أبو العباس عبد الله السفاح: الفرق بين النسختين

من أرابيكا، الموسوعة الحرة
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ط (استبدال قوالب (بداية قصيدة، بيت ، شطر، نهاية قصيدة) -> أبيات)
 
وسم: تحويلة جديدة
 
سطر 1: سطر 1:
{{صندوق معلومات خليفة
#تحويل [[أبو العباس السفاح]]
| الاسم = أَبو العَباس عَبْدُ الله السَّفاح
| الصورة = Balami - Tarikhnama - Abu'l-'Abbas al-Saffah.jpg
| حجم_الصورة = 250
| التعليق = صُورَة تَقْرِيبِيَة لأَبي العباس عبد الله السفاح
| المنصب = الخليفة العباسي الأول
| الاسم_الكامل = عَبدُ الله بن مُحَمَّد بن عَلِيّ بن عَبدُ الله بن العَبَّاس بن عبد المُطَّلِب الهاشِمِيُّ القُرَشِيُّ
| الفترة = 4 سنوات ([[750]] - [[754]] / [[132 هـ]] - [[136 هـ]])
| الكنية = أبو العباس
| ألقاب = السفاح
| التتويج = [[750]] / [[132 هـ|132هـ]]
| قبله = [[مروان بن محمد]]
| بعده = [[أبو جعفر المنصور]]
| تاريخ_الولادة= [[721]] / [[104 هـ|104هـ]]
| مكان_الولادة = [[الحميمة]]، {{الدولة الأموية}}
| تاريخ_الوفاة= [[8 يونيو]] [[754]] / [[136 هـ|136هـ]] (32 سنة)
| مكان_الوفاة = [[الأنبار (مدينة)|الأنبار]]، {{الدولة العباسية}}
| طبيعة_الوفاة= [[جدري|الجدري]]
| مكان_الدفن  = [[الأنبار (مدينة)|الأنبار]]
| زوج = [[أم سلمة المخزومية]]
| الأب = [[محمد بن علي بن عبد الله بن العباس]]
| الأم = [[ريطة بنت عبيد الله الحارثي]]ة
| الأبناء = [[محمد بن أبي العباس السفاح]]، [[ريطة بنت السفاح|ريطة]]
| الإخوة = [[أبو جعفر المنصور]]<br/>[[إبراهيم الإمام]]<br/>موسى<br/>[[يحيى بن محمد العباسي|يحيى]]
| السلالة = [[الدولة العباسية|العباسيون]]
| الديانة = [[الإسلام]]
|سابقة تشريفية=أميرُ المُؤمِنين}}
'''أَمِيرُ المُؤمِنِين وخَليفةُ المُسْلِمين أبُو العَبَّاس عَبْدُ اللهِ السَّفَّاح بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ عَلِيٍّ بْنِ عَبْدِ اللهِ بنِ العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ الهاشميِّ القرشي'''ِّ ([[104 هـ|104]] - [[136 هـ|136]] هـ / [[721]] - [[8 يونيو|الثَّامِن من يُونيو]] [[754]] م)، المعرُوف اختصارًا باسم '''السَّفاح''' أو '''أبُو العبَّاس السَّفاح'''، هو أول خُلفاء [[قائمة الخلفاء العباسيين|بني العبَّاس]]، تولى حكم الدولة الإسلامية وهو في السادسة والعشرين من عمرِه، وهو الخليفة التاسع عشر من خلفاء المُسلمين، ويلتقي مع [[محمد|النبي محمد بن عبد الله]] في جده [[عبد المطلب بن هاشم|عبد المطلب]]، وأمه ريطة الحارثية، وكان مولده ب[[الحميمة]] من أرض الشراة من البلقاء (في [[الأردن]] حالياً) في [[بلاد الشام|الشام]] في أيام [[الدولة الأموية|حكم الأمويين]] عام [[104 هـ]] الموافق [[721]]<ref name="قصص">{{استشهاد ويب |مسار=https://www.qssas.com/story/14873 |عنوان=قصة الخليفة العباسي الأول أبي العباس السفاح |ناشر=موقع قصص.كوم |تاريخ الوصول=[[14 يوليو]] [[2018]]| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191217073211/https://www.qssas.com/story/14873 | تاريخ أرشيف = 17 ديسمبر 2019 }}</ref>، ونشأ بها حتى أخذ [[مروان بن محمد]] أخاه [[إبراهيم الإمام]]، فانتقلوا إلى [[الكوفة]] التي بويع له فيها بالخلافة بعد مقتل أخيه في حياة [[مروان بن محمد|مَرَوانَ]]، وذلك في [[الجمعة|يوم الجمعة]] [[12 ربيع الأول]] [[132 هـ]] الموافق [[25 يناير]] [[750]]، وبذلك تحولت الدعوة العباسية على يديه إلى دولة. واجه محاولات عديدة للخروج عليه، لكنه استطاع أن يقضي عليها جميعها مستعيناً ب[[أبو مسلم الخراساني|أبي مُسلم الخُراساني]]<ref>{{استشهاد ويب |مسار=http://www.zaytoday.com/event/details/4fd078cd88046 |عنوان=في مثل هذا اليوم. وفاة أول خلفاء بني العباس أبو العباس السفاح |ناشر=موقع زي النهاردة |تاريخ الوصول=[[14 يوليو]] [[2018]]| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20180715011807/http://www.zaytoday.com/event/details/4fd078cd88046 | تاريخ أرشيف = 15 يوليو 2018 }}</ref> وفئة من أهلِه وعشيرته، وكانوا كثرة، وكان شديد البطش والتنكيل بخصومه، وكان معظم ولاته من أعمامِه وبني أعمامِه. اتخذ من الكوفة عاصمة لدولته في بادئ الأمر ثم تحول عنها إلى [[الأنبار (مدينة)|الأنبار]]، ولكن خلافته لم تدم طويلا، حيث توفي بالجدري في [[الأنبار (مدينة)|الأنبار]] يوم الأحد الموافق الحادي عشر، وقيل: الثالث عشر من ذي الحجة عام [[136 هـ]] الموافق [[754]] بعد أربعة أعوام من توليه الخلافة،<ref>{{استشهاد بكتاب|عنوان=[[تاريخ بغداد]]|مؤلف=[[الخطيب البغدادي]]|ناشر=[[دار الكتب العلمية]]|المجلد=العاشر|صفحة=47}}</ref> وقد تزوج من [[أم سلمة المخزومية|أم سلمة بنت يعقوب المخزومية]]، وولدت له ابنه محمداً وابنته ريطة، وقد جعل أخاه [[أبو جعفر المنصور|أبا جعفر المنصور]] ولي عهده، فخلفه في حكم [[الدولة العباسية]].
 
== نَسَبُه ==
* '''نسبه''' هو '''أبو العباس عبد الله السفاح''' بن '''[[محمد بن علي بن عبد الله بن العباس|محمد الإمام]]''' بن '''[[علي بن عبد الله بن عباس|علي السجاد]]''' بن '''[[عبد الله بن عباس|عبد الله الحبر]]''' بن '''[[العباس بن عبد المطلب|العباس]]''' بن '''[[عبد المطلب بن هاشم|عبد المطلب]]''' بن '''[[هاشم بن عبد مناف|هاشم]]''' بن '''[[عبد مناف بن قصي|عبد مناف]]''' بن '''[[قصي بن كلاب|قصي]]''' بن '''[[كلاب بن مرة|كلاب]]''' بن '''[[مرة بن كعب|مرة]]''' بن '''[[كعب بن لؤي|كعب]]''' بن '''[[لؤي بن غالب|لؤي]]''' بن '''[[غالب بن فهر|غالب]]''' بن '''[[فهر بن مالك|فهر]]''' بن '''[[مالك بن النضر|مالك]]''' بن '''[[النضر بن كنانة|النضر]]''' بن '''[[كنانة بن خزيمة|كنانة]]''' بن '''[[خزيمة بن مدركة|خزيمة]]''' بن '''[[مدركة بن إلياس|مدركة]]''' بن '''[[إلياس بن مضر|إلياس]]''' بن '''[[مضر]]''' بن '''[[نزار بن معد|نزار]]''' بن '''[[معد بن عدنان|معد]]''' بن '''[[عدنان]].'''
* '''أبوه''' هو '''[[محمد بن علي بن عبد الله بن العباس|محمد]]''' بن '''[[علي بن عبد الله بن عباس|علي السجاد]]''' بن '''[[عبد الله بن عباس|عبد الله الحبر]]''' بن '''[[العباس بن عبد المطلب|العباس]]''' بن '''[[عبد المطلب بن هاشم|عبد المطلب]]''' '''[[بنو هاشم|الهاشمي]]''' '''[[قريش|القرشي]]'''
* '''أمه''' هي '''ريطة''' بنت '''عبيد الله''' بن '''عبد الله''' بن '''عبد الدار''' الحارثي<ref name="نسب">{{استشهاد بكتاب|عنوان=[[البداية والنهاية]]|مؤلف=[[ابن كثير الدمشقي|الحافظ أبو الفداء إسماعيل بن كثير]]|صفحة=68. الجزء العاشر}}</ref>
* '''أعمامه:''' كان له ستة أعمام، وهم [[عبد الله بن علي العباسي|عبد الله]]، وداود، وعيسى، و[[صالح بن علي العباسي|صالح]]، وإسماعيل، وعبد الصمد
 
== مَوْلِدُه ونَشْأَتُه حَتى تَوَلّيه الخِلافَةَ ==
ولد أبو العباس السفاح في [[الحميمة]] -قرية موجودة ب[[الأردن]] حالياً- من أرض الشراة من البلقاء في [[بلاد الشام|الشام]] في أيام [[الدولة الأموية|حكم الأمويين]] عام [[104 هـ]] الموافق [[721]]، وتربى ونشأ بها، حتى قَتَل الخليفة الأموي مروان أخاه إبراهيم الإمام عام [[132 هـ]]،<ref name="نسب"/> حيث سأل مروان عن إبراهيم فقيل له: هو بالبلقاء، فكتب إلى نائب دمشق أن يحضره، فبعث نائب دمشق بريداً، ومعه صفته ونعته، فذهب الرسول فوجد أخاه أبا العباس السفاح، فاعتقد أنه هو فأخذه، فقيل له: إنه ليس به، وإنما أخوه، فدُلَّ على إبراهيم، فأخذه وذهب معه بأم ولد كان يحبها، وأوصى إلى أهله أن يكون الخليفة من بعده أبو العباس السفاح، وأمرهم بالمسير إلى [[الكوفة]]، فارتحلوا من يومهم إليها، منهم أعمامه الستة.
 
=== أَبو العَباس والدَعْوَة العَباسِيَة ===
[[ملف:Umayyad750ADloc-ar.png|تصغير|يمين|[[الدولة الأموية]] في أقصى اتساعها]]
بدأت الدعوة العباسية بعدما ذهب أبو هاشم عبد الله بن محمد إلى الخليفة الأموي [[سليمان بن عبد الملك]]؛ ليزوره، وقد رحب به سليمان وأكرمه. مرض أبو هاشم عبد الله بن محمد، وشعر بدنو أجله، وأُشيع أن سليمان قد سمَّه، فذهب أبو هاشم إلى الحميمة ونقل ذلك إلى ابن عمه [[محمد بن علي بن عبد الله بن العباس]]، وطلب منه أن يقتص من بني أمية، وذلك عام [[99 هـ]]. وقد لقي كلام أبي هاشم لابن عمه محمد موقعًا من نفسه، وكان رجلًا طموحًا، وكان له أكثر من عشرين أخًا يدعمونه بالإضافة إلى أبنائه؛ فحمل محمد بن علي الفكرة، وهي '''إزالة ملك بني أمية'''، وبدأ يعمل على تنفيذها، وقد تم اختيار [[الكوفة]] و[[خراسان (توضيح)|خراسان]] كنقطتي انطلاق للدعوة.<ref name="بداية الدعوة">{{استشهاد بكتاب|عنوان=الموسوعة الميسرة في التاريخ الإسلامي|صفحة=221-222. الجزء الأول|مؤلف=[[راغب السرجاني]]|ناشر=مؤسسة اقرأ|ردمك=977-6119-63-8}}</ref> كان اختياره دقيقًا وموفَّقًا لأسباب، منها: كثرة الساخطين على بني أمية من الكوفة، وأيضًا موقع [[خراسان الكبرى|خراسان]] في مشرق الدولة، حيث إذا انكشف أمره يمكنه الفرار إلى بلاد الترك المجاورة، وأيضًا وجود صراعات قبلية في خراسان بين العرب (القيسية واليمانية)، ويمكن استثمار هذا الصراع لصالح الدعوة العباسية وسهولة التأثير على أهل خراسان لحداثة عهدهم ب[[الإسلام]]، فيسهل التأثير عليهم من منطلق العاطفة والحب لآل البيت.
 
وقد اختار محمد بن علي الكوفة مركزًا للدعوة العباسية، وسكن فيها ما يُسمى بـ ('''كبير الدعاة''' أو '''داعي الدعاة''')، وأصبحت خراسان هي مجال انتشار الدعوة،<ref name="بداية الدعوة"/> وقد عمد محمد بن علي إلى السرية التامة وكان حريصًا على ذلك، فقد كانت المعلومات تمر عبر ثلاث محطات: من خراسان إلى الكوفة إلى الحميمة، وكان الدعاة يتنقلون على هيئة تجار أو حجاج، وكان أول من عُيّن كبيرًا للدعاة في خراسان هو أبو عكرمة السراج، وقد اختار اثني عشر نقيبًا كلهم من قبائل عربية، حيث كان كبير الدعاة يختار اثني عشر نقيبًا يأتمرون بأمره، وكانت شخصية الإمام غير معروفة لهم، وكان لكل نقيب منهم سبعون عاملًا، وقد أتت الدعوة العباسية ثمارها في خراسان، وبدأ رجالها يظهرون، مما دفع والي خراسان حينئذٍ [[أسد بن عبد الله القسري]] إلى القبض على أبي عكرمة السراج، وعدد من أصحابه، فقتلهم سنة [[107 هـ]].<ref name="قصة">{{استشهاد ويب |مسار=https://islamstory.com/ar/artical/19956/الخلافة_العباسية |عنوان=نشأة الخلافة العباسية |ناشر=موقع قصة الإسلام |تاريخ الوصول=[[14 يوليو]] [[2018]]| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191217073211/https://islamstory.com/ar/artical/19956/الخلافة_العباسية | تاريخ أرشيف = 17 ديسمبر 2019 }}</ref> وحتى سنة [[118 هـ]] تمكن أسد بن عبد الله بخبرته من كشف بعض قادة التنظيم العباسي، واشتد عليهم، فعمدت الدعوة العباسية إلى السرية التامة من جديد، وبعدما كُشِفَ رجال الدعوة في خراسان، اُختيرَ عمار بن يزيد داعياً جديداً في خُراسان، لكنه ارتد عن الإسلام بعدها وانكشف أمره، وقتَله أسد بن عبد الله القسري عام [[118 هـ]]،<ref name="قصة"/> وقد أدت أفعال عمار بن يزيد إلى تشويه صورة الدعوة العباسية في أذهان العامة، ولم يثقوا في الداعية الجديد، بجانب شدة أسد بن عبد الله عليهم.<ref name="بداية الدعوة"/>
 
حتى عام [[122 هـ]] كانت الدعوة تنمو ببطء شديد، حيث أعاقها عائق جديد، وهي [[ثورة زيد بن علي|ثورة زيد بن علي بن زين العابدين]] بالكوفَة مما أدى إلى الهدوء في نشر الدعوة العباسية، وفي سنة [[125 هـ]] مات [[محمد بن علي بن عبد الله بن العباس|محمد بن علي]]، وأوصى أن يكون إمام الدعوة من بعده هو ابنه إبراهيم ليقوم بمتابعة أمور الدعوة، وفي هذا العام أيضا مات [[هشام بن عبد الملك]]، وقد كان هذا فرجًا للعباسيين، حيث اشتعلت الصراعات الداخلية في [[الدولة الأموية]]، بالإضافة إلى اشتعال الصراع القبلي في خُراسان بتوجيه من إبراهيم الإمام، حيث استغل أن [[نصر بن سيار الكناني|نصر بن سيار]] والي خراسان مضريٌ في حين أن أكثر العرب في خراسان يمانيون، فكرهوه فتوجهت الدعوة العباسية إلى اليمانيين، وقد أثر الصراع القبلي على أحوال الناس، ومصالحهم بكافة طوائفهم، وبسبب هذه الأحداث والأحوال عادت الدعوة العباسية للنشاط من جديد.<ref name="بداية الدعوة"/>
 
في عام [[128 هـ]] ظهر شخص قوي، وهو [[أبو مسلم الخراساني|أَبو مُسْلِمِ الخُراساني]]، حيث لمح فيه [[إبراهيم الإمام]] الكفاءة والذكاء والقوة، فقرر أن يرسله إلى خراسان، وفي عام [[129 هـ]] أمر إبراهيم الإمام أبا مسلم الخُراساني بالجهر والظهور بالدعوة العباسية ففعل، وكان والي خُراسان حينئذٍ مشغول بصراعات الدولة الداخلية، وعندما جاء يوم [[عيد الفطر]] صلى أبو مُسلِم بالناسِ، وحينئذٍ وقع أول اشتباك بين الأمويين والعباسيين في [[خراسان (توضيح)|خُراسان]]، وانتصر فيها أبو مسلم على قوات [[نصر بن سيار الكناني|نَصْرِ بن سِيَارِ]]، وأصبح أتباع أبي مسلم كُثُر حيث احتال حيلاً في السيطرة على الأمر فكان يرسل إلى اليمانية يستميلهم، ويكتب إلى المضرية يستميلهم بقوله: {{اقتباس مضمن|إِنَّ الِإمَامَ أَوْصاني بِكُم خَيْراً، وَلَسْتُ أّعْدو رَأْيَه فِيكُم}}،<ref name="بداية الدعوة"/> وتوترت الأحداث، وبعث [[مروان بن محمد]] في طلب [[إبراهيم الإمام|إبراهيم بن مُحمد الإِمام]] المُقيم بالحميمة، فقٌيّد وأُرسِل إلى الخليفة فسُجن، وفي عام [[132 هـ]] انتصرت قوات أبي مُسلم على قوات الأمويين في العراق ثم توجه إلى الكوفة، وكان قد خرج بها محمد بن خالد بن عبد الله القسري داعياً لبني العباس، وفي عام [[132 هـ]] مات إبراهيم بن محمد في سجن مروان بن محمد، وقد أوصى بالخلافة بعده لأخيه أبي العباس عبد الله السفاح، فقام السفاح بتحويل الدعوة إلى دولة، وفي [[11 جمادى الآخرة]] أرسل السفاح الجيوش؛ لمنازلة الأمويين فسحقهم، واستقرت الأمور لبني العباس في جميع البلدان باستثناء [[الأندلس]] التي فقدها العباسيون لصالح الأمويين.
 
== تَوَلَيه الخِلافَةِ ==
{{شريط جانبي الخلفاء العباسيون في بغداد}}
لما علم أهل [[الكوفة]] أن إبراهيم بن محمد قد قُتِل أراد [[أبو سلمة الخلال]] أن يجعل الخلافة في آل [[علي بن أبي طالب]]، فتواصل مع [[جعفر الصادق]]، و[[عبد الله بن الحسن المثنى]]، وعمر الأشرف بن علي زين العابدين، فلم يستجيبوا ويستمعوا له، وغلبه النقباء والأمراء أيضًا، وبعدما غلب الأمراء أبو سلمة الخلال أتوا بأبي العباس السفاح، وسلموا عليه بال[[خلافة إسلامية|خلافة]]، وكان عمره حينئذٍ ستة وعشرون عاماً، وكان أبو سلمة الخلال أول من سلم عليه بالخلافة، وذلك ليلة [[الجمعة]] لثلاث وعشرين ليلة خلت من ربيع الآخر عام [[132 هـ]]، فلما جاء وقت صلاة الجمعة، خرج السفاح على الناس على برذون أبلق،{{للهامش|1}} والجنود ملبسة معه إلى أن دخل دار الإمارة، ثم دخل إلى المسجد الجامع وصلى بالناس، ثم وقف على المِنْبَر وبايعه الناس خليفةً وهو على المنبر في أعلاه، وعمه داود بن علي واقف تحته بثلاث درج، وتكلم السفاح، وكان أول ما تكلم به بعد مُبايعته هو:
<blockquote>الحمد لله الذي جعل الإسلام لنفسه ديناً، وكرمه وشرفه وعظمه، واختاره لنا، وأيده بنا، وجعلنا أهله وكهفه، والقوام به، والذابين عنه، والناصرين له، وألزمنا كلمة التقوى، وجعلنا أحق بها وأهلها، خصنا برحم رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} وقرابته، ووضعنا بالإسلام وأهله في الموضع الرفيع، وأنزل بذلك على أهل الإسلام كتاباً يتلى، قال تعالى: {{قرآن|إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}}، وقال: {{قرآن|قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}}، وقال: {{قرآن|وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}}، وقال: {{قرآن|مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ}}، فأعلمهم {{عز وجل}} فضلنا، وأوجب عليهم حقنا ومودتنا، وأجزل من الفيء والغنيمة نصيبنا تكرمة لنا وتفضلة علينا، والله ذو الفضل العظيم، وزعمت السبابية الضلال أن غيرنا أحق بالرياسة والسياسة والخلافة منا، فشاهت وجوههم، أيها الناس بنا هدى الله بعد ضلالتهم، ونصرهم بعد جهالتهم، وأنقذهم بعد هلكتهم، وأظهر بنا الحق، وأدحض بنا الباطل، وأصلح بنا منهم ما كان فاسداً، ورفع بنا الخسيسة، وأتم النقيصة، وجمع الفرقة حتى عاد الناس بعد العداوة أهل تعاطف وبر ومواساة في دنياهم وإخوانا على سرر متقابلين في أخراهم، فتح الله علينا ذلك منة ومنحة بمحمد {{صلى الله عليه وسلم}}، فلما قبضه إليه، قام بذلك الأمر بعده أصحابه، وأمرهم شورى بينهم، فحووا مواريث الأمم فعدلوا فيها، ووضعوها مواضعها، وأعطوها أهلها، وخرجوا خماصاً منها، ثم وثب بنو حرب ومروان، فابتزوها لأنفسهم وتداولوها، فجاروا فيها، واستأثروا بها، وظلموا أهلها، فأملى الله لهم حيناً، {{قرآن|فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ}}، فانتزع منهم ما بأيديهم بأيدينا، ورد الله علينا حقنا، وتدارك بنا أمتنا، وتولى أمرنا والقيام بنصرنا، ليمن بنا على الذين استضعفوا في الأرض، وختم بنا كما افتتح بنا، وإني لأرجو أن لا يأتيكم الجور من حيث جاءكم الخير، ولا الفساد من حيث جاءكم الصلاح، وما توفيقنا أهل البيت إلا بالله، يا أهل الكوفة أنتم محل محبتنا، ومنزل مودتنا، وأنتم أسعد الناس بنا وأكرمهم علينا، وقد زدتكم في أعطياتكم مائة درهم، فاستعدوا فأنا السفاح الهائج، والثائر المبير.<ref>{{استشهاد بكتاب |عنوان=أطلس تاريخ الدولة العباسية |مؤلف=سامي بن عبد الله المغلوث |مسار=https://books.google.com.eg/books?id=8pInDwAAQBAJ&pg=PT22&lpg=PT22&dq=%D8%B3%D9%8A%D8%B1+%D8%A3%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85+%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%A1+%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A7%D8%AD&source=bl&ots=I1FfngaLQX&sig=faQ29b6mvw6tA74Fcdp280aAv0c&hl=ar&sa=X&ved=0ahUKEwjJ3p3HwKHcAhWMZFAKHfaiBYwQ6AEIYzAP#v=onepage&q=%D8%B3%D9%8A%D8%B1%20%D8%A3%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A7%D8%AD&f=false |صفحة=37| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20180715235559/https://books.google.com.eg/books?id=8pInDwAAQBAJ&pg=PT22&lpg=PT22&dq=سير+أعلام+النبلاء+السفاح&source=bl&ots=I1FfngaLQX&sig=faQ29b6mvw6tA74Fcdp280aAv0c&hl=ar&sa=X&ved=0ahUKEwjJ3p3HwKHcAhWMZFAKHfaiBYwQ6AEIYzAP | تاريخ أرشيف = 15 يوليو 2018 }}</ref></blockquote>
وكان السفاح مريضًا، فاشتد عليه مرضه حتى جلس على المنبر،<ref>{{استشهاد بكتاب |عنوان=سير أعلام النبلاء |مؤلف=[[شمس الدين الذهبي|الحافظ الذهبي]] |مسار=https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%B3%D9%8A%D8%B1_%D8%A3%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85_%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%A1/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A7%D8%AD |صفحة=78. الجزء السادس| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20150522133418/http://ar.wikisource.org/wiki/سير_أعلام_النبلاء/السفاح | تاريخ أرشيف = 22 مايو 2015 }}</ref> وقام عمه [[داود بن علي العباسي|داود]]، فقال:
<blockquote>الحمد لله شكراً، الذي أهلك عدونا، وأصار إلينا ميراثنا من بيتنا، أيها الناس، الآن انقشعت حنادس الظلمات، وانكشف غطاؤها، وأشرقت أرضها وسماؤها، فطلعت شمس الخلافة من مطلعها، ورجع الحق إلى نصابه، إلى أهل نبيكم، أهل الرأفة والرحمة والعطف عليكم، أيها الناس، إنا والله ما خرجنا لهذا الأمر لنكنز لجيناً ولا عقياناً، ولا لنحفر نهراً، ولا لنبني قصراً، ولا لنجمع ذهباً ولا فضة، وإنما أخرجتنا الأنفة من انتزاع حقنا، والغضب لبني عمنا، ولسوء سيرة بني أمية فيكم، واستذلالهم لكم، واستئثارهم بفيئكم وصدقاتكم، فلكم علينا ذمة الله وذمة رسوله وذمة العباس، أن نحكم فيكم بما أنزل الله، ونعمل بكتاب الله، ونسير في العامة والخاصة بسيرة رسول الله، تباً تباً لبني أمية وبني مروان، آثروا العاجلة على الآجلة، والدار الفانية على الدار الباقية، فركبوا الآثام، وظلموا الأنام، وارتكبوا المحارم، وغشوا الجرائم، وجاروا في سيرتهم في العباد، وسنتهم في البلاد التي بها استلذوا تسربل الأوزار، وتجلبب الآصار، ومرحوا في أعنة المعاصي، وركضوا في ميادين الغي جهلاً منهم باستدراج الله، وعميًا عن أخذ الله، وأمنًا لمكر الله، فأتاهم بأس الله بياتاً وهم نائمون، فأصبحوا أحاديث، ومزقوا كل ممزق، فبعداً للقوم الظالمين، وأدان الله من مروان، وقد غره بالله الغرور، أرسل عدو الله في عنانه حتى عثر جواده في فضل خطامه، أظن عدو الله أن لن يقدر عليه أحد؟ فنادى حزبه، وجمع جنده ورمى بكتائبه، فوجد أمامه ووراءه، وعن يمينه وعن شماله، ومن فوقه ومن تحته، من مكر الله وبأسه ونقمته، ما أمات باطله، ومحق ضلاله، وأحل دائرة السوء به، وأحاط به خطيئته، ورد إلينا حقنا وآوانا. أيها الناس، إن أمير المؤمنين نصره الله نصراً عزيزاً، إنما عاد إلى المنبر بعد صلاة الجمعة؛ لأنه كره أن يخلط كلام الجمعة غيره، وإنما قطعه عن استتمام الكلام شدة الوعك، فادعوا الله لأمير المؤمنين بالعافية، فقد أبدلكم الله بمروان عدو الرحمن وخليفة الشيطان المتبع للسفلة الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، المتوكل على الله المقتدي بالأبرار الأخيار، الذين أصلحوا الأرض بعد فسادها بمعالم الهدى، ومناهج التقى -ثم عج الناس للسفاح بالدعاء، عند هذه الكلمة-، واعلموا يا أهل الكوفة أنه لم يصعد منبركم هذا خليفة بعد رسول الله {{صلى الله عليه وسلم}} إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وأمير المؤمنين هذا، وأشار بيده إلى السفاح، واعلموا أن هذا الأمر فينا ليس بخارج عنا حتى نسلمه إلى عيسى بن مريم {{عليه السلام}}، والحمد لله رب العالمين على ما أبلانا وأولانا.<ref>[http://www.islamtoday.net/bohooth/artshow-86-6803.htm الدعوة العباسية ودورها في نهاية الدولة الأموية (2/2)، على الصلابي، نُشر بتاريخ 31 مارس 2012، على islamtoday.net] {{Webarchive|url=https://web.archive.org/web/20180723043014/http://www.islamtoday.net/bohooth/artshow-86-6803.htm |date=23 يوليو 2018}}</ref>
</blockquote>
ثم نزل أبو العباس وداود، ودخلا القصر، ثم دخل الناس يبايعون إلى العصر ثم من بعد العصر إلى الليل.
 
ثم خرج أبو العباس بعد ذلك، فعسكر بظاهر الكوفة وجعل عليها عمه داود، وأرسل عمه عبد الله إلى ابن عون بن أبي يزيد، وأرسل ابن أخيه عيسى بن موسى إلى الحسن بن قحطبة، وهو يومئذ بواسط يحاصر ابن هبيرة، وبعث يحيى بن جعفر بن تمام بن العباس إلى حميد بن قحطبة بالمدائن، وأرسل أبا اليقظان عثمان بن عروة بن محمد بن عمار بن ياسر إلى بسام بن إبراهيم بن بسم ب[[الأهواز]]، وأرسل سلمة بن عمرو بن عثمان إلى مالك بن الطواف، ومكث هو بالعسكر لمدة شهرٍ، ثم ارتحل فنزل بمدينة الهاشمية في قصر الإمارة، وهُناك تنكر لأبي سلمة الخلال، وذلك لما كان بلغه عنه من رغبته في تحويل الخلافة من آل العباس إلى آل علي بن أبي طالب، حيث أمر [[أبو مسلم الخراساني|أبا مسلم الخراساني]] أن يقتله بالرغم من أنه كان يستأنس به ويحب أن يسامره لحسن محاضرته، ولكنه تشكّك في انحيازه وميله لآل علي بن أبي طالب، فأرسل له أبو مسلم من قتله غيلة.<ref name="خلال">{{استشهاد بكتاب |عنوان=تاريخ ابن الأثير |مؤلف=[[ابن الأثير الجزري|عز الدين أبو الحسن علي ابن الأثير]] |صفحة=436. الجزء الخامس |ناشر=بيت الأفكار الدولية}}</ref>
 
== أَعْمالُه ==
تكمُن أهمية أبي العباس السفاح في أنه استطاع إنهاء [[الدولة الأموية]]، وإعلان قيام [[الدولة العباسية]]<ref>{{استشهاد ويب |مسار=http://www.discover-syria.com/bank/2/74/ |عنوان=أبو العباس السفاح |ناشر=موقع اكتشف سورية |تاريخ الوصول=[[14 يوليو]] [[2018]]| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20180715011334/http://www.discover-syria.com/bank/274 | تاريخ أرشيف = 15 يوليو 2018 }}</ref>، وقد عمل السفاح على إنهاء وجود بني أمية بعد أن بايعه الجميع في الكوفة، فكانت أولى اتجاهاته هي القضاء على الخليفة الأموي الأخير [[مروان بن محمد]]، وقد استغرق حوالي ثمانية شهور حتى استطاع القضاء على مروان بن مُحمد نهائيًا، وقتله في مِصر، وبعد أن بُويِعَ السفاح أخذ يضع الولاة الجدد على البلدان، وكان معظمهم من أقاربه.
 
=== مَقْتَل مَرَوانِ بن مُحَمَّد ===
[[ملف:أمير الؤمنين القائم بحق الله أبو عبد الملك مروان بن محمد بن مروان بن الحكم الأموي.png|تصغير|يمين|تخطيط لاسم [[مروان بن محمد|مروان بن مُحمد]] آخر خلفاء بني أمية]]
لما علم [[مروان بن محمد]] أن أبا العباس قد بويع له ب[[الكوفة]] أميرًا للمؤمنين، وأن الجنود التفوا عليه، شق ذلك على نفسه جداً، فجمع جنوده لمحاربته، فتقدم لهم من قبل السفاح [[عبد الملك بن يزيد|أبو عون بن يزيد]] في جيش كثيف، فتقابلوا بالزاب -وهو نهر قريب من [[الموصل]]-، وجاءت المساعدات لأبي عون من جهة السفاح، ثم حث السفاح أهله على من يلي القتال من أهل بيْتِه، فانتدب له عبد الله بن علي، فقال له {{اقتباس مضمن|سر على بركة الله}}، فسار في جنود كثيرة، فقدم على أبي عون، فتحول له أبو عون عن سرادقه وأخلاه له،<ref name="مقتل1"/> وجعل عبد الله بن علي على شرطته '''حياش بن حبيب الطائي''' و'''نصير بن المحتفز'''، ووجه أبو العباس '''موسى بن كعب''' في ثلاثين رجلاً على البريد إلى عبد الله بن علي، يشجعه على محاربة مروان، والمبادرة إلى قتاله ونزاله، قبل أن تحدث أمور أخرى غير متوقعة، وتبرد نيران الحرب، فتقدم عبد الله بن علي بجنوده، حتى واجه جيش مروان، ونهض مروان في جنوده، وتصاف الفريقان في أول النهار، ويقال إن تعداد جيش مروان كان مائة وخمسين ألفاً، ويقال مائة وعشرين ألفاً،<ref name="مختصر 1">{{استشهاد بكتاب |عنوان=مختصر أخبار الخلفاء العباسيين |مؤلف=ابن الساعي البغدادي |ناشر=المطبعة الأميرية |صفحة=4}}</ref> وكان تعداد جيش عبد الله بن علي عشرين ألفاً، فقال مروان ل[[عبد العزيز بن عمر|عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز]]: {{اقتباس مضمن|إن زالت الشمس يومئذ ولم يقاتلونا، كنا نحن الذين ندفعها إلى عيسى بن مريم، وإن قاتلونا قبل الزوال، فإنا لله وإنا إليه راجعون}}،<ref name="مقتل1">{{استشهاد بكتاب |عنوان=[[البداية والنهاية]] |صفحة=51-52. الجزء العاشر |مؤلف=[[ابن كثير الدمشقي|الحافظ أبي الفداء إسماعيل بن كثير]] |ناشر=دار التقوى}}</ref> ثم أرسل مروان إلى عبد الله بن علي يسأله المصالحة، فقال عبد الله: {{اقتباس مضمن|كذب ابن زريق، لا تزول الشمس حتى أوطئه الخيل إن شاء الله}}، وكان هذا [[السبت (يوم)|يوم السبت]] لإحدى عشر ليلة خلت من جمادى الآخرة من عام [[132 هـ]]، فقال مروان: {{اقتباس مضمن|قفوا لا تبتدئون بقتال}}، وجعل ينظر إلى [[الشمس]]، فخالفه الوليد بن مُعاوِيَة بن مروان -وهو ختن [[مروان بن محمد|مروان]] على ابنته-، فهاجم فشتمه مروان، فقاتل أهل الميمنة، فانحاز أبو عون إلى عبد الله بن علي، فقاتل موسى بن كعب لعبد الله بن علي، فنزلوا، وقد نودي: {{اقتباس مضمن|الأرض الأرض}}، فنزلوا وأشرعوا الرماح، وجثوا على الركب وقاتلوهم، وجعل أهل الشام يتأخرون، كأنما يدفعون، وجعل عبد الله يمشي على رجليه، وجعل يقول: {{اقتباس مضمن|يا رب، حتى متى نُقْتَل فيك}}، ونادى قائلاً: {{اقتباس مضمن|يا أهل خراسان، يا شارات إبراهيم الإمام، يا مُحمد، يا منصور}}، واشتد القتال بين الناس، فأرسل مروان إلى قضاعة يأمرهم بالنزول، فقالوا: {{اقتباس مضمن|قل لبني سليم فلينزلوا}}، وأرسل إلى السكاسك: {{اقتباس مضمن|أن احملوا}}، قالوا: {{اقتباس مضمن|قل لبني عامر أن يحملوا}}، فأرسل إلى السكون: {{اقتباس مضمن|أن احملوا}}، فقالوا: {{اقتباس مضمن|قل  لغطفان فليحملوا}}، فقال لصاحب شرطته: {{اقتباس مضمن|انزل}}، فقال: {{اقتباس مضمن|لا والله، لا أجعل نفسي غرضًا}}، فرد عليه: {{اقتباس مضمن|أما والله لأسوءنك}}، فقال صاحب الشرطة: {{اقتباس مضمن|وددت لو قدرت على ذلك}}، ويُقال أنه قال ذلك لابن هبيرة، ثم انهزم أهل الشام، وتعقبهم أهل خراسان يقتلون ويأسرون من أهل الشام، وكان مَن غرق مِن أهل الشام أكثر ممن قُتِل، وقد أمر عبد الله بن علي بعقد الجسر، واستخرج من غرق في الماء، وجعل يتلو: {{قرآن|البقرة|50}}، ومكث عبد الله بن علي في موضع المعركة سبعة أيام، وقد قال رجل من ولد سعيد بن العاص في مروان، وقيامِه بالفِرار:<ref>{{استشهاد بكتاب |مسار=https://books.google.com.eg/books?id=AzcvCwAAQBAJ&printsec=frontcover&hl=ar#v=onepage&q&f=false|عنوان=تاريخ دمشق، جـ 57|مؤلف=[[ابن عساكر]]|ناشر=دار الفكر، الطبعة الأولى، 1997م|صفحة=339| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20180723034541/https://books.google.com.eg/books?id=AzcvCwAAQBAJ&printsec=frontcover&hl=ar | تاريخ أرشيف = 23 يوليو 2018 }}</ref>
{{أبيات|
'''لج الفرار بمروان فقلت له'''\\'''عاد الظلوم ظليمًا همه الهرب'''
'''أين الفرار وترك الملك إذ ذهبت'''\\'''عنك الهوينا فلا دين ولا حسب'''
'''فراشه الحلم فرعون العقاب وإن'''\\'''تطلب نداه فكلب دونه كلب'''}}
وحصل عبد الله على ما في معسكر مروان من الأموال والأمتعة والحواصل، ولم يجد فيه امرأة سوى جارية كانت لعبد الله بن مروان، وكتب إلى السفاح يبشره بما فتح الله عليهم من النصر، وما حصل له من الأموال، فصلى السفاح ركعتين شكرًا لله {{عز وجل}}، وأطلق لكل من حضر الواقعة خمسمائة، ورفع في أرزاقهم إلى ثمانين،<ref name="مقتل1"/> وأما مروان فإنه انهزم وسار لا يعطف على أحد، فمكث عبد الله بن علي في مقام المعركة سبعة أيام، ثم سار خلفه بجنوده الذين معه، وذلك بعد أن أمره السفاح بهذا،<ref name="مختصر 1"/> فلما اجتاز مروان بن محمد [[حران (توضيح)|حران]] أخرج '''[[زياد السفياني|أبا محمد السفياني]]''' من حبسِه، وجعل عليها ابن أخته وزوج ابنته '''أبان بن يزيد'''، فلما قدم عبد الله على حران، وخرج إليه أبان، وقد لبس السواد -شعار بني العباس-، فأمنه عبد الله، وأبقاه على ولاية المدينة، وهُدِمَت الدار التي سُجن فيها إبراهيم الإمام،<ref name="مقتل2"/> وقد مَرَّ مروان ب[[قنسرين]]؛ لكي يذهب إلى [[حمص]]، فلما وصلها خرج إليه أهل حمص بالأسواق والمعايش، فمكث بها يومين أو ثلاثة، ثم شخص منها، فلما شاهد أهل حمص قلة من معه، طاردوه؛ ليقتلوه، وقاموا بنهب ما معه، وقالوا: {{اقتباس مضمن|مرعوب مهزوم}}، فلحقوه بوادٍ عند حمص، فأكمن له أميران، فلما تلاحقوا بمروان، عطف عليهم، وطلب منهم أن يعودوا فأبوا إلا مقاتلته، فنشب القتال بينهم، فانهزم أهل حمص،<ref name="مقتل2">{{استشهاد بكتاب |عنوان=[[البداية والنهاية]] |صفحة=53:55. الجزء العاشر |مؤلف=[[ابن كثير الدمشقي|الحافظ أبي الفداء إسماعيل بن كثير]] |ناشر=دار التقوى}}</ref> فذهب مروان إلى [[دمشق]] ومنها إلى [[مصر|مِصْر]]، فأمر السفاح أن يُرسل [[صالح بن علي العباسي]] إلى مصر في طلب مروان بن محمد، فذهب صالح بن عليّ يطلبه، فأخذ يُطارده في مصر؛ حتى علم أن مروان في كنيسة في [[فيوم (توضيح)|الفيوم]]، فقُتِلَ مروان، واحتُزَّ رأسه، فأرسلها صالح بن عليّ إلى السفاح مع رجل يُسمى '''خزيمة بن يزيد بن هانئ'''.<ref name="مقتل2"/><ref>Kennedy, H. (2004). ''The prophet and the age of the caliphates.'' 2nd ed.</ref>
 
=== أعماله في المجال الإداري والسياسي ===
[[ملف:Dirhem of al-Saffah, AH 132-136.jpg|تصغير|درهم يحمل اسم الخليفة ابو العباس السفّاح]]
بعدما استقر الأمر لأبي العباس أخذ يولي الولاة، ويعزل القدامى، وكان مُعظم من وَلَّاهم من أقاربه،<ref name="قصة"/> فجعل على [[الموصل]] أخاه يحيى، وولى عمه داود [[مكة]] و[[المدينة المنورة|المدينة]] و[[اليمن]] و[[اليمامة (توضيح)|اليمامة]] بعد أن عزله عن الكوفة، وجعل على الكوفة [[عيسى بن موسى]]، وجعل على [[أرمينيا|أرمينية]] و[[أذربيجان]] و[[الجزيرة الفراتية|الجزيرة]] أخاه أبا جعفر المنصور، وجعل على [[بلاد الشام|الشام]] عمه عبد الله بن علي، وبعد ذلك بدأ السفاح في التخلص ممن قد يشكلون تهديدًا على وجود الدولة فبدأ ب[[أبو سلمة الخلال|أبي سلمة الخلال]] الذي حاول جعل الخلافة في آل علي بن أبي طالب، وليس في بني العباس، فبعث السفاح أخاه المنصور رسولًا إلى [[أبو مسلم الخراساني|أبي مسلم الخراساني]]؛ لكي يعرف رأيه في قتل الخلال، وليسأل أبا مسلم الخراساني أكان يساعد الخلال في هذا أم لا؟ فلما عرف أبو مسلم بهذا الأمر، قال للمنصور: {{اقتباس مضمن|أفعلها أبو سلمة؟ أنا أكفيكموه}}، فبعث له شخص يُدعى '''مرَّار بن أنس الضبي''' لكي يقتله،<ref name="خلال"/> فلما وصل مرار إلى الكوفة وجد أبو سلمة الخلال جالسًا مع السفاح، فلما خرج من عنده قَتَلَه مرار،<ref name="قصص"/> وقيل إن المنصور قد ذهب إلى أبي مُسلم الخراساني بعد مقتل الخلال وليس قبله،<ref>{{استشهاد بكتاب |عنوان=[[البداية والنهاية]] |مؤلف=[[ابن كثير الدمشقي|الحافظ أبي الفداء إسماعيل بن كثير]] |صفحة=63. الجزء العاشر |ناشر=دار التقوى}}</ref> وبعد مقتل الخلال بعث السفاح أخاه المنصور إلى قتال ابن هبيرة ب[[واسط (توضيح)|واسط]]، وبعد فترة عرض ابن هبيرة على المنصور الصلح، فأخبر السفاح بهذا يستأذنه، فأذن له، وفي ذلك الوقت كتب السفاح إلى أبي مسلم الخراساني يخبره بما حدث مع ابن هبيرة، فنهاه أبو مسلم عن الصلح، وكان قد وُقّعَ الصُلح، فكره السفاح ذلك، ولكن راسل أخاه المنصور يأمره بقتل ابن هبيرة، فأخذ يراجع السفاح في ذلك مِرارًا إلى أن قال له السفاح: {{اقتباس مضمن|اقتله لا مَحالة}}، فقتله المنصور، وانقضى أمر ابن هبيرة.<ref>{{استشهاد بكتاب |عنوان=[[البداية والنهاية]] |مؤلف=[[ابن كثير الدمشقي|الحافظ أبي الفداء إسماعيل بن كثير]] |صفحة=64. الجزء العاشر |ناشر=دار التقوى}}</ref> وكان المنصور يكره أبا مسلم الخُراساني لما هو فيه من الحرمة حينما قدم عليه؛ ليأخذ البيعة للسفاح وله من بعده، وقد أشار على السفاح بقتله فأمره السفاح أن يكتم ذلك الكلام، وقد حرضه مرة أخرى على قتل الخُراساني، فقال السفاح له: {{اقتباس مضمن|قد علمت باءه معنا وخدمته لنا}}، فقال المنصور: {{اقتباس مضمن|إنما ذلك بدولتنا، والله لو أرسلت سنورًا لسمعوا لها وأطاعوا، وإنك إن لم تتعش به تغذى بك}}، فقال له السفاح: {{اقتباس مضمن|كيف السبيل إلى ذلك؟}}، فقال المنصور: {{اقتباس مضمن|إذا دخل عليك فحادثه ثم أجئ أنا من ورائه فأضربه بالسيف}} قال: {{اقتباس مضمن|كيف بمن معه؟}} قال:{{اقتباس مضمن|هم أذل وأقل}}، فأذن السفاح للمنصور بقتل الخراساني، ولكن ندم بعدها على ذلك فأرسل غُلامًا لأخيه لكي يقول له: {{اقتباس مضمن|إن ذاك الذي بينك وبينه ندمَ عليه، فلا تفعله}}، فلما علم المنصور بذلك غَضبَ،<ref>{{استشهاد بكتاب |عنوان=[[البداية والنهاية]] |مؤلف=[[ابن كثير الدمشقي|الحافظ أبي الفداء إسماعيل بن كثير]] |صفحة=67. الجزء العاشر |ناشر=دار التقوى}}</ref> ولكن المنصور قتل أبو مسلم عندما تولى الخلافة.<ref>{{استشهاد ويب |مسار=http://www.al-eman.com/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D9%85%D9%84%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%20%2A%2A/%20%D8%B0%D9%83%D8%B1%20%D9%82%D8%AA%D9%84%20%D8%A3%D8%A8%D9%8A%20%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A7%D9%86%D9%8A%20/i46%26d49392%26c%26p1 |عنوان=الكامل في التاريخ، ذكر مقتل أبي مسلم الخراساني، موقع نداء الإيمان |تاريخ الوصول=29 مايو 2020 |مسار أرشيف=https://web.archive.org/web/20181007202214/http://www.al-eman.com/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D9%85%D9%84 |تاريخ أرشيف=7 أكتوبر 2018 |حالة المسار=live }}</ref>، وبالنسبة لعاصمة دولته فقد اتخذ من [[الكوفة]] عاصمةً له في بادئ الأمر، وتحول عنها إلى [[محافظة الأنبار|الأنبار]]، والتي دُفن بها.
 
== ثَوَرات قَامَتْ عَلَيْه ==
اتّسم عهدُ السفاحِ بكثرة الثوْرات التي قامتْ عليْه، فخرج الكثير من الطوائف والأهالي عليه، واجتمعت كل فئة من الثائرين على السفاح حول شخصٍ ما، فكان ما حدث في عام [[132 هـ]] أن أَهْلِ [[قنسرين|قِنّسْرينِ]] ثاروا على الّسفاح -الذي كان حينئذ بالحيرة- واجتمعوا على أمير قنسرين '''مجزأة بن الكوثر'''، ولبسوا البياض، فذهب عبد الله بن علي إليهم، ولكن في نفس الوقت ثار أهل [[دمشق]] على السفاح بقيادة رجل يُسمى '''عثمان بن عبد الأعلى بن سُراقة'''، وقتلوا أمير دمشق،<ref name="ثورة">{{استشهاد بكتاب |عنوان=[[الكامل في التاريخ|تاريخ ابن الأثير]] |صفحة=432:434. الجزء الخامس |مؤلف=[[ابن الأثير الجزري|عز الدين أبو الحسن علي ابن الأثير]] |ناشر=بيت الأفكار الدولية}}</ref> ولكن عبد الله بن علي استطاع القضاء على ثورتهم بعد حين، وفي نفس وقت ثورة أهل قنسرين تراسل أهل [[حمص|حِمص]] معهم، واجتمعوا على [[زياد السفياني|أبي محمد السفياني]]، وبايعوه بالخلافة، وقام معه ما يقارب من أربعين ألفًا، فالتقى عبد الله بن علي معه بمكان يُسمى مرج الأخرم، فقُتِلَ ألوف حتى هرب أبو مُحمد السفياني -وقد قُتِلَ في عهد [[أبو جعفر المنصور|أبي جعفر المنصور]]-، وبعد أن استقر الأمر للسفاح أُمّنَ أهلُ قنسرين، ولبسوا السواد مرة أُخرى.<ref name="ثورة"/>
 
وأيضًا في نفس العام خلع أهل الجزيرة السفاح بعد أن علموا بما فَعلَ أهلُ قنسرين، فأرسل إليهم أبا جعفر المنصور، فحاصرهم وقاتلهم حتى عدلوا عن رأيِهم، فولى السفاح أخاه المنصور على الجزيرة و[[أذربيجان]] و[[أرمينيا|أرمينية]]، وفي عام [[133 هـ]] خرج رجلٌ في [[بخارى]] يُدعى '''شريك بن شيخ المهري'''، وقال: {{اقتباس مضمن|ما على هذا بايعنا آل مُحمد على سفْكِ الّدِماء، وقتلِ الأنفُسِ}}، فأرسل إليه [[أبو مسلم الخراساني]] بقيادة زياد بن صالح الخزاعي فقتلَهُ.
 
وفي عام [[134 هـ]] خرج على الّسفاح رجل يُدعى '''بسام بن إبراهيم'''، ولكن الّسفاح أرسل إليه شخصًا يُدعى '''خازم بن خزيمة''' فقتله.<ref>{{استشهاد بكتاب |عنوان= [[تاريخ الطبري|تاريخ الأمم والملوك الشهير بـ(تاريخ الطبري)]] |صفحة=1488 |مؤلف=[[محمد بن جرير الطبري|أبو جعفر محمد بن جرير الطبري]] |ناشر=بيت الأفكار الدولية}}</ref> وفي عام [[135 هـ]] خرج رجلٌ يُسمى '''زياد بن صالح'''، استطاع أبو مُسلم الخُراساني القضاء عليه. وأيضًا فقد ثار [[خوارج|الخوارج]] على السفاح مرة واحدة في عهدِه، فقد خرج خوارج عُمان الإباضيين بزعامة شخص يدعى '''الجُلُنْدي'''، فأرسل له السفاح جيشًا كبيرًا بقيادة '''خازم بن خزيمة'''، وقد تمكن من القضاء عليهم.<ref>{{استشهاد بكتاب |عنوان=تاريخ الأدب العربي (العصر العباسي الأول)|مؤلف=شوقي ضيف |ناشر=دار المعارف |طبعة=التاسعة |صفحة=32}}</ref>
 
== صِفاتُه ==
[[ملف:تخطيط اسم أبو العباس عبد الله السفاح.png|تصغير|تخطيط اسم أبي العباس السفاح متبوعًا بلقب (مؤسس الدولة العباسية)]]
 
كان السفاح أبيضا جميلاً طويلاً، أقنى الأنف، جعد الشعر، حسن اللحية، حسن الوجه، وفصيح الكلام، حسن الرأي، جيد البديهة، حيث دخل عليه في أول ولايته عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، فقال له: {{اقتباس مضمن|يا أمير المؤمنين، أعطنا حقنا الذي جعله الله لنا في هذا المصحف}}، فأشفق عليه الحاضرون أن يعجل السفاح عليه بشيء أو يترك جوابه، فيبقى ذلك مسبة عليه وعليهم، فأقبل السفاح عليه غير مغضب ولا منزعج، فقال: {{اقتباس مضمن|إن جدك علياً كان خير مني وأعدل، وقد ولي هذا الأمر، فأعطى جديك الحسن والحسين، وكانا خيراً منك، شيئاً قد أعطيتكه وزدتك عليه، فما كان هذا جزائي منك}}، فما رد عليه عبد الله بن حسن جوابا، وتعجب الناس من سرعة جوابه وجدته وجودته على البديهة،<ref name="نسب" /> وقد لُقّبَ أبو العباس بالسفاح، وذلك لأنه في آخر خطبته في الكوفة قال: {{اقتباس مضمن|أنا السفاح المبيح، والثائر المنيح}}، وقيل لكثرة ما أراقه من دم الأمويين،<ref>{{استشهاد ويب |مسار=http://www.bab.com/Node/6265 |عنوان=الخليفة العباسي (أب العباس السفاح) |ناشر=باب.كوم |تاريخ الوصول=[[14 يوليو]] [[2018]]| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20181016134918/http://www.bab.com:80/Node/6265 | تاريخ أرشيف = 16 أكتوبر 2018 }}</ref> وقيل أنه لُقب بهذا بسبب كرمه وإغداقه في العطاء؛ لأن السفاح تعني المعطاء.<ref>{{استشهاد بكتاب |عنوان=[[القاموس المحيط]] |مؤلف=[[مجد الدين الفيروزآبادي]] |صفحة=776 |ناشر= دار الحديث |ردمك=977-300-268-3}}</ref>
== نَبوءات بظهور السَّفاح ==
يعتقد البعض بأن بعض الأحداث والمواقف تنبأت بظهور السفاح، ويذكرون أن بعض الأحاديث المروية عن النبي [[محمد|محمد بن عبد الله]] تحدثت عن ظهوره وعن بعض صفاته، فيروون عن النبي: {{اقتباس مضمن|يخرج عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن رجل يُقال له: السفاح، يكون إعطاؤه المال حثيًا}}، وقد روي البيهقي حديثًا بنفس المعنى حيث قال النبي: {{اقتباس مضمن|يخرج رجل من أهل بيتي عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن يُقال له: السفاح، يكون إعطاؤه للمال حثيًا}}.<ref name="نسب"/><ref>{{استشهاد بكتاب |مسار=https://ar.m.wikisource.org/wiki/تاريخ_الخلفاء |عنوان=تاريخ الخلفاء |مؤلف=[[جلال الدين السيوطي]]| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20140523045445/http://ar.m.wikisource.org/wiki/تاريخ_الخلفاء | تاريخ أرشيف = 23 مايو 2014 }}</ref> وقد عقب أغلب [[محدث|المُحدِّثين]] على هذه الرواية [[حديث ضعيف|بالتضعيف]]، قال [[نور الدين الهيثمي]]:<ref>{{استشهاد بكتاب |مسار=https://shamela.ws/browse.php/book-8573/page-716|عنوان=إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة|مؤلف=حمود بن عبد الله التويجري، جـ 2|صفحة=312|طبعة=الثانية، 1414 هـ، دار الصميعي| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20180723034353/http://shamela.ws/browse.php/book-8573/page-716 | تاريخ أرشيف = 23 يوليو 2018 }}</ref> {{اقتباس مضمن|فيه عطية العوفي، وهو ضعيف، ووثقه ابن معين، وبقية رجاله ثقات}}، وقال [[ابن كثير الدمشقي|ابن كثير]]:<ref>{{استشهاد بكتاب |مسار=https://books.google.com.eg/books?id=NPVECwAAQBAJ&printsec=frontcover&hl=ar#v=onepage&q&f=false|عنوان=الموسوعة في أحاديث المهدي الضعيفة والموضوعة|مؤلف=عبد العليم عبد العظيم البستوي|صفحة=270|طبعة=دار ابن حزم، 1999م| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191217080210/https://books.google.com.eg/books?id=NPVECwAAQBAJ&printsec=frontcover&hl=ar | تاريخ أرشيف = 17 ديسمبر 2019 }}</ref> {{اقتباس مضمن|وقد تكون صفة [[المهدي|للمهدي]] الذي يظهر في آخر الزمان لكثرة ما يسفك من الدماء لإقامة العدل ونشر القسط، ولكن الحديث ضعيف فلا حاجة لكل هذه التأويلات}}.
 
وقد قال [[سعيد بن جبير|سَعيدٌ بن جُبير]] أنه سمع [[عبد الله بن عباس]] يقول: {{اقتباس مضمن|يكون منا ثلاثة أهل البيت: السفاح، والمنصور، والمهدي}}.<ref>{{استشهاد بكتاب |عنوان=[[البداية والنهاية]] |مؤلف=[[ابن كثير الدمشقي|الحافظ أبي الفداء إسماعيل بن كثير]] |صفحة=59. الجزء العاشر |ناشر=دار التقوى}}</ref>
 
== وَفَاتُه ==
قيل إن السفاح نَظَر يومًا في ال[[مرآة]]، وكان السفاح جميل الوجه، فقال: {{اقتباس مضمن|اللهم لا أقول كما قال [[سليمان بن عبد الملك]]: أنا الخليفة الشاب، ولكن أقول: اللهم عمرني طويلًا في طاعتك، ممتعًا بالعافية}}، فعندما أنهى كلامه سمع غلامين يتحادثان، فقال غلام لآخر: {{اقتباس مضمن|الأجل بيني وبينك شهران وخمسة أيام}}، فتشاءم السفاح من كلامه، وقال: {{اقتباس مضمن|حسبي الله، لا قوة إلا بالله، عليه توكلت وبه أستعين}}، فمات بعد شهرين وخمسة أيام،<ref>{{استشهاد بكتاب |عنوان=[[البداية والنهاية]] |مؤلف=[[ابن كثير الدمشقي|الحافظ أبي الفداء إسماعيل بن كثير]] |صفحة=69. الجزء العاشر |ناشر=دار التقوى}}</ref> وقد رُوي عن عم السفاح عيسى بن علي أنه وجد في وجهه يوم عيد الأضحى في آخر النهار حبتان صغيرتان ثم كبرتا حتى امتلأ وجهه بالحبوب البيضاء الصغيرة، فعرفوا أنه [[جدري]]، وفي اليوم الثاني اشتد المرض به حتى أصبح لا يعرف أي أحد، وفي مساء هذا اليوم انتفخ وجهه، وتوفي في اليوم الثالث،<ref>{{استشهاد بكتاب |عنوان=[[البداية والنهاية]] |مؤلف=[[ابن كثير الدمشقي|الحافظ أبي الفداء إسماعيل بن كثير]] |صفحة=70. الجزء العاشر |ناشر=دار التقوى}}</ref> وقد كانت وفاته في يوم [[11 ذو الحجة]] وقيل [[13 ذو الحجة]] من العام [[136 هـ]] عن عمر ناهز الثلاثة والثلاثين، وقيل اثنان وثلاثون، وقيل ثمانٍ وعشرون عامًا، وصلى عليه عمه عيسى بن علي، ودفنه في [[محافظة الأنبار|الأنبار]].<ref>{{استشهاد بكتاب |عنوان=[[البداية والنهاية]] |مؤلف=[[ابن كثير الدمشقي|الحافظ أبي الفداء إسماعيل بن كثير]] |صفحة=71. الجزء العاشر |ناشر=دار التقوى}}</ref>
 
وذُكِرَ أنه عندما دخل الطبيب عليه عندما كان في مرض موته أخذ يقول:<ref name="ابن عساكر">{{استشهاد بكتاب |مسار=https://shamela.ws/browse.php/book-71/page-14345|عنوان=تاريخ دمشق، جـ 32|مؤلف=[[ابن عساكر]]|ناشر=دار الفكر، الطبعة الأولى، 1997م|صفحة=290| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20180723034306/http://shamela.ws/browse.php/book-71/page-14345 | تاريخ أرشيف = 23 يوليو 2018 }}</ref>
{{أبيات|
'''انظر إلى ضعف الحراك'''\\'''وذله بعد السكون'''
'''ينبيك أن بيانه'''\\'''هذا مقدمه المنون'''}}
فقال له الطبيب: {{اقتباس مضمن|أنت صالح}}، فطفق السفاح يقول:<ref name="ابن عساكر" />
{{أبيات|
'''يبشرني بأني ذو صلاح'''\\'''يبين له وبي داء دفين'''
'''لقد أيقنت أني غير باق'''\\'''ولا شك إذا وضح اليقين'''}}
وقيل إن آخر ما تكلم به هو: {{اقتباس مضمن|الملك لله الحي القيوم، ملك الملوك، وجبار الجبابرة}}، وكان منقوش على خاتمه (الله ثقة عبد الله)، وقد ترك تسع جبات وأربعة أقمصة وخمس سراويل وأربعة طيالسة وثلاث مطارف خز، وقد كان السفاح مُحبًا للأدب والشعر.<ref>{{استشهاد ويب |مسار=http://ksag.com/index.php/Articles/SingleArticle/artID/161 |عنوان=نبذة عن حياة الخليفة (أبو العباس السفاح) |ناشر=بوابة التقدم العلمي |تاريخ الوصول=[[14 يوليو]] [[2018]]| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20180815031122/http://ksag.com:80/index.php/Articles/SingleArticle/artID/161 | تاريخ أرشيف = 15 أغسطس 2018 |url-status=dead}}</ref>
 
== انْظُر أَيْضاً ==
* [[الدولة العباسية]]
* [[أبو مسلم الخراساني]]
* [[أبو جعفر المنصور]]
* [[مروان بن محمد]]
* [[الدولة الأموية]]
 
== هوامش ==
{{هامش|1}} '''البِرْذَوْن''': الدابّة،<ref>{{استشهاد بكتاب |عنوان=[[القاموس المحيط]]|مؤلف=[[مجد الدين الفيروزآبادي|مَجْدُ الدين الفيروزآبادي]] |ناشر=دار الحديث |صفحة= 113 |ردمك=977-300-268-3}}</ref> و'''الأبلق''': الذَّكَر.<ref>{{استشهاد بكتاب |عنوان=[[القاموس المحيط]]|مؤلف=[[مجد الدين الفيروزآبادي|مَجْدُ الدين الفيروزآبادي]] |ناشر=دار الحديث |صفحة= 158 |ردمك=977-300-268-3}}</ref>
 
== مَراجِع ==
{{مراجع}}
 
== وَصَلاتٌ خَارِجِيَة ==
{{روابط شقيقة}}
* [https://archive.today/20121225134834/http://encyc.reefnet.gov.sy/?page=entry&id=259571 <!--http://encyc.reefnet.gov.sy/?page=entry&id=259571--> أبو العَبَّاس السَّفَّاح] - الأعلام، [[خير الدين الزركلي]]، 1980.
{{بداية صندوق}}
{{s-hou|branch=Clan|name='''أبو العباس عبد الله السفاح'''<br />رأس [[أهل البيت]]|[[بنو هاشم|الهاشميين]]||{{حوالي}} 721م||{{حوالي}} 10 حزيران (يونيو) 754م|[[قريش]]}}
{{S-rel|sh}}
{{صندوق تعاقب/سبقه|before = إبراهيم بن [[محمد بن علي بن عبد الله بن العباس|محمد]]}}
{{تعاقب-لقب|title = إمام [[كيسانية|الشيعة الكيسانيَّة الهاشميَّة]]|years = ؟ – 10 حزيران (يونيو) 754م}}
{{صندوق تعاقب/تبعه|after =  [[أبو جعفر المنصور]]}}
{{S-rel|su}}
{{صندوق تعاقب/سبقه|before = [[مروان بن محمد|مروان بن محمد الأموي]]}}
{{تعاقب-لقب|title = [[خلافة إسلامية|أمير المؤمنين]]|years = 25 كانون الثاني (يناير) 750م – 10 حزيران (يونيو) 754م}}
{{صندوق تعاقب/تبعه|after = [[أبو جعفر المنصور]]}}
{{نهاية صندوق}}
{{شريط سفلي الخلفاء العباسيون}}
{{الخلفاء المسلمون}}
{{شجرة خلفاء عباسيين}}
 
{{لا لربط البوابات المعادل}}
 
{{ضبط استنادي}}
{{شريط بوابات|الإسلام|السياسة|الدولة العباسية|التاريخ الإسلامي|أعلام}}
{{شريط محتوى متميز|جيدة|النسخة=30794003|تاريخ=30 سبتمبر 2018|تاريخ مراجعة الزملاء=23 يوليو 2018}}
 
[[تصنيف:حكام القرن 8 في أوروبا]]
[[تصنيف:حكام في آسيا في القرن 8]]
[[تصنيف:حكام في إفريقيا في القرن 8]]
[[تصنيف:خلفاء عباسيون في القرن 2 هـ]]
[[تصنيف:خلفاء عباسيون في القرن 8]]
[[تصنيف:عرب في القرن 8]]
[[تصنيف:مسلمون عرب]]
[[تصنيف:مواليد 104 هـ]]
[[تصنيف:مواليد 721]]
[[تصنيف:مواليد في الحميمة]]
[[تصنيف:مؤسسو دول]]
[[تصنيف:وفيات 136 هـ]]
[[تصنيف:وفيات 754]]
[[تصنيف:وفيات بسبب الجدري]]
[[تصنيف:وفيات في محافظة الأنبار]]
[[تصنيف:حكام في إفريقيا القرن 8]]

النسخة الحالية 15:32، 2 مارس 2024