد]] عن طريق دُودان بن أسد بن خُزيمة، فإن صحَّ هذا فإنهم كانوا من العرب، ويُحتمل أنهم كانوا من القبائل التي نقلها كسرى أنوشيروان من [[شبه الجزيرة العربية|شبه الجزيرة العربيَّة]] إلى كور أرَّان لِلدفاع عن بلاده من خطر الخزر، فبنى لهم الحُصُون والقلاع وأطلق عليها «أبواب الدُّودانيَّة».<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[شهاب الدين النويري|النُويري، شهاب الدين أحمد بن عبد الوهَّاب بن مُحمَّد التيمي البكري]]|عنوان= نهاية الأرب في فنون الأدب|المجلد=الجُزء الرابع عشر|طبعة= الأولى|صفحة= 263|سنة= [[1424 هـ|1424هـ]] - [[2004]]م|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|تاريخ الوصول= [[28 ديسمبر|28 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://books.google.com.lb/books?id=b6l6DwAAQBAJ&pg=PT255&lpg=PT255&dq=الدودانية&source=bl&ots=ajH4e5pp_v&sig=DSpez0KGPIe177LApE9gHdFZ3Aw&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwiHwa-hw8PfAhXIC-wKHeHnBt44ChDoATAIegQIABAB#v=onepage&q=الدودانية&f=false|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200323221729/https://books.google.com.lb/books?id=b6l6DwAAQBAJ&pg=PT255&lpg=PT255&dq=الدودانية&source=bl&ots=ajH4e5pp_v&sig=DSpez0KGPIe177LApE9gHdFZ3Aw&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwiHwa-hw8PfAhXIC-wKHeHnBt44ChDoATAIegQIABAB#v=onepage&q=الدودانية&f=false|تاريخ أرشيف=2020-03-23}}</ref><ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[البلاذري|البلاذري، أبو الحسن أحمد بن يحيی بن جابر بن داود البغدادي]]|عنوان= فُتُوح البُلدان|طبعة= الرابعة عشر|صفحة= 120|سنة= 2013|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|تاريخ الوصول= [[28 ديسمبر|28 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://books.google.com.lb/books?id=2_FHDwAAQBAJ&pg=PT119&lpg=PT119&dq=الدودانية&source=bl&ots=mTzgch8tyq&sig=RIuWM8oKPwIpxpTHFd3kIt07fhs&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwiHwa-hw8PfAhXIC-wKHeHnBt44ChDoATACegQIBRAB#v=onepage&q=الدودانية&f=false|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200323221730/https://books.google.com.lb/books?id=2_FHDwAAQBAJ&pg=PT119&lpg=PT119&dq=الدودانية&source=bl&ots=mTzgch8tyq&sig=RIuWM8oKPwIpxpTHFd3kIt07fhs&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwiHwa-hw8PfAhXIC-wKHeHnBt44ChDoATACegQIBRAB#v=onepage&q=الدودانية&f=false|تاريخ أرشيف=2020-03-23}}</ref>
* '''[[طاجيك|الصُّغديُّون]]''': قومٌ إيرانيُّون يرجعون بأصلهم إلى [[بلاد فارس|فارس]]. سكنوا مدينة صُغدبيل الواقعة على نهر الكُّر في الجانب الشرقيّ منه قبالة تفليس. وقد بنى مدينتهم كسرى أنوشيروان،<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[مرتضى الزبيدي|الزُبيدي، أبو الفيض مُحمَّد مُرتضی بن مُحمَّد البلكرامي الحُسيني]]|عنوان= تاج العروس من جواهر القاموس|المجلد=الجُزء السابع|طبعة= الأولى|صفحة= 166|سنة= [[2011]]|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|تاريخ الوصول= [[28 ديسمبر|28 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://books.google.com.lb/books?id=OsV9DwAAQBAJ&pg=PT473&lpg=PT473&dq=تاج+العروس+صغد&source=bl&ots=SXZBnhUtLF&sig=BXA44-FSuyFfKoNH4gcrLYRXBS8&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwjyu530ysPfAhWiPOwKHRNqB7MQ6AEwAXoECAIQAQ#v=onepage&q=تاج%20العروس%20صغد&f=false|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200323221731/https://books.google.com.lb/books?id=OsV9DwAAQBAJ&pg=PT473&lpg=PT473&dq=تاج+العروس+صغد&source=bl&ots=SXZBnhUtLF&sig=BXA44-FSuyFfKoNH4gcrLYRXBS8&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwjyu530ysPfAhWiPOwKHRNqB7MQ6AEwAXoECAIQAQ#v=onepage&q=تاج%20العروس%20صغد&f=false|تاريخ أرشيف=2020-03-23}}</ref> وأنزلها قومًا من أهل [[بلاد الصغد|الصُّغد]] من أبناء فارس، وجعلها مَسلحة.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[ابن الأثير الجزري|ابن الأثير الجزري، عز الدين أبي الحسن عليّ بن مُحمَّد الموصلِّي الشيباني]]|مؤلف2= تحقيق: أبي الفداء عبد الله القاضي|عنوان= الكامل في التاريخ|المجلد =الجُزء الأوَّل|طبعة= المُعادة|صفحة= 340|سنة= [[2010]]|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|ردمك= 2745100467|تاريخ الوصول= [[28 ديسمبر|28 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://books.google.com.lb/books?id=lPp7DwAAQBAJ&pg=PT337&lpg=PT337&dq=صغدبيل&source=bl&ots=kpzk4rCnVb&sig=_zwOOIOP3IAxArrVn1l61iJnUJU&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwjmiNPwzcPfAhVhMOwKHdEFAosQ6AEwCHoECAEQAQ#v=onepage&q=صغدبيل&f=false|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200323221732/https://books.google.com.lb/books?id=lPp7DwAAQBAJ&pg=PT337&lpg=PT337&dq=صغدبيل&source=bl&ots=kpzk4rCnVb&sig=_zwOOIOP3IAxArrVn1l61iJnUJU&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwjmiNPwzcPfAhVhMOwKHdEFAosQ6AEwCHoECAEQAQ#v=onepage&q=صغدبيل&f=false|تاريخ أرشيف=2020-03-23}}</ref><ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[ياقوت الحموي|الحموي، شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي]]|عنوان= مُعجم البُلدان|طبعة= الثانية|صفحة= 161|سنة= [[1995]]|ناشر= دار صادر|المجلد= الجُزء الأوَّل|تاريخ الوصول= [[28 ديسمبر|28 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://shamela.ws/browse.php/book-23735/page-156| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20181229032008/http://shamela.ws/browse.php/book-23735/page-156 | تاريخ أرشيف = 29 ديسمبر 2018 }}</ref> وقد حصَّن الصُّغديُّون منطقتهم لِحمايتها من هجمات الخزر وغيرهم.
* '''[[أرمن|الأرمن]]''': سُكَّان أرمينية الأصليُّون، وهُم ينتسبون إلى [[جنس آري|العرق الآري]]. يُعتقد بأنهم يتحدرون من نفس الشعب الذي تحدَّر منه [[يونانيون|الإغريق]]، وإنَّ هذا الشعب كان يستوطن الساحل الشمالي الشرقي [[البحر الأسود|لِبحر البنطس (البحر الأسود)]]، ثُمَّ انقسم إلى مجموعتين، انحدرت إحداهما إلى الجنوب الشرقي عبر القفقاس بينما توجَّهت الأُخرى غربًا عبر الساحل الجنوبي لِلبحر المذكور.<ref group="ْ">{{استشهاد بدورية محكمة|الأخير=Hamp|الأول=Eric P.|عنوان=The Expansion of the Indo-European Languages: An Indo-Europeanist's Evolving View|صحيفة=Sino-Platonic Papers|تاريخ=August 2013|المجلد=239|صفحات=8, 10, 13|مسار=http://sino-platonic.org/complete/spp239_indo_european_languages.pdf|تاريخ الوصول=8 February 2014| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190802070158/http://sino-platonic.org/complete/spp239_indo_european_languages.pdf | تاريخ أرشيف = 2 أغسطس 2019 }}</ref> استوطن الأرمن البلاد المُحيطة بِ[[جبل أرارات]] بما فيها مدينة قاليقلا ومُحيط بُحيرة وان وحوض نهر الكُر.
تكلَّم أكثريَّة سُكَّان أرمينية [[اللغة البهلوية|اللُغة الفارسيَّة الفهلويَّة]]، أمَّا سُكَّان مدينة دُبيل ونشوى وضواحيهما فتكلَّموا [[اللغة الأرمنية|الأرمنيَّة]]،<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[الإصطخري|الإصطخري، أبو القاسم إبراهيم بن مُحمَّد الكرخي]]|مؤلف2= تحقيق: مُحمَّد جابر عبد العال الحيني|عنوان= المسالك والممالك|صفحة= 112 - 113|ناشر= الهيئة العامة لِقُصُور الثقافة|تاريخ الوصول= [[28 ديسمبر|28 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]|مسار= https://shamela.ws/book/11680/124#p1| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20181229075746/https://al-maktaba.org/book/11680/124 | تاريخ أرشيف = 29 ديسمبر 2018 }}</ref> وكذلك سُكَّان مدينة تفليس.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[ابن عبد الحق|ابن عبد الحق البغدادي، صفيُّ الدين عبد المُؤمن القطيعي الحنبلي]]|مؤلف2=تحقيق: علي مُحمَّد البجَّاوي|عنوان= مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع|طبعة= الأولى|صفحة= 266|سنة= [[1373 هـ|1373هـ]] - [[1954]]م|ناشر= دار المعرفة لِلطباعة والنشر|تاريخ الوصول= [[28 ديسمبر|28 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://ia800301.us.archive.org/24/items/waq11765/11765.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200110055810/https://ia800301.us.archive.org/24/items/waq11765/11765.pdf | تاريخ أرشيف = 10 يناير 2020 }}</ref> وقد تعدَّدت اللُغات في جبال القفقاس، بحيث نطقت كُلُّ قرية تقريبًا بِلُغتها الخاصَّة، ولم يكن بعضها يفهم بعضًا إلَّا بِتُرجُمان.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[ابن فضل الله العمري|العُمري، أبو العبَّاس شهاب الدين أحمد بن فضل الله بن يحيى بن أحمد]]|مؤلف2= تحقيق: مهدي النجم|عنوان= مسالك الأبصار في ممالك الأمصار|المجلد=الجُزء الثاني|طبعة= الأولى|صفحة= 106 - 107|سنة= [[2010]]|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|تاريخ الوصول= [[28 ديسمبر|28 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://books.google.com.lb/books?id=U42BDwAAQBAJ&pg=PT86&lpg=PT86&dq=لغات+جبل+القبق&source=bl&ots=R2_v1f3ahZ&sig=skzD50QsSDpEExO_OoZF4F5RRqQ&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwjGnoG52sPfAhUtsqQKHU5YDZUQ6AEwA3oECAoQAQ#v=onepage&q=لغات%20جبل%20القبق&f=false|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200323221732/https://books.google.com.lb/books?id=U42BDwAAQBAJ&pg=PT86&lpg=PT86&dq=لغات+جبل+القبق&source=bl&ots=R2_v1f3ahZ&sig=skzD50QsSDpEExO_OoZF4F5RRqQ&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwjGnoG52sPfAhUtsqQKHU5YDZUQ6AEwA3oECAoQAQ#v=onepage&q=لغات%20جبل%20القبق&f=false|تاريخ أرشيف=2020-03-23}}</ref>

=== الأوضاع الدينيَّة ===
{{أيضا|كنيسة الأرمن الأرثوذكس|زرادشتية|تنغرية{{!}}تنگريَّة}}
[[ملف:Tiridates III of Armenia-Baptism.jpg|يمين|معدول|تصغير|تعميد الملك تيرداد الثالث.]]
اعتنق الأرمن المسيحيَّة مُنذُ سنة [[301]]م، وكانت أرمينية أولى البلاد في العالم التي اتخذت المسيحيَّة دينًا رسميًّا لها،<ref group="ْ">{{استشهاد ويب|مسار=http://www.ncccusa.org/news/01news36a.html |عنوان=Armenia first nation to adopt Christianity as a state religion. |تاريخ الوصول=2007-02-27 |مسار أرشيف=https://www.webcitation.org/5wQJe0KAo?url=http://www.ncccusa.org/news/01news36a.html |تاريخ أرشيف=11 فبراير 2011 |حالة المسار=live}}</ref> وأبرز الأدلَّة على ذلك ما كتبه المُؤرِّخ الأرمني «أگاتانج» في مُؤلَّفه حامل عنوان «تاريخ الأرمن»، وقال فيه أنَّ الملك تيرداد الثالث (ح. 301\314م) [[معمودية|تعمَّد]] على يد القدِّيس جرجير المُنوِّر، وما لبث أن أعلن المسيحيَّة الديانة الرسميَّة لِبلاده.<ref group="ْ">[http://www.vehi.net/istoriya/armenia/agathangelos/en/AGATHANGELOS.html '''Agathangelos''', History of St. Gregory and the Conversion of Armenia] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20180930174742/http://www.vehi.net/istoriya/armenia/agathangelos/en/AGATHANGELOS.html |date=30 سبتمبر 2018}}</ref> لم تقبل الكنيسة الأرمنيَّة، مع كنائس شرقيَّة أُخرى، مُقررات [[مجمع خلقيدونية|مجمع خلقدونية]] الذي انعقد سنة [[451]]م، وقال بِأُلوهيَّة وإنسانيَّة [[يسوع|المسيح]] الكاملة، وتمسَّكت بِتعاليم البطريرك [[كيرلس الأول (بابا الإسكندرية)|كيرلس السَّكندري]] القائل [[مونوفيزية|بِالطبيعة الواحدة لِلمسيح]]، فوقع الخلاف بينها وبين الكنيسة الروميَّة، وتوسَّع الشرخ بينهما بسبب التنافس على النُفُوذ بين الكراسي البطريركيَّة والسُلطات المدنيَّة، ووجدت الكنيسة الأرمنيَّة نفسها في طرف الكنائس اللاخلقيدونيَّة، مع شقيقاتها الكنائس [[الكنيسة القبطية الأرثوذكسية|القبطيَّة]] و[[الكنيسة السريانية الأرثوذكسية|السُريانيَّة اليعقوبيَّة]]. وفي مجمع دُبيل في سنة [[554]]م، ثبَّتت الكنيسة الأرمنيَّة رفضها لِتعاليم مجمع خلقيدونية، فانقطعت شراكتها مع الكنسية البيزنطية و[[بطريركية القسطنطينية المسكونية|كُرسي القُسطنطينيَّة]] و[[بابوية كاثوليكية|روميَّة]].<ref>{{استشهاد ويب| مسار أرشيف  =https://web.archive.org/web/20181229225352/http://www.donboscomor.org/ar/الـرئـيـســـيــة/331-argomenti-educativi/مواضيع-دينية/923-الكنيســة-الأرمنيـــة| تاريخ أرشيف =[[29 ديسمبر|29 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م| مسار  =http://www.donboscomor.org/ar/%D8%A7%D9%84%D9%80%D8%B1%D8%A6%D9%80%D9%8A%D9%80%D8%B3%D9%80%D9%80%D9%80%D9%8A%D9%80%D9%80%D8%A9/331-argomenti-educativi/%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%B6%D9%8A%D8%B9-%D8%AF%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9/923-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%86%D9%8A%D8%B3%D9%80%D9%80%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%85%D9%86%D9%8A%D9%80%D9%80%D9%80%D8%A9| عنوان =الكنيســة الأرمنيـــة| موقع =سالزيان الشرق الأوسط| تاريخ الوصول =[[29 ديسمبر|29 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م}}</ref><ref>{{استشهاد ويب| الأخير =الزيباوي| الأول  =محمود| تاريخ =[[14 مارس|14 آذار (مارس)]] [[2015]]م| مسار أرشيف  =https://web.archive.org/web/20181229231141/https://newspaper.annahar.com/article/221081-بيت-كيليكيا-الجديد| تاريخ أرشيف =[[29 ديسمبر|29 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م| مسار  =https://newspaper.annahar.com/article/221081-%D8%A8%D9%8A%D8%AA-%D9%83%D9%8A%D9%84%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF| عنوان =بيت كيليكيا الجديد| موقع =[[النهار (جريدة لبنانية)|صحيفة النهار]]| مكان =[[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]| تاريخ الوصول =[[29 ديسمبر|29 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م}}</ref> حاول البيزنطيُّون فرض مذهبهم على الأرمن بِالقُوَّة، فتعرَّض هؤلاء لِعاصفةٍ من الاضطهاد المذهبي، لكنهم ثبتوا ورفضوا اعتناق المذهب الخلقيدوني،<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= القاسمي، خالد بن مُحمَّد مُبارك|عنوان= العلاقات الخارجيَّة في العصر الإسلامي|طبعة= الأولى|صفحة= 28|سنة= [[2008]]|ناشر= الدار الثقافيَّة لِلنشر|ردمك= 9773392449|تاريخ الوصول= [[29 ديسمبر|29 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]|مسار= https://books.google.com.lb/books?id=RtYnDwAAQBAJ&pg=PT15&lpg=PT15&dq=%D8%A7%D8%B6%D8%B7%D9%87%D8%A7%D8%AF+%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%B2%D9%86%D8%B7%D9%8A%D9%8A%D9%86+%D9%84%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%85%D9%86&source=bl&ots=qMVDkIUZ2e&sig=p-EUxN6d-MJb7W8ugvPiM8Td_-s&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwi_wpWRlsbfAhUOsaQKHflkAnUQ6AEwBHoECAUQAQ#v=onepage&q=%D8%A7%D8%B6%D8%B7%D9%87%D8%A7%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%B2%D9%86%D8%B7%D9%8A%D9%8A%D9%86%20%D9%84%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%85%D9%86&f=false|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200323221733/https://books.google.com.lb/books?id=RtYnDwAAQBAJ&pg=PT15&lpg=PT15&dq=%D8%A7%D8%B6%D8%B7%D9%87%D8%A7%D8%AF+%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%B2%D9%86%D8%B7%D9%8A%D9%8A%D9%86+%D9%84%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%85%D9%86&source=bl&ots=qMVDkIUZ2e&sig=p-EUxN6d-MJb7W8ugvPiM8Td_-s&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwi_wpWRlsbfAhUOsaQKHflkAnUQ6AEwBHoECAUQAQ#v=onepage&q=%D8%A7%D8%B6%D8%B7%D9%87%D8%A7%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%B2%D9%86%D8%B7%D9%8A%D9%8A%D9%86%20%D9%84%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%85%D9%86&f=false|تاريخ أرشيف=2020-03-23}}</ref> وانتهجت الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة سياسةً رسميَّةً مُتشددة مع الأرمن وغيرهم من الشُعُوب المسيحيَّة في الإمبراطوريَّة، وسعت إلى تقويض الاستقلال الذاتي لِكنائس هذه الشُعُوب وإلى فرض احترام العقائد المجمعيَّة بِحرفيَّتها، واضطهدت رجال الدين الأرمن، مما عاد عليها بِمقتٍ شديدٍ، وجعل الأرمن يتطلَّعون إلى أي قُوَّةٍ خارجيَّةٍ تقدر على تخليصهم من تسلُّط الروم.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[جورج قرم|قُرم، جورج]]|عنوان= تعدد الأديان وأنظمة الحُكم|طبعة= الرابعة |صفحة= 187|سنة= [[2011]]|ناشر= دار الفارابي|ردمك= 9789953716541|تاريخ الوصول= [[29 ديسمبر|29 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://books.google.com.lb/books?id=vP5iCgAAQBAJ&pg=PA187&lpg=PA187&dq=%D8%A7%D8%B6%D8%B7%D9%87%D8%A7%D8%AF+%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%B2%D9%86%D8%B7%D9%8A%D9%8A%D9%86+%D9%84%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%85%D9%86&source=bl&ots=n8wPx7-TCs&sig=eA7PSU6poIwHodt5xpYueVKr2F8&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwigktSQl8bfAhXHMewKHQQOA7o4ChDoATAAegQIChAB#v=onepage&q=%D8%A7%D8%B6%D8%B7%D9%87%D8%A7%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%B2%D9%86%D8%B7%D9%8A%D9%8A%D9%86%20%D9%84%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%85%D9%86&f=false|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200323221734/https://books.google.com.lb/books?id=vP5iCgAAQBAJ&pg=PA187&lpg=PA187&dq=%D8%A7%D8%B6%D8%B7%D9%87%D8%A7%D8%AF+%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%B2%D9%86%D8%B7%D9%8A%D9%8A%D9%86+%D9%84%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%85%D9%86&source=bl&ots=n8wPx7-TCs&sig=eA7PSU6poIwHodt5xpYueVKr2F8&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwigktSQl8bfAhXHMewKHQQOA7o4ChDoATAAegQIChAB#v=onepage&q=%D8%A7%D8%B6%D8%B7%D9%87%D8%A7%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%B2%D9%86%D8%B7%D9%8A%D9%8A%D9%86%20%D9%84%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%85%D9%86&f=false|تاريخ أرشيف=2020-03-23}}</ref>
[[ملف:Ateshga general view, Tbilisi (Photo A. Muhranoff, 2011).jpg|تصغير|أطلال بيت النار في مدينة تفليس، وهي إحدى معاقل المجوسيَّة التي خسرت مكانتها أمام المسيحيَّة.]]
تندر المصادر التي تنص على ديانة الخزر قُبيل الفُتُوحات الإسلاميَّة، لكن يغلب الظن أنهم كانوا يعتنقون ديانةً تُركيَّةً وثنيَّةً تُعرفُ [[تنغرية|بِالتنگريَّة]]، كانت تتمحور حول إله السماء [[تنكري|تنگري]]. كما يبدو أنَّ [[تبجيل الأموات|تبجيل الأموات وعبادة الأسلاف]] كانت معروفة لديهم، وكذلك [[شامانية|الأرواحيَّة]].<ref group="ْ">{{استشهاد بموسوعة|موسوعة = The World of the Khazars: New Perspectives
|عنوان = The Conversion of the Khazars to Judaism|الأخير = Golden |الأول = Peter B.|مؤلف-وصلة =:en:Peter Benjamin Golden|محرر1-الأخير = Golden |محرر1-الأول = Peter B. |محرر1-وصلة =:en:Peter Benjamin Golden|محرر2-الأخير = Ben-Shammai, |محرر2-الأول = Haggai|محرر3-الأخير = Róna-Tas |محرر3-الأول = András |محرر3-وصلة =:en:András Róna-Tas|سنة = 2007|ناشر = BRILL|صفحات = 131–133|سلسلة = Handbook of Oriental Studies|المجلد = 17|مسار = https://books.google.com/books?id=3ZzXjdyK-CEC&pg=PR2#v=onepage&p=123|تاريخ الوصول = 13 February 2013|isbn = 978-90-04-16042-2| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20180918042253/https://books.google.com/books?id=3ZzXjdyK-CEC&pg=PR2 | تاريخ أرشيف = 18 سبتمبر 2018 }}</ref> بدأ التأثير المسيحي يتغلغل في بلاد الخزر بعدما حالفوا الروم ضدَّ الفُرس، كما لعب الأرمن و[[ألبانيا القوقازية|الأرَّانيون]] دورًا في [[تنصير]] بعض الخزر من خلال [[تبشير بالإنجيل|التبشير]]، فابتنوا الأديرة والكنائس والصوامع في المناطق التي تُشكِّل [[داغستان]] المُعاصرة، والتي كانت من جُملة بلاد الخزر، فأقبل بعضهم على اعتناق المسيحيَّة، على أنَّها لم تلعب دورًا محوريًّا في حياتهم. كذلك، يظهر أنَّ فئةً من الخزر اعتنقت [[البوذية|البوذيَّة]] بِتأثيرٍ من الخانيَّات التُركيَّة المُجاورة لها.<ref group="ْ">{{استشهاد بموسوعة|موسوعة = The World of the Khazars: New Perspectives|عنوان = The Conversion of the Khazars to Judaism|الأخير = Golden |الأول = Peter B.|مؤلف-وصلة =:en:Peter Benjamin Golden|محرر1-الأخير = Golden |محرر1-الأول = Peter B. |محرر1-وصلة =:en:Peter Benjamin Golden|محرر2-الأخير = Ben-Shammai, |محرر2-الأول = Haggai|محرر3-الأخير = Róna-Tas |محرر3-الأول = András |محرر3-وصلة =:en:András Róna-Tas|سنة = 2007|ناشر = BRILL|صفحات = 124, 135|سلسلة = Handbook of Oriental Studies|المجلد = 17|مسار = https://books.google.com/books?id=3ZzXjdyK-CEC&pg=PR2#v=onepage&p=123|تاريخ الوصول = 13 February 2013|isbn = 978-90-04-16042-2| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20180918042253/https://books.google.com/books?id=3ZzXjdyK-CEC&pg=PR2 | تاريخ أرشيف = 18 سبتمبر 2018 }}</ref> شاع مذهبٌ من [[الزرادشتية|المجوسيَّة]] في القسم الفارسي من أرمينية مُنذُ [[الإمبراطورية الفرثية|العهد الأشكاني]] تقريبًا،<ref group="ْ">Mary Boyce. [https://books.google.nl/books?id=a6gbxVfjtUEC&pg=PA84&dq=armenians+zoroastrianism+christianity&hl=nl&sa=X&ved=0CCgQ6AEwAWoVChMIi5zf656SxgIVgbMsCh1xBQB1#v=onepage&q=armenians%20zoroastrianism%20christianity&f=false ''Zoroastrians: Their Religious Beliefs and Practices''] Psychology Press, 2001 {{ردمك|0415239028}}, p. 84 {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20181116045320/https://books.google.nl/books?id=a6gbxVfjtUEC&pg=PA84&dq=armenians+zoroastrianism+christianity&hl=nl&sa=X&ved=0CCgQ6AEwAWoVChMIi5zf656SxgIVgbMsCh1xBQB1 |date=16 نوفمبر 2018}}</ref> فقد عمل الفُرس على نشر [[زورانية|المذهب الزوراني]] بِنشاطٍ في البلاد الأرمنيَّة الخاضعة لهم، وابتنوا بُيُوت النار في جميع أنحائها، وذلك في سبيل مُحاربة المسيحيَّة السياسيَّة المُتمثلة بزعامة بيزنطة لِلمسيحيين حول العالم، فسعى الفُرس إلى قطع الصلة بين رعاياهم المسيحيين والبيزنطيين المُنافسين لهم على حُكم [[الشرق الأوسط]]، فدعموا المجوسيَّة على حساب المسيحيَّة، واضطهدوا النصارى في بعض الأحيان، باستثناء [[كنيسة المشرق|النساطرة]] المُعادين لِلروم،<ref group="ْ">{{استشهاد|صفحة=34|مؤلف=Wigram, W. A.|عنوان=An introduction to the history of the Assyrian Church, or, The Church of the Sassanid Persian Empire, 100–640 A.D|ناشر=Gorgias Press|isbn=1593331037|سنة=2004}}</ref> لكن رُغم ذلك، أخذت المجوسيَّة بالانحسار رويدًا رُويدًا في أرمينية مع ازدياد أعداد مُعتنقي المسيحيَّة،<ref group="ْ">Dr Stephen H Rapp Jr. [https://books.google.nl/books?id=T8VIBQAAQBAJ&pg=PA160&dq=zoroastrianism+in+georgia+decline&hl=nl&sa=X&ei=b_lXVfD4CYiS7AbDjYCoCg&ved=0CDkQ6AEwAw#v=onepage&q=zoroastrianism%20in%20georgia%20decline&f=false ''The Sasanian World through Georgian Eyes: Caucasia and the Iranian Commonwealth in Late Antique Georgian Literature''] Ashgate Publishing, Ltd., 28 September 2014. {{ردمك|1472425529}}, p. 160 {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20180803074307/https://books.google.nl/books?id=T8VIBQAAQBAJ&pg=PA160&dq=zoroastrianism+in+georgia+decline&hl=nl&sa=X&ei=b_lXVfD4CYiS7AbDjYCoCg&ved=0CDkQ6AEwAw |date=03 أغسطس 2018}}</ref> على أنها بقيت ثاني أكثر الأديان شُيُوعًا بِحُلُول زمن الفتح الإسلامي.<ref group="ْ">Ronald Grigor Suny. [https://books.google.nl/books?id=riW0kKzat2sC&pg=PA22&dq=zoroastrianism+in+east+georgia+second+established+religion&hl=nl&sa=X&ei=ivpXVc7wK5SV7Abr5IOYDw&ved=0CCkQ6AEwAA#v=onepage&q=zoroastrianism%20in%20east%20georgia%20second%20established%20religion&f=false ''The Making of the Georgian Nation''] [[:en:Indiana University Press|Indiana University Press]], 1994, {{ردمك|0253209153}}, p. 22 {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20180803074404/https://books.google.nl/books?id=riW0kKzat2sC&pg=PA22&dq=zoroastrianism+in+east+georgia+second+established+religion&hl=nl&sa=X&ei=ivpXVc7wK5SV7Abr5IOYDw&ved=0CCkQ6AEwAA |date=03 أغسطس 2018}}</ref><ref group="ْ">Roger Rosen, Jeffrey Jay Foxx. [https://books.google.nl/books?id=mEAjAQAAMAAJ&q=zoroastrianism+widely+practised+in+georgia&dq=zoroastrianism+widely+practised+in+georgia&hl=nl&sa=X&ei=-vtXVfH2HaOy7QbsqoPICA&ved=0CCgQ6AEwAQ ''The Georgian Republic, Volume 1992''] Passport Books, 1992 p. 34 {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20180803074228/https://books.google.nl/books?id=mEAjAQAAMAAJ&q=zoroastrianism+widely+practised+in+georgia&dq=zoroastrianism+widely+practised+in+georgia&hl=nl&sa=X&ei=-vtXVfH2HaOy7QbsqoPICA&ved=0CCgQ6AEwAQ |date=03 أغسطس 2018}}</ref>

=== الأوضاع العسكريَّة ===
[[ملف:Vartanantz.jpg|تصغير|مُنمنمة أرمنيَّة تُصوِّرُ الجُيُوش الفارسيَّة التي قاتل الأرمن الخاضعين لِفارس في صُفُوفها، ويبدو أنهم فعلوا ذلك عن طيب خاطر عكس ما كان يفعلون في الجُيُوش البيزنطيَّة.]]
كان الأرمن في مُقدمة العناصر الدائمة في الجُيُوش البيزنطيَّة مُنذُ [[القرن 5|القرن الخامس الميلاديّ]]، حينما أخذ الأباطرة البيزنطيُّون يعتمدون عليهم لِشدَّتهم بِفعل أنهم أهلُ جبال، وقرَّبهم بعض أولئك الأباطرة وجعلهم من خاصَّته، إذ يذكر المُؤرِّخ [[بروكوبيوس القيسراني]] أنَّ أعضاء الحرس الإمبراطوري كانوا يُنتقون «من بين أشجع الأرمن». ويبدو أنَّ الكتائب العسكريَّة الأرمنيَّة كانت أكثر عددًا وأفضل تدريبًا من باقي العناصر البشريَّة في الجُيُوش البيزنطيَّة،<ref group="ْ">C. Diehl, The Cambridge Medieval History, vol. IV; See also Schlumberger, Un Emperor byzantin au X siecle, Paris, 1890, p. 83 and 350</ref> بحيثُ كان وُجودها في ميدان المعارك يجعل الكفَّة تميل لِصالح البيزنطيين على الدوام، إذ يُقال إنَّه في [[معركة اليرموك]] سنة [[15 هـ|15هـ]] المُوافقة لِسنة [[636]]م، انخرطت كتيبة أرمنيَّة من أرمينية البيزنطيَّة في صُفُوف الجيش البيزنطي، وقد بلغ تعداد عناصرها اثني عشر ألف مُقاتل يقُودهم رجُلٌ يُدعى «جُرجة»،<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمد سهيل طقوش|طقُّوش، مُحمَّد سُهيل]]|عنوان= تاريخ الخُلفاء الراشدين: الفُتُوحات والإنجازات السياسيَّة|طبعة= الثانية|صفحة= 251|سنة= [[1432 هـ|1432هـ]] - [[2011]]م|ناشر= دار النفائس|ردمك= 9953181012|تاريخ الوصول= [[13 يناير|13 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://archive.org/stream/FP144644/144644#page/n249/mode/2up| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200110055734/https://archive.org/stream/FP144644/144644 | تاريخ أرشيف = 10 يناير 2020 }}</ref> ثُمَّ انسحبت من ميدان القتال لمَّا مالت الكفَّة لِصالح المُسلمين، نكايةً في الروم مُضطهديهم، ممَّا كان لهُ أثرٌ في هزيمة الجيش البيزنطي، إذ أحدثت تلك الخيانة خللًا واضطرابًا في صُفُوف الجُنُود البيزنطيين، فلحقت بهم الهزيمة على يد المُسلمين.<ref name="فايز">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= إسكندر، فايز نجيب|عنوان= الفتح الإسلامي لأرمينيا|طبعة= الأولى|صفحة= 17 - 19|سنة= [[2006]]|ناشر= دار الفكر العربي|ردمك= 9771021184|تاريخ الوصول= [[30 ديسمبر|30 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]|مسار= https://books.google.com.lb/books?id=fNYoDwAAQBAJ&pg=PT33&lpg=PT33&dq=%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%85%D9%86+%D9%81%D9%8A+%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4+%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%B2%D9%86%D8%B7%D9%8A&source=bl&ots=kA-S4x6AyR&sig=tGqjxugdhOCMfMwLXxupI0GClTg&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwjXweOhhcjfAhUOy6QKHQvOD1UQ6AEwBHoECAYQAQ#v=onepage&q=%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%85%D9%86%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4%20%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%B2%D9%86%D8%B7%D9%8A&f=false|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200323221735/https://books.google.com.lb/books?id=fNYoDwAAQBAJ&pg=PT33&lpg=PT33&dq=%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%85%D9%86+%D9%81%D9%8A+%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4+%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%B2%D9%86%D8%B7%D9%8A&source=bl&ots=kA-S4x6AyR&sig=tGqjxugdhOCMfMwLXxupI0GClTg&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwjXweOhhcjfAhUOy6QKHQvOD1UQ6AEwBHoECAYQAQ#v=onepage&q=%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%85%D9%86%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4%20%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%B2%D9%86%D8%B7%D9%8A&f=false|تاريخ أرشيف=2020-03-23}}</ref> ويبدو أنَّ الأرمن كان لهم وُجُودٌ في الجُيُوش الساسانيَّة كذلك، فقد ذكر المُؤرِّخ الأرمني سيبيوس - مُنفردًا دون غيره من المُؤرِّخين كافَّةً - أنَّ الأرمن كانوا طرفًا في القتال الضاري الذي دار بين المُسلمين والفُرس في [[معركة القادسية|موقعة القادسيَّة]] سنة 15هـ المُوافقة لِسنة 636م، بيد أنهم لم يتخلُّوا عنهم كما فعلوا مع الروم، بل استمرُّوا بِالقتال حتَّى انهزموا مع سائر الجُنُود الفُرس.<ref name="فايز" /> بِالمُقابل، يُقدَّر أنَّ القبائل الخزريَّة والتُركيَّة في أرمينية كانت قادرة على حشد ما بين 7 آلاف إلى 12,000 رجل وقت الحرب، وأنَّ هذه الأعداد كانت قابلة لِلتضاعف عند الضرورة، إذ كان الخزر قادرين على إلحاق القبائل التُركيَّة القاطنة في القفقاس و[[جبال الأورال]] والسُهُوب الأوكرانيَّة ومُحيط [[بحر آرال|بحر خوارزم]] بِجُيُوشهم،<ref group="ْ">{{استشهاد بدورية محكمة|عنوان = Coup d'état, Coronation and Conversion: Some Reflections on the Adoption of Judaism by the Khazar Khaganate|الأخير = Olsson |الأول =Joshua T.|صحيفة = [[:en:Journal of the Royal Asiatic Society|Journal of the Royal Asiatic Society]]|سنة =  2013 |المجلد = 23|العدد = 4 |صفحات = 495|مسار = https://www.cambridge.org/core/journals/journal-of-the-royal-asiatic-society/article/coup-detat-coronation-and-conversion-some-reflections-on-the-adoption-of-judaism-by-the-khazar-khaganate1/9EF3930E06B56026BD1B5E04BEC2F396|تاريخ الوصول = 4 October 2016|doi = 10.1017/S1356186313000266| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20181230233548/https://www.cambridge.org/core/journals/journal-of-the-royal-asiatic-society/article/coup-detat-coronation-and-conversion-some-reflections-on-the-adoption-of-judaism-by-the-khazar-khaganate1/9EF3930E06B56026BD1B5E04BEC2F396 | تاريخ أرشيف = 30 ديسمبر 2018 }}</ref><ref group="ْ">{{استشهاد بكتاب|عنوان = The Thirteenth Tribe: The Khazar Empire and Its Heritage|الأخير = Koestler |الأول = Arthur|مؤلف-وصلة =:en:Arthur Koestler|سنة = 1977 |سنة النشر الأصلية = First published 1976|ناشر = [[:en:Pan Books|Pan Books]] |مكان = [[لندن]]|مسار = https://books.google.com/books?id=IsbslAEACAAJ&dq=The+Thirteenth+Tribe%2BKoestler&hl=it&sa|تاريخ الوصول = 10 February 2013|isbn = 978-0-09-125550-3|صفحة= 18|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200323221736/https://books.google.com/books?id=IsbslAEACAAJ&dq=The+Thirteenth+Tribe%2BKoestler&hl=it&sa|تاريخ أرشيف=2020-03-23|حالة المسار=dead}}</ref> وكان القائد العام لِلجيش الخزري يُسمَّى «خاقان بك»، يليه قادة الوحدات، ويُسمَّى واحدهم «طرخان».<ref group="ْ">{{استشهاد بكتاب|عنوان = History of the Jewish Khazars|الأخير = Dunlop |الأول = Douglas Morton|مؤلف-وصلة =:en:Douglas Morton Dunlop|سنة = 1954|ناشر = [[:en:Schocken Books|Schocken Books]] |مكان = [[نيويورك]]|مسار = https://books.google.com/books?id=_YdAAAAAIAAJ&q=Dunlop%2BHistory+of+the+Jewish+Khazars&dq|تاريخ الوصول = 10 February 2013|صفحة= 113|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200323221736/https://books.google.com/books?id=_YdAAAAAIAAJ&q=Dunlop%2BHistory+of+the+Jewish+Khazars&dq|تاريخ أرشيف=2020-03-23}}</ref>

== دوافع فتح أرمينية ==
{{صور متتابعة
 | عرض    = 200
 | رصف    = left
 | اتجاه  = vertical
 | رصف_ذيل= center
 | صورة1  = Kaukasus.jpg
 | تعليق1 = صُورة ساتليَّة لِسلسلة جبال القفقاس
 | صورة2  = Mt. Kazbegi in The Greater Caucasus (1).jpg
 | تعليق2 = جبل القبق من ضمن سلسلة الجبال المذكورة، كما بدا في سنة [[2006]]م.<br/><br/>كان الموقع الإستراتيجي لِهذه الجبال في مُقدِّمة الأسباب التي دفعت المُسلمين لِفتح أرمينية.
}}
يرتبط فتح أرمينية بِفتح الجزيرة الفُراتيَّة وشمال الشَّام وأذربيجان، ويبدو أنَّ من أسباب عزم المُسلمين على فتحها وُصولهم إلى حُدودها من جهة، ولِأهميَّتها الاستراتيجيَّة لِكونها على حُدُود [[الخلافة الراشدة|الدولة الإسلاميَّة]] ومُقاومتها لِلإمبراطوريَّة البيزنطيَّة من جهةٍ أُخرى. فكانت السيطرة على أرمينية بِمثابة تأمين لِبلاد الجزيرة والشَّام، ونشرًا [[دعوة (إسلام)|لِلدعوة الإسلاميَّة]]، وتأمينًا لها ضدَّ جيرانٍ يُتاخمونها ويُناصبونها العداء، خاصَّةً بعد اشتراكهم في مُواجهة المُسلمين في معركتيّ اليرموك والقادسيَّة، بل وتمهيدًا لِفتح بلاد الروم نفسها، إذ أدركت الخِلافة أنَّ أرمينية أفضل قاعدةٍ يتخذها المُسلمون في حُرُوبهم المُرتقبة ضدَّ البيزنطيين، لِكون أرمينية بِمثابة الدرع الواقي الذي يحمي ظهر الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة، ويُعطيها عُمقًا إقليميًّا ويدفع عنها الأخطار. فلو سيطر المُسلمين على هذا الدرع سهُل عليهم تقطيع أوصال الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة واختراق أعماقها؛ لِذلك كان من الضروري ضم أرمينية إلى الدولة الإسلاميَّة الفتيَّة.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= إسكندر، فايز نجيب|عنوان= الفتح الإسلامي لأرمينيا|طبعة= الأولى|صفحة= 21|سنة= [[2006]]|ناشر= دار الفكر العربي|ردمك= 9771021184|تاريخ الوصول= [[30 ديسمبر|30 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]|مسار= https://books.google.com.lb/books?id=fNYoDwAAQBAJ&pg=PT33&lpg=PT33&dq=الأرمن+في+الجيش+البيزنطي&source=bl&ots=kA-S4x6AyR&sig=tGqjxugdhOCMfMwLXxupI0GClTg&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwjXweOhhcjfAhUOy6QKHQvOD1UQ6AEwBHoECAYQAQ#v=onepage&q=الأرمن%20في%20الجيش%20البيزنطي&f=false|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200323221739/https://books.google.com.lb/books?id=fNYoDwAAQBAJ&pg=PT33&lpg=PT33&dq=الأرمن+في+الجيش+البيزنطي&source=bl&ots=kA-S4x6AyR&sig=tGqjxugdhOCMfMwLXxupI0GClTg&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwjXweOhhcjfAhUOy6QKHQvOD1UQ6AEwBHoECAYQAQ#v=onepage&q=الأرمن%20في%20الجيش%20البيزنطي&f=false|تاريخ أرشيف=2020-03-23}}</ref>
[[ملف:Al-Jazira-ar.svg|تصغير|يمين|خريطة تُظهر بلاد الجزيرة الفُراتيَّة ومُجاورتها لِأرمينية.]]
انتهى المُسلمون من افتتاح بلاد الجزيرة الفُراتيَّة سنة [[17 هـ|17هـ]] بحسب رواية [[سيف بن عمر|سيف بن عُمر]]، وأمَّا [[ابن إسحاق|ابن إسحٰق]] فذكر أنها افتُتحت في سنة [[19 هـ|19هـ]]، ويغلب الظن أنَّ سنة سبع عشرة الهجريَّة هو تاريخ افتتاحها الصحيح، كونه جاء لِغرض تخفيف الضغط عن المُسلمين في زحف الروم عليهم وحصارهم في [[حمص|حِمص]]، وكان ذلك سنة 17هـ، عندما كتب الخليفة [[عمر بن الخطاب|عُمر بن الخطَّاب]] إلى القادة في الشَّام والعراق أن يسيروا إلى الجزيرة الفُراتيَّة لأنَّ أهلها هُم من استثار الروم على أهل حِمص، فأجابوه إلى ذلك وساروا إلى الجزيرة وفتحوها فتحًا سهلًا، وأجبروا الروم المُحاصِرين لِحمص على الرجوع عنها في سبيل الدفاع عن بلادهم ضدَّ أي هُجُومٍ إسلاميٍّ مُحتمل.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمد بن جرير الطبري|الطبري، أبو جعفر مُحمَّد بن جُریر بن يزید بن کثير بن غالب]]|مؤلف2= تحقيق: [[محمد أبو الفضل إبراهيم|مُحمَّد أبو الفضل إبراهيم]]|عنوان= تاريخ الرُسل والمُلُوك|المجلد=الجُزء الرابع|طبعة= الثانية|صفحة= 53 - 56|سنة= [[1387 هـ|1387هـ]] - [[1967]]م|ناشر= دار المعارف|تاريخ الوصول= [[30 ديسمبر|30 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]|مسار= https://ia802500.us.archive.org/21/items/WAQ17280/trm04.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190812192054/https://ia802500.us.archive.org/21/items/WAQ17280/trm04.pdf | تاريخ أرشيف = 12 أغسطس 2019 }}</ref> ولمَّا كانت الجزيرة الفُراتيَّة هي حُدُود أرمينية من الجنوب، فإنها أصبحت قاعدةً أماميَّةً لِلروم، تُهدِّدُ الجزيرة وأرض الشَّام، فكان على المُسلمين فتحها لِلتخلُّص نهائيًّا من تهديد الروم لِلجزيرة والشَّام، لأنَّ الروم كانوا يُسيطرون على مناطق أرمينية التي تُهدد هذه المناطق المفتوحة من الشمال، ولِأنَّ الروم عملوا على حشد جُيُوشهم في أرمينية لاستعادة الجزيرة والشَّام، فلم يكن هُناك من سبيلٍ إلى حماية البلاد المفوحة إلَّا بِفتح أرمينية.<ref name="شيت2">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمود شيت خطاب|خطَّاب، محمود شيت]]|عنوان= قادة الفتح الإسلامي في أرمينية|طبعة= الأولى|صفحة= 46 - 47|سنة= [[1419 هـ|1419هـ]] - [[1998]]م|ناشر= دار الأندلُس الخضراء ودار ابن حزم|تاريخ الوصول= [[30 ديسمبر|30 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[جدة|جدَّة]] - [[السعودية|السُعُوديَّة]]؛ [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://ia802507.us.archive.org/31/items/waq59837/59837.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191217042316/https://ia802507.us.archive.org/31/items/waq59837/59837.pdf | تاريخ أرشيف = 17 ديسمبر 2019 }}</ref> وفي سنة [[22 هـ|22هـ]] المُوافقة لِسنة [[642]]م، أتمَّ المُسلمون فتح أذربيجان،<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمد بن جرير الطبري|الطبري، أبو جعفر مُحمَّد بن جُریر بن يزید بن کثير بن غالب]]|مؤلف2= تحقيق: [[محمد أبو الفضل إبراهيم|مُحمَّد أبو الفضل إبراهيم]]|عنوان= تاريخ الرُسل والمُلُوك|المجلد=الجُزء الرابع|طبعة= الثانية|صفحة= 153 - 155|سنة= [[1387 هـ|1387هـ]] - [[1967]]م|ناشر= دار المعارف|تاريخ الوصول= [[30 ديسمبر|30 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]|مسار= https://ia802500.us.archive.org/21/items/WAQ17280/trm04.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190812192054/https://ia802500.us.archive.org/21/items/WAQ17280/trm04.pdf | تاريخ أرشيف = 12 أغسطس 2019 }}</ref> فتوجَّهت أنظارهم لِفتح القسم الفارسي من أرمينية الواقع شمال تلك البلاد، والتقدُّم نحو مدينة باب الأبواب من كورة أرَّان، وذِلك لِمُطاردة فُلُول الجيش الساساني المُنسحب شمالًا، لِحرمانه من إعادة تنظيم صُفوفه لِلقيام بِهُجُومٍ مُضاد في سبيل استعادة أذربيجان والبلاد الفارسيَّة المفتوحة. وكان فتح أرمينية يحرم الفُرس من استرجاع أذربيجان ويُدافع عن تلك البلاد المفتوحة دفاعًا غير مُباشر.<ref name="شيت2" /> ومن المعروف أنَّ حُدود [[الإمبراطورية الساسانية|الإمبراطوريَّة الساسانيَّة]] كانت تمتد حتَّى مدينة باب الأبواب التي أخضعها الفُرس لِنُفُوذهم في [[القرن 4|القرن الرابع الميلاديّ]]، وأجلوا الروم عن المناطق المُحيطة بها، فحصَّنوها وأقاموا بها قُوَّاتٌ عسكريَّة تُدافع عنها من غارات الخزر، فكان لا بُدَّ لِلمُسلمين من التقدُّم شمالًا لِفتحها. وكان هذا الفتح حيويًّا لِلمُسلمين، لِموقع باب الأبواب الجُغرافي المُهم بين بلاد الخزر وبلاد الفُرس، ووُجود السُّد فيها والحُصُون المنيعة على امتداد جبال القفقاس التي تحرم الخزر من تقديم أي إمداداتٍ عسكريَّةٍ لِقومهم القاطنين في أرمينية، أو إلى الروم والفُرس. أضف إلى ذلك، فإنَّ سلسلة جبال القفقاس شكَّلت حصنًا حصينًا يلجأ إليه أعداء المُسلمين لاستجماع قُوَّاتهم واتخاذه موضعًا دفاعيًّا طبيعيًّا يُناوشون من خلاله جُيُوش المُسلمين. كما أنَّ تلك الجبال بحد ذاتها شكَّلت موضعًا سوقيًّا مُهمًّا لِلغاية، كونها تُشرف على سُهُول أرمينية وأذربيجان من الشمال، فكان فتحها يعني تمكُّن المُسلمين من حماية حُدُودهم الجديدة بِسُهولةٍ ويُسرٍ.<ref name="شيت2" />

== موجة الفُتُوح في العصر الراشدي ==
=== فتح بدليس وأرزن ===
[[ملف:فتوح المسلمين ما بعد نهاوند.jpg|تصغير|خريطة تُصوِّر مسار المُسلمين لِفتح ما وراء النهر وأرمينية (الزاوية اليُسرى العُلويَّة) بعد الانتهاء من فُتُوحات فارس.]]
شجَّع انتصار المُسلمين في الجزيرة الفُراتيَّة وفتحها بِسُهُولة، أبرز قادة الفتح وهو الصحابي [[عياض بن غنم|عياض بن غنم الفهري]] على المضي قدمًا لِفتح أرمينية المُجاورة لِلجزيرة، لِلأسباب سالِفة الذِكر، وفي مُقدمتها أنَّ جُيُوش الروم انسحبت من الجزيرة بدون قِتال باتجاه أرمينية على أمل أن تجمع شملها وتُنظِّم صُفُوفها وتضُم إليها قُوَّات جديدة لِمُهاجمة المُسلمين لاستعادة الجزيرة. لِذلك، أقدم عياض على اجتياز الدَّرب، وهي الطريق ما بين [[طرسوس]] وبلاد الروم،<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[ابن حجر العسقلاني|العسقلاني، أبو الفضل أحمد بن عليّ بن مُحمَّد بن أحمد بن حجر]]|مؤلف2= تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعليّ مُحمَّد مُعوَّض|عنوان= الإصابة في تمييز الصحابة|طبعة= الأولى|المجلد=الجُزء الرَّابع|صفحة= 582|سنة= [[1415 هـ|1415هـ]] - [[1995]]م|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|تاريخ الوصول= [[1 يناير|1 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://books.google.com.lb/books?id=raB2DwAAQBAJ&pg=PA185&lpg=PA185&dq=%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B1%D8%A8+%D8%A8%D9%8A%D9%86+%D8%B7%D8%B1%D8%B3%D9%88%D8%B3+%D9%88%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%AF+%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D9%85&source=bl&ots=GvjF7WWYvJ&sig=JWGBsZ0HpJiaxXwPVDOVVVuFozg&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwjwuJGfiM3fAhUKDewKHck1B0UQ6AEwA3oECAgQAQ#v=onepage&q=%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B1%D8%A8%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%B7%D8%B1%D8%B3%D9%88%D8%B3%20%D9%88%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D9%85&f=false|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200323221740/https://books.google.com.lb/books?id=raB2DwAAQBAJ&pg=PA185&lpg=PA185&dq=%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B1%D8%A8+%D8%A8%D9%8A%D9%86+%D8%B7%D8%B1%D8%B3%D9%88%D8%B3+%D9%88%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%AF+%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D9%85&source=bl&ots=GvjF7WWYvJ&sig=JWGBsZ0HpJiaxXwPVDOVVVuFozg&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwjwuJGfiM3fAhUKDewKHck1B0UQ6AEwA3oECAgQAQ#v=onepage&q=%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B1%D8%A8%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%B7%D8%B1%D8%B3%D9%88%D8%B3%20%D9%88%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D9%85&f=false|تاريخ أرشيف=2020-03-23}}</ref><ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمود شيت خطاب|خطَّاب، محمود شيت]]|عنوان= قادة الفتح الإسلامي في أرمينية|طبعة= الأولى|صفحة= 48|سنة= [[1419 هـ|1419هـ]] - [[1998]]م|ناشر= دار الأندلُس الخضراء ودار ابن حزم|تاريخ الوصول= [[24 ديسمبر|24 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[جدة|جدَّة]] - [[السعودية|السُعُوديَّة]]؛ [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://ia802507.us.archive.org/31/items/waq59837/59837.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191217042316/https://ia802507.us.archive.org/31/items/waq59837/59837.pdf | تاريخ أرشيف = 17 ديسمبر 2019 }}</ref> فكان أوَّل من أجاز الدرب المذكور عبر الجزيرة الفُراتيَّة إلى أرمينية،<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[ابن عبد البر|ابن عبد البر، أبو عُمر يُوسُف بن عبد الله النمري]]|مؤلف2= تحقيق: مُحمَّد علي البجَّاوي|عنوان= الاستيعاب في معرفة الأصحاب|طبعة= الأولى|صفحة= 1234|سنة= [[1412 هـ|1412هـ]] - [[1992]]م|ناشر= دار الجيل|تاريخ الوصول= [[1 يناير|1 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://ia801308.us.archive.org/7/items/FP5294/5294.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200323223301/https://ia801308.us.archive.org/7/items/FP5294/5294.pdf | تاريخ أرشيف = 23 مارس 2020 }}</ref> وتوجَّه إلى [[أرزنجان|أرزن]] و[[بدليس]]، التي كان الإمبراطور البيزنطي قد ولَّى عليها بطريركًا اسمه «سروند بن بولس»، فبعث إليه عياض ببطريرك حلب «يوقنَّا»، الذي كان قد أسلم وحسُن إسلامه بُعيد انتهاء المُسلمين من [[الفتح الإسلامي للشام|فُتُوح الشَّام]]،<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= رضا، مُحمَّد|مؤلف2= تحقيق: مُحمَّد أمين الضنَّاوي|عنوان= الفاروق عُمر بن الخطَّاب ثاني الخُلفاء الراشدين رضي الله عنهم|طبعة= الجديدة لونان|صفحة= 194|سنة= [[2013]]|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|ردمك= 2745153676|تاريخ الوصول= [[1 يناير|1 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://books.google.com.lb/books?id=Ji5uDwAAQBAJ&pg=PT191&lpg=PT191&dq=%D9%8A%D9%88%D9%82%D9%86%D8%A7+%D8%A8%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82+%D8%AD%D9%84%D8%A8&source=bl&ots=CFrFPFwWm2&sig=eTmzBWIQUpakRz1SGaTOY-1-2ac&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwj85djB88zfAhURM-wKHUztDRAQ6AEwAnoECAgQAQ#v=onepage&q=%D9%8A%D9%88%D9%82%D9%86%D8%A7%20%D8%A8%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82%20%D8%AD%D9%84%D8%A8&f=false|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200323221741/https://books.google.com.lb/books?id=Ji5uDwAAQBAJ&pg=PT191&lpg=PT191&dq=%D9%8A%D9%88%D9%82%D9%86%D8%A7+%D8%A8%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82+%D8%AD%D9%84%D8%A8&source=bl&ots=CFrFPFwWm2&sig=eTmzBWIQUpakRz1SGaTOY-1-2ac&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwj85djB88zfAhURM-wKHUztDRAQ6AEwAnoECAgQAQ#v=onepage&q=%D9%8A%D9%88%D9%82%D9%86%D8%A7%20%D8%A8%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82%20%D8%AD%D9%84%D8%A8&f=false|تاريخ أرشيف=2020-03-23}}</ref> كي يُفاوضه بِشأن تسليم القلاع والحُصُون التي بين يديه دون قِتال. وما إن وصل يُوقنَّا إلى بدليس حتى عرض على بطريركها [[الإسلام]]، وأعلمه أنَّ جيش المُسلمين بِقيادة عياض بن غنم موجودٌ في [[ديار ربيعة]] على مقرُبةٍ من أرمينية، فأجاب سروند بن بولس أنَّهُ لا يرغب بِالحرب، وقد عزم على مُراسلة عياض لِطلب السلام شرط أن يبقى وقومه على دينهم، وأنَّهُ لن يمنع أي شخصٍ من أبناء بلاده من اعتناق الإسلام إن رغب بِذلك، وصالح المُسلمين على مائة ألف [[ديناريوس|دينار]] وخمسَمائة [[زرد (درع)|زرديَّة]] وألف [[قوس (سلاح)|قوس]]، واشترط أن يبقى قائمًا على كُرسيّ المُلك حتَّى يموت وأن يكون أمره نافذًا على رعيَّته طيلة تلك الفترة، وأن يتولَّى أمر المُسلمين في البلاد، بمَن فيهم كُل من يعتنق الإسلام، رجلٌ أو رجُلان فقط. قبِل يُوقنَّا هذا العرض وصالح سروند بن بولس، وراسل عياض يُعمله بما استقرَّ بينهم، فسار الأخير حتَّى وصل بدليس ودخلها صُلحًا وكتب عهد الأمان والسلام لِبطريركها.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[الواقدي|الواقدي، أبو عبد الله مُحمَّد بن عُمر بن واقد السهمي الأسلمي بالولاء]]|عنوان= فُتُوح الشَّام|طبعة= الأولى|صفحة= 161 - 162|المجلد=الجُزء الثاني|سنة= [[1417 هـ|1417هـ]] - [[1997]]م|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|تاريخ الوصول= [[1 يناير|1 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان=  [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://shamela.ws/browse.php/book-12045/page-331#page-512| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190412163912/http://shamela.ws/browse.php/book-12045/page-331 | تاريخ أرشيف = 12 أبريل 2019 }}</ref>

=== فتح أخلاط وأعمالها ===
{{خريطة مواقع| تركيا
| width = 250
| float = right
| alt = أخلاط
| label = أخلاط
| position = left
| caption = الموقع الحالي لِمدينة أخلاط في الأناضول الشرقيَّة ضمن الحُدُود السياسيَّة المُعاصرة لِ[[تركيا|لجُمهُوريَّة التُركيَّة]].
| mark = Green pog.svg <!--green dot-->
| lat_deg = 38 | lat_min = 45 | lat_sec = 10 <!-- default: lat_dir = N -->
| lon_deg = 42 | lon_min = 29 | lon_sec = 40 <!-- default: lon_dir = E -->
}}
بعد فتح بدليس وأرزن سلمًا، كتب عياض بن غنم إلى [[خالد بن الوليد]] في الشَّام يُخبره بما حدث ويسأله عن الخُطوة القادمة، فكتب إليه خالد يقول إن يُتابع المسير ويبعث يُوقنَّا رسولًا إلى البلاد المُجاورة لِيعرض الصُلح على حُكَّامها أولًا، فأرسل عياض يُوقنَّا ومعه عُشرون من أصحابه بِالإضافة إلى خمسةٍ وثلاثين من ال[[الصحابة|صحابة]]. فتوجهوا إلى مدينة [[أخلاط]] وطلبوا مُقابلة بطريركها المدعو «بوسطيرس»، فوافق على الاجتماع بهم وأمر بِإحضارهم أمامه في دار الإمارة. ومن غير المُؤكَّد إن كان البطريرك المذكور روميًّا أم أرمنيًّا، فقد قيل إنَّ يُوقنَّا نقل إليه مطالب المُسلمين [[اللغة اليونانية|بِاللُغة الروميَّة]]، إذ كان هو الوسيط والمُترجم لِلمُسلمين، وقيل إنَّ ترجُمانًا كان حاضرًا، وترجم مطالب المُسلمين التي ألقاها يُوقنَّا بِالروميَّة، إلى [[اللغة الأرمنية|الأرمنيَّة]]، التي لم يعرف بوسطيرس لُغةً غيرها. وبجميع الأحوال فقد رفض البطريرك المذكور عرض المُسلمين، وهو تسليم المدينة والدُخُول في الإسلام، أو تسليمها مع البقاء على المسيحيَّة لقاء ال[[جزية]]، فردَّ غاضبًا: {{اقتباس مضمن|وَحقِّ المَسِيحِ والإِنجِيلِ لَا نُعطِيَهُم وَلَا نَدخُلَ فِي دِينِهِم أو نَمُوتُ عَن آخِرَنَا، وَلَا يَحسَبُوا أَنَّنَا مِثلُ مَن لَاقُوا مِن جُيُوشِ الرُّومِ وَلَنَا الشِّدَّةَ وَالبَأسَ وَالقُوَّةَ وَالمَرَاس، وَنَحنُ نَرمِي عن الأَقوَاسِ بِالنَشَّابِ وَالعَرَبُ تُسمِّيهِ قَاطِعُ الشَّهَوَات وَالأَسبَاب، وَأنَا أبعَثُ إَلَى صَاحب خُو وسَلُوس وأستَنصِرُ عَلَيهِم بَأسرَاغُوص مَلِكُ المَرج وَنَرُدُّهُم عَلَى أَعقَابِهِم وَنَستَخلِصُ مِنهُم البِلَاد، وَلَيسَ عِندَنَا جَوَابٌ غَيرَ هَذَا}}.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[الواقدي|الواقدي، أبو عبد الله مُحمَّد بن عُمر بن واقد السهمي الأسلمي بالولاء]]|عنوان= فُتُوح الشَّام|طبعة= الأولى|صفحة= 163|المجلد=الجُزء الثاني|سنة= [[1417 هـ|1417هـ]] - [[1997]]م|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|تاريخ الوصول= [[1 يناير|1 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان=  [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://shamela.ws/browse.php/book-12045/page-331#page-514| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190412163912/http://shamela.ws/browse.php/book-12045/page-331 | تاريخ أرشيف = 12 أبريل 2019 }}</ref> وهكذا رفض بوسطيرس العرض الإسلامي. وكان لِبوسطيرس المذكور ابنة تُدعى «طاريون» اعتنقت الإسلام سرًا مع زوجها «يرغون»، ويبدو أنَّها تمكنت من إقناع والدها أن يتنازل لها عن العرش بعدما أقنعته أنَّ قتال المُسلمين ليس مُستحبًا لِقُوَّتهم العسكريَّة الكبيرة، وما أن تنازل لها والدها عن العرش حتَّى ظفرت به وقتلته، ثُمَّ بعثت وراء الحُكَّام المُجاورين على لسان أبيها فلما جاءوا إليها قتلتهم، إلَّا أنَّ جمعًا من [[العبودية في روما القديمة|غلمانها]] علموا بإسلامها وبِما فعلته، فأرسلوا إلى بقيَّة البطاركة والوُلاة واستنصروهم، فأعدَّ هؤلاء العدَّة، وساروا على رؤوس جُيُوشهم لِقتالها والمُسلمين، فالتقوا بهم في المرج القريب من أخلاط، وكان صاحب بدليس وأرزن سروند بن بولس قد انضمَّ إلى جيش المُسلمين، فدارت بين الطرفان معركة هائلة انتصر فيها المُسلمين، ودخلوا أخلاط حيثُ أقرَّ عياض بن غنم طاريون واليةً على المدينة، ثُمَّ بعث الرُسُل إلى خوي وسلواس وما يلي تلك الأرض، فافتُتحت سلمًا وأسلم أهلها إلَّا القليل. ولم يلبث عياض أن غادر أرمينية عائدًا إلى العراق بعد أن أخذ على طاريون وزوجها موثقًا من الله أن يُعاملا الناس بِالعدل وأن يتبعا [[الشريعة الإسلامية|الشريعة الإسلاميَّة]] و[[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر|يأمرا بِالمعروف وينهيا عن المُنكر]].<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[الواقدي|الواقدي، أبو عبد الله مُحمَّد بن عُمر بن واقد السهمي الأسلمي بالولاء]]|عنوان= فُتُوح الشَّام|طبعة= الأولى|صفحة= 167 - 168|المجلد=الجُزء الثاني|سنة= [[1417 هـ|1417هـ]] - [[1997]]م|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|تاريخ الوصول= [[1 يناير|1 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان=  [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://shamela.ws/browse.php/book-12045/page-331#page-518| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190412163912/http://shamela.ws/browse.php/book-12045/page-331 | تاريخ أرشيف = 12 أبريل 2019 }}</ref>

=== غزوة عُثمان بن أبي العاص ===
كانت فُتُوحات عياض بن غنم الفهري في أرمينية فُتُوحاتٍ خاطفة غير ثابتة الأركان على ما يبدو، وكان هدفها شل قُوَّات الروم في بلادها واستعراض قُوَّة المُسلمين العسكريَّة وتأديب البيزنطيين حتَّى لا يُهاجموا المُسلمين مرَّةً أُخرى كما فعلوا في حِصار مدينة حِمص، ولم تكن الغاية منها توطيد أركان الفتح بِحسب الظاهر. ولِغرض مُتابعة الضغط العسكري على الروم، وجَّة عياض بن غنم [[عثمان بن أبي العاص|عُثمان بن أبي العاص الثقفي]] إلى أرمينية الرابعة، وذلك في سنة [[19 هـ|19هـ]] المُوافقة لِسنة [[640]]م، فغزا البلاد ويظهر أنَّهُ لقي بعض المُقاومة، إذ تنص بعض المصادر أنَّ شيئًا من قتالٍ وقع وأُصيب فيه الصحابي [[صفوان بن المعطل|صفوان بن المُعطَّل السلمي]]، وتُوفي على إثر ذلك بعد مُدَّةٍ قصيرة،<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[ابن الأثير الجزري|ابن الأثير الجزري، عز الدين أبي الحسن عليّ بن مُحمَّد الموصلِّي الشيباني]]|مؤلف2= تحقيق: أبي الفداء عبد الله القاضي|عنوان= الكامل في التاريخ|المجلد=المُجلَّد الثاني|طبعة= الأولى|صفحة= 404|سنة= [[1407 هـ|1407هـ]] - [[1987]]م|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|تاريخ الوصول= [[22 ديسمبر|22 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://ia802707.us.archive.org/15/items/WAQkamilt/kamilt02.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200110055703/https://ia802707.us.archive.org/15/items/WAQkamilt/kamilt02.pdf | تاريخ أرشيف = 10 يناير 2020 }}</ref><ref>{{استشهاد ويب| الأخير =إبراهيم| الأول  =جفجاف | مسار أرشيف  =https://web.archive.org/web/20190102211849/http://www.alserdaab.org/articles.aspx?selected_article_no=314| تاريخ أرشيف =[[2 يناير|2 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م| مسار  =http://www.alserdaab.org/articles.aspx?selected_article_no=314| عنوان =صفوان بن المعطّل رضي الله عنه| موقع =شبكة منهاج السُنَّة| تاريخ الوصول =[[2 يناير|2 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|حالة المسار=live}}</ref> ثُمَّ صالح عُثمان الأهالي على الجزية، على كُلِّ أهل بيتٍ دينار.<ref name="شيت - عثمان">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمود شيت خطاب|خطَّاب، محمود شيت]]|عنوان= قادة الفتح الإسلامي في أرمينية|طبعة= الأولى|صفحة= 49|سنة= [[1419 هـ|1419هـ]] - [[1998]]م|ناشر= دار الأندلُس الخضراء ودار ابن حزم|تاريخ الوصول= [[24 ديسمبر|24 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[جدة|جدَّة]] - [[السعودية|السُعُوديَّة]]؛ [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://ia802507.us.archive.org/31/items/waq59837/59837.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191217042316/https://ia802507.us.archive.org/31/items/waq59837/59837.pdf | تاريخ أرشيف = 17 ديسمبر 2019 }}</ref> ولم تتطرَّق المصادر التاريخيَّة العربيَّة والإسلاميَّة إلى تفاصيل فتح عُثمان في أرمينية الرابعة، والظاهر أنَّ حملته كانت أشبه بِالغارة والغزوة الصغيرة منها بِالفتح المُستدام، بِغرض تأديب الروم كما أُسلف، لا سيَّما وأنَّ القُوَّات الإسلاميَّة لم تكن كافية لِتوطيد أركان الفتح في الأرجاء النائية كأرمينية حينذاك، إذ انتشر المُسلمون في بلادٍ شاسعة لا تتناسب مع حجم جُيُوشهم المُقاتلة.<ref name="شيت - عثمان" /> وبِذلك، لم يُحقق كُلٌ من عياض بن غنم وعُثمان بن أبي العاص توطيد أركان الفتح وترسيخ جُذُوره، بيد أنَّ عُثمان مكَّن تلك الجُذُور أكثر، على أنَّهُما مهَّدا الطريق لِلقادة الآتين بعدهما.<ref name="شيت - عثمان" />

=== فتح باب الأبواب ===
[[ملف:Картина.JPG|تصغير|يمين|مرزبان الفُرس مع المُسلمين عند وُصولهم مدينة باب الأبواب.]]
كان فتح مدينة باب الأبواب ذات الموقع السَّوقي الحيويّ يهدف إلى وضع حدٍ لِمُقاومة الفُرس وحماية البلاد المفتوحة في [[بلاد فارس|فارس]] وأذربيجان من بقايا الجُيُوش الساسانيَّة، بِالقضاء على آخر معقلٍ لِلفُرس في أرمينية. ولمَّا انهارت الإمبراطوريَّة الساسانيَّة أمام ضربات المُسلمين المُتتالية، واستُكشفت بعض بلاد أرمينية عن طريق حملات عياض بن غنم وعُثمان بن أبي العاص، وتبيَّنت الضرورات الإستراتيجيَّة لِفتحها فتحًا مُستدامًا، أوكل الخليفة عُمر بن الخطَّاب مُهمَّة فتح باب الأبواب، إلى [[قائمة الصحابة|سُراقة بن عمرو]]، وجعل على مُقدمته [[عبد الرحمن بن ربيعة الباهلي|عبد الرحمٰن بن ربيعة الباهلي]]، وجعل على إحدى مجنبتيه [[قائمة الصحابة|حُذيفة بن أسيد الغفاري]]، وسمَّى لِلأُخرى بُكير بن عبد الله الليثي - وكان بإزاء مدينة باب الأبواب قبل قُدُوم سُراقة بن عمرو عليه، وكتب إلى بُكير أن يلحق بِسُراقة، وجعل على المقاسم [[سلمان بن ربيعة الباهلي]].<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[عبد السلام الترمانيني|الترمانيني، عبدُ السلام]]|عنوان= أحداث التاريخ الإسلامي بِترتيب السنين|المجلد=المُجلَّد الأوَّل|طبعة= الثانية|صفحة= 278|سنة= [[1408 هـ|1408هـ]] - [[1988]]م|ناشر= دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر|تاريخ الوصول= [[4 يناير|4 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[دمشق]] - [[سوريا]]|مسار= https://archive.org/details/terma0/page/n277| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191217042319/https://archive.org/details/terma0/page/n277 | تاريخ أرشيف = 17 ديسمبر 2019 }}</ref> وسلك سُراقة طريق [[بحر قزوين|بحر الخزر (بحر قزوين)]]، لأنَّهُ أقصر طريق يُؤدِّي إلى باب الأبواب، ولِأنَّ هذا الطريق يُجنِّب الجيش الإسلامي وُعُورة المسالك الجبليَّة، ولِأنَّ الجيش يكون في جناحه الأيمن أمينًا بِالبحر وجناحه الأيسر أمينًا بِأذربيجان التي استسلمت نهائيًّا لِلمُسلمين.<ref name="فتح الباب">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمد بن جرير الطبري|الطبري، أبو جعفر مُحمَّد بن جُریر بن يزید بن کثير بن غالب]]|مؤلف2= تحقيق: [[محمد أبو الفضل إبراهيم|مُحمَّد أبو الفضل إبراهيم]]|عنوان= تاريخ الرُسل والمُلُوك|المجلد=الجُزء الرابع|طبعة= الثانية|صفحة= 155 - 156|سنة= [[1387 هـ|1387هـ]] - [[1967]]م|ناشر= دار المعارف|تاريخ الوصول= [[30 ديسمبر|30 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]|مسار= https://ia802500.us.archive.org/21/items/WAQ17280/trm04.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190812192054/https://ia802500.us.archive.org/21/items/WAQ17280/trm04.pdf | تاريخ أرشيف = 12 أغسطس 2019 }}</ref> وقدَّم سُراقة عبدُ الرحمٰن بن ربيعة الباهليّ، وخرج في أثره من أذربيجان باتجاه الباب على ما عبَّأه عُمر بن الخطَّاب في قيادة الميمنة والميسرة، كما أمدَّهُ عُمر بِ[[حبيب بن مسلمة|حبيب بن مسلمة الفهري]] الذري صرفه إليه من الجزيرة الفُراتيَّة.<ref name="أشهر">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[رفيق العظم|العظم، رفيق بك بن محمود بن خليل]]|عنوان= أشهر مشاهير الإسلام في الحُرُوب والسياسة|طبعة= الثانية|المجلد=المُجلَّد الأوَّل|صفحة= 872 - 873|ناشر= مطبعة هنديَّة|تاريخ الوصول= [[4 يناير|4 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[القاهرة]] - [[المملكة المصرية|مصر]]|مسار= https://upload.wikimedia.org/wikisource/ar/4/45/%D8%A3%D8%B4%D9%87%D8%B1_%D9%85%D8%B4%D8%A7%D9%87%D9%8A%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85_%D9%81%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%88%D8%A8_%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20140827102838/http://upload.wikimedia.org/wikisource/ar/4/45/أشهر_مشاهير_الإسلام_في_الحروب_والسياسة.pdf | تاريخ أرشيف = 27 أغسطس 2014 }}</ref> ولمَّا أطلَّ عبدُ الرحمٰن بن ربيعة على الباب، وحاكمها يومئذٍ مرزبانٌ يُدعى «شهربراز» من أهل فارس، يحكم البلاد باسم الشاه الساسانيّ، استأمن المرزبان عبد الرحمٰن على أن يأتيه، فأمَّنه عبدُ الرحمٰن، فأتى شهربراز وهو خارج المدينة قبل أن يفتحها. وقال شهربراز لِعبد الرحمٰن: {{اقتباس مضمن|إِنِّي بِإزَاءِ عَدُوٍّ كَلِب وَأُمَمٍ مُختَلِفَةٍ، لَا يُنسَبُونَ إِلى أَحسَاب، وَلَيسَ يَنبَغِي لِذِي الحَسبِ وَالعَقلِ أن يُعِّينَ أَمثَالَ هَؤُلَاء، وَلَا يِستَعِينَ بِهِم عَلَى ذَوِي الأَحسَابِ وَالأُصُولِ، وَذُو الحَسَبِ قَرِيبِ ذِي الحَسَبِ حَيثُ كَان، وَلَستُ مِنَ [[القفجاق|القَبَجِ]] فِي شَيءٍ، وَلَا مِنَ الأَرمَنِ، وَإِنَّكُم قَد غَلَبتُم عَلَى بِلَادِي وَأُمَّتِي، فَأَنَا اليَومَ مِنكُم وَيَدِي مَعَ أيدِيَكُم، وَصَغوِيَ مَعَكُم، وبَارَكَ الله لَنَا وَلَكُم، وَجِزيَتَنَا إِلَيكُم وَالنَّصرُ لِكُم، والقِيَامُ بِمَا تُحِبُّون، فَلَا تَذِلُّونَا بِالجِزيَة فَتُوهِنُونَا لِعَدُوِّكُم}}. فقال عبد الرحمٰن: {{اقتباس مضمن|فَوقِيَ رَجُلٌ قَد أَظَلَّك، فَسِر إِليهِ}}.<ref name="فتح الباب" /> وسار شهربراز إلى سُراقة، فقال لهُ مثل ما قال لِعبد الرحمٰن، فقال سُراقة: {{اقتباس مضمن|قَد قَبِلتُ ذَلِكَ فِيمَن كَانَ مَعَكَ عَلَى هَذَا، مَا دَامَ عَلَيهِ، وَلَا بُدَّ مِنَ الجَزَاءِ مِمَّن يُقِيمُ وَلَا يَنهَضُ}}، فقبل ذلك، وصارت سُنَّةً فيمن كان يُحارب العدو من غير المُسلمين، وفيمن لم يكن قادرًا على دفع الجزية، فيُستنفروا إلى الحرب فتُوضع عنهم جِزاء تلك السنة. وكتب سُراقة إلى عُمر بن الخطَّاب بِذلك، فأجازهُ وحسَّنه.<ref name="فتح الباب" /> وكتب سُراقة وثيقة صُلحٍ إلى شهربراز نصُّها:<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمد رشيد رضا|رضا، مُحمَّد رشيد]]|مؤلف2= تحقيق: [[إبراهيم شمس الدين (لبناني)|إبراهيم شمسُ الدين]]|عنوان= تفسير القُرآن الحكيم المشهور بِتفسير المنار|المجلد=الجُزء العاشر|طبعة= الأولى|صفحة= 272|سنة= [[2011]]|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|تاريخ الوصول= [[4 يناير|4 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://books.google.com.lb/books?id=6vt7DwAAQBAJ&pg=PT271&lpg=PT271&dq=%D9%87%D8%B0%D8%A7+%D9%85%D8%A7+%D8%A3%D8%B9%D8%B7%D9%89+%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D9%82%D8%A9+%D8%A8%D9%86+%D8%B9%D9%85%D8%B1%D9%88+%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%84+%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1+%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D9%85%D9%86%D9%8A%D9%86&source=bl&ots=_1atUwJESi&sig=D3C1VTkduUEtoVC4rQLiefOdmAg&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwjCuILNq9XfAhUk5uAKHdXRAkAQ6AEwBHoECAQQAQ#v=onepage&q=%D9%87%D8%B0%D8%A7%20%D9%85%D8%A7%20%D8%A3%D8%B9%D8%B7%D9%89%20%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D9%82%D8%A9%20%D8%A8%D9%86%20%D8%B9%D9%85%D8%B1%D9%88%20%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%84%20%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D9%85%D9%86%D9%8A%D9%86&f=false|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200323221742/https://books.google.com.lb/books?id=6vt7DwAAQBAJ&pg=PT271&lpg=PT271&dq=%D9%87%D8%B0%D8%A7+%D9%85%D8%A7+%D8%A3%D8%B9%D8%B7%D9%89+%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D9%82%D8%A9+%D8%A8%D9%86+%D8%B9%D9%85%D8%B1%D9%88+%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%84+%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1+%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D9%85%D9%86%D9%8A%D9%86&source=bl&ots=_1atUwJESi&sig=D3C1VTkduUEtoVC4rQLiefOdmAg&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwjCuILNq9XfAhUk5uAKHdXRAkAQ6AEwBHoECAQQAQ#v=onepage&q=%D9%87%D8%B0%D8%A7%20%D9%85%D8%A7%20%D8%A3%D8%B9%D8%B7%D9%89%20%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D9%82%D8%A9%20%D8%A8%D9%86%20%D8%B9%D9%85%D8%B1%D9%88%20%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%84%20%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D9%85%D9%86%D9%8A%D9%86&f=false|تاريخ أرشيف=2020-03-23}}</ref>
<blockquote>{{بسملة 2}}</blockquote>
[[ملف:Derbendt int ruck van Persien - Peeters Jacob - 1690.jpg|تصغير|رسمٌ لِمدينة باب الأبواب كما ظهرت سنة 1690م.]]
[[ملف:Дербентская цитадель. Дербент.jpg|تصغير|جانب من الأسوار الهائلة لِباب الأبواب، التي قابلها الفاتحون المُسلمون لمَّا قدموا المدينة، قبل أن يُسلِّمها حاكمها صُلحًا دون قتال. شكَّل فتح هذه المدينة نصرًا استراتيجيًّا مُهمًا لِلمُسلمين إذ فتح لهم الدرب شمالًا نحو بلاد ما وراء القفقاس من الخزر وغيرها.]]
<blockquote>هذا ما أعطى سُراقة بن عمرو عامل أمير المُؤمنين عُمر بن الخطَّاب شهربراز وسكان أرمينية والأرمن من الأمان، أعطاهم أمانًا لِأنفسهم وأموالهم ومِلَّتهم، ألَّا يُضاروا ولا يُنتقضوا. وعلى أهل أرمينية والأبواب الطُرَّاء منهم والتُنَّاء ومن حولهم فدخل معهم أن ينفروا لِكُلِّ غارةٍ وينفذوا لِكُلَّ أمرٍ ناب أو لم ينب رآه الوالي صلاحًا على أن تُوضع الجزاء عمَّن أجاب إلى ذلك إلَّا الحشر والحشر عوض من جزائهم ومن استغنى عنه منهم وقعد فعليه مثل ما على أهل أذربيجان من الجزاء والدَّلالة والنُّزل يومًا كاملًا، فإن حُشروا وُضع ذلك عنهم وإن تركوا أُخذوا به.<br />شهد عبد الرحمٰن بن ربيعة وسلمان بن ربيعة وبُكير بن عبد الله وكتب مُرضي بن مُقرن وشهد.</blockquote>
يقول [[لواء (رتبة عسكرية)|اللِّواء]] [[محمود شيت خطاب|محمود شيت خطَّاب]] أنَّ هذا الاتفاق بين المُسلمين من جهة ومرزبان باب الأبواب من جهةٍ أُخرى، دلَّ على أنَّ المُسلمين كانوا يفرضون الجزية على المغلوبين لِقاء الدفاع عنهم وحمايتهم، فهي تُقابل بدل [[خدمة عسكرية|الخدمة العسكريَّة]] أو ما يُسمَّى «ضريبة الدفاع»، أمَّا الذين يُدافعون عن أنفُسهم ويُقاتلون عدُّوهم مع المُسلمين، فلا جزية عليهم. وبِذلك افتُتحت باب الأبواب صُلحًا، وكان ذلك سنة [[22 هـ|22هـ]] المُوافقة لِسنة [[642]]م، ولمَّا دخلها المُسلمون وجدوها خاليةً من أهلها الأصليين، فقد استأصلتهم الغارات والحُرُوب، وغادرها أهل الجبال إلى جبالهم، فلم يبقَ فيها غير الجُنُود ومن أعانهم أو اتَّجر معهم.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمود شيت خطاب|خطَّاب، محمود شيت]]|عنوان= قادة الفتح الإسلامي في أرمينية|طبعة= الأولى|صفحة= 52 - 53|سنة= [[1419 هـ|1419هـ]] - [[1998]]م|ناشر= دار الأندلُس الخضراء ودار ابن حزم|تاريخ الوصول= [[24 ديسمبر|24 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[جدة|جدَّة]] - [[السعودية|السُعُوديَّة]]؛ [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://ia802507.us.archive.org/31/items/waq59837/59837.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191217042316/https://ia802507.us.archive.org/31/items/waq59837/59837.pdf | تاريخ أرشيف = 17 ديسمبر 2019 }}</ref><ref>{{استشهاد ويب| الأخير =مُحمَّد، حُسام| تاريخ =[[28 يونيو|28 حُزيران (يونيو)]] [[2015]]م| مسار أرشيف  =https://web.archive.org/web/20190105004711/https://www.alittihad.ae/article/62318/2015/-سراقة-يفتح-باب-الأبواب-بلا-قتال| تاريخ أرشيف =[[4 يناير|4 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م| مسار  =https://www.alittihad.ae/article/62318/2015/-%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D9%8A%D9%81%D8%AA%D8%AD-%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8%D9%88%D8%A7%D8%A8-%D8%A8%D9%84%D8%A7-%D9%82%D8%AA%D8%A7%D9%84| عنوان =«سراقة» يفتح باب الأبواب بلا قتال| موقع =[[الاتحاد (جريدة إماراتية)|جريدة الاتحاد الإماراتيَّة]]| مكان =[[القاهرة]] - [[مصر]]| تاريخ الوصول =[[4 يناير|4 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م}}</ref> وقد قال سُراقة بن عمرو شعرًا يصفُ فتح باب الأبواب:<ref name="الأخيار">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[سيد حسين العفاني|العفَّاني، أبو التُراب سيِّد بن حُسين بن عبد الله]]|عنوان= فُرسان النهار من الصحابة الأخيار|المجلد=المُجلَّد الخامس|طبعة= الأولى|صفحة= 194 - 196|سنة= [[1425 هـ|1425هـ]] - [[2005]]م|ناشر= مكتبة الكيَّان|تاريخ الوصول= [[4 يناير|4 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[الرياض]] - [[السعودية|السُعُوديَّة]]|مسار= https://books.google.com.lb/books?id=vA1GCwAAQBAJ&pg=PT193&lpg=PT193&dq=%D8%A8%D8%A8%D8%A7%D8%A8+%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83+%D8%B0%D9%8A+%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8%D9%88%D8%A7%D8%A8+%D8%AF%D8%A7%D8%B1&source=bl&ots=rouExV6ct0&sig=NWAI4x523okh9JCUqiYW6e1be9c&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwiWrJr4tNXfAhVZ8OAKHUQVCKQQ6AEwD3oECAIQAQ#v=onepage&q=%D8%A8%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%20%D8%B0%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8%D9%88%D8%A7%D8%A8%20%D8%AF%D8%A7%D8%B1&f=false|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200323221743/https://books.google.com.lb/books?id=vA1GCwAAQBAJ&pg=PT193&lpg=PT193&dq=%D8%A8%D8%A8%D8%A7%D8%A8+%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83+%D8%B0%D9%8A+%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8%D9%88%D8%A7%D8%A8+%D8%AF%D8%A7%D8%B1&source=bl&ots=rouExV6ct0&sig=NWAI4x523okh9JCUqiYW6e1be9c&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwiWrJr4tNXfAhVZ8OAKHUQVCKQQ6AEwD3oECAIQAQ#v=onepage&q=%D8%A8%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%20%D8%B0%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8%D9%88%D8%A7%D8%A8%20%D8%AF%D8%A7%D8%B1&f=false|تاريخ أرشيف=2020-03-23}}</ref>
{{أبيات|
ومن يكُ سائلًا عنّي فإنّي\\بِأرضٍ لا يؤاتيها القرارُ
بِبابِ التُّركِ ذي الأبوابِ دارُ\\لها في كُلِّ ناحيةٍ مغارُ
نذوذُ جُمُوعهم عمَّا حوينا\\ونقتُلهم إذا باح السَّرارُ
سددنا كُلُّ فرجٍ كان فيها\\مُكابرةً إذا سطع الغُبارُ
وألحمنا الجبال جبال قبجٍ\\نُناهبهم وقد طار الشَّرارُ
على خيلٍ تُعادي كُلَّ يومٍ\\عتادًا ليس يتبعها المهارُ}}
كان لِفتح باب الأبواب أهميَّةً خاصَّة، وهي أنها أصبحت القاعدة المُتقدِّمة لِجُيُوش المُسلمين في حركاتهم العسكريَّة شمالًا، ففُتح لهم مجال التوسُّع باتجاه باقي البلاد الأرمنيَّة بِالإضافة إلى القفقاس و[[تركستان|تُركستان]] حتَّى حُدُود [[سيبيريا]]، وهو ما ساهم بِنشر الإسلام في تلك الأصقاع من العالم. كما أنَّ منطقة باب الأبواب كانت شاسعةً وغنيَّةً بِالثروة الزراعيَّة والحيوانيَّة، لِذلك كان فتحها نصرًا استراتيجيًّا لِلمُسلمين من مُختلف النواحي، وقد ظهرت النتائج البعيدة لِهذا الأمر بعد سنواتٍ قليلةٍ من الفتح.<ref name="الأخيار" />

=== فتح مُوقان ===
بعد فتح مدينة باب الأبواب، وجَّه سُراقة بُكير بن عبد الله وحبيب بن مسلمة وحُذيفة بن أسيد وسلمان بن ربيعة إلى الجبال المُحيطة بِأرمينية، فوجَّه بُكيرًا إلى موقان، ووجَّه حبيبًا إلى [[تبليسي|تفليس]]، وحُذيفة بن أسيد إلى من بِجبال اللآن - وهي الجُزء الأوسط من جبال القفقاس - ووجَّه سلمان بن ربيعة إلى الوجه الآخر، أي بلاد الخزر الواقعة خلف باب الأبواب، وكتب سُراقة بِالفتح وبِالذي وجَّه فيه هؤلاء النَّفر إلى عُمر بن الخطَّاب بِ[[المدينة المنورة|المدينة المُنوَّرة]]، فاضطرب عُمر لِذلك أشدَّ الاضطراب، لِأنَّهُ قدَّر أنَّ قُوَّات المُسلمين التي توجَّهت لِفتح هذه المناطق غير كافية لِلنُهُوض بِتحقيق واجباتها عددًا وعُددًا، وفعلًا لم يفتح أحد القادة ما وُجِّه لهُ من أهدافٍ إلَّا بُكير، فإنَّهُ فتح مُوقان، وصالح أهلها على الجزية وقدرُها دينارٌ عن كُلِّ [[احتلام|حالمٍ]]، وكتب لهم الصُلح، ونصُّه:<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[ابن الأثير الجزري|ابن الأثير الجزري، عز الدين أبي الحسن عليّ بن مُحمَّد الموصلِّي الشيباني]]|مؤلف2= تحقيق: أبي الفداء عبد الله القاضي|عنوان= الكامل في التاريخ|المجلد=المُجلَّد الثاني|طبعة= الأولى|صفحة= 430 - 431|سنة= [[1407 هـ|1407هـ]] - [[1987]]م|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|تاريخ الوصول= [[22 ديسمبر|22 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://ia802707.us.archive.org/15/items/WAQkamilt/kamilt02.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200110055703/https://ia802707.us.archive.org/15/items/WAQkamilt/kamilt02.pdf | تاريخ أرشيف = 10 يناير 2020 }}</ref><ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمد بن جرير الطبري|الطبري، أبو جعفر مُحمَّد بن جُریر بن يزید بن کثير بن غالب]]|مؤلف2= تحقيق: [[محمد أبو الفضل إبراهيم|مُحمَّد أبو الفضل إبراهيم]]|عنوان= تاريخ الرُسل والمُلُوك|المجلد=الجُزء الرابع|طبعة= الثانية|صفحة= 157|سنة= [[1387 هـ|1387هـ]] - [[1967]]م|ناشر= دار المعارف|تاريخ الوصول= [[30 ديسمبر|30 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]|مسار= https://ia802500.us.archive.org/21/items/WAQ17280/trm04.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190812192054/https://ia802500.us.archive.org/21/items/WAQ17280/trm04.pdf | تاريخ أرشيف = 12 أغسطس 2019 }}</ref>
<blockquote>{{بسملة 2}}</blockquote>
<blockquote>هذا ما أعطى بُكير بن عبد الله أهل مُوقان من جبال القبج الأمان على أموالهم وأنفسهم ومِلَّتهم وشرائعهم على الجِزاء دينارٌ عن كُلِّ حالمٍ أو قيمته، والنُّصح ودلالة المُسلم ونُزُله يومه وليلته، فلهم الأمان ما أوفروا ونصحُوا، وعلينا الوفاء والله المُستعان، فإن تركوا ذلك واستبان منهم غشٌ فلا أمان لهم إلَّا أن يُسلِّموا الغششة بِرُمَّتهم وإلَّا فهم متمالؤن.<br />شهد [[الشماخ بن ضرار|الشمَّاخ بن ضرار]] والرسارس بن جنادب و[[حملة بن جوية الكناني|حملة بن جوية]]، وكُتب [[21 هـ|سنة إحدى وعشرين]].</blockquote>
[[ملف:Dvin.jpg|تصغير|يمين|ساحة مدينة دُبيل، المعروفة أيضًا بِـ«دوين»، عاصمة بلاد الأرمن.]]
ومات سُراقة بن عمرو في باب الأبواب قبل أن يرى ثمرات جهاده، واستخلف قبل موته عبد الرحمٰن بن ربيعة الباهليّ، فأقرَّ عُمر عبد الرحمٰن على ثغر الباب وأمرهُ بِغزو التُرك، فخرج حتَّى قطع باب الأبواب وبلغ مدينة البيضاء على بُعد مائتيّ فرسخ من بلنجر، فقاتل التُرك وغزا مرَّاتٍ مُتعددة، على أنَّ هذه الحملات يبدو أنها اتخذت طابع اختبار البلاد وأهلها وجُيُوشها، ولم تهدف إلى تثبيت الفتح فيها في ذلك الوقت.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمد الخضري بك|الباجوري، مُحمَّد بك بن عفيفي الخُضري]]|مؤلف2= تحقيق: عبد المنعم العاني|عنوان= إتمام الوفاء في سيرة الخُلفاء|طبعة= الأولى|صفحة= 78 - 79|سنة= [[2008]]|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|ردمك= 2745140515|تاريخ الوصول= [[5 يناير|5 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://books.google.com.lb/books?id=q8VtDwAAQBAJ&pg=PT77&lpg=PT77&dq=%D9%87%D8%B0%D8%A7+%D9%85%D8%A7+%D8%A3%D8%B9%D8%B7%D9%89+%D8%A8%D9%83%D9%8A%D8%B1+%D8%A8%D9%86+%D8%B9%D8%A8%D8%AF+%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87&source=bl&ots=R8zqNWtbgG&sig=SZkxBy6omPhnzldCOEIb-8PAn9k&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwj_od_KyNffAhUMmBQKHZpnATkQ6AEwAnoECAMQAQ#v=onepage&q=%D9%87%D8%B0%D8%A7%20%D9%85%D8%A7%20%D8%A3%D8%B9%D8%B7%D9%89%20%D8%A8%D9%83%D9%8A%D8%B1%20%D8%A8%D9%86%20%D8%B9%D8%A8%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87&f=false|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200323221744/https://books.google.com.lb/books?id=q8VtDwAAQBAJ&pg=PT77&lpg=PT77&dq=%D9%87%D8%B0%D8%A7+%D9%85%D8%A7+%D8%A3%D8%B9%D8%B7%D9%89+%D8%A8%D9%83%D9%8A%D8%B1+%D8%A8%D9%86+%D8%B9%D8%A8%D8%AF+%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87&source=bl&ots=R8zqNWtbgG&sig=SZkxBy6omPhnzldCOEIb-8PAn9k&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwj_od_KyNffAhUMmBQKHZpnATkQ6AEwAnoECAMQAQ#v=onepage&q=%D9%87%D8%B0%D8%A7%20%D9%85%D8%A7%20%D8%A3%D8%B9%D8%B7%D9%89%20%D8%A8%D9%83%D9%8A%D8%B1%20%D8%A8%D9%86%20%D8%B9%D8%A8%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87&f=false|تاريخ أرشيف=2020-03-23}}</ref><ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= حجازي، علي سعد علي |عنوان= العدالة العُمريَّة من سيرة أمير المؤمنين عُمر بن الخطَّاب (رضي الله عنه)|طبعة= الأولى|صفحة= 185 - 186|سنة= [[2009]]|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|ردمك= 2745162381|تاريخ الوصول= [[5 يناير|5 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://books.google.com.lb/books?id=ZopMDwAAQBAJ&pg=PT183&lpg=PT183&dq=%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%87+%D8%A8%D8%BA%D8%B2%D9%88+%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83&source=bl&ots=TTI5mVLZOU&sig=rYfdaNYWN_goME7UdmbSZ4RYvA0&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwjUrLOvzdffAhUJ6OAKHbyVDvUQ6AEwBHoECAUQAQ#v=onepage&q=%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%87%20%D8%A8%D8%BA%D8%B2%D9%88%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83&f=false|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200323221745/https://books.google.com.lb/books?id=ZopMDwAAQBAJ&pg=PT183&lpg=PT183&dq=%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%87+%D8%A8%D8%BA%D8%B2%D9%88+%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83&source=bl&ots=TTI5mVLZOU&sig=rYfdaNYWN_goME7UdmbSZ4RYvA0&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwjUrLOvzdffAhUJ6OAKHbyVDvUQ6AEwBHoECAUQAQ#v=onepage&q=%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%87%20%D8%A8%D8%BA%D8%B2%D9%88%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83&f=false|تاريخ أرشيف=2020-03-23}}</ref>

=== غزوة دُبيل ===
{{تاريخ أرمينيا|expanded=age3}}
بعد تمام فتح باب الأبواب وموقان، هاجم المُسلمون حُدُود أرمينية من الشمال الشرقي بجيشٍ مُكوَّنٍ من أربع فرق، لكنَّ هذا الجيش واجه مُقاومةً عنيفةً قادها الأمير تُيُودور الرشتوني، الذي كان أحد القادة الأرمن حُلفاء الروم، ومع ذلك فقد دخل المُسلمون إلى مدينة دُبيل عاصمة بلاد الأرمن في [[7 ذو القعدة|7 ذي القعدة]] [[21 هـ|21هـ]] المُوافق فيه [[6 أكتوبر|6 تشرين الأوَّل (أكتوبر)]] [[642]]م، إلَّا أنَّهم لم يستقرُّوا فيها بسبب الضغط الأرمني، وغادروها بعد أن غنموا مقادير هائلة من الغنائم، وحملوا معهم كثيرًا من الأسرى،<ref name="دوين">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمد سهيل طقوش|طقُّوش، مُحمَّد سُهيل]]|عنوان= تاريخ الخُلفاء الراشدين: الفُتُوحات والإنجازات السياسيَّة|طبعة= الثانية|صفحة= 284|سنة= [[1432 هـ|1432هـ]] - [[2011]]م|ناشر= دار النفائس|ردمك= 9953181012|تاريخ الوصول= [[13 يناير|13 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://archive.org/stream/FP144644/144644#page/n283/mode/2up| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200110055734/https://archive.org/stream/FP144644/144644 | تاريخ أرشيف = 10 يناير 2020 }}</ref> قُدَّرت أعدادهم وفق إحدى المصادر بِحوالي 35,000 أسير.<ref group="ْ">Kurkjian, Vahan M. [http://penelope.uchicago.edu/Thayer/E/Gazetteer/Places/Asia/Armenia/_Texts/KURARM/23*.html A History of Armenia hosted by The University of Chicago]. New York: Armenian General Benevolent Union of America, 1958 pp. 173-185 {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20230327030802/http://penelope.uchicago.edu/Thayer/E/Gazetteer/Places/Asia/Armenia/_Texts/KURARM/23%2A.html|date=2023-03-27}}</ref>

وطارد تُيُودور الرشتوني الجيش الإسلامي أثناء خُرُوجه من المنطقة في مُحاولةٍ لاستعادة الغنائم والأسرى، وكمن له عند نهر كوجوفيت، إلَّا أنَّهُ فشل في مُهمَّته وفق إحدى المصادر،<ref name="دوين" /> بينما تنصُّ أُخرى أنَّهُ تمكَّن من رد الأسرى على الأقل.<ref group="ْ">{{استشهاد بكتاب|الأخير=Kurdoghlian|الأول=Mihran|عنوان=Hayots Badmoutioun (Armenian History), Volume II|ناشر=Hradaragutiun Azkayin Ousoumnagan Khorhourti, Athens, Greece|صفحات=3–7|سنة=1996|لغة=hy}}</ref> وبجميع الأحوال، انتهت هذه الحملة دون نتائج إيجابيَّة من واقع الإخفاق في فتح المدينة والاستقرار في رُبُوعها، نتيجة المُقاومة العنيفة التي واجهها المُسلمون.<ref name="دوين" />

=== فتح قاليقلا ===
[[ملف:Erzeron Tournefort.png|تصغير|يمين|رسمٌ لِمدينة أرضروم يعود لِحوالي سنة 1700م، وأرضروم هي قاليقلا الأرمنيَّة التي افتتحها المُسلمون بِقيادة حبيب بن مسلمة الفهريّ.<ref group="ْ">[[خليل إينالجك|Inalcik, Halil]]. "Erzurum". [[دائرة المعارف الإسلامية|Encyclopedia of Islam]]. P. Bearman et al. (eds.) Leiden: Brill, 1965, vol. ii, p. 712.</ref>]]
قُتل عُمر بن الخطَّاب يوم الأربعاء [[26 ذو الحجة|26 ذي الحجَّة]] [[23 هـ|23هـ]] المُوافق فيه [[23 نوفمبر|23 تشرين الثاني (نوڤمبر)]] 644م، على يد [[أبو لؤلؤة المجوسي|أبي لُؤلُؤة فيروز النهاوندي]]، واستُخلف بعده [[عثمان بن عفان|عُثمان بن عفَّان]].<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[اليعقوبي|اليعقوبي، أبو العبَّاس أحمد بن إسحٰق بن جعفر بن وهب بن واضح]]|عنوان= تاريخ اليعقوبي|صفحة= 183 - 186|سنة= [[1883]]|ناشر= [[دار بريل للنشر|دار بريل لِلنشر]]|تاريخ الوصول= [[5 يناير|5 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[لايدن]] - [[مملكة هولندا]]|مسار= https://upload.wikimedia.org/wikisource/ar/2/26/%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE_%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF_%D8%A8%D9%86_%D8%A3%D8%A8%D9%8A_%D9%8A%D8%B9%D9%82%D9%88%D8%A82.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190106104406/https://upload.wikimedia.org/wikisource/ar/2/26/تاريخ_أحمد_بن_أبي_يعقوب2.pdf | تاريخ أرشيف = 6 يناير 2019 }}</ref> وفي عهد عُثمان توغَّل المُسلمون في الرُبُوع الأرمنيَّة بِغرض فتح هذه البلاد فتحًا نهائيًّا وضمِّها إلى الأملاك الإسلاميَّة، ونشر الإسلام في رُبُوعها.<ref name="طقوش1">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمد سهيل طقوش|طقُّوش، مُحمَّد سُهيل]]|عنوان= تاريخ الخُلفاء الراشدين: الفُتُوحات والإنجازات السياسيَّة|طبعة= الثانية|صفحة= 374|سنة= [[1432 هـ|1432هـ]] - [[2011]]م|ناشر= دار النفائس|ردمك= 9953181012|تاريخ الوصول= [[5 يناير|5 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://archive.org/stream/FP144644/144644#page/n373/mode/2up| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200110055734/https://archive.org/stream/FP144644/144644 | تاريخ أرشيف = 10 يناير 2020 }}</ref> لِذلك، كتب عُثمان إلى [[معاوية بن أبي سفيان|مُعاوية بن أبي سُفيان]]، وهو عامله على الشَّام والجزيرة الفُراتيَّة وثُغُورهما، يأمُره بِأنَّ يُوجِّه [[حبيب بن مسلمة|حبيب بن مسلمة الفهريّ]] إلى أرمينية. وكان حبيب ذا أثرٍ جميلٍ في فُتُوح الشَّام وغزو الروم، وقد عَلِم ذلك منهُ عُمر بن الخطَّاب ثُمَّ عُثمان بن عفَّان من بعده. وتحرَّك حبيب نحو هدفه في ستَّة آلاف، وقيل في ثمانية آلاف، من أهل الشَّام والجزيرة، فأتى قاليقلا وأقام بِساحتها. وخرج إليه أهل المدينة لِقتاله ودفع المُسلمين بعيدًا عن مدينتهم، فقاتلهم حبيب حتَّى ألجأهم إلى داخل المدينة، فطلبوا الأمان على الجلاء أو الجزية، فجلا كثيرٌ منهم إلى بلاد الروم، وأقام حبيب فيمن معهُ أشهُرًا بِالمدينة سالفة الذِكر، حتَّى بلغهُ أنَّ الموريان بطريرك بلاد أرميناقس، وهي البلاد التي تشتملُ على [[ملطية]] و[[سيواس]] و[[آق سراي]] و[[قونية]] وما والاها من البلاد وُصولًا إلى [[بحر مرمرة|خليج]] [[القسطنطينية|القُسطنطينيَّة]]،<ref name="ابن خلدون">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[ابن خلدون|ابن خلدون، أبو زيد وليُّ الدين عبد الرحمٰن بن مُحمَّد الحضرمي الإشبيلي]]|مؤلف2= تحقيق: خليل شحادة و[[سهيل زكار|سُهيل زكَّار]]|عنوان= ديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السُلطان الأكبر|المجلد=الجُزء الثاني |صفحة= 572|سنة= [[1421 هـ|1421هـ]] - [[2000]]م|ناشر= دار الفكر|تاريخ الوصول= [[5 يناير|5 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://ia600207.us.archive.org/30/items/waqtkhldon/tkhldon2.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20170428133236/http://ia600207.us.archive.org/30/items/waqtkhldon/tkhldon2.pdf | تاريخ أرشيف = 28 أبريل 2017 }}</ref><ref name="ابن الأثير2">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[ابن الأثير الجزري|ابن الأثير الجزري، عز الدين أبي الحسن عليّ بن مُحمَّد الموصلِّي الشيباني]]|مؤلف2= تحقيق: أبي الفداء عبد الله القاضي|عنوان= الكامل في التاريخ|المجلد=المُجلَّد الثاني|طبعة= الأولى|صفحة= 478 - 479|سنة= [[1407 هـ|1407هـ]] - [[1987]]م|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|تاريخ الوصول= [[22 ديسمبر|22 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://ia802707.us.archive.org/15/items/WAQkamilt/kamilt02.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200110055703/https://ia802707.us.archive.org/15/items/WAQkamilt/kamilt02.pdf | تاريخ أرشيف = 10 يناير 2020 }}</ref> قد جمع لِلمُسلمين جمعًا عظيمًا، وتوجَّه إليهم في ثمانين ألفًا من الروم ومن والاهم من التُرك، فكتب إلى مُعاوية بن أبي سُفيان الذي كتب بدوره إلى الخليفة عُثمان، فأرسل عُثمان إلى والي [[الكوفة]] [[الوليد بن عقبة|الوليد بن عُقبة بن أبي مُعيط]] يأمرهُ بِإمداد حبيب، فأمدَّهُ بِسلمان بن ربيعة الباهليّ على رأس ثمانية آلافٍ من أهل الكوفة. وأبطأ المدد على حبيب، فأجمع على تبييت الروم، أي مُباغتتهم ومُهاجمتهم ليلًا، وكان هؤلاء قد حشدوا جُمُوعهم ونزلوا على [[الفرات|نهر الفُرات]]، فاجتاح المُسلمون الروم وهزموهم هزيمةً نكراء، وقتلوا قائدهم الموريان. وعاد حبيب إلى قاليقلا حيثُ وصلهُ ألفيّ رجل أرسلهم مُعاوية بن أبي سُفيان لِإسكانهم في المدينة المفتوحة، فأقطعهم بها القطائع وجعلهم مُرابطةً بها.<ref name="ابن خلدون" /><ref name="ابن الأثير2" />

=== فتح جبال أرمينية ===
بعد تمام فتح قاليقلا، سار حبيب ومعهُ سلمان، فنزل مدينة مِربالا حيثُ أتاه بطريرك أخلاط يحملُ كتاب عياض بن غنم الذي أمَّن فيه أهالي المدينة المذكورة على أنفسهم وأموالهم وبلادهم، فأنفذه حبيب له، وحمل إليه البطريرك ما على مدينته من مال.<ref name="ابن خلدون" /><ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[البلاذري|البلاذري، أبو الحسن أحمد بن يحيی بن جابر بن داود البغدادي]]|عنوان= فُتُوح البُلدان|صفحة= 198|سنة= [[1988]]م|ناشر= دار ومكتبة الهلال|تاريخ الوصول= [[6 يناير|6 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار=https://shamela.ws/browse.php/book-12221/page-172#page-195| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20181225031000/http://shamela.ws/browse.php/book-12221/page-172 | تاريخ أرشيف = 25 ديسمبر 2018 }}</ref> ونزل حبيب أخلاط، ثُمَّ سار منها فلقيه صاحب «مُكس»، وهي ناحية من نواحي البُسفُرجان فقاطعهُ على بلاده ووجَّه معهُ رجُلًا وكتب له كتاب صُلح وأمان ووجَّه إِلى قُرى [[إرجيش]] وباجنيس من غلب عليها وجبى جزية رؤوس أهلها، وأتاه أعيان تلك البلاد فقاطعهم على خراجها.<ref name="جبال">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[البلاذري|البلاذري، أبو الحسن أحمد بن يحيی بن جابر بن داود البغدادي]]|عنوان= فُتُوح البُلدان|صفحة= 199 - 201|سنة= [[1988]]م|ناشر= دار ومكتبة الهلال|تاريخ الوصول= [[6 يناير|6 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار=https://shamela.ws/browse.php/book-12221/page-172#page-196| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20181225031000/http://shamela.ws/browse.php/book-12221/page-172 | تاريخ أرشيف = 25 ديسمبر 2018 }}</ref> ثُمَّ سار حبيب وفتح قرية «أردشاط»، ومنها سار إلى مدينة دُبيل وحاصرها بعد أن تحصَّن أهلها بها. ورمى المُتحصنون جيش المُسلمين من وراء الأسوار، فنصب عليهم حبيب [[منجنيق]]ًا ورماهم حتَّى طلبوا الأمان والصُلح، فأجابهم إليه،<ref name="جبال" /> وبذلك افتُتحت دُبيل وجميع قُراها، وكان كتاب صُلحها:<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[أبو نعيم الأصبهاني|الأصبهاني، أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحٰق]]|مؤلف2= تحقيق: سيِّد كسروي حسن|عنوان= كتاب تاريخ أصبهان|طبعة= الأولى|المجلد=الجُزء الأوَّل|صفحة= 60 - 61|سنة= [[1410 هـ|1410هـ]] - [[1990]]م|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|تاريخ الوصول= [[6 يناير|6 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://books.google.com.lb/books?id=kxlxDwAAQBAJ&pg=PT59&lpg=PT59&dq=%D9%87%D8%B0%D8%A7+%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8+%D8%AD%D8%A8%D9%8A%D8%A8+%D8%A8%D9%86+%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D8%A9+%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%B1%D9%89+%D8%AF%D8%A8%D9%8A%D9%84&source=bl&ots=YVcfwTe9aE&sig=1k0l9-eDbxDKJdgmCkAKnDsaVbU&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwiyrpi97NnfAhVqBWMBHcmqCc8Q6AEwB3oECAMQAQ#v=onepage&q=%D9%87%D8%B0%D8%A7%20%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%20%D8%AD%D8%A8%D9%8A%D8%A8%20%D8%A8%D9%86%20%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D8%A9%20%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%B1%D9%89%20%D8%AF%D8%A8%D9%8A%D9%84&f=false|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200323221746/https://books.google.com.lb/books?id=kxlxDwAAQBAJ&pg=PT59&lpg=PT59&dq=%D9%87%D8%B0%D8%A7+%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8+%D8%AD%D8%A8%D9%8A%D8%A8+%D8%A8%D9%86+%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D8%A9+%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%B1%D9%89+%D8%AF%D8%A8%D9%8A%D9%84&source=bl&ots=YVcfwTe9aE&sig=1k0l9-eDbxDKJdgmCkAKnDsaVbU&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwiyrpi97NnfAhVqBWMBHcmqCc8Q6AEwB3oECAMQAQ#v=onepage&q=%D9%87%D8%B0%D8%A7%20%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%20%D8%AD%D8%A8%D9%8A%D8%A8%20%D8%A8%D9%86%20%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D8%A9%20%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%B1%D9%89%20%D8%AF%D8%A8%D9%8A%D9%84&f=false|تاريخ أرشيف=2020-03-23}}</ref>
<blockquote>{{بسملة 2}}</blockquote>
<blockquote>هذا كتابٌ من حبيب بن مسلمة لِنصارى أهل دُبيل ومجوسها ويهودها شاهدُهُم وغائبهُم. إنِّي أمَّنتُكُم على أنفُسكم وأموالُكم وكنائسكم وبيعكم وسور مدينتكم فأنتم آمنون، وعلينا الوفاء لكم بِالعهد ما وفيتم وأدَّيتم الجزية والخِراج،<br />شهد الله {{قرآن|وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}}،<br/>وختم حبيب بن مسلمة.
</blockquote>
وفتح المُسلمون سراج طير وبغروند صُلحًا دون قتال، وصالحهم بطريركها على المُناصحة والمُعاونة على الأعداء. ثُمَّ أتى حبيب مدينة النشوى ففتحها صُلحًا على مثل صلح دُبيل وقدم عليه بطريرك البُسفُرجان فصالحه عن جميع بلاده على خراجٍ يُؤدِّيه في كُل سنة، ثُمَّ أتى السيسجان فحاربه أهلها فهزمهم واستولى على حُصُونهم.<ref name="جبال" /> وسار حبيب بمن معهُ وهدفه فتح مدينة جُرزان، فلمَّا انتهوا إلى موضعٍ أطلقوا عليه «ذات اللُّجُم»، سرَّحوا بعض [[خيل عربية|خُيُولهم]] ودوابهم، وجمعوا [[لجام|لُجُمها]]، فخرج عليهم جماعة من سُكَّان تلك المنطقة وقاتلوهم وتمكَّنوا من هزيمتهم، وأخذوا تلك اللُّجُم وما قدروا عليه من الدواب، ولكنَّ المُسلمين كرّوا عليهم، فقاتلوهم واسترجعوا ما أخذوا منهم، فسُمِّي الموضع «ذات اللُّجُم». وأتى حبيبًا رسول بطريرك جُرزان وأهلها وهو بطريقه إليها، فأدَّى إليه رسالتهم، وسأله كتاب صُلحٍ وأمانٍ لهم، فكتب له ما أراد وصالحهُ وأهل المدينة.<ref name="جبال" /> وسار المُسلمون بعد ذلك إلى [[تبليسي|تفليس]] في [[الكرج]]، وكتب لِأهلها صُلحًا نصُّه هو:<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[حميد بن مخلد بن قتيبة|ابن زنجويه، أبو أحمد حميد بن مُخلَّد بن قُتيبة بن عبد الله الأزدي النسائي]]|مؤلف2= تحقيق: أبو مُحمَّد جلال الأسيوطي|عنوان= كتاب الأموال|صفحة= 210|سنة= [[2006]]|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|ردمك= 2745147153|تاريخ الوصول= [[6 يناير|6 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://books.google.com.lb/books?id=kp9uDwAAQBAJ&pg=PT209&lpg=PT209&dq=%D9%87%D8%B0%D8%A7+%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D9%85%D9%86+%D8%AD%D8%A8%D9%8A%D8%A8+%D8%A8%D9%86+%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D8%A9+%D9%84%D8%A3%D9%87%D9%84+%D8%AA%D9%81%D9%84%D9%8A%D8%B3&source=bl&ots=xicjiMdLGO&sig=1qqKneDCiYGONlnNLswIv5OrCds&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwjO9rLa-NnfAhUL3OAKHW1lAhgQ6AEwAnoECAQQAQ#v=onepage&q=%D9%87%D8%B0%D8%A7%20%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D9%85%D9%86%20%D8%AD%D8%A8%D9%8A%D8%A8%20%D8%A8%D9%86%20%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D8%A9%20%D9%84%D8%A3%D9%87%D9%84%20%D8%AA%D9%81%D9%84%D9%8A%D8%B3&f=false|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200323221747/https://books.google.com.lb/books?id=kp9uDwAAQBAJ&pg=PT209&lpg=PT209&dq=%D9%87%D8%B0%D8%A7+%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D9%85%D9%86+%D8%AD%D8%A8%D9%8A%D8%A8+%D8%A8%D9%86+%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D8%A9+%D9%84%D8%A3%D9%87%D9%84+%D8%AA%D9%81%D9%84%D9%8A%D8%B3&source=bl&ots=xicjiMdLGO&sig=1qqKneDCiYGONlnNLswIv5OrCds&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwjO9rLa-NnfAhUL3OAKHW1lAhgQ6AEwAnoECAQQAQ#v=onepage&q=%D9%87%D8%B0%D8%A7%20%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D9%85%D9%86%20%D8%AD%D8%A8%D9%8A%D8%A8%20%D8%A8%D9%86%20%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D8%A9%20%D9%84%D8%A3%D9%87%D9%84%20%D8%AA%D9%81%D9%84%D9%8A%D8%B3&f=false|تاريخ أرشيف=2020-03-23}}</ref>
<blockquote>{{بسملة 2}}</blockquote>
<blockquote>هذا كتابٌ من حبيب بن مسلمة لِأهل تفليس من أرض الهُرمُز بِالأمان لكم ولِأولادكم وأهاليكم وصوامعكم وبيعكم ودينكم وصلواتكم، على إقرارٍ بِصغار الجزية، على أهل كُلِّ بيتٍ دينارٍ وافٍ، ليس لكم أن تجمعوا بين مُفترق الأهِلات استصغارًا منكم لِلجزية، ولا لنا أن نُفرِّق بين مُجتمعٍ استكثارًا منَّا لِلجزية، ولنا نصيحتكم وضلعُكم على عدوِّ الله ورسوله والذين آمنوا فيما استطعتم وإقراء المُسلم المُجتاز ليلةً بِالمعروف من حلال طعامِ [[أهل الكتاب]]، وحلال شرابهم، وإرشاد الطريق على غير ما يُضر بكم، وإن قُطع بِأحد من المُؤمنين عندكم فعليكم أداؤه إلى أدنى فئةٍ من المُؤمنين والمُسلمين، إلَّا أن يُحال دونهم، فإن تُبتُم وأقمتم [[الصلاة في الإسلام|الصلاة]] وآتيتم ال[[زكاة]]، فإخواننا في الدين، ومن تولَّى عن الإيمان والإسلام والجزية، فعدوَّ الله ورسوله والذين آمنوا، والله المُستعان عليه، فإن عُرض لِلمُؤمنين شُغلٌ عنكم، وقهركم عدوَّكم، فغير مأخوذين بِذلك، ولا ناقض ذلك عهدكم، بعد أن تفيئوا إلى المُؤمنين والمُسلمين. هذا عليكم وهذا لكم،<br />شهد الله وملائكته ورسوله والذين آمنوا {{قرآن|وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}}.
</blockquote>
وفتح المُسلمون أيضًا مدائن حوارح وكسفربيس وكسال وخنان و[[شماخى|شماخي]] والجردمان وكستسجي وشوشت وبازليت صُلحًا على حقن دماء أهلها وإقرار مُصلَّياتهم وحيطانهم وعلى أن يؤدوا الجزية عن أرضهم ورؤوسهم، وصالح حبيب أهالي قلرجيت وثرياليت وخاخيط وخوخيط وأرطهال وباب اللال، كما صالح الصناريَّة والدودانيَّة على الجزية.<ref name="جبال" /> وبعث حبيب ساعده الأيمن، سلمان بن ربيعة، إلى أرَّان، ففتح [[بيلقان|البيلقان]] صُلحًا بعد أن أمَّن أهلها على دمائهم وأموالهم وحيطان مدينتهم، واشترط عليهم الجزية والخِراج. وأتى سلمان مدينة [[بردعة|برذعة]]، فعسكر على نهر الثُرثُور على بُعد فرسخٍ من المدينة سالِفة الذِكر، فقاتله أهلها أيَّامًا، وشنَّ الغارات في قُراها، فصالحوه على مثل صُلح البيلقان، ودخلها جيش المُسلمين. ووجَّه سلمان جُنُودًا إلى رساتيق أرَّان ففتحوها، ثُمَّ وجَّه سريَّةً إلى مدينة شمكُور ففتحوها أيضًا. وسار سلمان إلى مجمع نهريّ [[نهر آراس|الرس]] و[[كورا (نهر)|الكُرّ]]، ففتح مجمع ما بينهما. وصالح سلمان صاحب [[شروان]] وسائر مُلُوك الجبال وأهل مسقط والشابران. والظاهر أنَّ مدينة باب الأبواب كانت قد امتنعت بعد فتحها الأوَّل، فأعاد إليها سلمان الهُدوء والاطمئنان وفتحها ثانيةً وأعادها إلى أحضان ديار الإسلام.<ref name="ابن خلدون" /><ref name="ابن الأثير2" />

=== صُلح عُمُوم أرمينية ===
كان بعض القادة والحُكَّام الأرمن المُقرَّبون من الدوائر الحاكمة في بيزنطة، يميلون لِلبقاء تحت راية الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة، رُغم الخِلاف المذهبي بين الطرفين، وفي مُقدمة هؤلاء القائد تُيُودور الرشتوني سالف الذِكر، الذي كان الإمبراطور البيزنطي [[هرقل]] قد عيَّنه [[قربلاط]]ًا على أرمينية البيزنطيَّة،<ref group="ْ">{{استشهاد بكتاب| الأخير = Whittow| الأول = Mark| عنوان = The Making of Byzantium, 600-1025| مسار = https://archive.org/details/makingbyzantium00whit| ناشر =University of California Press| مكان= Berkeley| سنة = 1996| صفحة=[https://archive.org/details/makingbyzantium00whit/page/n234 209]| isbn =0-520-20497-2|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20220409080615/https://archive.org/details/makingbyzantium00whit|تاريخ أرشيف=2022-04-09}}</ref> وكان هذا القائد قد تمكَّن مع آخرٍ روميّ يُدعى «پروكوپيوس» من صدِّ إحدى حملات المُسلمين سنة [[640]]م في معركةٍ تُطلق عليها بعض المصادر «معركة ساراكين»، حيثُ وقع خلافٌ بينهما حول كيفيَّة التصدي لِلمُسلمين،<ref name="طقوش1" /> كما تمكَّن من دفعهم بعيدًا عن دُبيل كما أُسلف، ويظهر أنَّ الإمبراطور [[قسطنطين الثاني (إمبراطور بيزنطي)|قُسطنطين الثاني]] اعترف بتُيُودور المذكور حاكمًا على أرمينية سنة 643م تقديرًا لما فعله، وفي سبيل تمكينه لِمُحاربة المُسلمين على الجبهة البيزنطيَّة الشرقيَّة.<ref group="ْ">{{استشهاد بكتاب| الأخير = Ter-Ghevondyan| الأول = Aram N| مؤلف-وصلة =:en:Aram Ter-Ghevondyan| عنوان = Армения и apaбcкий Халифат (Armenia and the Arab Caliphate)| ناشر =Armenian Academy of Sciences| مكان= Yerevan, Armenian SSR| سنة = 1977| صفحات=23–58|لغة=ru}}</ref>
{{إسلام}}
[[ملف:فتوحات حبيب بن مسلمة في أرمينية.png|تصغير|يمين|مسار فُتُوحات حبيب بن مسلمة الفهري وسلمان بن ربيعة الباهلي في أرمينية.]]
ويبدو أنَّ الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة استمرَّت تنظر إلى تُيُودور الرشتوني بعين الريبة بفعل مُيُوله المذهبيَّة المُخالفة [[الطائفة الملكانية|لِلمذهب الملكاني]] الرسمي، وبسبب موقفه السابق من القائد الإمبراطوري پروكوپيوس، فلمَّا تقدَّم المُسلمون وفتحوا كامل بلاد الجبال الأرمنيَّة، وأثبتوا تفوقهم العسكري، وكانوا يضغطون على بقايا الروم في الشَّام و[[شمال إفريقيا|شمال أفريقيا]]، تخلَّت بيزنطة عن أرمينية وتُيُودور الرشتوني، فلم يعد الأرمن قادرين على مُقاومة المُسلمين بِمُفردهم، وخاب أملهم في بيزنطة التي عجزت عن الدفاع عنهم وحمايتهم،<ref name="طقوش1" /> فاضطرَّ تُيُودور الرشتوني إلى إجراء مفاوضاتٍ مُنفردةٍ مع المُسلمين انتهت إلى التسوية التالية: يعترف المُسلمون باستقلال الأقاليم الأرمنيَّة بينما يعترف الأرمن بِسيادة المُسلمين عليهم بِالشُرُوط نفسها التي سبق لِلفُرس أن مارسوا بها سيادتهم على أرمينية، ويُعيِّن المُسلمون حاكمًا أرمنيًّا عامًّا على أرمينية بينما يضع الأرمن فرقة عسكريَّة تعدادها خمسة عشر ألف جُندي بِتصرُّف المُسلمين.<ref group="ْ">[[:en:René Grousset|René Grousset]], ''Histoire de l'Arménie des origines à 1071'', Paris, 1973, pp. 300 - 301 {{ردمك|2-228-27130-6}}</ref><ref name="طقوش1" />

كانت تلك المُعاهدة مُناسبة لِلأرمن من واقع وضعهم الحرج بعد إحجام بيزنطة عن مُساعدتهم، في حين سبَّبت لِبيزنطة خيبة أمل كبيرة، لِأنَّ البيزنطيين كانوا يأملون في استمرار سُخُونة الجبهة الأرمنيَّة، لِتخفيف الضغط على الجبهات الأُخرى مع المُسلمين، كما أنَّ الأرمن لم يكونوا راغبين في التضحية بأنفسهم من أجل إمبراطوريَّةٍ هرمة، أضحت عاجزة عن الدفاع عن حُدُودها وولاياتها. ثُمَّ حدث أن تطوَّرت العلاقات الإسلاميَّة - الأرمنيَّة نحو الأفضل، وأبدى الأرمن استعدادهم لِلتحالف مع المُسلمين، وانفصالهم نهائيًّا عن الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة، مُقابل منحهم نوعًا من الاستقلال المحلِّي.<ref name="طقوش1" /> وجرت مُفاوضات بين الطرفين من أجل ذلك أسفرت عن اتفاقٍ آخر يُعد مُتممًا لِلاتفاق السابق، وتضمَّن البُنُود التالية:<ref name="طقوش1" /><ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= حُسين، صابر مُحمَّد دياب|عنوان= أرمينية من الفتح الإسلامي إلى مُستهل القرن الخامس الهجري|طبعة= الأولى|صفحة= 34 - 35|سنة= [[1978]]|ناشر= [[دار النهضة العربية (القاهرة)|دار النهضة العربيَّة]]|مكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]}}</ref><ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= مورو، جان أندرو (إلياس إسلام) |مؤلف2= ترجمة: عمرو سلام ومُحمَّد الكوش|عنوان= عُهُود النبيّ مُحمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم لِمسحيَّي العالم|طبعة= الأولى|صفحة= 237|سنة= [[2018]]|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|ردمك= 9782745191670|تاريخ الوصول= [[12 يناير|12 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://books.google.com.lb/books?id=kT1ZDwAAQBAJ&pg=PT236&lpg=PT236&dq=%D8%AA%D9%8F%D9%8A%D9%8F%D9%88%D8%AF%D9%88%D8%B1+%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B4%D8%AA%D9%88%D9%86%D9%8A&source=bl&ots=CvQBSUwDbp&sig=_ZU9s1TxHg9lNevlPwvFO5yqiuk&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwiTtPzinenfAhW6ThUIHfQtBhkQ6AEwDHoECAMQAQ#v=onepage&q=%D8%AA%D9%8F%D9%8A%D9%8F%D9%88%D8%AF%D9%88%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B4%D8%AA%D9%88%D9%86%D9%8A&f=false|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200323221748/https://books.google.com.lb/books?id=kT1ZDwAAQBAJ&pg=PT236&lpg=PT236&dq=%D8%AA%D9%8F%D9%8A%D9%8F%D9%88%D8%AF%D9%88%D8%B1+%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B4%D8%AA%D9%88%D9%86%D9%8A&source=bl&ots=CvQBSUwDbp&sig=_ZU9s1TxHg9lNevlPwvFO5yqiuk&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwiTtPzinenfAhW6ThUIHfQtBhkQ6AEwDHoECAMQAQ#v=onepage&q=%D8%AA%D9%8F%D9%8A%D9%8F%D9%88%D8%AF%D9%88%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B4%D8%AA%D9%88%D9%86%D9%8A&f=false|تاريخ أرشيف=2020-03-23}}</ref><ref>{{استشهاد ويب| الأخير =هوفهانيسيان| الأول  =نيكولاي | تاريخ =[[2007]] | مسار أرشيف  =https://web.archive.org/web/20190112230206/http://www.ancme.net/studies/350| تاريخ أرشيف =[[12 يناير|12 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م| مسار  =http://www.ancme.net/studies/350| عنوان =العلاقات التاريخية الأرمنيَّة - العربيَّة: مُحاضرة أُلقيت في مركز الدراسات الأرمينيَّة في جامعة القاهرة 2007| موقع =الهيئة الوطنيَّة الأرمنيَّة - الشرق الأوسط| تاريخ الوصول =[[12 يناير|12 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م}}</ref>
* عدم فرض جزية على أرمينية لِمُدَّة سبع سنوات.
* يُقدِّم الأرمن فدية خِلال مُدَّة الاتفاق التي تُركت مفتوحة تتناسب مع قُدرتهم الاقتصاديَّة، وذلك ضمانًا لِبقاء استقلالهم، وفعلًا دفعوا لِلدولة الإسلاميَّة مبلغًا رمزيًّا مقداره خُمسُمائة دينار.
* يُقدِّم الأرمن قُوَّة عسكريَّة قوامها خمسة عشر ألف مُقاتل تُساعد القُوَّات الإسلاميَّة في حُرُوبها مع أعدائها باستثناء جبهة الشَّام.
* يُعيَّن المُسلمون على بلاد الأرمن حاكمًا أرمنيًّا، ولا يأوي الأرمن عدُوًّا لِلمُسلمين ولا يُساعدونهظت ويتعهَّد المُسلمون بِمُساعدة الأرمن إذا تعرَّضوا لِغزوٍ بيزنطيّ.

== سُقُوط أرمينية في يد البيزنطيين مُجددًا ==
{{أيضا|فتنة مقتل عثمان}}
[[ملف:Akdamar Adası (Van, Türkiye).JPG|تصغير|يمين|جزيرة آختامار التي احتمى فيها تُيُودور الرشتوني بُعيد استعادة الروم لِأرمينية، وتعيينهم هامازسپ ماميكونيان أميرًا على البلاد الأرمنيَّة.]]
ابتدأت المشاكل والفوضى تعمّ أرجاء الدولة الإسلاميَّة من سنة [[33 هـ|33هـ]] المُوافقة لِسنة [[653]]م، في أواخر خِلافة عُثمان بن عفَّان، وبدأت هذه المشاكل والفوضى في الكوفة و[[البصرة]]. وتكاتب نفرٌ من المُسلمين إلى بعضهم: {{اقتباس مضمن|أَن أَقدِمُوا فَإِنَّ الجِهَادَ عِندَنَا}}،<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= المالقي الأندلُسي، أبو عبد الله مُحمَّد بن يحيى بن مُحمَّد الأشعري|مؤلف2= تحقيق: أحمد فريد المزيدي وأحمد فتحي حجازي|عنوان= التمهيد والبيان في مقتل الشهيد عُثمان|طبعة= الأولى|صفحة= 54|سنة= [[2003]]|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|ردمك= 2745137522|تاريخ الوصول= [[13 يناير|13 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://books.google.com.lb/books?id=iCZyDwAAQBAJ&pg=PT53&lpg=PT53&dq=%D8%A3%D9%86+%D8%A3%D9%82%D8%AF%D9%85%D9%88%D8%A7+%D9%81%D8%A5%D9%86+%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%87%D8%A7%D8%AF+%D8%B9%D9%86%D8%AF%D9%86%D8%A7&source=bl&ots=8T8k2Kk2Hh&sig=HTJ6rLIZZGZzC-3ANaDsLDnk3aU&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwiIgr7dmOvfAhWHHhQKHdpDAjkQ6AEwAnoECAQQAQ#v=onepage&q=%D8%A3%D9%86%20%D8%A3%D9%82%D8%AF%D9%85%D9%88%D8%A7%20%D9%81%D8%A5%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%87%D8%A7%D8%AF%20%D8%B9%D9%86%D8%AF%D9%86%D8%A7&f=false|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200323221749/https://books.google.com.lb/books?id=iCZyDwAAQBAJ&pg=PT53&lpg=PT53&dq=%D8%A3%D9%86+%D8%A3%D9%82%D8%AF%D9%85%D9%88%D8%A7+%D9%81%D8%A5%D9%86+%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%87%D8%A7%D8%AF+%D8%B9%D9%86%D8%AF%D9%86%D8%A7&source=bl&ots=8T8k2Kk2Hh&sig=HTJ6rLIZZGZzC-3ANaDsLDnk3aU&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwiIgr7dmOvfAhWHHhQKHdpDAjkQ6AEwAnoECAQQAQ#v=onepage&q=%D8%A3%D9%86%20%D8%A3%D9%82%D8%AF%D9%85%D9%88%D8%A7%20%D9%81%D8%A5%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%87%D8%A7%D8%AF%20%D8%B9%D9%86%D8%AF%D9%86%D8%A7&f=false|تاريخ أرشيف=2020-03-23}}</ref> فأصبح الجهاد في المدينة المُنوَّرة قاعدة المُسلمين الرئيسيَّة وعاصمتهم، عوض أن يكون في البلاد المفتوحة في خارج شبه الجزيرة العربيَّة، ولا في البلاد المُجاورة التي تُهدد البلاد المفتوحة.<ref name="سقوط">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمود شيت خطاب|خطَّاب، محمود شيت]]|عنوان= قادة الفتح الإسلامي في أرمينية|طبعة= الأولى|صفحة= 65|سنة= [[1419 هـ|1419هـ]] - [[1998]]م|ناشر= دار الأندلُس الخضراء ودار ابن حزم|تاريخ الوصول= [[24 ديسمبر|24 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[جدة|جدَّة]] - [[السعودية|السُعُوديَّة]]؛ [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://ia802507.us.archive.org/31/items/waq59837/59837.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191217042316/https://ia802507.us.archive.org/31/items/waq59837/59837.pdf | تاريخ أرشيف = 17 ديسمبر 2019 }}</ref> فكانت تلك بداية [[فتنة مقتل عثمان|الفتنة الأولى بين المُسلمين]]. وفي ذات الوقت، كانت بيزنطة غير راضية عن الاتفاق الذي أبرمه تُيُودور الرشتوني مع المُسلمين وأفضى إلى انسلاخ أرمينية عن التبعيَّة البيزنطيَّة، فاستغلَّ الإمبراطور قُسطنطين الثاني الفوضى القائمة في ديار الإسلام وسار في سنة [[34 هـ|34هـ]] المُوافقة لِسنة [[654]]م على رأس جيشٍ بيزنطيٍّ كثيف بلغ تعداده مائة ألف مُقاتل، إلى الأراضي الأرمنيَّة، بِهدف إعادة البلاد إلى الحظيرة البيزنطيَّة. ولمَّا وصل إلى ترَّجان، تلقَّى إنذارًا إسلاميًّا بعدم دُخُول الأراضي الأرمنيَّة، لكنَّ الإمبراطور لم يُعر الإنذار التفاتة جديَّة واستمرَّ في زحفه حتَّى وصل إلى قاليقلا وعسكر فيها واستقبل عددًا كبيرًا من الإقطاعيين، وحُكَّام المناطق الأرمنيَّة المُوالين لِلرُّوم والذين سائهم الانسلاخ عن الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة، وتخلُّوا عمَّا تعهدوا به لِتُيُودور الرشتوني، وكذلك فعل بطريرك أرمينية الذي تنصَّل أمام الإمبراطور من الاتفاق مع المُسلمين، وتبرَّأ مما فعله القائد الأرمني المذكور.<ref name="طقوش3" />
[[ملف:Solidus Constans II (obverse).jpg|تصغير|نقشٌ لِوجه قيصر الروم الإمبراطور قُسطنطين الثاني، مُعيد أرمينية إلى كنف بيزنطة، على قطعة [[صوليدوس|صرد]].]]
تشجَّع الإمبراطور البيزنطي بِهذا التغيير الولائي من جانب قادة الأرمن، فدخل الأراضي الأرمنيَّة، وعزل تُيُودور الرشتوني، وعيَّن «هامازسپ ماميكونيان» مكانه، وراح يعمل على توحيد أرمينية تحت قيادته وسُلطته. أمَّا الرشتوني فهرب واحتمى في جزيرة آختامار [[بحيرة وان|بِبُحيرة وان]].<ref group="ْ">{{أيقونة أرمنية}} Vardanyan, Vrezh M. ''«Թեոդորոս Ռշտունի»'' (Theodoros Rshtuni). [[:en:Soviet Armenian Encyclopedia|Soviet Armenian Encyclopedia]]. vol. iv. Yerevan, Armenian SSR: [[:en:Armenian Academy of Sciences|Armenian Academy of Sciences]], 1978, p. 172.</ref> وفي سنة [[35 هـ|35هـ]] المُوافقة لِسنة [[655]]م، قُتل الخليفة عُثمان بن عفَّان في داره بِالمدينة المُنوَّرة على يد بعض الثُوَّار لِأسبابٍ مُختلفة،<ref name="سقوط" /> فتعرَّضت الدولة الإسلاميَّة لِمُشكلاتٍ مُتفاقمةٍ، وما أحرزه المُسلمون من انتصارٍ في [[معركة ذات الصواري]] لم يترتب عليه نتائج مُباشرة وحاسمة في الصراع بينهم وبين البيزنطيين، مما دفع مُعاوية بن أبي سُفيان إلى عقد صُلحٍ مع البيزنطيين في سنة [[38 هـ|38هـ]] المُوافقة لِسنة [[659]]م. وقد تأثَّر وضع أرمينية بِهذا الاتفاق من واقع استئناف الأُسر الأرمنيَّة الإقطاعيَّة صلاتها بِالبيزنطيين، وانحسار النُفُوذ الإسلامي عن هذه البلاد، وعودة النُفُوذ البيزنطي. وسحب مُعاوية الجُيُوش الإسلاميَّة المُرابطة في أرمينية، لِيدعم موقفه في الصراع مع [[علي بن أبي طالب|عليّ بن أبي طالب]].<ref name="طقوش3">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمد سهيل طقوش|طقُّوش، مُحمَّد سُهيل]]|عنوان= تاريخ الخُلفاء الراشدين: الفُتُوحات والإنجازات السياسيَّة|طبعة= الثانية|صفحة= 376|سنة= [[1432 هـ|1432هـ]] - [[2011]]م|ناشر= دار النفائس|ردمك= 9953181012|تاريخ الوصول= [[13 يناير|13 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://archive.org/stream/FP144644/144644#page/n375/mode/2up| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200110055734/https://archive.org/stream/FP144644/144644 | تاريخ أرشيف = 10 يناير 2020 }}</ref> والحقيقة أنَّ بيزنطة لم يكن بِوسعها أن تُفرِّط بِأرمينية بعد أن خسرت مُمتلكاتها في الجنوب، أي في الشَّام ومصر، وذلك لِعدَّة أسباب لعلَّ أهمها: غنى أرمينية بِالموارد المعدنيَّة والأخشاب والقُوَّة البشريَّة التي تُغذِّي الإمبراطوريَّة، وسيطرتها على بعض الطُرق التجاريَّة التي تربط القُسطنطينيَّة بِالتجارة الشرقيَّة، وقد أصبحت هذه الأهميَّة التجاريَّة فائقة جدًا بِالنسبة لِبيزنطة بعد خسارتها الشَّام والجزيرة الفُراتيَّة. كذلك كان أُمراء الأرمن حُلفاء طبيعيين لِهرقل ولِأُسرته، وقد منحهم دورًا مُهمًا في حملاته ضدَّ المُسلمين، وجمعتهم والبيزنطيين مصلحة سياسيَّة مُشتركة وهي الدفاع عن مواقع عسكريَّة استراتيجيَّة في أطراف شماليّ الشَّام، بِالإضافة إلى إقليم الجزيرة الفُراتيَّة، وهو المجال الحيوي لِأرمينية، هذا على الرُغم من الاختلاف المذهبي بين الكنيستين الروميَّة والأرمنيَّة الذي أثَّر بِشكلٍ أو بِآخر على العلاقات بين الطرفين.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمد سهيل طقوش|طقُّوش، مُحمَّد سُهيل]]|عنوان= تاريخ الخُلفاء الراشدين: الفُتُوحات والإنجازات السياسيَّة|طبعة= الثانية|صفحة= 283|سنة= [[1432 هـ|1432هـ]] - [[2011]]م|ناشر= دار النفائس|ردمك= 9953181012|تاريخ الوصول= [[5 يناير|5 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://archive.org/stream/FP144644/144644#page/n281/mode/2up| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200110055734/https://archive.org/stream/FP144644/144644 | تاريخ أرشيف = 10 يناير 2020 }}</ref> لِهذا، لم يتردد الروم في استغلال الخلافات والفتن الداخليَّة التي نشبت بين المُسلمين لِفرض سيطرتهم على أرمينية مُجددًا.

== موجة الفُتُوح في العصر الأُموي ==
{{أيضا|الحروب الإسلامية الخزرية}}
=== استرداد بعض البلاد ===
استمرَّت الاضطرابات والخلافات قائمة في الأمصار الإسلاميَّة لِفترةٍ طويلة، فتقاتل المُسلمون فيما بينهم وأصبح الفاتحون شيعًا وأحزابًا، فتوقفت الحملات العسكريَّة والغزوات عامَّةً، حتَّى كانت سنة [[73 هـ|73هـ]] المُوافقة لِسنة [[692]]م، وهي سنة الوحدة الشاملة لِلدولة الإسلاميَّة، عندما صفى المُلك لِ[[عبد الملك بن مروان]] بعد أن قضى 8 سنوات ([[65 هـ|65]] - [[73 هـ|73هـ]] \ [[684]] - [[692]]م) في صراعٍ مريرٍ لِإعادة الوحدة الشَّاملة إلى بلاد المُسلمين، فقضى على الحركات المُنافسة وعلى قسمٍ من فتن [[خوارج|الخوارج]] والخارجين عليه في الأمصار، ثُمَّ حوَّل أنظاره ناحية الروم لِمُعاقبتهم على خرقهم الصُلح الذي تمَّ بينهم وبين المُسلمين سنة [[68 هـ|68هـ]] المُوافقة لِسنة [[685]]م، إذ انتهز الإمبراطور الفتى [[جستنيان الثاني]] فُرصة انشغال المُسلمين بِتدعيم دولتهم واجتاح الشَّام في سنة [[70 هـ|70هـ]] المُوافقة لِسنة [[689]]م ممَّا اضطرَّ عبد الملك إلى مُهادنته على مبلغٍ ضخمٍ من المال، بِالإضافة لِعددٍ من العبيد والأحصنة الأصيلة. فلمَّا فرع عبد الملك من مشاكله الداخليَّة، ضرب الدنانير الذهبيَّة الإسلاميَّة وأرسلها كجزيةٍ بدلًا من العملة البيزنطيَّة. وقد حمل هذا التصرُّف معنى التحدي لِلإمبراطور من جهة، كما دلَّ على أنَّ الخليفة الجديد على وشك استئناف النشاط العسكري على الجبهة البيزنطيَّة من جهةٍ أُخرى.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[أسد رستم|رُستم، أسد جبرائيل]]|عنوان= الروم في سياستهم وحضارتهم ودينهم وثقافتهم وصلاتهم بالعرب|طبعة= الأولى|صفحة= 264 - 267|سنة= [[1955]]|المجلد=الجُزء الأوَّل|ناشر= دار المكشوف|تاريخ الوصول= [[25 ديسمبر|25 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://drive.google.com/file/d/0ByXHTfVWuXRfTU1mVkRzN19BR3M/view|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200110055757/https://drive.google.com/file/d/0ByXHTfVWuXRfTU1mVkRzN19BR3M/view|تاريخ أرشيف=2020-01-10}}</ref> وفي سنة [[73 هـ|73هـ]] المُوافقة لِسنة [[692]]م، ولَّى عبد الملك بن مروان أخاه [[محمد بن مروان|مُحمَّد]] على الجزيرة الفُراتيَّة وأرمينية، فغزا منها وأثخن في العدوّ، وفي سنة [[82 هـ|82هـ]] المُوافقة لِسنة [[701]]م غزا مُحمَّد أرمينية مُجددًا وهزم من تصدَّى له، ثُمَّ سألوه الصُلح فصالحهم وولَّى عليهم أبا شيخ بن عبد الله، ولكنهم غدروا به وقتلوه. وفي سنة [[85 هـ|85هـ]] المُوافقة لِسنة [[704]]م غزا مُحمَّد أرمينية مُجددًا فصاف فيها وشتى.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[ابن الأثير الجزري|ابن الأثير الجزري، عز الدين أبي الحسن عليّ بن مُحمَّد الموصلِّي الشيباني]]|مؤلف2= تحقيق: أبي الفداء عبد الله القاضي|عنوان= الكامل في التاريخ|المجلد=المُجلَّد الرابع|طبعة= الأولى|صفحة= 129، 208، 236|سنة= [[1407 هـ|1407هـ]] - [[1987]]م|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|تاريخ الوصول= [[13 يناير|13 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://ia802707.us.archive.org/15/items/WAQkamilt/kamilt04.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190907231545/https://ia802707.us.archive.org/15/items/WAQkamilt/kamilt04.pdf | تاريخ أرشيف = 7 سبتمبر 2019 }}</ref> وهاجم عبد الملك بن مروان إقليم [[قيليقية]] واصطدم بِالقُوَّات البيزنطيَّة عند مدينة سيواس، وكانت بِقيادة الإمبراطور [[تيبريوس الثالث|طيباريوس الثالث]] نفسه، وانتصر عليها، وفرض سيطرة المُسلمين على أرمينية مُجددًا.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمد سهيل طقوش|طقُّوش، مُحمَّد سُهيل]]|عنوان= تاريخ الدولة الأُمويَّة|طبعة= السابعة|صفحة= 94|سنة= [[1431 هـ|1431هـ]] - [[2010]]م|ناشر= دار النفائس|ردمك= 9789953183978|تاريخ الوصول=[[13 يناير|13 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م |مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://ia600305.us.archive.org/28/items/FP144673/144673.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200323223457/https://ia600305.us.archive.org/28/items/FP144673/144673.pdf | تاريخ أرشيف = 23 مارس 2020 }}</ref>

=== استرداد باب الأبواب لِأوَّل مرَّة ===
[[ملف:Derbent wall.jpg|تصغير|يمين|جانب من أسوار باب الأبواب التي استردَّها مسلمة بن عبد الملك سنة 91هـ المُوافقة لِسنة 709م، وكان قد أقسم على هدمها لولا أن أُثني عن ذلك.]]
في سنة [[91 هـ|91هـ]] المُوافقة لِسنة [[709]]م، عزل [[الوليد بن عبد الملك]] عمِّه مُحمَّد عن أرمينية والجزيرة الفُراتيَّة واستعمل عليها أخاه [[مسلمة بن عبد الملك]]. وفي هذه السنة غزا مسلمة مدينة باب الأبواب، التي انتقضت، كما فتح مدائن وحُصُونًا أُخرى ونصب عليها المجانيق،<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[ابن تغري|ابن تغري بردي، أبو المحاسن جمال الدين يُوسُف بن سيف الدين الأتابكي اليشبقاوي الظاهري]]|عنوان= النُجُوم الزاهرة في مُلُوك مصر والقاهرة|المجلد=الجُزء الأوَّل|طبعة= الأولى|صفحة= 222|سنة= [[1383 هـ|1383هـ]] - [[1963]]م|ناشر= [[وزارة الثقافة (مصر)|وزارة الثقافة المصريَّة]]|تاريخ الوصول= [[19 يناير|19 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]|مسار= https://ia800200.us.archive.org/24/items/FP159836/01_159836-1.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200323223248/https://ia800200.us.archive.org/24/items/FP159836/01_159836-1.pdf | تاريخ أرشيف = 23 مارس 2020 }}</ref> وكانت باب الأبواب قد وقعت تحت سيطرة الخزر خِلال الفتنة القائمة بين المُسلمين، فلمَّا سار إليها مسلمة على رأس جيشه وجد بها 80 ألف جندي [[خزر]]ي يقومُون بِحمايتها،<ref>{{استشهاد ويب| الأخير =الكوفي الكندي| الأول  =أبو مُحمَّد أحمد بن أعثم| مؤلف-وصلة =أحمد بن أعثم| مسار  =http://shiaonlinelibrary.com/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A8/3680_%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AA%D9%88%D8%AD-%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%A3%D8%B9%D8%AB%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%81%D9%8A-%D8%AC-6/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%81%D8%AD%D8%A9_177#top| عنوان =كتاب الفُتُوح، الجُزء السادس| صفحة=352| موقع =المكتبة الشيعيَّة| تاريخ الوصول =[[19 يناير|19 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190120043130/http://shiaonlinelibrary.com/الكتب/3680_كتاب-الفتوح-أحمد-بن-أعثم-الكوفي-ج-6/الصفحة_177 | تاريخ أرشيف = 20 يناير 2019 }}</ref> ففرض الحِصار عليها، واستمر يُقاتل الجيش الخزري لِفترةٍ طويلة ولم يستطع فتح المدينة بسبب قُوَّة أسوارها وأبوابها ومناعتها.<ref name="ج">{{استشهاد ويب| الأخير =الكوفي الكندي| الأول  =أبو مُحمَّد أحمد بن أعثم| مؤلف-وصلة =أحمد بن أعثم| مسار  = http://shiaonlinelibrary.com/الكتب/3680_كتاب-الفتوح-أحمد-بن-أعثم-الكوفي-ج-6/الصفحة_178#top| عنوان =كتاب الفُتُوح، الجُزء السادس| صفحة=353| موقع =المكتبة الشيعيَّة| تاريخ الوصول =[[19 يناير|19 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200323221753/http://shiaonlinelibrary.com/الكتب/3680_كتاب-الفتوح-أحمد-بن-أعثم-الكوفي-ج-6/الصفحة_178#top|تاريخ أرشيف=2020-03-23}}</ref>

استمرَّ الوضع على هذا الحال حتَّى أتى رجُلٌ خزري إلى مسلمة يُريد دُخول الإسلام، وقال له: {{اقتباس مضمن|أَيُّهَا الأَمِير! إِنِّي قد أَقبَلتُ إِلَيكَ رَاغِبًا فِي دِينَك...}}، ثُمَّ عرض على مسلمة أن يُساعده على دُخول المدينة مُقابل أن يُعطيه مالًا يعيش منه هو وعياله، فضمن له مسلمة المال وأسلم الرجل، ثُمَّ جهَّز مسلمة كتيبةً من أقوى وأشجع جُنُوده مُكوَّنة من ألف رجل وأرسلهم مع الرجل في بداية الليل، فصعد بهم الجبل من ناحية الوادي ثُمَّ نزل بهم إلى مكانٍ من السُور لا يحميه أهل المدينة ولا يخافون أن يأتيهم المُسلمون منه، فقام الرجل بإدخال بعض أفراد الكتيبة إلى المدينة من ذاك المكان، فدخلوا ورآهم الجُنُود الخزريُّون فاجتمعوا عليهم وبدأوا بِالقتال، وكان القتال صعبًا وشديدًا واستمرَّ طيلة الليل، ووصفهُ المُؤرِّخ [[أحمد بن أعثم|أحمد بن أعثم الكوفي]]: {{اقتباس مضمن|واقتَتَلَ النَّاسُ فِي لَيلَتِهِم تِلكَ قِتَالًا شَدِيدًا حَتَّى كَادَ يُسمَعُ وَقعُ السُّيُوفِ عَلَى ال[[خوذة|بِيضِ]] وَالدُّرق كَوَقعِ الحَدِيدِ بَعضُهُ عَلَى بَعضِ}}.<ref name="ج" /> وما أن حلَّ الفجر حتى رفع المُسلمون أصواتهم بِال[[تكبير (إسلام)|تكبير]] وهُم في خضم القتال، ثُمَّ بعدها بِفترة بسيطة صاح رجلٌ من عسكر مسلمة قائلًا: {{اقتباس مضمن|أَلَا إنَّهُ [[نصر|الظَّفرُ]] وَرَبِّ الكَعبَة}}، فأخذ مسلمة الجيش وتقدم لمُساعدة الكتيبة في المعركة، وفي ذات اللحظة فتح الجيش الخزري بابًا من أبواب المدينة وخرجوا هاربين من أمام المُسلمين تاركين خلفهم نساؤهم وأطفالهم والمدينة التي سقطت بإيدي مسلمة بن عبد الملك.<ref name="ج" />

بعد فتح المدينة أراد مسلمة هدم أسوارها وأبوابها لأنَّهُ أقسم على فعل ذلك حينما حاصرها، فعارضه أحد أصحابه قائلًا إنَّ المُسلمين قد يحتاجون هذه المدينة في المُستقبل فيتكلَّفون أموالًا كثيرة لِبناء السُور أو لا يستطيعون بناؤه بنفس قُوَّة السُور الأوَّل، وعرض عليه أن يهدم بعضه ويترُك بعضه الآخر إيفاءً لِقسمه، فاستمع مسلمة لنصيحة صاحبه وهدم جُزءًا بسيطًا من السُور الأيمن لتبرير قسمه ونذره.<ref name="ج" /> وفي سنة [[98 هـ|98هـ]] المُوافقة لِما بين سنتيّ [[716]] و[[717]]م، عزل [[سليمان بن عبد الملك|سُليمان بن عبد الملك]] أخاه مسلمة عن منصبه وولَّاه قائدًا عامًّا لِجُيُوش المُسلمين المُعتزمة [[حصار القسطنطينية (717-718)|فتح القُسطنطينيَّة]]، فسار على رأس جيشه نحو هدفه الجديد.

=== فتح جبال القفقاس وبلنجر وما ورائها ===
[[ملف:Khazar 1.gif|تصغير|يمين|رسمٌ لِجُنديّ خزريّ يقتادُ أسيرًا.]]
ولَّى [[يزيد بن عبد الملك]] [[الجراح الحكمي|الجرَّاح بن عبد الله الحكمي]] أرمينية سنة [[104 هـ|104هـ]] المُوافقة لِسنة [[722]]م، وسبب تولية الجرَّاح أنَّ المُسلمين في سنة [[103 هـ|103هـ]] المُوافقة لِسنة [[721]]م دخلوا بلاد الخزر من أرمينية بِقيادة معلق بن صفَّار البهراني، وفي روايةٍ أُخرى أنَّ قائد المُسلمين كان ثُبيت النهراني، فاجتمعت الخزر في جمعٍ كثير، قدَّرته بعض المصادر المُعاصرة بِحوالي 30,000 مُقاتل،<ref group="ْ">{{استشهاد بكتاب | الأول = Khalid Yahya | الأخير = Blankinship | مؤلف-وصلة=:en:Khalid Yahya Blankinship | عنوان = The End of the Jihâd State: The Reign of Hishām ibn ʻAbd al-Malik and the Collapse of the Umayyads | ناشر = State University of New York Press | مكان = Albany, New York | سنة = 1994 | isbn = 978-0-7914-1827-7 | مسار = https://books.google.com/books?id=Jz0Yy053WS4C | صفحات= 121 - 122| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191223082730/https://books.google.com/books?id=Jz0Yy053WS4C | تاريخ أرشيف = 23 ديسمبر 2019 }}</ref><ref group="ْ">{{استشهاد بكتاب | الأول = Douglas M. | الأخير = Dunlop | مؤلف-وصلة =:en:Douglas M. Dunlop | عنوان = The History of the Jewish Khazars | مسار = https://archive.org/details/historyofjewishk0000dunl | مكان = Princeton, New Jersey | ناشر = Princeton University Press | سنة = 1954 | oclc = 459245222 | صفحات=[https://archive.org/details/historyofjewishk0000dunl/page/n80 61]–62}}</ref> وأعانهم التُرك على اختلاف قبائلهم، فلقوا المُسلمين في موضعٍ يُعرف بِمُرج الحجارة، ونشب القتال بين الجانبين بِشدَّةٍ وعُنف، فقُتل من المُسلمين بشرٌ كثير، واستولى الخزر على مُعسكرهم، وغنموا جميع ما فيه، وذلك في عزِّ الشتاء من شهر رمضان.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[خليفة بن خياط|الأخباري العُصفُري، خليفة بن خيَّاط بن أبي هُبیرة]]|مؤلف2= تحقيق: د. [[أكرم ضياء العمري|أكرم ضياء العُمري]]|عنوان= تاريخ خليفة ابن خيَّاط|طبعة= الثانية|صفحة= 328|سنة= [[1405 هـ|1405هـ]] - [[1985]]م|ناشر= دار طيبة|تاريخ الوصول= [[19 يناير|19 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[الرياض]] - [[السعودية|السُعُوديَّة]]|مسار= https://archive.org/details/tatikh_khalefa_pdfbook_ara/page/n328| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200110055832/https://archive.org/details/tatikh_khalefa_pdfbook_ara/page/n328 | تاريخ أرشيف = 10 يناير 2020 }}</ref><ref name="ابن الأثير4">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[ابن الأثير الجزري|ابن الأثير الجزري، عز الدين أبي الحسن عليّ بن مُحمَّد الموصلِّي الشيباني]]|مؤلف2= تحقيق: أبي الفداء عبد الله القاضي|عنوان= الكامل في التاريخ|المجلد=المُجلَّد الرابع|طبعة= الأولى|صفحة= 361 - 362|سنة= [[1407 هـ|1407هـ]] - [[1987]]م|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|تاريخ الوصول= [[13 يناير|13 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://ia802707.us.archive.org/15/items/WAQkamilt/kamilt04.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190907231545/https://ia802707.us.archive.org/15/items/WAQkamilt/kamilt04.pdf | تاريخ أرشيف = 7 سبتمبر 2019 }}</ref> ولمَّا تمَّت الهزيمة على المُسلمين، طمع الخزر في البلاد، فجمعوا وحشدوا، فاستعمل يزيد بن عبد الملك على أرمينية وأذربيجان الجرَّاح بن عبد الله الحكمي، وأمدَّهُ بِجيشٍ كثيفٍ، تُقدِّرُ إحدى المصادر المُعاصرة عديده بِحوالي 25,000 جُندي،<ref group="ْ">{{استشهاد بكتاب | الأول = Khalid Yahya | الأخير = Blankinship | مؤلف-وصلة=:en:Khalid Yahya Blankinship | عنوان = The End of the Jihâd State: The Reign of Hishām ibn ʻAbd al-Malik and the Collapse of the Umayyads | ناشر = State University of New York Press | مكان = Albany, New York | سنة = 1994 | isbn = 978-0-7914-1827-7 | مسار = https://books.google.com/books?id=Jz0Yy053WS4C | صفحات= 122| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191223082730/https://books.google.com/books?id=Jz0Yy053WS4C | تاريخ أرشيف = 23 ديسمبر 2019 }}</ref> وأمرهُ أن يغزو الخزر وغيرهم من الأعداء، وقصدهم في عقر دارهم. وتسامع الخزر وحُلفاؤهم بِقُدُوم المُسلمين، فلجأوا إلى مدينة باب الأبواب. ووصل الجرَّاح إلى مدينة برذعة، فأقام بها حتَّى استراح هو ومن معه، ثُمَّ عاد وتوجَّه إلى الخزر حتَّى انتهى إلى باب الأبواب، فلم يجد أثرًا لِلخزر فيها، ويبدو أنهم انسحبوا بِسُرعةٍ من المدينة إلى منطقة حُشُودهم، فدخل المُسلمون، المدينة وبثَّ الجرَّاح سراياه على ما يُجاور المدينة، فغنموا وعادوا في اليوم التالي.<ref name="ابن الأثير4" /><ref group="ْ">{{استشهاد بكتاب | الأول = Douglas M. | الأخير = Dunlop | مؤلف-وصلة =:en:Douglas M. Dunlop | عنوان = The History of the Jewish Khazars | مسار = https://archive.org/details/historyofjewishk0000dunl | مكان = Princeton, New Jersey | ناشر = Princeton University Press | سنة = 1954 | oclc = 459245222 | صفحات=[https://archive.org/details/historyofjewishk0000dunl/page/n81 62]–63}}</ref> وسار الخزر وحُلفاؤهم إلى المُسلمين بِقيادة ابن [[خاقان]]هم المدعو «بارجيل» أو «بارجيك»، فالتقوا عند نهر الرَّان، فنشب قتالٌ شديد بين الجانبين، وحرَّض الجرَّاح أصحابه، فظفر المُسلمون بِالخزر وهزموهم، فطاردهم المُسلمون وقتلوا منهم خلقٌ كثير وأسروا البعض الآخر، وغنموا جميع ما معهم، وفُتح حصن الحُصين سلمًا ونُقل أهله عنه، كما افتُتحت مدينة «يرغوا» بعد حصارٍ دام ستَّة أيَّام، إذ طلب أهلها الأمان فأمَّنهم الجرَّاح ونقلهم منها.<ref name="ابن الأثير4" /><ref group="ْ">{{استشهاد بكتاب | الأول = Douglas M. | الأخير = Dunlop | مؤلف-وصلة =:en:Douglas M. Dunlop | عنوان = The History of the Jewish Khazars | مسار = https://archive.org/details/historyofjewishk0000dunl | مكان = Princeton, New Jersey | ناشر = Princeton University Press | سنة = 1954 | oclc = 459245222 | صفحات=[https://archive.org/details/historyofjewishk0000dunl/page/n82 63]-64}}</ref>
[[ملف:Wagenburg.jpg|تصغير|عجلاتٌ مشدودةٌ إلى بعضها. لاحظ أنَّ هذا الرسم لِجُنُودٍ ألمان وليس لِخزرٍ، والغاية منه توضيحيَّة فقط.]]
سار الجرَّاح بعد ذلك إلى بلنجر، وهي عاصمة الخزر، وكان أهلها قد جمعوا ثلاثمائة عجلة، شدُّوا بعضها إلى بعض وجعلوها حول مدينتهم لِيحتموا بها، وتمنع المُسلمون من الوُصُول إليهم، وكانت تلك العجل أشدُّ شيءٍ على المُسلمين في قتالهم. فلمَّا رأوا الضرر الذي عليهم منها، خرج نحو ثلاثين رجُلًا منهم نحوها حتَّى وصلوا إليها وتعلَّقوا ببعضها وقطعوا الحبل الذي يُمسكها وجذبوها، فانحدرت كُلها إلى المُسلمين كونها كانت مشدودةً إلى بعضها. والتحم القتال واشتدّ، وعظُم الأمر على الجميع، لكنَّ النصر كان حليف المُسلمين، فانهزم الخزر وحُلفاؤهم، واستولى المُسلمون على بلنجر عنوةً، وأصابوا جميع ما فيها غنائم لهم، فكان نصيب الفارس ثلاثُمائة دينار، وكانوا بضعة وثلاثين ألفًا، وكانت تلك المعركة في يوم الأحد [[4 ربيع الأول|4 ربيع الأوَّل]] [[104 هـ|104هـ]] المُوافق فيه [[21 أغسطس|21 آب (أغسطس)]] [[722]]م.<ref name="ابن الأثير4" /><ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[خليفة بن خياط|الأخباري العُصفُري، خليفة بن خيَّاط بن أبي هُبیرة]]|مؤلف2= تحقيق: د. [[أكرم ضياء العمري|أكرم ضياء العُمري]]|عنوان= تاريخ خليفة ابن خيَّاط|طبعة= الثانية|صفحة= 329|سنة= [[1405 هـ|1405هـ]] - [[1985]]م|ناشر= دار طيبة|تاريخ الوصول= [[19 يناير|19 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[الرياض]] - [[السعودية|السُعُوديَّة]]|مسار= https://archive.org/details/tatikh_khalefa_pdfbook_ara/page/n328| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200110055832/https://archive.org/details/tatikh_khalefa_pdfbook_ara/page/n328 | تاريخ أرشيف = 10 يناير 2020 }}</ref><ref group="ْ">{{استشهاد بكتاب | الأول = Kevin Alan | الأخير = Brook | عنوان = The Jews of Khazaria, Second Edition | ناشر = Rowman & Littlefield Publishers, Inc | مكان = Plymouth | سنة = 2006 | isbn =  978-0-7425-4982-1 | مسار = https://books.google.com/books?id=hEuIveNl9kcC | صفحة= 127| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20160610102822/https://books.google.com/books?id=hEuIveNl9kcC | تاريخ أرشيف = 10 يونيو 2016 }}</ref> وأسر الجرَّاح أولاد صاحب المدينة وأهله، ثُمَّ بعث إليه وأحضره وردَّ أمواله وأهله إليه، وعيَّنهُ حاكمًا على المدينة مُجددًا بِالنيابة عن المُسلمين، شرط أن يكون عينًا لهم يُخبرهم بما يفعله الخزر وحُلفاؤهم. بعد ذلك سار الجرَّاح عن بلنجر ونزل على حصن «الوبندر» وبنه نحو أربعين ألف بيت من التُرك، فصالحوا الجرَّاح على مالٍ يُؤدونه. وسار الجرَّاح إلى رستاق ملّي حيثُ وصله كتابٌ من صاحب بلنجر يُخبره أنَّ قبائل التُرك في تلك البلاد قد تجمَّعت وقطعت الطُرقات على المُسلمين، وأنها تقبع لهم بِالمرصاد، فقرَّر الجرَّاح الإقامة في الرستاق المذكور، خُصوصًا وأنَّ الشتاء قد أقبل، وراسل الخليفة يزيد بن عبد الملك في دمشق يُعلمه بِالفُتُوحات التي حققها ويطلب منه المدد لِقتال قبائل التُرك، فوعده إنفاذ العساكر إليه، ولكنَّ الأجل أدركه قبل أن يبعث بِما وعد به، فأرسل [[هشام بن عبد الملك]] إلى الجرَّاح المدد، وأقرَّهُ على عمله.<ref name="ابن الأثير4" />
[[ملف:Darial-Gorge.JPG|تصغير|باب اللآن. يقع اليوم في جُمهُوريَّة [[أوسيتيا الشمالية-ألانيا|أوسيتيا الشماليَّة-ألانيا]] في [[روسيا]].]]
وفي سنة [[105 هـ|105هـ]] المُوافقة لِسنة [[723]]م، زحف التُرك نحو أرمينية، وزحف الجرَّاح لِصدِّهم، فالتقى الجانبان في موضعٍ يُقالُ له «الزمّ» بين نهريّ [[كورا (نهر)|الكُرّ]] و[[نهر آراس|الرَّس]] من أرمينية في شهر رمضان من هذه السنة، واستمرَّ القتال أيَّامًا، فانهزم التُرك. والظاهر أنَّ المدد الذي وعد الخليفة هشام بن عبد الملك بِإرساله إلى أرمينية قد وصل إلى الجرَّاح في الوقت المُناسب، فاستأنف المُسلمون استعادة ما انتقض من أرمينية، فغزا الجرَّاح بلاد اللَّان المُجاورة لِلخزر، فاستعاد فتحها وفتح مدائن وحُصُون وراء بلنجر، وأصاب غنائم كثيرة. وفي سنة [[106 هـ|106هـ]] المُوافقة لِسنة [[724]]م، غزا الجرَّاح بلاد اللآن، فصالح أهلها وأدُّوا الجزية بعد أن أوغل في بلاد الخزر، وكان أوَّل من قفل من باب اللآن في أرمينية.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[خليفة بن خياط|الأخباري العُصفُري، خليفة بن خيَّاط بن أبي هُبیرة]]|مؤلف2= تحقيق: د. [[أكرم ضياء العمري|أكرم ضياء العُمري]]|عنوان= تاريخ خليفة ابن خيَّاط|طبعة= الثانية|صفحة= 331 و337|سنة= [[1405 هـ|1405هـ]] - [[1985]]م|ناشر= دار طيبة|تاريخ الوصول= [[19 يناير|19 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[الرياض]] - [[السعودية|السُعُوديَّة]]|مسار= https://archive.org/details/tatikh_khalefa_pdfbook_ara/page/n330| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200110055836/https://archive.org/details/tatikh_khalefa_pdfbook_ara/page/n330 | تاريخ أرشيف = 10 يناير 2020 }}</ref>

وفي سنة [[107 هـ|107هـ]] المُوافقة لِسنة [[725]]م، عزل هشام بن عبد الملك الجرَّاح عن أرمينية وأذربيجان وولَّاها أخاه مسلمة بن عبد الملك لِلمرَّة الثانية، فاستعمل مسلمة الحارث بن عمرو الطائيّ، فافتتح رستاقًا وقُرىً كثيرة، وأثَّر فيها أثرًا حسنًا. وعمل مسلمة خِلال ولايته الثانية على توطيد أكناف أرمينية وأذربيجان وأحرز انتصاراتٍ باهرةٍ على التُرك والخزر، ثُمَّ عُزل مُجددًا عن الولاية سنة [[111 هـ|111هـ]] المُوافقة لِسنة [[729]]م، وأُعيد إليها الجرَّاح بن عبد الله الحكمي.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمود شيت خطاب|خطَّاب، محمود شيت]]|عنوان= قادة الفتح الإسلامي في أرمينية|طبعة= الأولى|صفحة= 74 - 75|سنة= [[1419 هـ|1419هـ]] - [[1998]]م|ناشر= دار الأندلُس الخضراء ودار ابن حزم|تاريخ الوصول= [[24 ديسمبر|24 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[جدة|جدَّة]] - [[السعودية|السُعُوديَّة]]؛ [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://ia802507.us.archive.org/31/items/waq59837/59837.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191217042316/https://ia802507.us.archive.org/31/items/waq59837/59837.pdf | تاريخ أرشيف = 17 ديسمبر 2019 }}</ref>

=== اضطراب أحوال أرمينية ===
بعد رحيل مسلمة تدهور الوضع بِسُرعة في أرمينية، فقد دخل الجرَّاح بلاد الخزر من ناحية تفليس، واستعاد فتح مدينة من مُدن الخزر هي مدينة البيضاء، ثُمَّ انصرف سالمًا. أمام هذا الأمر، عزم الخزر على الرد على المُسلمين، فجمعوا جُمُوعًا كثيرة بِقيادة بارجيك ابن الخاقان، فدخلوا أرمينية، ثُمَّ سار بارجيك على رأس جُيُوشه حتَّى دخل أذربيجان وحاصر قصبتها [[أردبيل]].<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[خليفة بن خياط|الأخباري العُصفُري، خليفة بن خيَّاط بن أبي هُبیرة]]|مؤلف2= تحقيق: د. [[أكرم ضياء العمري|أكرم ضياء العُمري]]|عنوان= تاريخ خليفة ابن خيَّاط|طبعة= الثانية|صفحة= 341|سنة= [[1405 هـ|1405هـ]] - [[1985]]م|ناشر= دار طيبة|تاريخ الوصول= [[19 يناير|19 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[الرياض]] - [[السعودية|السُعُوديَّة]]|مسار= https://archive.org/details/tatikh_khalefa_pdfbook_ara/page/n340| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200323223423/https://archive.org/details/tatikh_khalefa_pdfbook_ara/page/n340 | تاريخ أرشيف = 23 مارس 2020 }}</ref> فتواجه الجرَّاح مع الخزر بعدَّة معارك، لكنَّهم تكاثروا على المُسلمين واستطاعوا هزيمتهم وإبادة جيشهم وقتل الجرَّاح نفسه بِمرج أردبيل، يوم [[24 رمضان]] [[112 هـ|112هـ]] المُوافق فيه [[9 ديسمبر|9 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[730]]م. وأسر الخزر آلاف العوائل المُسلمة من أهل أردبيل ومعهم أولاد ونساء الجرَّاح. وقطع بارجيك رأس الجرَّاح ورفعه على رمح وطاف به بين الناس، وكان جيش المُسلمين مُكونًا من 25 ألف جُندي فقط بينما حشد الخزر 300 ألف جُندي.<ref group="ْ">{{استشهاد بكتاب | الأول = Khalid Yahya | الأخير = Blankinship | مؤلف-وصلة=:en:Khalid Yahya Blankinship | عنوان = The End of the Jihâd State: The Reign of Hishām ibn ʻAbd al-Malik and the Collapse of the Umayyads | ناشر = State University of New York Press | مكان = Albany, New York | سنة = 1994 | isbn = 978-0-7914-1827-7 | مسار = https://books.google.com/books?id=Jz0Yy053WS4C | صفحات= 149–150| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191223082730/https://books.google.com/books?id=Jz0Yy053WS4C | تاريخ أرشيف = 23 ديسمبر 2019 }}</ref> بعدها تجرَّأ الخزر أكثر على أراضي المُسلمين وتفاقم خطرهم، فأوغلوا في البلاد حتَّى اقتربوا من [[الموصل]]، فاضطربت أرمينية وأذربيجان نارًا، وأصبح الموقف العسكريّ حرجًا ممَّا يُهدد البلاد المفتوحة بِأفدح الأخطار. لِذلك، بعث الخليفة هشام القائد [[سعيد بن عمرو الحرشي]] مع جيشٍ إلى القفقاس فاستطاع هزيمة الخزر واسترداد بعض المُدن وحماية أُخرى مُعرَّضة لِلخطر، وحرَّر أسرى المُسلمين خلال فترةٍ بسيطة، ولم يكتفِ هشام بذلك فولَّى أخاه مسلمة بن عبد الملك على أرمينية لِلمرَّة الثالثة في شهر [[شوال]] سنة [[112 هـ|112هـ]]، المُوافق فيه شهر [[ديسمبر|كانون الأوَّل (ديسمبر)]] سنة [[730]]م، وأرسله مُباشرةً مع جيشٍ كبيرٍ لِتسوية الأوضاع مع الخزر في القفقاس.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[ابن الأثير الجزري|ابن الأثير الجزري، عز الدين أبي الحسن عليّ بن مُحمَّد الموصلِّي الشيباني]]|مؤلف2= تحقيق: أبي الفداء عبد الله القاضي|عنوان= الكامل في التاريخ|المجلد=المُجلَّد الرابع|طبعة= الأولى|صفحة= 393 - 395|سنة= [[1407 هـ|1407هـ]] - [[1987]]م|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|تاريخ الوصول= [[13 يناير|13 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://ia802707.us.archive.org/15/items/WAQkamilt/kamilt04.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190907231545/https://ia802707.us.archive.org/15/items/WAQkamilt/kamilt04.pdf | تاريخ أرشيف = 7 سبتمبر 2019 }}</ref>

=== فتح حيزان ===
{{أيضا|الحملة الإسلامية على الخزر (112 هـ-114 هـ)}}
انطلق مسلمة إلى أرمينية مُسرعًا لاستعادة هيبة الدولة وإعادة الأمن، وكان عليه أن يبدأ بِمدينة باب الأبواب التي وقعت تحت سيطرة الخزر مُجددًا، فيُعيدها إلى المُسلمين حتَّى لا يُعرِّض خُُطوط مُواصلات الجيش الإسلامي لِلخطر، لكنَّهُ لم يفعل ذلك، فعبرها بعد أن وجد فيها حوالي 1,000 جُندي مع عائلاتهم، وتوجَّه إلى قلعة حيزان الواقعة في [[شروان]]، فوجد فيها ألف جُندي خزري آخر معهم نسائهم وأولادهم، فدعا مسلمة الألف جندي للاستسلام وطاعة المُسلمين فرفضوا فاضطرَّ لِمُحاربتهم فترة طويلة حتَّى لم يستطع أن يقدر عليهم، فضرب حصارًا على القلعة حتَّى انعدم طعامُ المُحاصرين، وأصابت أهل حيزان مجاعة بسبب ذلك، فأرسلوا لِمسلمة يطلبون منه الصُلح مُقابل أن يُعطيهم الأمان وأن لا يقتُل منهم أحد فأقسم لهم مسلمة أنه لن يقتل رجُلًا أو كلبًا منهم، فرضي جُنُود الخزر بذلك ونزلوا من قلعتهم وكانوا جميعهم ممن قاتل المُسلمين قبل ذلك، فلَم يفي مسلمة بما قاله لهم، فلمَّا استسلموا قتلهم جميعًا باستثناء واحدٍ منهم، وقتل كُل [[كلب]] للخزر كان في القلعة ما عدا كلبٌ واحد،<ref name="سنة ثلاث عشرة ومائة - تاريخ خليفة">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[خليفة بن خياط|الأخباري العُصفُري، خليفة بن خيَّاط بن أبي هُبیرة]]|مؤلف2= تحقيق: د. [[أكرم ضياء العمري|أكرم ضياء العُمري]]|عنوان= تاريخ خليفة ابن خيَّاط|طبعة= الثانية|صفحة= 344|سنة= [[1405 هـ|1405هـ]] - [[1985]]م|ناشر= دار طيبة|تاريخ الوصول= [[20 يناير|20 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[الرياض]] - [[السعودية|السُعُوديَّة]]|مسار= https://archive.org/details/tatikh_khalefa_pdfbook_ara/page/n344| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200323223235/https://archive.org/details/tatikh_khalefa_pdfbook_ara/page/n344 | تاريخ أرشيف = 23 مارس 2020 }}</ref> وقد برَّر الإمام والمُؤرَّخ [[شمس الدين الذهبي]] ما فعله مسلمة بقوله: {{اقتباس مضمن|...وَرَأَى أَنَّ هَذَا سَائِغًا لَه، وَأَنَّ الحَربَ خِدعَة}}.<ref name="حَوَادِثُ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[شمس الدين الذهبي|الذهبي، أبو عبد الله شمسُ الدين مُحمَّد بن أحمد بن عُثمان بن قايماز]]|مؤلف2= تحقيق: د. [[عمر عبد السلام تدمري|عُمر عبد السلام تدمُري]]|عنوان= تاريخ الإسلام ووفيَّات المشاهير والأعلام|طبعة= الثانية|صفحة= 308|سنة= [[1410 هـ|1410هـ]] - [[1990]]م|ناشر= دار الكتاب العربي|تاريخ الوصول= [[20 يناير|20 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://ia800903.us.archive.org/7/items/FP3938/tiz07.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200514105615/https://ia800903.us.archive.org/7/items/FP3938/tiz07.pdf | تاريخ أرشيف = 14 مايو 2020 }}</ref> ثُمَّ أمر مسلمة بهدم الحصن الذي احتمى به الخزر فهُدِم حتى تمَّ تسويته بِالأرض، ثُمَّ أمر بإحضار نساء الجُنُود وأولادهم بعدما هُدِم الحصن فأمر بتسكينهم في المدينة،<ref name="الصفحة 254">{{استشهاد ويب| الأخير =الكوفي الكندي| الأول  =أبو مُحمَّد أحمد بن أعثم| مؤلف-وصلة =أحمد بن أعثم| مسار  =http://shiaonlinelibrary.com/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A8/3682_%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AA%D9%88%D8%AD-%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%A3%D8%B9%D8%AB%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%81%D9%8A-%D8%AC-8/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%81%D8%AD%D8%A9_39#top| عنوان =كتاب الفُتُوح، الجُزء الثامن| صفحة=254| موقع =المكتبة الشيعيَّة| تاريخ الوصول =[[20 يناير|20 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190121064140/http://shiaonlinelibrary.com/الكتب/3682_كتاب-الفتوح-أحمد-بن-أعثم-الكوفي-ج-8/الصفحة_39 | تاريخ أرشيف = 21 يناير 2019 }}</ref> واتخذ مسلمة لنفسه بِحيزان ضياعًا وسُميت هذه الضياع فيما بعد بحوز حيزان.<ref name="فتوح أرمينية - البلدان">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[البلاذري|البلاذري، أبو الحسن أحمد بن يحيی بن جابر بن داود البغدادي]]|عنوان= فُتُوح البُلدان|صفحة= 122|سنة= [[1988]]م|ناشر= دار ومكتبة الهلال|تاريخ الوصول= [[20 يناير|20 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= http://library.islamweb.net/hadith/display_hbook.php?indexstartno=0&hflag=1&pid=125825&bk_no=197&startno=4|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200323221751/https://islamweb.net/ar/library/|تاريخ أرشيف=2020-03-23}}</ref> ثم بعد فتح حيزان سار مسلمة بِجيشه باتجاه [[دربند (روسيا)|باب الأبواب]] فكان لا يدخل بلدًا أو يمر بها إلَّا وقد تسالم معه أهلها وخرج إليه ملكها بِفُرسانه ورجاله إكرامًا له،<ref name="الصفحة 255">{{استشهاد ويب| الأخير =الكوفي الكندي| الأول  =أبو مُحمَّد أحمد بن أعثم| مؤلف-وصلة =أحمد بن أعثم| مسار= http://shiaonlinelibrary.com/الكتب/3682_كتاب-الفتوح-أحمد-بن-أعثم-الكوفي-ج-8/الصفحة_40#top| عنوان =كتاب الفُتُوح، الجُزء الثامن| صفحة=255| موقع =المكتبة الشيعيَّة| تاريخ الوصول =[[20 يناير|20 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200110184456/http://shiaonlinelibrary.com/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A8/3682_%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AA%D9%88%D8%AD-%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%A3%D8%B9%D8%AB%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%81%D9%8A-%D8%AC-8/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%81%D8%AD%D8%A9_40|تاريخ أرشيف=2020-01-10}}</ref> وسار إلى أرض سوران فسأله ملكها الصُلح فصالحه، وصالح أهل مسقط وأهل الكُرّ،<ref name="سنة ثلاث عشرة ومائة - تاريخ خليفة" /><ref name="حَوَادِثُ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ" /> وخلال مسيره هذا صالحه مُلُوك [[جبال القوقاز|جبال القفقاس]] وانضموا إليه في حملته، واجتمعوا إليه بأجمعهم وأدُّوا إليه الخِراج وساروا معه،<ref name="الصفحة 255" /> وكان من ضمن أولئك المُلُوك حسب [[البلاذري]] شروانشاه وليرانشاه وطبرسرانشاه وفيلانشاه وخرشانشاه وملك مسقط،<ref name="فتوح أرمينية - البلدان" /> وذكر الطبري وغيره من المُؤرِّخين أنَّ مسلمة فرَّق الجُيُوش في بلاد الخزر وفُتِحت على يديه مدائن وحُصُون وقتل وأسر وسبى كثيرٌ من الخزر، وحرق كثيرٌ من هؤلاء أنفسهم بالنار داخل مُدنهم وحُصُونهم عندما هُزِموا.<ref name="سنة ثلاث عشرة ومائة - تاريخ خليفة" /><ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمد بن جرير الطبري|الطبري، أبو جعفر مُحمَّد بن جُریر بن يزید بن کثير بن غالب]]|مؤلف2= تحقيق: [[محمد أبو الفضل إبراهيم|مُحمَّد أبو الفضل إبراهيم]]|عنوان= تاريخ الرُسل والمُلُوك|المجلد=الجُزء السابع|طبعة= الثانية|صفحة= 88|سنة= [[1387 هـ|1387هـ]] - [[1967]]م|ناشر= دار المعارف|تاريخ الوصول= [[20 يناير|20 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]|مسار= https://ia802500.us.archive.org/21/items/WAQ17280/trm07.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200323223442/https://ia802500.us.archive.org/21/items/WAQ17280/trm07.pdf | تاريخ أرشيف = 23 مارس 2020 }}</ref> وذكر [[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]] أن مسلمة توغَّل سنة [[113 هـ|113هـ]] في بلاد الخزر فقتل منهم الكثير، وفتح بلادًا عديدة، واستسلمت ودانت له الممالك القريبة من مدينة بلنجر.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير، عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عُمر الدمشقي القُرشي]]|عنوان= البداية والنهاية|طبعة= الثامنة|المجلد=الجُزء التاسع|صفحة= 304|سنة= [[1410 هـ|1410هـ]] - [[1990]]م|ناشر= مكتبة المعارف|تاريخ الوصول= [[20 يناير|20 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://ia800206.us.archive.org/27/items/FP158116/09_158120-1.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200323223403/https://ia800206.us.archive.org/27/items/FP158116/09_158120-1.pdf | تاريخ أرشيف = 23 مارس 2020 }}</ref>

=== غزوة الطين والفتح النهائي لِباب الأبواب ===
[[ملف:Derbent.jpg|تصغير|قلعة باب الأبواب كاشفةً مُحيطها. كان هذا الموقع الاستراتيجي لِلقلعة السبب الأساسي وراء اقتتال المُسلمين والخزر لِلسيطرة عليها.]]
قال ابن الأثير إنَّ مسلمة لمَّا توغَّل في بلاد الخزر سنة 113هـ واشتبك معهم وقتل منهم الكثير، كان بارجيك طرخان، ابن خاقان الخزر وقاتل الجرَّاح الحكمي، من جُملة أولئك القتلى، ولمَّا وصلت الأخبار إلى الخاقان تُفيد بِمقتل ولده ومسير المُسلمين إلى القفقاس لغزو الخزر، بدأ يجمع الناس والجُنُود استعدادًا لِلقاء المحتوم، فاستطاع جمع جيش كبير العدد عظيم العدَّة، وصفه [[ابن الأثير الجزري|ابن الأثير]] بِقوله: {{اقتباس مضمن|...فَاجْتَمَعَتْ تِلْكَ الْأُمَمُ جَمِيعُهَا، الْخَزَرُ وَغَيْرُهُمْ عَلَيْهِ فِي جَمْعٍ لَا يَعْلَمُ عَدَدَهُمْ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَىٰ}} وسار بِجُيُوشه لِلحرب، فلمَّا علم مسلمة بِأمرهم وبضخامة جيش الخزر القادم إليه وأنهم قادمون إليه دون أن يتجهَّز، قرَّر خداعهم، فأمر رجاله بإشعال النيران في المُعسكر حتى يظن الخزر أنهم مُتواجدون، وفي الليل بعد [[صلاة العشاء]] ارتحل مسلمة بجيشه سرًا وتركوا خيامهم في مكانها حتى لا يُدرك الخزر ما جرى.<ref name="الشاملة">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[ابن الأثير الجزري|ابن الأثير الجزري، عز الدين أبي الحسن عليّ بن مُحمَّد الموصلِّي الشيباني]]|مؤلف2= تحقيق: د. [[عمر عبد السلام تدمري|عُمر عبد السلام تدمُري]]|عنوان= الكامل في التاريخ|المجلد=المُجلَّد الرابع|طبعة= الأولى|صفحة= 209|سنة= [[1417 هـ|1417هـ]] - [[1997]]م|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|تاريخ الوصول= [[22 يناير|22 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://shamela.ws/browse.php/book-21712/page-2179| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190426152500/http://shamela.ws/browse.php/book-21712/page-2179 | تاريخ أرشيف = 26 أبريل 2019 }}</ref> وجعل مسلمة ضُعفاء الجيش إلى جانبه في المُقدِّمة وجعل الشُجعان والأقوياء منهم في المُؤخرة حتَّى إذا ما لحقهم الخزر وهاجموهم مُباشرةً يكون أوَّل من يُقاتلهم أقوى جُنُوده، وأسرع بجيشه وقلَّل من مرَّات توقفهم لِلراحة، حتَّى وصل إلى باب الأبواب ثُمَّ تقدَّم حتَّى نزل ما بين الرمل في مكانٍ يُقال له «باب واق» فعسكر هُناك.<ref name="الشاملة" /> ولقي مسلمة خاقان الخزر في جُمُوعه، فنشب بين الجانبين قتالٌ مديد استغرق قريبًا من شهر، وبرز فيه [[مروان بن محمد|مروان بن مُحمَّد الأُموي]]، ابن عم مسلمة، كقائدٍ بارزٍ قديرٍ، فقتل عددًا كبيرًا من الخزر، وصمد بوجههم صُمُودًا قويًّا. وأصاب الجمعين مطرٌ شديد جعل ساحة المعركة تغُصُّ بِالطين، فعانى الطرفان مُعاناة شديدة، لكنَّ الغلبة كانت لِلمُسلمين في نهاية المطاف، وانهزم الخاقان وجُنُوده يوم [[17 جمادى الآخرة]] [[113 هـ|113هـ]] المُوافق فيه [[15 أغسطس|15 آب (أغسطس)]] [[731]]م، وسُمِّيت هذه الغزوة بِـ«غزوة الطين».<ref name="حَوَادِثُ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ" /><ref name="باب الأبواب - شيت">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمود شيت خطاب|خطَّاب، محمود شيت]]|عنوان= قادة الفتح الإسلامي في أرمينية|طبعة= الأولى|صفحة= 78|سنة= [[1419 هـ|1419هـ]] - [[1998]]م|ناشر= دار الأندلُس الخضراء ودار ابن حزم|تاريخ الوصول= [[24 ديسمبر|24 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[جدة|جدَّة]] - [[السعودية|السُعُوديَّة]]؛ [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://ia802507.us.archive.org/31/items/waq59837/59837.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191217042316/https://ia802507.us.archive.org/31/items/waq59837/59837.pdf | تاريخ أرشيف = 17 ديسمبر 2019 }}</ref>
[[ملف:Freitagsmoschee Derbent.jpg|تصغير|يمين|مسجد الجُمُعة في ال[[دربند (روسيا)|دربند]] (باب الأبواب)، يعود تاريخ بنائه إلى فتح مسلمة بن عبد الملك للمدينة.]]
بعدما هُزم [[خاقان]] الخزر وجيشه، سار مسلمة على رأس جُنُوده إلى مدينة باب الأبواب لاستعادة فتحها، فلمَّا وصلها وجد في قلعتها الكبرى ألف عائلةٍ من الخزر، ففرض عليها الحصار فترةً طويلة، وأقام عليها [[منجنيق|المجانيق]] ورمى أسوارها بِالحجارة فلم ينجح بفتحها، فقام برميها [[حديد|بِحديدٍ]] اتخذه على هيئة الحجارة فلم ينجح باختراق أسوارها أيضًا، ورأى أنَّ لا حيلة له أمامها وكاد أن ينصرف ويتركها لولا أن أتاه أحد رجال الخزر وعرض عليه أن يُسلِمه القلعة لقاء الحفاظ على نفسه وماله وأهله وأولاده، فرضي مسلمة بِذلك. فعمد الخزريّ إلى عينٍ كان الشاه الساساني [[كسرى الأول|كسرى أنوشيروان]] قد حفرها في [[القرن 6|القرن السادس الميلاديّ]] وجعلها تصب الماء في صهريج المدينة، وعندما وصل الرجل لِلعين أمر رجال مسلمة بأن يحفروا بِموضعٍ مُعيَّن حتَّى وصلوا لِلماء، ثُمَّ أتى بِرُؤوسٍ من [[بقر|البقر]] و[[خروف|الغنم]] فذبحها وألقى فرثها وفضلاتها الأُخرى في الصهريج، كما أمر بِإلقاء ال[[حلتيت]] معها، وعندما تأكَّد من أنَّ الدماء كُلُّها قد أصبحت في الصهاريج أمر بقطع الماء عنها فقُطِعت، وأجرى آبار العين إلى الوادي.<ref name="فتوح أرمينية - البلدان" /><ref name="الصفحة 259">{{استشهاد ويب| الأخير =الكوفي الكندي| الأول  =أبو مُحمَّد أحمد بن أعثم| مؤلف-وصلة =أحمد بن أعثم| مسار  =http://shiaonlinelibrary.com/الكتب/3682_كتاب-الفتوح-أحمد-بن-أعثم-الكوفي-ج-8/الصفحة_44#top | عنوان =كتاب الفُتُوح، الجُزء السادس| صفحة=359| موقع =المكتبة الشيعيَّة| تاريخ الوصول =[[19 يناير|19 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]م| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191217043425/http://shiaonlinelibrary.com/الكتب/3682_كتاب-الفتوح-أحمد-بن-أعثم-الكوفي-ج-8/الصفحة_44 | تاريخ أرشيف = 17 ديسمبر 2019 }}</ref> ولم يمكث ماء المدينة إلَّا ليلةً حتَّى دوَّد وأنتن وفسد، واضطرَّ الخزر إلى الهرب منها، فأخلوها ليلًا بعد أن تراجع الجيش الإسلامي فاسحًا المجال لهم بالانسحاب.<ref name="فتوح أرمينية - البلدان" /><ref name="الصفحة 259" /> بعدها دخل مسلمة المدينة ففحصها وفحص حصانتها، ثم أمر بتنظيف الصهاريج من الذبائح والدماء فنُظِفت، ثم أجرى فيها الماء كما كان، ورمَّم أسوارها، وقام بِتوطين أربعة وعشرين ألف جُندي من أهل الشَّام فيها، وأمر بتقسيمها لِأربعة أرباع، ربعٌ لِأهل [[دمشق]]، وربعٌ لِأهل [[حمص|حِمص]]، وربعٌ لِأهل [[فلسطين]]، وربعٌ لِسائر أهل الشَّام والجزيرة الفُراتيَّة. وبنى مسلمة في باب الأبواب هُريًا لِلطعام، وهُريًا لِلشعير، وخزانةً لِلسِّلاح، واستخلف ابن عمِّه مروان بن مُحمَّد على جميع المُسلمين فيها.<ref name="فتوح أرمينية - البلدان" /><ref name="الصفحة 259" /> وهكذا جعل مسلمة من هذه المدينة قاعدةً أمنيَّةً مُتقدمة في مُحاولةٍ لِعدم خُرُوجها من يد المُسلمين مُجددًا، ولكي ينطلق منها المُسلمون شمالًا لِحماية البلاد المفتوحة ولِإضافة فتحٍ جديد.<ref name="باب الأبواب - شيت" /> وفي سنة [[114 هـ|114هـ]] المُوافقة لِسنة [[732]]م، استعمل هشام بن عبد الملك ابن عمِّه مروان بن مُحمَّد على أرمينية وأذربيجان والجزيرة الفُراتيَّة، وعزل مسلمة بن عبد الملك. وقد تهيَّأ لِمروان من الفُتُوحات أمرٌ عظيم، فأوقع الرُعب في قُلُوب الخزر والتُرك وهزمهم في عدَّة وقعات، ووطَّد أركان الأمن والاستقرار في أرمينية، وأصبح الذين كان دأبهم الانتقاض على الدولة والشغب عليها وقطع الجزية عنها أو المُماطلة في أدائها، يخافون مروان ويهابونه ويُطيعونه ويُنفذون أوامره، كما أصبح لِلدولة هيبة في نُفُوس السُكَّان، لِذلك نعمت أرمينية بِالسَّلام والاستقرار، وانصرف مروان إلى التعمير، حتَّى عاد أدراجه من أرمينية إلى دمشق على رأس جيشٍ ضخم سنة [[127 هـ|127هـ]] المُوافقة لِسنة [[744]]م مُطالبًا بِالخلافة، فتولَّاها بعد [[يزيد بن الوليد]]، وعند هذه النُقطة توقفت عمليَّات الفُتُوح في أرمينية.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمود شيت خطاب|خطَّاب، محمود شيت]]|عنوان= قادة الفتح الإسلامي في أرمينية|طبعة= الأولى|صفحة= 91 و97|سنة= [[1419 هـ|1419هـ]] - [[1998]]م|ناشر= دار الأندلُس الخضراء ودار ابن حزم|تاريخ الوصول= [[24 ديسمبر|24 كانون الأوَّل (ديسمبر)]] [[2018]]م|مكان= [[جدة|جدَّة]] - [[السعودية|السُعُوديَّة]]؛ [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://ia802507.us.archive.org/31/items/waq59837/59837.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191217042316/https://ia802507.us.archive.org/31/items/waq59837/59837.pdf | تاريخ أرشيف = 17 ديسمبر 2019 }}</ref>

== أرمينية تحت الحُكم الإسلامي ==
{{مفصلة|إمارة أرمينية}}
[[ملف:Kaukasus 750n ar.svg|تصغير|خريطة تُصوِّر أرمينية وكُورها وسائر القفقاس سنة 750م بعد أن دخلت تحت جناح الدولة الأُمويَّة وأصبحت جُزءًا من ديار الإسلام، وتظهر في شمال حُدود خانيَّة الخزر التي استمرَّت تُحارب المُسلمين سنواتٍ طويلة بعد تمام فتح أرمينية.]]
بعد استتباب الأمر لِلمُسلمين في أرمينية، قُسِّم هذا الإقليم إلى أربع كور: [[ألبانيا القوقازية|أرمينية الأولى]] والثانية والثالثة والرابعة، وهو ذات التقسيم الذي اعتبروه زمن الفُتُوحات لِهذه البلاد.<ref name="الأرمن والكرج">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= اللهيبي، فتحي سالم حميدي|عنوان= دراسات في علاقات الأرمن والكرج بِالقوى الإسلاميَّة في العصر العبَّاسي|طبعة= الأولى|صفحة= 125 - 126 |سنة= [[2013]]|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|ردمك= 9782745177414|تاريخ الوصول= [[26 يناير|26 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://books.google.com.lb/books?id=rylHDwAAQBAJ&pg=PA125&lpg=PA125&dq=%D8%A3%D8%B1%D9%85%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A7+%D8%AA%D8%AD%D8%AA+%D8%AD%D9%83%D9%85+%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%86&source=bl&ots=pjlVLX3Csk&sig=ACfU3U19O1uscJTqAs9MBYecVw3EQNCRXg&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwjmqrm5rIzgAhUGmRQKHdnnCSYQ6AEwB3oECAAQAQ#v=onepage&q=%D8%A3%D8%B1%D9%85%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A7%20%D8%AA%D8%AD%D8%AA%20%D8%AD%D9%83%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%86&f=false|مسار أرشيف= https://web.archive.org/web/20200323221752/https://books.google.com.lb/books?id=rylHDwAAQBAJ&pg=PA125&lpg=PA125&dq=%D8%A3%D8%B1%D9%85%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A7+%D8%AA%D8%AD%D8%AA+%D8%AD%D9%83%D9%85+%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%86&source=bl&ots=pjlVLX3Csk&sig=ACfU3U19O1uscJTqAs9MBYecVw3EQNCRXg&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwjmqrm5rIzgAhUGmRQKHdnnCSYQ6AEwB3oECAAQAQ#v=onepage&q=%D8%A3%D8%B1%D9%85%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A7%20%D8%AA%D8%AD%D8%AA%20%D8%AD%D9%83%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%86&f=false|تاريخ أرشيف=2020-03-23}}</ref> وأعاد المُسلمون بناء مدينة دُبيل وحصَّنوها، وجُعلت مقرَّ الأمير الأرمني، الحاكم الفعليّ لِأرمينية والذي كان يُدين بِالولاء لِلخليفة، وتمركزت فيها حامية إسلاميَّة لِرد غارات الخزر والروم،<ref group="ْ">{{استشهاد بكتاب | مؤلف-وصلة =:en:Aram Ter-Ghevondyan | الأخير = Ter-Ghewondyan | الأول = Aram | آخرون = Transl. Nina G. Garsoïan | عنوان = The Arab Emirates in Bagratid Armenia | ناشر = Livraria Bertrand | مكان = Lisbon | سنة = 1976 | مسار = https://rbedrosian.com/403.shtml | oclc = 490638192 | صفحة=20| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20131014040744/http://rbedrosian.com/Ref/Aeba/aebatoc.html | تاريخ أرشيف = 14 أكتوبر 2013 }}</ref><ref group="ْ">{{استشهاد بكتاب | الأول = Khalid Yahya | الأخير = Blankinship | مؤلف-وصلة=:en:Khalid Yahya Blankinship | عنوان =  The End of the Jihâd State: The Reign of Hishām ibn ʻAbd al-Malik and the Collapse of the Umayyads | ناشر = State University of New York Press | سنة = 1994 | isbn = 978-0-7914-1827-7 | مسار = https://books.google.com/books?id=Jz0Yy053WS4C| صفحة=107| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191223082730/https://books.google.com/books?id=Jz0Yy053WS4C | تاريخ أرشيف = 23 ديسمبر 2019 }}</ref> وقد شكَّلت أرمينية مع أذربيجان والجزيرة الفُراتيَّة ولايةً كُبرى يتولَّاها قائدٌ واحد يُعيِّنه الخليفة من دمشق، ويتخذ من دُبيل مقرًا له إلى جانب الأمير الأرمني.<ref group="ْ">{{استشهاد بكتاب | الأول = Khalid Yahya | الأخير = Blankinship | مؤلف-وصلة=:en:Khalid Yahya Blankinship | عنوان =  The End of the Jihâd State: The Reign of Hishām ibn ʻAbd al-Malik and the Collapse of the Umayyads | ناشر = State University of New York Press | سنة = 1994 | isbn = 978-0-7914-1827-7 | مسار = https://books.google.com/books?id=Jz0Yy053WS4C| صفحة=52 - 54| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191223082730/https://books.google.com/books?id=Jz0Yy053WS4C | تاريخ أرشيف = 23 ديسمبر 2019 }}</ref> وكانت سُلطة الوالي المُسلم محصورة في إمارة الجيش والدفاع عن البلاد وجمع الخِراج، أمَّا السُلطة السياسيَّة فكانت بِيد الأمير الأرمني الذي كان يُلقَّب «بطريق البطارقة» بِالعربيَّة، ويغلب الظن أنَّ أوَّل من حمل هذا اللقب من الحُكَّام الأرمن كان «بُقراط بن أشوط البقرادوني» (تُوفي بعد سنة [[851]]م)،<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[مسكويه|مسكويه الرازي، أبو عليّ أحمد بن مُحمَّد بن يعقوب]]|مؤلف2= تحقيق: سيِّد كسروي حسن|عنوان= تجارُب الأُمم وتعاقُب الهمم|طبعة= الأولى|المجلد=الجُزء الرابع|صفحة= 123|سنة= [[1424 هـ|1424هـ]] - [[2003]]م|ناشر= دار الكُتُب العلميَّة|تاريخ الوصول= [[26 يناير|26 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://ia902605.us.archive.org/28/items/waq77671/04_77674.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20200323223509/https://ia902605.us.archive.org/28/items/waq77671/04_77674.pdf | تاريخ أرشيف = 23 مارس 2020 }}</ref> وكان مسؤولًا عن أعماله أمام الوالي المُسلم، ويتولَّى جباية الخِراج وتسليمها له، ومدِّه بِالمُساندة العسكريَّة فيما لو تعرَّضت البلاد لِخطرٍ مُشترك يُهدد الأرمن والمُسلمين على حدٍ سواء.<ref group="ْ">{{استشهاد بكتاب | الأخير = Jones | الأول = Lynn | عنوان = Between Islam and Byzantium: Aght'amar and the Visual Construction of Medieval Armenian Rulership | ناشر = Ashgate Publishing, Ltd. | سنة =  2007 | isbn = 0754638529| صفحات=1-2}}</ref> ونجح الوُلاة المُسلمون في إحباط جميع الدسائس والمُؤامرات التي حاولت الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة استغلالها لِإيقاف مد الفُتُوحات، فضلًا عن المُحاولات المُتعددة [[جورجيون|لِلكرج]] من أجل استعادة السيطرة على بلادهم.<ref name="الأرمن والكرج" /> ولمَّا سقطت الدولة الأُمويَّة وقامت [[الدولة العباسية|الدولة العبَّاسيَّة]] على أنقاضها، اتبع الخُلفاء العبَّاسيُّون نفس الأُسلوب الإداري الذي انتهجه الخُلفاء الراشدون والأُمويُّون في أرمينية، وهو تعيين وُلاة مُسلمين إلى جانب أُمراءٍ محليين من البيت البُقراطي [[السلالة البقرادونية|البقرادوني]] الحاكم، وبِشكلٍ وراثيٍّ على العكس من نظام الولاية في بقيَّة البلاد الإسلاميَّة الأُخرى، وامتازت إدارة أرمينية خِلال هذا العصر بِكونها إدارة قويَّة مُنضبطة.<ref name="الأرمن والكرج" /> وقد بقي أغلب الأرمن على دينهم المسيحي، واحتفظوا بهويَّتهم القوميَّة ولم يستعربوا، بينما دخلت أقوامٌ أُخرى من أهل أرمينية في الإسلام أفواجًا، وفي مُقدمتهم الأكراد، الذين يبدو أنهم شرعوا باعتناق الإسلام مُنذُ سنة [[21 هـ|21هـ]] عندما دخلت غالبيَّة المناطق الكُرديَّة تحت جناح الدولة الإسلاميَّة، وقد دخل أغلب هؤلاء في الإسلام طوعًا، وكان لهم إسهامٌ بارزٌ في الفُتُوحات،<ref>{{استشهاد ويب| الأخير =السرجاني| الأول  =راغب| مؤلف-وصلة =راغب السرجاني| تاريخ =[[21 أكتوبر|21 تشرين الأوَّل (أكتوبر)]] [[2007]]| مسار أرشيف  =https://web.archive.org/web/20190126230009/https://islamstory.com/ar/artical/27640/قصة_الأكراد_1_6| تاريخ أرشيف =[[26 يناير|26 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]| مسار  =https://islamstory.com/ar/artical/27640/%D9%82%D8%B5%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%83%D8%B1%D8%A7%D8%AF_1_6| عنوان =قصَّة الأكراد| موقع =[[قصة الإسلام (موقع)|قصة الإسلام]]| تاريخ الوصول =[[26 يناير|26 كانون الثاني (يناير)]] [[2019]]}}</ref> وأصبحوا بِمُرور الزمن إحدى أبرز القوميَّات المُسلمة في العالم، إلى جانب العرب و[[ترك|التُرك]] و[[فرس (قوم)|الفُرس]] و[[أمازيغ|البربر]] وغيرهم.

== انظر أيضًا ==
* [[فتوحات إسلامية|الفُتوحات الإسلاميَّة]]
* الإسلام في: [[الإسلام في أرمينيا|أرمينيا]]، [[الإسلام في جورجيا|جورجيا]]، [[الإسلام في أذربيجان|أذربيجان]]
* [[نمو الإسلام (توضيح)|نُمُوّ الإسلام]]
* الأرمن في: [[أرمن العراق|العراق]]، [[أرمن سوريا|سوريا]]، [[الأرمن في لبنان|لُبنان]]، [[أرمن مصر|مصر]]، [[الأرمن في البحرين|البحرين]]، [[الأرمن في الكويت|الكُويت]]

== المراجع ==
=== باللُغة العربيَّة ===
{{مراجع}}

=== بِلُغاتٍ أجنبيَّة ===
{{مراجع|مجموعة=ْ|2|محاذاة=نعم}}

== وصلات خارجيَّة ==
* [http://www.dar-ein.com/articles/443/%D9%81%D8%AA%D9%88%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%86-%D9%84%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D9%85-%D9%88%D8%A3%D8%B1%D9%85%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A7-%D9%82%D8%B1/ فُتُوح المُسلمين لِبلاد الشَّام وأرمينيا. قراءة في مُصنَّف المُؤرِّخ الأرمني «سيبيوس»] – بقلم الدكتور حاتم الطحَّاوي. دار عين لِلدراسات والبُحُوث الإنسانيَّة والاجتماعيَّة.
* [https://www.iasj.net/iasj?func=fulltext&aId=84376 أشهر قادة فتح كوردستان في العصر الإسلامي الأوَّل.] بِقلم أ.م.د. أحمد ميرزا ميرزا. بحث في مجلَّة كُليَّة العُلُوم الإسلاميَّة، المُجلَّد الثامن: [[1435 هـ|1435هـ]] - [[2014]]م.
* [http://www.moqatel.com/openshare/Behoth/Siasia2/Sheshan/sec03.doc_cvt.htm دُخُول الإسلام بلاد القوقاز والاستعمار الروسي حتَّى القرن الثامن عشر.] من موسوعة مُقاتل من الصحراء.
{{مواضيع الخلافة الراشدة}}
{{الفتوحات الإسلامية}}
{{شريط بوابات|أرمينيا|الإسلام|التاريخ الإسلامي|الحرب|الخلافة الراشدة|الدولة الأموية|القوقاز}}
{{لا لربط البوابات المعادل}}
{{لا للأخطاء الإملائية}}
{{شريط محتوى متميز|مختارة|التاريخ=3 أبريل 2019|النسخة=33906333}}

[[تصنيف:التاريخ العسكري للخلافة الراشدة]]
[[تصنيف:الحروب الإسلامية البيزنطية]]
[[تصنيف:الفتح الإسلامي لفارس]]
[[تصنيف:إمارة أرمينية]]
[[تصنيف:تاريخ أرمينيا العسكري]]
[[تصنيف:غزوات في أرمينيا]]
[[تصنيف:معارك الفتوحات الإسلامية]]
[[تصنيف:نزاعات في القرن 7]]