القابون حي عريق يقع في شمال شرق العاصمة السورية دمشق، يبعد عن مركز المدينة 4 كم في منطقة مهمة بين الغوطة شرقا (بلدتي عربين وحرستا) والمدينة غربا (أراضي الصالحية)، ويجاور أحياء برزة من الشمال وجوبر من الجنوب.[1][2][3] ويخترقه الاتستراد الدولي السريع (طريق دمشق-حمص) وعقدة طرقية مهمة (عقدة القابون). وفي الحي كراج انطلاق ووصول باصات البولمان فلذلك يعتبر القابون بوابة دمشق وأول ما يراه القادمون إلى دمشق من المناطق السورية الأخرى.

القابون
صور تُظهر حي القابون في دمشق خلال فترة الحصار التي تعرض لها ما بين عامي (2012 و 2017). تصوير محمد معاذ

تقسيم إداري
 الدولة  سوريا
 المدينة دمشق

يقدر عدد أهالي القابون بـ 40 ألف نسمة بينما يرتفع عدد سكان القابون على اختلاف هوياتهم ليقدر بأكثر من 80 ألف نسمة من الطوائف والأعراق المختلفة أما أهالي الحي فجميعهمم من المسلمين

أصل التسمية

يعود تاريخ القابون إلى العهد الآرامي حيث أن المنطقة كانت تعرف باسم «آبونا» ومعناها مكان تجمع المياه ثم حرفت الكلمة إلى القابون. كلمة (القابون) كلمة سيريانية تعني العامود وبمعنى آخر مكان تجمع المياه.

تاريخياً

يمر بحي القابون نهرا يزيد وتورا، وهما فرعان من نهر بردى ما جعلها منطقة اصطياف واستجمام للأمراء والملوك وقد أقام بها السلطان سليم فترة من الزمن حين مرض فعرف مكان إقامته باسم «مصطبة السلطان سليم.» وقد اشتهرت هذه المصطبة بوفرة الأشجار المثمرة كالمشمش والتفاح والخوخ والتوت والعنب والجارنك ونقل إليها الكثير من الورود والزهور الطبية كالختمية وغيرها. استولى على هذه المصطبة الفرنسيون في عهد الانتداب الفرنسي على سوريا وأقاموا بما يعرف بالــ camp ليقيم به ضباطهم، وبعد الاستقلال أصبحت ثكنات عسكرية.

كانت تضم القابون معالم هامة (خانات ومساجد، حمامات، قصور) ولكن تهدمت جميعها إثر الزلازل القديمة ويقيت اثار تاريخية، وكان هناك عيد خاص بالقابون اسمه «عيد خميس البيض» كان يجري الاحتفال به في أول خميس من شهر نيسان في الربيع كل عام ومرتبط بزهر اللوز الأبيض الذي يغطيها في الربيع وببيض الدجاج وتلوينه والالعاب المرتبطة به.

أهالي القابون

موقع الحي بين الغوطة والمدينة يعطي أهالي حي القابون خلفية ريفية بطابع مدني عصري، لا سيما أن القابون هو حي حديث الضم لمدينة دمشق حيث كان عبر العصور جزء من الغوطة الشرقية لدمشق، وبلدة ريفية سكانها فقراء قليلون يعملون بالزراعة ثم ما لبثت أن تطورت مع الأحياء المجاورة بعد الخمسينات وتزايد عدد سكانها لتضم إلى المدينة.

أما حي تشرين شمال القابون فهو يتبع إداريا للقابون لكن يتميز بكثافة السكان الذين تشكل غالبيتهم عائلات من مختلف محافظات سورية ومن مختلف الطوائف والأعراق. يقدر عدد أهالي القابون بـ 40 ألف نسمة بينما يرتفع عدد سكان القابون على اختلاف هوياتهم ليقدر بأكثر من 80 ألف نسمة من الطوائف المختلفة بينما جميع أهالي الحي من المسلمون السنة. ويتحدث أهل القابون بلهجة مشابهة للهجة الغوطة لكن أرق منها وأقرب إلى اللهجة الشامية

عرفت القابون برفضها للذل وقدمت القابون العديد من الشهداء في الحرب العالمية الأولى منهم الشهيد محمد أديب منصور الحموي وعبد السلام عبد الواحد وغيرهم كثير.

وشارك أهالي القابون في مقارعة الاستعمار حتى أن فرنسا قصفتها بالطائرات وقدمت العديد من الشهداء لتحرير سورية من فرنسا زاد عددهم عن خمسة عشر شهيد نذكر منهمالشهيد جميل البعلي وخليل عبد الحي وسعيد الخشن وسليمان الحلبوني الذي كتب عنه أدهم الجندي في كتابه الثورة السورية، والشهيدة غزالة عثمان والشهيد محمد هولو الهبول.

وفي حرب 1948 قدمت الشهيد الملازم أول محمود البغدادي وغيره وفي حرب حزيران 1967 قدمت الشهيد فوزي البعلي وفي عام 1972 قدمت الشهيد العقيد الطيار أحمد حامد اجنيد وفي حرب تشرين قدمت كوكبة كبيرة من الشهداء منهم الشهيد علي جابرة والطيار أحمد ليلا وخليل الزهوري والأستاذ الشيخ غالب الرفاعي (ضابط المدفعية).

وفي العصر الحديث كان بها العديد من المنشدين والمطربين كالزهوري والحواط ومؤسس رابطة المنشدين حمزة شكور وغيرهم كثير.

ومن حارتها ومزارعاها مزرعة الشوك والطاحون ومزرعة الحمام وحي السهل والعارضية وحي البعلة المنسوب إلى هنيبعل القائد القرطاجي الشهير. وخرج منها الكثير من الأبطال في الرياضة ووصل البعض منهم إلى بطولات على مستوى سورية وآسيا وبعضهم وصل في أنواع الرياضة إلى بطولة العالم، كالرفاعي ونور الدين عبد الواحد والحلبوني وقاسم وخريبين وأسماء كثيرة أخرى لمعت.

أبرز علمائها العلامة محمد حمزة والعلامة محمد علي منصورالحموي وعلى المستوى العلمي لمعت أسماء كثيرة كالبروفسور حافظ اجنيد الذي أدهش الكثيرين في جامعات روسيا وبرع في علم الكيمياء والنبات. وفي علوم اللغة العربية والفقه نبغ الشيخ أحمد حمزة والعلامة محمد حمزة، والعلامة محمد علي منصور الحموي الذي عرف بشجاعته وجرأته في قول كلمة الحق. ولنساء القابون ميزات بالشجاعة والبطولة وبرز العديد منهن كالمجاهدة المناضلة لطفية عبد الواحد والمربية قمر بكار (وهي من مدينة دوما ومتزوجة في القابون).

القابون والثورة السورية

 
مسجد الفتح في القابون بعد استهدافه

يعتبر القابون شرارة الثورة السورية في دمشق فكان مع حي برزة أول الأحياء التي خرجت في مظاهرات منتظمة وشهدت حراكا سلميا ابتداء من 25 آذار/مارس 2011

لكن الحقيقة أن الأهالي أشعلوا الثورة قبل ذلك بكثير فيعتقد بأن أولى مظاهرات دمشق مظاهرة المسجد الأموي (قبل 18 آذار) كان لأهالي القابون الدور الأكبر فيها وكانوا من حرك المظاهرة في قلب دمشق وفي حي القابون. كما ان للقابون ماض في التظاهر ومقارعة نظام البعث، تجسد ذلك في انتفاضة المقبرة وانتفاضة حوادث الاتستراد الدولي في أيام الرئيس حافظ الأسد.

قدم القابون مئات الشهداء منذ شهر نيسان/أبريل 2011 حيث كان الأهالي يخرجون في مظاهرات سلمية تواجهها قوات الأمن بإطلاق الرصاص واعتقال الشبان ويستهدفها القناصة.

ملف:الصحفي فداء البعلي.jpg
الصحفي فداء البعلي

وفي 15 تموز/يوليو 2011 أدى إطلاق النار الكثيف على المتظاهرين وملاحقتهم بالرصاص واستهداف القناصة إلى مقتل 14 شخصا وجرح المئات فيما يعرف بمجزرة «جمعة أسرى الحرية» التي يعتقد أن النظام ارتكبها لعرقلة تحركات المعارضة السياسية في الحي حيث كان من المقرر عقد مؤتمر المعارضة السورية في صالة في حي القابون، لكن نتيجة المجزرة لم تتمكن المعارضة من الاجتماع في الداخل وفشلت المساعي السياسية لحل الأزمة بفعل جرائم النظام وأفعاله.

في 18 تموز 2012 أدى القصف العنيف بالمروحيات والمدفعية على حي القابون واستهداف القناصة لأي حركة إلى مقتل 90 شخص فيما يعرف بمجزرة حي القابون التي كانت في ظل ما يسمى بـ«بركان دمشق وزلزال سوريا» بين الجيش السوري الحر والجيش السوري النظامي التي حاول الجيش الحر فيها السيطرة على أحياء دمشق وشن ضربة ضد النظام.

في 27 آب 2012 في حادثة كانت الأولى من نوعها في دمشق أسقط الجيش السوري الحر طائرة مروحية للنظام فوق حي القابون كانت تشن ضربات عديدة ضد المدنيين في القابون والأحياء المجاورة، أرسلت قوات النظام السوري على آثرها قوة عسكرية إلى الحي لجمع حطام المروحية، دخلت القوات العسكرية للحي، جمعت الحطام وقتلت العديد من المدنين ذبحاً كنوع من الإنتقام.

مع مطلع شهر أيلول 2012 تعرض حي القابون وأهاليه لحصار خانق من قبل قوات النظام، لم ينتهي ذلك الحصار حتى شهر آيار 2017 بموجب إتفاقية "التهجير القسري"، والتي أُخرج بموجبها أهالي ومقاتلين الحي بإتجاه الشمال السوري وسلّم الحي للنظام. قدم الحي عدد كبير من الشهداء، مهم مدنيون ومنهم مقاتلون في صفوف الجيش السوري الحر، ومنهم الصحفي "فداء البعلي" الذي كان يحمل الاسم المستعار "محمد معاذ"، والذي أصيب جرّاء إستهدافه بالقذائف أثناء إحدى تغطياته الصحفية في الحي واستشهد متأثراً بجراحه في 04/07/2013.[4]

في 21 كانون الأول 2012 أدى تفجير سيارة مفخخة في الشارع الرئيسي في القابون إلى مقتل عشرة أشخاص وجرح آخرين إضافة إلى أضرار مادية كبيرة وسقوط أحد الأبنية.

التهجير القسري

بعد حصار خانق دام لعدة سنوات، وقصف مستمر تعرض له الحي، أقدمت قوات النظام مدعومة من روسيا وإيران على حملة عسكرية عنيفة تهدف للسيطرة على المناطق التي تسيطر عليها قوات الجيش السوري الحر والفصائل العسكرية الأخرى. إعتمدت قوات النظام وحلفائها على خطط عسكرية مدروسة، حيث كانت تحاصر كل منطقة أو حي خارج سيطرتها بشكل منفرد، ثم تقدم قوات النظام على قصف المنطقة المستهدفة بشكل عنيف جدا ومستمر لأسابيع وأشهر بالتزامن مع محاولات تقدم برية لتلك القوات على جميع محاور المنطقة، بعد فترة من هذا الحال تكون قوات الجيش السوري الحر والفصائل الأخرى والمدنين المحاصرين قد أُنهكوا من شدة القصف والحصار الذي يمنع عنهم أدنى مقومات الحياة، بعد ذلك تقوم بعثة روسية بالتفاوض من كبار شخصيات المنطقة وتعرض عليهم خيارين، الأول هو مصالة النظام السوري وإجراء "تسوية"، يُسحب بموجبها شباب الحي للقتال في صفوف الجيش السوري ويفك الحصار عن الأهالي في الحي، أو الخيار الثاني وهو إفراغ الحي بالكامل وتسليمه لقوات النظام، على أن تقوم القوات الروسية بتأمين إنتقال أهالي ومقاتلين المنطقة إلى الشمال السوري بإشراف لجان من الهلال الأحمر ومنظمات حقوقية دولية.[5][6]

كان لحي القابون نصيب من ذلك المخطط، وتعرض لقصف ممنهج أدى لتدمير أكثر من ثلثين الحي بالإضافة إلى حي تشرين المجاور الذي دُمر بشكل شبه كامل جرّاء القصف، أُرضخ الأهالي والمقاتلين على قبول التهجير القسري مع استحالة مصالحة النظام، وبذلك أُفرغ الحي من أهله في 14/05/2017،[6] بالإضافة إلى حي تشرين الذي خرج أهله قبل أيام من حي القابون، أما حي برزة المجاور لم يخض تلك التجربة وذلك لأن الفصيل العسكري الذي كان يسيطر على برزة (اللواء الأول) أبرم إتفاقية صلح مع النظام في منتصف عام 2013 لكن اللواء الأول لم يعلن ذلك ليبقى متخفيا في صفوف الجيش السوري الحر حتى الحملة العسكرية الأخير في مطلع 2017، حين كُشف بعد منعه لفصائل المعارضة من إطلاق حملة مضادة إنطلاقاً من حي برزة والسماح لقوات النظام من إتخاذ الطرقات والأراضي التي يطل عليها كنقطة بداية للهجوم على أحياء القابون وتشرين، مع ذلك، عارض بعض أبناء حي برزة تلك التصرفات من اللواء الأول وأعتبروها خيانة للثورة السورية والثوار وأُخرج المعارضين لتلك التصرفات إلى الشمال السوري ضمن حملة التهجير القسري.[6]

من المناطق والأحياء التي تعرضت للتهجير القسري:

المحافظة المنطقة، الحي تاريخ التهجير
دمشق حي القابون[7] 14/05/2017
دمشق حي جوبر (مع الغوطة الشرقية) [8] 11/3/2018
ريف دمشق الغوطة الشرقية [8] 11/3/2018
ريف دمشق داريا[9] 27/08/2016
ريف دمشق وادي بردى[10] 30/01/2017

المساجد

 
مسجد أبو بكر الصديق المعروف بالجامع الكبير في حي القابون
  • الجامع الكبير (أبو بكر الصديق)، وهو أكبر مساجد القابون ومركز حي القابون
  • جامع العمري، يعتبر الأقدم في حي القابون
  • جامع الغفران
  • جامع الشيخ جابر الأنصاري، يقع فيه ضريح الشيخ جابر الأنصاري
  • جامع الحسن
  • جامع الهداية (حي تشرين)
  • جامع أبو القاسم (حي البعلة)

المدارس

  • مدرسة أحمد حامد جنيد
  • مدرسة عبد الغني الباجقني
  • مدرسة أحمد ليلا
  • مدرسة ميسون الابتدائية
  • مدرسة الخوارزمي
  • مدرسة طه حسين
  • مدرسة أبو ذر الغفاري
  • مدرسة مصطفى المدني
  • مدرسة علي جابرة
  • معهد أوغاريت للغات والعلوم
  • مدرسة محمد غالب الرفاعي

مراجع

  1. ^ "ISIS encroaches on east Damascus". NOW. 17 أبريل 2015. مؤرشف من الأصل في 2017-10-19. اطلع عليه بتاريخ 2016-08-29.
  2. ^ "Despite 2-year-old truce, Qaboun suffers severe siege". Zaman al-Wasl. 27 فبراير 2016. مؤرشف من الأصل في 2017-10-19. اطلع عليه بتاريخ 2016-07-09.
  3. ^ Damascus governorate population 2004 census نسخة محفوظة 11 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  4. ^ "تلفزيون الأورينت يزف شهيداً جديداً ينضم لقافلة شهداء الحقيقة". أورينت نت. 22 أكتوبر 2020. مؤرشف من الأصل في 2023-10-03. اطلع عليه بتاريخ 2023-09-09.
  5. ^ SCM (23 أكتوبر 2017). "لا عودة إلى حمص: دراسة حالة حول التهجير القسري في سوريا". المركز السوري للإعلام وحرية التعبير Syrian Center for Media and Freedom of Expression. مؤرشف من الأصل في 2023-10-03. اطلع عليه بتاريخ 2023-09-09.
  6. ^ أ ب ت "ناشطون يطلقون حملة "لا للتهجير القسري" في سوريا". عربي21. 27 سبتمبر 2016. مؤرشف من الأصل في 2022-05-29. اطلع عليه بتاريخ 2023-09-09.
  7. ^ soha.abushacra. "وصول أول دفعة من مهجري حي القابون إلى إدلب". مؤرشف من الأصل في 2023-10-03.
  8. ^ أ ب "التهجير المنظم في الغوطة الشرقية... الحجم والأثر". جسور للدراسات. مؤرشف من الأصل في 2023-01-31. اطلع عليه بتاريخ 2023-09-09.
  9. ^ vivianne.khawly. "داريا... تهجير أيقونة الثورة السورية". مؤرشف من الأصل في 2023-10-03. اطلع عليه بتاريخ 2023-09-09.
  10. ^ Pierre.Akiki. "التهجير يصل إلى وادي بردى...والباب بين فكّي المعارضة والنظام". مؤرشف من الأصل في 2023-10-03. اطلع عليه بتاريخ 2023-09-09.